هدى الطنيجي (رأس الخيمة)

بعيداً عن أروقة المكاتب والأماكن المغلقة، تبرز استراحة «السعادة» في محكمة الأسرة، التابعة إلى دائرة محاكم رأس الخيمة، لتغيّر فكرة الجلسات وتستحضر أجواء مغايرة تماماً عن مثيلاتها في المجال نفسه، يتم خلالها تقديم النصح والتوجيه للأطراف المتخاصمين وإدارة الدعاوى الأسرية، بالإضافة إلى عقد الاجتماعات والورش التدريبية.
توجد في الساحة الخارجية الخضراء في المبنى المستقل الخاص بمحكمة الأسرة، عبر مبانٍ زجاجية مصممة وفق طراز حديث ومميز تجذب الناظر إليها بمجرد رؤيتها، الأمر الذي يعكس اهتمام محاكم رأس الخيمة بتعزيز جودة الحياة، وترسيخ دعائم الأسر في المجتمع الإماراتي، عبر زيادة معدلات الصلح والتسوية، من خلال تسخير الإمكانات كافة التي توفر الخصوصية والبيئة المريحة في الوقت نفسه. 

 وقال المستشار أحمد محمد الخاطري، رئيس دائرة المحاكم، لـ «الاتحاد»: «إن الأسرة هي اللبنة الأساسية لإيجاد مجتمع متماسك مترابط يقوم على الود والمحبة واحترام الآخرين، والاهتمام بالمجتمع يبدأ من العناية بالأسرة، حيث تسهم قوانين دولة الإمارات في حماية كيانها وصونها وحفظها من خلال بيان الحقوق والواجبات، ومن هذا المنطلق خصصت الدائرة هذه الاستراحة لاستقبال الحالات المختلفة من جميع الجنسيات، والتعامل معها من قبل المستشارين والموجهين الأسريين والمختصين للمساهمة في إيجاد الحلول الودية بين الأطراف المتنازعة للحفاظ على استقرارها وضمان استمراريتها وديمومتها وسعادتها».
وأوضح الخاطري أن استراحة السعادة في محكمة الأسرة التي دشنتها الدائرة مؤخراً، هي إحدى المبادرات الخدمية المجتمعية الابتكارية للمحاكم، والتي تهدف من خلالها إلى تقديم خدمات قضائية ومجتمعية على درجة عالية من الكفاءة والفعالية، مبيناً أن الاستراحة تتمثل في حديقة تضم خمسة مبانٍ زجاجية مكيفة عبارة عن (أربع غرف وكوفي)، بالإضافة إلى جلسة خارجية في الهواء الطلق، كما تحتوي هذه الاستراحة على مساحات خضراء والكثير من الأشجار المتنوعة والورد، لتوفر بيئة استثنائية للأسرة، حيث تم تزويد جميع هذه الغرف والمساحات الخضراء بشبكة الإنترنت، وقد تم إنشاء وتدشين هذه الاستراحة في محكمة الأسرة بغرض استخدامها في مجالات عدة.
ولفت إلى أن هذه الاستراحة تقدم خدمات متنوعة للموظفين والمتعاملين، ويمكن استخدامها في مجالات عدة؛ منها عقد جلسات الاستشارات الأسرية، وجلسات قسم التسامح الأسري، وجلسات إدارة الدعاوى للحالات المحالة إلى القضاء، وإجراء الاجتماعات والورش التدريبية، وجلسات العصف الذهني، بالإضافة إلى استخدامها كأماكن انتظار للمتعاملين وقضاء فترة الراحة للموظفين، حيث يمكن الاستفادة منها على مدار العام، وخلال الفترتين الصباحية والمسائية. 

زيادة نسبة الصلح والتسوية
وذكر الخاطري أن هذه الاستراحة تقدم خدماتها للموظفين كافة في مختلف الإدارات والأقسام بالدائرة، على اعتبارها بيئة جاذبة ومحفزة، ما يسهم في رفع مستوى سعادتهم وإنتاجيتهم أثناء تأدية مهام عملهم في بيئة مغايرة خارج حدود مكاتبهم المغلقة.
وأضاف: «تم تصميم هذه المباني لتكون بيئة محفزة ومريحة بعيداً عن أجواء المكاتب المغلقة، والتي تساهم في تهدئة الأجواء، خاصة بين الأطراف المتخاصمين، ما يساهم في زيادة نسبة الصلح والتسوية، ورأب الصدع بين المتخاصمين».
وأشار المستشار أحمد الخاطري إلى أن المبادرة تساهم في رفع معدلات الصلح الأسري بسبب نوعية الفكرة المبتكرة التي تبعدهم عن الأجواء الاعتيادية بالمكاتب، وتوفر لهم أجواء مغايرة عن الأجواء المعتادة، بالإضافة إلى كسر روتين الجلسات المتعارف عليها في المجال نفسه، وهذه النتائج الإيجابية جاءت بعد قياس مستوى رضا المتعاملين والموظفين الذين استخدموا هذه الاستراحات لما لمسوه من أريحية بعيداً عن الطابع الرسمي أو التوتر في المكاتب المغلقة.
الجدير، بالذكر أن قسم التسامح الأسري في محكمة الأسرة عقد 4632 جلسة تسامح أسري للنظر في 1623 حالة خلاف أسري، منها 763 حالة انتهت بالصلح والاتفاق، و383 حالة أحيلت للقضاء، و359 حالة تم حفظها، و118 حالة ما زالت متداولة.