اختتمت في العاصمة أبوظبي فعاليات «القمة العالمية للمرأة 2023» التي استضافتها الإمارات على مدار يومي 21 و22 فبراير الحالي، برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، تزامناً مع ذكرى مرور مئة عام من حصول النساء على الحق في التصويت في الانتخابات، بحضور استثنائي من قيادات نسائية رفيعة المستوى من 100 دولة حول العالم.

وانطلقت القمة تحت عنوان «دور القيادات النسائية في بناء السلام، والاندماج الاجتماعي وصنع الازدهار»، نظراً لما تمثله القيادات النسائية من عنصر له أهمية قصوى في دعم السلم والاندماج والازدهار، خصوصاً في تحقيق التوازن بين الجنسين، وتمكين المرأة في عصرنا الحالي، وفي ظل الظروف الراهنة والتحديات التي يمر بها العالم، وما يصاحبها من صراعات جيوسياسية وركود اقتصادي.

وصار لزاماً أن تتوحد سواعد النساء من مختلف الأعراق والأديان والثقافات من أجل مواجهة التحديات، وتعزيز مساهماتهن بالحكمة في بناء السلام، والمساهمة في تحقيق التعافي الاقتصادي والاندماج المجتمعي. فقد كان للقيادات النسائية دور مهم في عدد من الأزمات، وهذه المساهمات تستحق الاحتفاء بها، والتشجيع على الاقتداء بها من أجل نهضة ونماء البشرية.

وتواصل عقد الجلسات الحوارية في اليوم الثاني للقمة، حيث عقدت 9 جلسات بمشاركة عدد من القيادات النسائية العالمية البارزة، إلى جانب القيادات السياسية ورواد الأعمال والعمل المجتمعي والشخصيات الثقافية والإعلامية والعلمية البارزة من مختلف قارات العالم، ليشاركن وجهات نظرهن وخبراتهن والحلول المقترحة لصنع واقع أفضل للبشرية، في مناقشات احتضنتها دولة الإمارات التي آمنت منذ السنوات الأولى لتأسيسها بحقوق المرأة، واتبعت أفضل الممارسات والمعايير والمواصفات الدولية في دعمها وتمكينها، لتحقق الإمارات على مدار نصف قرن من الزمن نموذجاً ملهماً لريادة وتميز العنصر النسائي في جميع المجالات والقطاعات.

وشاركت في الجلسة الأولى «القيادات النسائية في المجال البرلماني والدبلوماسي»، شخصيات نسائية رائدة في صنع القرار على مستوى السياسات الوطنية والمنظمات الدولية والهيئات الإدارية، وبحثن دورهن في إلهام النساء للمشاركة في الحياة العامة، استناداً إلى خبراتهن وتجاربهن الناجحة، كما شاركن التحديات التي تواجه الشابات، وكيف يصبحن مواطنات صالحات، ويساهمن في صنع السياسات الوطنية، وخدمة مجتمعاتهن وأوطانهن بشكل إيجابي، وتمكينهن من تولي مسؤولياتهن الوطنية.

ترأست الجلسة ناز شاه، عضوة في البرلمان البريطاني، وزيرة تخفيف الجريمة في حكومة الظل «المملكة المتحدة»، وتحدثت فيها معالي آمال توفيق عبد الهادي حمد نشوان، وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية، وصابرين حسن اليماحي، عضوة المجلس الوطني الاتحادي، وسهام بنت محمد يحيى ناجم، عضوة في البرلمان الموريتاني، وعمر ساي، عضو في الجمعية الوطنية، رئيس مجلس التعليم والشباب والرياضة والترفيه في السنغال.

بحثت الجلسة الثانية، «المرأة في الإعلام والصناعات الإبداعية»، جوانب عدة، خاصة منها الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام، وتم تبادل القصص الناجحة حول كيفية تصحيح الصورة السلبية للمرأة، كما تم بحث قضية وجود فجوة في تمثيل النساء من مختلف الأعراق والأديان والثقافات في الإعلام، واستضافت الجلسة نخبة من الشخصيات البارزة في الإنتاج الإعلامي لعرض بعض النماذج الملهمة.

أدارت محاور الجلسة الثانية السيدة منى الشاذلي، الإعلامية المصرية، وشارك فيها سانجوي روي، رائد أعمال في مجال الفنون «الهند»، وسمر المقرن، صحفية وكاتبة وروائية «السعودية»، وشانتال صليبا أبي خليل، مذيعة على قناة سكاي نيوز عربية، وسابا زامان، مذيعة ومستشار إعلامي، وترانزمت ميديا، سي تي في سي/ بي بي سي «المملكة المتحدة».

تناولت الجلسة الثالثة، «المرأة والفنون الجميلة والتراث المعنوي»، أهمية تشجيع الإنسانية على إبراز الجمال والنقاء وتذوق الفنون، وكان للمرأة إسهامات عظيمة على مر التاريخ في مختلف مجالات الفنون، حيث جمعت المرأة في إسهاماتها بين الجمال والنقاء. واستعرضت الجلسة دور الفنون الجميلة في تشكيل الذوق العام في المجتمعات المختلفة، ودورها في تحقيق الاندماج الاجتماعي، وبناء السلام وصنع الازدهار.

أدارت الجلسة الثالثة ريم علي صالح النيادي، مديرة البرامج الثقافية لمهرجانات أبوظبي، دائرة الثقافة والسياحة. وتحدثت الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان، سفيرة فوق العادة للثقافة العربية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، والدكتورة وداد نايبي، الرئيس المؤسس لمعهد ابن بطوطة للدراسات الأفريقية «بنين»، ومونيا علالي، من جامعة بيمونتي اورينتالي «إيطاليا»، وليليان مبابازي، فنانة وموسيقية «رواندا».

تطرقت الجلسة الرابعة، «المرأة وبناء شبكات القوة الناعمة»، إلى أهمية التشبيك الذي يعتبر أداة أساسية في تعزيز الصالح العام والتنمية الشخصية، من خلال المشاركة والتعلم والتعاون وتبادل الأفكار والرؤى، كما تعتمد القوة الناعمة للمؤسسات والسمعة الدولية للبلدان في العصر الحالي على بناء وتوسيع الشبكات بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات.

استعرضت الجلسة قدرات القيادات النسائية في بناء وتدعيم شبكات العلاقات بفعالية، لاسيما في موضوع تمكين المرأة وكيف يمكن لهذه الشبكة من العلاقات أن تعالج القضايا الملحة في بناء السلام والتكامل الاجتماعي وتحقيق الازدهار الاقتصادي.

افتتحت الجلسة الدكتورة موزة الشحي، مديرة المكتب التنسيقي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وشارك فيها سايما أشرف، نائبة رئيس مجلس القيادة المجتمعية والتفاعل «المملكة المتحدة»، ودونيا اوبال، مخرجة ومنتجة أفلام «المملكة المتحدة»، ولينا جالوكا، مديرة العلاقات العامة، المكتب الإقليمي لليونيسيف في الخليج «الإمارات العربية المتحدة»، وسواتي ثابا، المديرة التنفيذية لمؤسسة براتيمان-نيما، عضوة مجلس أمناء الوقف الوطني للمحافظة على الطبيعة «النيبال».

ناقشت الجلسة الخامسة، «دور المرأة في تعزيز الاقتصاد الدائري والاستدامة»، السبل التي تمكن المرأة من القيام بدور ريادي في الاقتصاد الدائري على المستوى العالمي والمحلي مثل القضاء على النفايات والتلوث، وتدوير المنتجات والمواد، وإعادة إحياء الطبيعة. وعرضت القيادات النسائية المشاركة أفضل ممارسات استدامة الاقتصاد الدائري، خاصة وأن الاقتصاد الدائري يعد نهجاً مبتكراً للتنمية الدولية، ومنظومة حلول فعالة لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتزايد النفايات والتلوث.

وألقت معالي حصة بنت عيسى بوحميد، وزيرة دولة، الكلمة الافتتاحية للجلسة كما أدارت الحوار، بمشاركة كل من معالي ايشاث مونيزا، نائبة وزير الخزانة والمالية السابقة، «المالديف»، ولوريدانا سيغريتو، «إيطاليا»، وما هوا، عضو سابق في مؤتمر هايديان الاستشاري السياسي، «الصين»، واليسار عبد الكريم، متحدث في TEDX وناشطة شبابية، «فلسطين».

ودعت الجلسة السادسة، «التوازن بين الجنسين أثناء التحولات الكبرى»، إلى نهج يوازن بين الجنسين في التحولات الاجتماعية والسياسية خلال عصرنا لضمان حصول المرأة على فرص عادلة للوصول إلى الفرص والموارد ووسائل الحماية أثناء هذه التحولات، خاصة وأن النساء هن الأكثر عرضة لآثار التحولات، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو بيئية، لكنهن أيضاً يتمتعن بالقدرة على أن يكن عوامل تغيير فعالة للغاية للتكيف والتخفيف من التحولات.

أتاحت الجلسة فرصة لممثلي الحكومات والمنظمات الدولية مناقشة الوسائل التي تمكن النساء والفتيات من التمتع بحقوقهن وحمايتها من خلال الإجراءات المراعية للفوارق بين الجنسين.

ترأست الجلسة معالي الدكتورة أفنان بنت عبد الله الشعيبي، المدير التنفيذي لمنظمة تنمية المرأة في منظمة التعاون الإسلامي، وشارك فيها معالي أي جوستي ايوبنتانج درماواتي، وزير تمكين المرأة وحماية الطفولة، «إندونيسيا»، ومعالي حليمة علمية داوود، نائبة وزير الحكم المحلي، «ماوي»، والدكتورة شفيقة سعيد صالح، رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، «اليمن»، والدكتورة ايدث شلايفر، أستاذة علم الاجتماع ومؤسسة منظمة النساء بلا حدود، «فيينا، النمسا».

وسلطت الجلسة السابعة، «المرأة في مراكز التفكير والاستشارات السياسية»، الضوء على دور القيادات الفكرية النسائية التي تعمل في مراكز التفكير على إنتاج الأفكار، وتطوير الاستراتيجيات الحقيقية التي تساعد على صنع السياسات في الدول. وعلى وجه الخصوص، قدمت هذه الجلسة تقييماً للسبل التي أحدثت بها أفكار القيادات النسائية ونصائحهن تغييرات إيجابية في السياسات المتعلقة بالتنمية المستدامة وتغير المناخ.

قادت نقاشات الجلسة السابعة، دبي بالهول، مؤسس والرئيس التنفيذي لمعهد فكر، «الإمارات العربية المتحدة»، وشارك في الجلسة الدكتورة وونانج شياو، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة آسيا باسيفيك للتبادل والتعاون، «الصين»، وأليسا وحيد، عضو مجلس إدارة مؤسسة نهضة العلماء، «إندونيسيا»، والدكتورة كونول بونيادزاد، الأكاديمية الأذربيجانية الوطنية للعلوم، وأفتاب كمال باشا، جامعة جواهر لال نهرو، «الهند».

ومثلت الجلسة الثامنة، «القيادات النسائية في الحقل الرياضي والسياحي»، حلقة تفاعلية لعدد من الشخصيات النسائية الرائدة في المجالين الرياضي والسياحي للحديث عن خبراتهن والتحديات التي تواجههن. أدارت الجلسة تايلا هاريسون هانت، مستشار والمدير التنفيذي لنيوزيلندا المحدودة، «نيوزيلندا»، بمشاركة كل من معالي ليندوي ن سيسولو، وزير السياحة في جنوب أفريقيا، وآمنة القبيسي، سائقة سباق إماراتية وأول امرأة في الشرق الأوسط تشارك في برنامج موتوسبورت للفورميلا، وزهرة لاري، أول بطلة تزلج إماراتية، ونعيمة أحمد رمضان ريس، لاعبة في فريق كرة القدم الوطني في جنوب أفريقيا، ومحاضرة في العلاج الطبيعي في جامعة ويتس، «جنوب أفريقيا».

واستعرضت الجلسة التاسعة، «المرأة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والاتجاهات الكبرى في العالم»، دور المرأة في خمسة اتجاهات كبرى في العالم وهي: التحول في القوة الاقتصادية العالمية، والتحولات الديموغرافية، وتسارع التحضر، والثورة التكنولوجية، وتغير المناخ وندرة الموارد. بالإضافة إلى مناقشة تأثير هذه الاتجاهات على المرأة لاقتراح أفكار واستراتيجيات للتعامل معها. قادت الجلسة الدكتورة جينيفر شيفيسكي نائب مسؤول الصحة العامة في كاليفورنيا «الولايات المتحدة الأميركية»، بمشاركة كل من معالي مان تشيندا، وزير دولة لشؤون المرأة، «كمبوديا»، وفخامة ثابلو أماد، عمدة جوهانسبيرغ، «جنوب أفريقيا»، ومعالي فاطمة أبوبكر، وزيرة الاتصال في جمهورية غانا، والدكتورة أولغا بافلوفا، جامعة موسكو لعلم النفس والتعليم «روسيا».

في نهاية أعمال القمة، قالت معالي سارة دوتيرتي، نائبة رئيس الفلبين، عبر فيديو مسجل بث في القمة، إن «هذا التجمع هو شهادة على التزامنا بقضايا المرأة التي تناصر دور المرأة المهم في المجتمع، ويمكننا ترجمة مكاسب مناصراتنا المشتركة إلى منصات تساعد في معرفة أعمق للمساواة بين الجنسين والتمكين».

وأضافت أنه «من خلال القضايا البيئية والسياسية والاجتماعية الحالية لدينا اليوم، تلعب النساء دوراً رئيسياً في المساهمة في جهود بناء السلام والتعافي وإعادة البناء».

وقالت «يحدوني الأمل في أن جهودنا المستمرة للتعبير عن الشواغل الأكثر إلحاحاً للنساء والأطفال ستلهم العمل الجماعي وعدداً من المبادرات الأخرى للتمكين الذاتي وبناء المجتمع وإعادة بنائه والنمو الشامل، ودعونا نواصل تمكين المرأة وتمهيد السبل التي تحتفل بالمساواة والقيادة التحويلية نحو مواطنة عالمية أكثر تقدمية وتمكيناً للمرأة».