دبي (الاتحاد)

 توجّت أعمال «الاجتماع العربي للقيادات الشابة» الذي نظمه مركز الشباب العربي، واستضاف كبار المسؤولين والوزراء والمتحدثين والمختصين في العمل الشبابي جنباً إلى جنب مع الشباب، ضمن فعاليات «القمة العالمية للحكومات 2023» بدبي، بنشر الملخص التنفيذي لنتائج دراسة «التطوّر السردي للهوية العربية»، التي سلطت الضوء على أبرز معالم هوية الشباب العربي في الوقت الراهن، وقدّمت لصنّاع القرار والخبراء والمسؤولين المشاركين فرصة لفهم أقرب لسمات الهوية العربية ومحفزاتها والاستفادة منها أثناء تصميم الاستراتيجيات الشبابية.
وتجمع الدراسة التي سيتم نشرها كاملة في مارس المقبل، بين مخرجات اللقاءات التمهيدية للاجتماع العربي للقيادات الشابة، إضافة إلى أبرز نتائج استطلاع رصد أكثر من ألف شاب وشابة من الدول العربية والأجنبية، ونخبة من قادة مؤسسات العمل الشبابي.
وخلصت الدراسة إلى حزمة توصيات رئيسية دعت للتركيز عليها بشكل فوري بالتعاون بين كافة الأطراف المعنية لتحصين الهوية العربية وتقديم صورتها الأنصع، في مقدمتها رفع وعي الشباب العربي حول أدواره ومسؤولياته، وتعزيز دور الأسرة والمنظومة التعليمية والتثقيفية في بناء الهوية، وترسيخ موقع اللغة العربية وإثراء المحتوى العربي القيم، وإعداد السياسات التي تعزز التمسك بالهوية.
ويتماشى موضوع الدراسة ومخرجاتها مع موضوع هذا العام من الاجتماع العربي للقيادات الشابة، والذي يركز على الهوية واللغة العربية، حيث دعت الدراسة إلى تعزيز دور اللغة العربية واستخداماتها خاصة في التعليم والعلوم الحديثة والبحث عبر الإنترنت.
ونوّهت الدراسة بأن فئة الشباب كانت وستبقى الفئة الأهم والقوة الاجتماعية الرئيسية في التنمية في الوطن العربي، نظراً لكون الشباب من سن 10 إلى 24 سنة يشكلون ربع عدد سكان المنطقة العربية البالغ حوالي 453.4 مليون نسمة، فيما تصل نسبة الشباب دون سن الثلاثين إلى حوالي 60% من إجمالي السكان.

اعتزاز بالهوية
وقال غالبية الشباب المشارك في الدراسة وبنسبة 90%: إن اللغة العربية والدين هما المكونان الرئيسيان لهوية الشباب العربي، ومن ثم الأرض. كذلك يقدّر الشباب العربي أهمية الثقافة الوطنية والعادات والتقاليد والتاريخ.
وقد عبّر 89% من الشباب العربي المشارك في الدراسة عن اعتزازه بهويته العربية وفخره بحضارته العربية والإسلامية.
وذكر الشباب العربي وبنسبة 86% أن الفترة العمرية من سن 7 إلى 12 سنة كانت الفترة التي أدركوا فيها هويتهم العربية. كما أكدوا على تكامل دور الأسرة مع دور المؤسسات التعليمية في بناء الشخصية، خاصة لما للتعليم من دور أساسي في تطوير قدرات الشباب واليافعين على التفكير النقدي والحكم على الأمور واتخاذ القرارات وبناء المواقف، وبما يساهم في تطوير وعيهم حول هويتهم.
وقال 84% من المشاركين في الدراسة: إن هوية الشباب العربي هي شباب ملتزم بالعائلة والقيم العائلية التي تشكل جزءاً مهماً من هويته.
وقال 83% من الشباب العربي المشارك في الدراسة: إن نضجهم وقدرتهم على فهم الاختلافات بين الثقافات والشعوب عزز من إدراكهم للهوية العربية.
ووصف 82% من الشباب العربي المشارك في الدراسة نفسه بأنه «مثابر» يسعى دوماً، رغم التحديات التي تحيط به من أجل الأفضل وهو مجتهد ومثقف وقادر دوماً على الإبداع.
وبيّنت الدراسة أن 79% من الشباب العربي يرتاح بالتعبير عن هويته العربية عند السفر إلى الخارج.
ورغم تخوّف الشباب العربي من تأثير الانفتاح الإعلامي على هويتهم العربية متمثلة بشكل أساسي في لغتهم العربية وقيمهم الأخلاقية، قال 72% من المشاركين في الدراسة إن هذا الانفتاح الرقمي والإعلامي عزز تمسك الشباب العربي بهويتهم العربية.
وفيما أجمع المشاركون على أهمية ثورة الاتصالات وما تقدمه من الفرص التعليمية وقنوات اتصال جديدة، إلا أن 57.5% من المشاركين في الدراسة يخشون من أثر هذا الانفتاح على القيم والأخلاقيات المجتمعية، وعبّر 33.4% منهم عن تخوفهم من التأثير السلبي للانفتاح الرقمي على اللغة العربية.

8 فئات
وصنّفت الدراسة سمات هوية الشباب العربي إلى ثماني فئات محورية مستنتجةً أنهم إما مثاليون أو منافسون أو تقليديون أو منجِزون أو اجتماعيون أو مستكشفون أو ملتزمون أو باحثون عن الانسجام مع الآخر.
ودعا الملخص التنفيذي للدراسة الحكومات والمؤسسات وقطاعات العمل الشبابي إلى فهم المجموعات الرئيسية للشباب العربي تبعاً لسماتهم، بما يساهم في تطوير جهود الدولة في بناء بيئات أكثر إيجابية على المستوى الاجتماعي والثقافي والقيمي، تساهم في ترسيخ اعتزازهم بهويتهم العربية، وتحقق متطلباتهم النفسية والشخصية والاجتماعية، بما يؤدي إلى زيادة تمسك الشباب العربي بهويته وبناء أوطانه. ورسمت الدراسة خطوات عملية لتعزيز الهوية في مقدمتها تعريف الشباب بدوره ومسؤوليته في بناء المستقبل وعدم انتظار الفرص بل خلقها، والانتقال على المستويات الحكومية والمؤسسية من ثقافة الرعاية إلى ثقافة التمكين، وتركيز المؤسسات الثقافية والتعليمية والقيمية على بناء الوعي والحفاظ على منظومة القيم العربية من خلال إنتاج علمي وفني وثقافي وإعلامي راقٍ، واستعادة الدور المحوري للأسرة من خلال قوانين عمل مرنة تضمن مزيداً من وقت العائلة في المنزل. ودعت الدراسة أيضاً المؤسسات إلى تطوير البحوث العربية في الثقافة العربية وفي السلوك الإنساني ومحفزاته، لتعزيز قدراتها على إنتاج رسائل إيجابية عن الهوية العربية، بحيث تفّعل القوة الناعمة العربية بشكل استراتيجي، والانتقال إلى مرحلة التعريف بالهوية الثقافية والإنسانية المشرّفة للشباب العربي. وأوصت الدراسة بتطوير الدور الثقافي وتنويع الفعاليات الاجتماعية والفنية للسفارات في الخارج، للتعريف بالدور الحضاري والثقافي للحضارة العربية والإسلامية، وجذب اهتمام الشباب المغترب من خلال الحضور الثقافي الراقي والمتنوع. كما دعت الدراسة إلى الترويج للهوية من خلال الفعاليات الدولية الناجحة كاستضافة 192 دولة في معرض «إكسبو 2020 دبي» على أرض الإمارات، واستضافة أول كأس العالم لكرة القدم على أرض عربية، والمشروع النوعي «نيوم» بالمملكة العربية السعودية، واستضافة مؤتمر الأطراف للتغير المناخي كوب 27 في مصر ومؤتمر «كوب 28» المرتقب في الإمارات في نوفمبر المقبل. وشددت الدراسة على دور الإعلام الهام جداً في تشكيل وتطوير الوعي حول الهوية والقيم، داعية إلى عودته إلى الترويج لرسائل أخلاقية تفيد المواطنة والمجتمع، والتعريف بالحضارة العربية والإسلامية للأجيال عبر برامج متنوعة، وكذلك الإضاءة على قصص النجاح الملهمة للشباب العربي في ميادين العلوم والابتكار والبحوث والتطوير وغيرها.
ودعت إلى تطوير ميثاق أخلاقي إعلامي مُوجه حول القضايا العربية لمخاطبة الإعلام العالمي، لأن صورة الهوية العربية وصورة الشباب العربي الخارجية هي مسؤولية أخلاقية يجب التعامل معها بأخلاقيات عالية ووعي مرتفع.