بقلم الشيخة الدكتورة موزة بنت مبارك بن محمد آل نهيان
رئيس مجلس إدارة مؤسسة المباركة

جاءت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص العام 2023 ليكون عام الاستدامة، وذلك تحت شعار «اليوم للغد» لتترجم نهجاً أصيلاً، وريادة إماراتية في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، والحياة الفطرية.
كما يسلط الضوء على تراث دولة الإمارات العربية المتحدة في نهج الاستدامة الذي أرسى دعائمه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقود الماضية نموذجاً فريداً في الاستدامة البيئية، وإطلاق الاستراتيجيات والمبادرات والبرامج التي تعزز من استدامة الموارد الطبيعية والبيئة المحلية والحفاظ عليها.
ومع انطلاقة الخمسين الثانية من مسيرة دولة الاتحاد المباركة، تأتي توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص «عام الاستدامة» لإبراز الجهود الرائدة لدولة الإمارات على صعيد الاستدامة محلياً وإقليمياً ودولياً، وحشد الجهود الدولية من قبل الدول والمنظمات المتخصصة والأفراد للبحث عن حلول مبتكرة، وتطبيق أفضل الممارسات العلمية والعملية في تحقيق الاستدامة، خاصة في مجالات الطاقة والتغير المناخي، وكذلك تشجيع جهود البحث العلمي على ابتكار حلول إبداعية لتحقيق استراتيجية الحياد المناخي.
في «عام الاستدامة»، تخطو دولة الإمارات العربية المتحدة نحو نقلة نوعية جديدة في سبيل مواجهة التغير المناخي، وتهيئة البيئة التي تكفل للأجيال المقبلة استدامة الموارد الطبيعية البيئية، وقد عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بالإشراف على مبادرات «عام الاستدامة» إلى كل من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وسمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان.
إن واجبنا في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة أن نضاعف الجهد خلال هذا العام لترسيخ الوعي بالاستدامة، واستشراف مستقبلها عبر البحوث العلمية والدراسات التطبيقية والمبادرات المجتمعية التي تدعم توجهات قيادتنا الرشيدة في هذا الصدد، حيث أكد صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، على أن الاستدامة قضية جوهرية لمجتمع الإمارات منذ القدم، فقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قائداً عالمياً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ودلالات، ورمزاً من قادة البشرية العظام الذين سطروا منجزات خالدة على صعيد العمل البيئي والمناخي وترك بصمات مشهودة نسير عليها حتى اليوم.
لقد جاء تخصيص «عام الاستدامة» متزامناً مع استضافة الدولة هذا العام لأكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، وهو حدث فارق على مستوى العالم يجسد سجلاً ناصعاً لدولة الإمارات العربية المتحدة وجهودها الرائدة واستراتيجيتها الخلاقة في تحقيق الحياد المناخي 2050.
لقد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً إلى تعزيز المبادرات الحيوية المرتبطة بالاستدامة، وترسيخ دور الطاقة النظيفة في التنمية الوطنية، وبناء الشراكات العالمية التي تعزز الجهود الدولية في خفض الانبعاثات في جميع القطاعات الصناعية والاقتصادية.
ومن هنا، فإن بناء مستقبل أكثر رخاءً وازدهاراً عبر الحفاظ على البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي يظل هدفاً إماراتياً يحظى بأولوية كبرى في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
إن شعار «عام الاستدامة» الذي وجه به صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، يحمل دلالات بارزة على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والدولية، إذ جاء هذا الشعار «اليوم للغد» ليسلط الضوء على الجهود الجبارة التي بذلتها الدولة طوال العقود الماضية في سبيل المحافظة على التوازن البيئي، وضمان استدامته للأجيال المقبلة، وهي جهود لم تتوقف لحظة في سبيل تحقيق هذا الهدف، كما تهدف إلى حشد جهود الشباب وطاقاتهم في سبيل العمل من أجل مستقبلهم وضمان توحيد رؤاهم لتوظيف الموارد بإرشاد يكفل بقاءها ضمن بيئة آمنة، وأطلقت الدولة تحت مظلتها العديد من المبادرات المتعلقة بالحياد المناخي 2050، ومنها مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، وهي مبادرة عالمية تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بمشاركة أكثر من 35 دولة من مختلف أنحاء العالم، وغيرها من المبادرات المناخية مثل: «بروتوكول كيوتو واتفاق باريس».
وفي الحقيقة، فإن السجل الناصع لدولة الإمارات العربية المتحدة وجهودها الرائدة في الاستدامة جعل منها الأولى في المنطقة التي طبقت تقنيات التقاط الكربون في القطاع الصناعي. ففي العام 2016، تعاونت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» لإطلاق مشروع «الريادة» كأول منشأة لالتقاط واستخدام وتخزين الكربون على المستوى التجاري، كما تنفرد دولة الإمارات بكونها أول دولة عربية تستفيد من الطاقة النووية ذات الانبعاثات الصفرية، وذلك بالإضافة إلى مبادرات رائدة في استخدام نظم غذائية أكثر استدامة ومن بينها نظم المزارع العمودية.
إن عام الاستدامة يأتي متصلاً مع سلسلة من المبادرات والمنجزات التنموية التي تحققت في دولة الإمارات العربية المتحدة طوال العقود الماضية، وهي منجزات دفعت بمكانة دولة الإمارات إلى الصدارة على المستوى العالمي، وجعلت منها أيقونة ونموذجاً يحتذى به في العمل الاستشرافي المستقبلي لاستدامة البيئة ومواجهة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، إن الجهود الإماراتية ماضية بعزم وثقة للوصول بالعمل البيئي إلى نهج مستدام يكفل للأجيال المقبلة التمتع بالثروة الطبيعية التي حبانا الله إياها في مواردنا البيئية التي ينبغي علينا أن نحسن الحفاظ عليها بما يعزز من جودة الحياة على كوكب الأرض، ويوفر للإنسان بيئة ينعم فيها بالرخاء والازدهار والاستقرار.