دينا جوني (دبي) –

عبّر بان كي- مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة، في لقاء خاص مع «الاتحاد»، عن أمله في أن يكون مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 28» الذي تستضيفه دولة الإمارات هذا العام، «مؤتمر الحلول والتطبيق وبدء العمل» الفعلي. ولفت إلى أنه بعد الإخفاقات المتكررة وعدم الوفاء بالوعود من قبل قادة العالم، فإن الشعوب اليوم ترسل رسائل قوية إلى قادة العالم لتقديم 100 مليار دولار سنوياً ضمن صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخيّة. وحثّ القادة السياسيين وقادة الأعمال والمجتمع المدني على التعاون للتمكّن حقاً من خلق مستقبل مستدام للإنسانية وكوكب الأرض، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية تمكين الشباب من خلال التعليم الجيد ليكونوا أكثر طموحاً بشأن مستقبل كوكبهم، ومساعدتهم على التكيّف مع أزمة المناخ.

وقال بان كي- مون إن كل الأنظار تتجه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافتها مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، آملاً أن يكون «كوب 28» هذا العام «مؤتمر الحلول والتطبيق وبدء العمل» الفعلي.
وقال إنه ليس هنالك وقت للمحادثات والمناقشات، فلقد سبق أن قُدّمت الكثير من الرؤى والطروحات، وقُطعت الكثير من الوعود، واليوم هو الوقت المناسب لتنفيذ الخطط، لذا يجب أن يكون «كوب 28» هذا العام هو المكان الذي تُتخذ فيه الإجراءات والحلول الحازمة للأجيال المقبلة وكذلك لكوكب الأرض.
وقال إن الإمارات العربية المتحدة دولة تتمتع بالقيادة الحكيمة والتضامن بين سكانها ومواطنيها، وهي تحظى بالاحترام من المجتمع الدولي، كما أنها دولة غنية بالموارد.
ولفت إلى أنه بعد الإخفاقات المتكررة وعدم الوفاء بالوعود من قبل قادة العالم، فإن الشعوب اليوم ترسل رسائل قوية إلى قادة العالم لتقديم 100 مليار دولار سنوياً ضمن صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخيّة والتزام الدول المتقدمة والغنية بالوفاء بالتعهدات المالية لمواجهة آثار التغيّر المناخي، مشيراً إلى أنه أصبح من المهم بعد الوعد المتعلق بصندوق «الخسائر والأضرار» في «كوب 27» الذي عقد العام الماضي في شرم شيخ، وضع خطط ملموسة مفصّلة تتضمن آلية التنفيذ.
واقترح بان كي- مون على حكومة الإمارات العربية المتحدة كونها الدولة التي ترأس «كوب 28»، النظر في التنسيق بين استراتيجية التكيّف لمعالجة تغيّر المناخ ومسألة تعويض الخسائر والأضرار، لافتاً إلى أن الابتعاد عن «التخفيف والتكيف»، سيحدث المزيد من الخسائر تضاف إلى الخسائر التي سبق وأن حدثت بالفعل.
ودعا إلى الاستثمار بحكمة في مساعدة البلدان النامية على التكيّف من خلال تقديم الدعم المالي والتكنولوجي، معرباً عن استعداده لتقديم الدعم الكامل لحكومة الإمارات العربية المتحدة في مقاربتها لمعالجة أزمة المناخ.

تواتر الكوارث المناخية
وأشار إلى أن قادة العالم سبق أن قطعوا الكثير من الوعود خلال الدورات السابقة من المؤتمر، لكن لم يتم تنفيذها، وهو سبب معاناة العديد من الدول بسبب أزمة المناخ التي يتزايد تأثيرها. واعتبر أن الطبيعة قد حذرت الإنسان مراراً وتكراراً وبطرق مختلفة، مشيراً إلى الفيضانات والسيول القياسية الناتجة عن الأمطار الموسمية التي أودت بحياة المئات وشردت ملايين الأشخاص، وتركت ثلث الأراضي مغمورة بالمياه. وقال إنه شهد بأم عينيه عام 2012 خلال فترة ولايته كأمين عام الأمم المتحدة، الموجات الحارة التي ضربت الولايات المتحدة الأميركية حينها، وهو ما تكرر بعد عشر سنوات تقريباً، وتسبب بحرائق الغابات التي اجتاحت الساحل الغربي للولايات المتحدة ودول البحر الأبيض المتوسط مثل لبنان وتركيا بالإضافة إلى الجزائر.
كما لفت إلى موجات الجفاف الطويلة التي تجتاح مناطق جنوب الصحراء الكبرى، والتي أودت بحياة الأفراد فقط بسبب نقص المياه، وموجات الحرّ التي ضربت العديد من الدول الأوروبية، وكذلك التأثيرات المناخية المباشرة على صحة الإنسان، وآخرها جائحة كورونا التي دامت ثلاث سنوات، والتي حدثت بسبب التصنيع وإهمال الطبيعة.
وقال إنه باسم التصنيع، يدمّر الإنسان موطنه الطبيعي وموطن الكائنات الأخرى، الأمر الذي يسهّل انتقال الفيروسات نتيجة الاتصال بين الإنسان والحيوان. ودعا إلى ضرورة تعلّم وتذكّر الدروس من كل هذه الصعوبات والأزمات، لأن «أولئك الذين لا يتعلمون من الماضي سوف يحاولون تكراره».
وقال: «نحن بحاجة إلى رفع مستوى الطموح السياسي لكي يتعين على القادة السياسيين وضع كل هذه الإجراءات المناخية على رأس أولوياتهم».

أزمة المناخ ثابتة
قال إن أزمة المناخ ثابتة ولم تتغير أبداً، وإن اختلفت وتعددت الأساليب في التعامل معها، لا بل أن تأثيراتها المدمّرة على الطبيعة قد تواترت بشكل كبير، وبالتالي ليس هناك اليوم من وقت لتضييعه. وحثّ القادة السياسيين وقادة الأعمال والمجتمع المدني على التعاون للتمكّن حقاً من خلق مستقبل مستدام للإنسانية وكوكب الأرض، لافتاً إلى أن الأمر يكتسب تلك الأهمية الملحّة وهو ما كان دوماً يؤكد عليه طوال فترة ولايته بصفته الأمين العام السابق للأمم المتحدة.

الاتفاقية
وعمّا تقدّمه الاتفاقية التي وقعها مركز بان كي- مون للمواطنة العالمية مع «دبي العطاء»، قال إن جودة التعليم أصبحت مسألة ملحّة أكثر من أي وقت سابق، مشيراً إلى أن الاتفاقية تضمن تعليم وتمكين الشباب وتوعيتهم بشأن أهداف التنمية المستدامة التي تشكّل رؤية مهمة جداً للمستقبل، مشدداً على ضرورة تزويد الشباب بتعليم جيد ليكونوا أكثر طموحاً بالنسبة لمستقبلهم ومستقبل كوكبهم، ومساعدتهم على التكيّف مع أزمة المناخ، مؤكداً أن الدور الذي سيلعبه الجيل الجديد من الشباب هو في غاية الأهمية، لذا يجب توفير التعليم الجيد في المدارس والجامعات أولاً.