الشارقة (الاتحاد)
قام فريق بحثي من الجامعة الأميركية في الشارقة بدراسة تأثير العزلة والبيئات المغلقة على رواد الفضاء، مقدماً توصيات بشأن تعزيز صحتهم النفسية وحمايتهم من التوتر ضمن تعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء. وشملت الدراسة ستة أفراد طاقم أساسيين، بما في ذلك صالح العامري الذي يمثل دولة الإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن مشاركة طاقم احتياطي لدعم الفريق الأساسي من مركز العمليات، والذي ضم أيضاً عبد الله الحمادي من دولة الإمارات. تم وضع المشاركين داخل بيئة مغلقة لمدة 240 يوماً من نوفمبر 2021 إلى يوليو 2022 في برنامج البحث العلمي الدولي في المحطة الأرضية الفريدة، اختبروا خلالها محاكاة السفر لمسافات طويلة في الفضاء.
اعتمد فريق البحث في الجامعة الأميركية استخدام تقنيات متقدمة ومختلفة لتصوير الدماغ مثل تخطيط كهربية الدماغ، والتحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة، ومؤشر ألفا أميلاز الكيميائي الحيوي، والاستجابات السلوكية من أجل قياس النشاط الكهربائي للدماغ، ونسبة الأكسجين في الدم، ومستويات هرمون الإجهاد. وبناءً على البيانات التي تم جمعها في مراحل مختلفة من الدراسة، وجد الفريق زيادة في مستوى هرمون التوتر كلما استمرت فترة العزلة، فضلاً عن نقص ملحوظ في تدفق المعلومات وانتقالها بين مناطق الدماغ، في إشارة إلى انخفاض في القدرات المعرفية بسبب ارتفاع الضغط النفسي.
وقال الدكتور حسن النشاش، أستاذ الهندسة الكهربائية في الجامعة الأميركية في الشارقة ضمن الفريق البحثي، عن النتائج: «تؤثر نتائج هذا البحث على مهمات الفضاء المستقبلية محلياً ودولياً، فهي تساعد في تطوير تقنيات لتخفيف التوتر في مراحله الأولى لحماية الصحة النفسية لرواد الفضاء. كما أن لهذه الدراسة مزايا إضافية، حيث يمكن تطبيق مخرجاتها ونتائجها على حياتنا المعاصرة في إدارة بيئات العمل للتقليل من مخاطر الإجهاد الذهني، والذي يؤدي بدوره إلى رفع نوعية حياتنا». أشرف على الدراسة كل من الدكتور النشاش والدكتور فارس الشرقي، باحث زائر في مرحلة ما بعد الدكتوراه، والدكتور عثمان طارق، أستاذ مساعد في الهندسة الكهربائية في الجامعة الأميركية في الشارقة. وتم تدريب أفراد الطاقم الإماراتي داخل مختبر الهندسة الطبية الحيوية التابع لمجموعة أبحاث الهندسة العصبية في الجامعة الأميركية في الشارقة على يد الباحثين الشرقي والنشاش على بروتوكولات التجارب وجمع البيانات. أما الفريق الدولي، فقد تم تدريبه عن بُعد عبر الإنترنت. يذكر أن مختبرات كلية الهندسة في الجامعة الأميركية في الشارقة مجهزة بأحدث المعدات لإجراء التدريبات والتجارب.
وقال الدكتور الشرقي: «لقد قدمنا العديد من التوصيات، بما في ذلك استخدام التصوير العصبي المتقدم والذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الإجهاد الذهني والتوتر. ولقد حفزتنا نتائج البحث على تطوير طرق للحد من الإجهاد الذهني في البيئات المغلقة باستخدام التقنيات الرقمية لتحفيز حواس الإنسان وتنشيط الدماغ بطرق تدفعه إلى التحكم بالعواطف. إن هذا العمل لا يفيد أبحاث الفضاء فحسب، بل يمكن أن يؤثر أيضاً على المجالات الاجتماعية الأخرى، بما في ذلك الرعاية الصحية والسلامة والتعليم ونوعية الحياة».