هالة الخياط (أبوظبي)

تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لقطاع النقل ضمن استراتيجياتها التنموية الشاملة، ولديها شبكة طرق تمتاز بجودة والتزام عاليين بتطبيق أعلى المعايير العالمية في التصميم والتنفيذ، بما يحقق أعلى معايير الاستدامة ويعزز السلامة والأمن لمستخدمي الطرق.
وتمتلك الدولة مرافق نقل وبنى تحتية تُعد من بين الأفضل والأكثر تطوراً على المستوى العالمي، وتمتاز وسائل النقل العامة بمستواها الفائق من حيث الجودة والكفاءة، ما جعلها ضمن قائمة الـ 20 الكبار عالمياً في المؤشرات الخاصة بقطاع النقل خلال العامين الماضيين.
وتستثمر دولة الإمارات في أنظمة نقل جماعي جديدة ومستدامة مثل نظام السكك الحديدية الخفيفة والسريعة «مترو دبي، ترام دبي»، ومشروع القطار عالي السرعة، ضمن توجهاتها لتقليل الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل، سيما وأنها تعد من أسرع مصادر الانبعاثات المتزايدة حول العالم. 
وتتنوع وسائل النقل العامة، لتحقق تطلعات واحتياجات سكان الدولة والسياح، بما في ذلك الحافلات، المترو، الترام، سيارات الأجرة ووسائل النقل البحري، التي تتكامل معاً لتربط   المناطق الحضرية داخل الدولة، بما يضمن التنقل السهل والآمن للركاب والمسافرين. 
تستشرف دولة الإمارات المستقبل بتطوير قطاع نقل ذكي ومستدام، وبانتهاج كل ما هو متطور وحديث في هذا القطاع الحيوي. 
وتدرس الجهات المعنية في الدولة العديد من البدائل، فمن المركبات ذاتية القيادة إلى التاكسي الجوي، ووحدات النقل المعلقة وقطار المستقبل «الهايبرلوب»، وهذه كلها أفكار مطروحة وقيد الدراسة لتنفيذها خلال السنوات المقبلة في الدولة. 
وتؤكد القطاعات المعنية بقطاع النقل في الدولة التزامها بدعم النقل المستدام والتوجه القائم نحو استخدام المركبات ذات الانبعاث المنخفض، باعتماد أفضل المواصفات والمعايير الخاصة بوسائل النقل المختلفة، وتطبيق أحدث التقنيات في هذا القطاع، وتحفيز أفراد المجتمع على التوجه أكثر نحو استخدام المركبات الصديقة للبيئة، في إطار الحرص على تعزيز معايير جودة الحياة في الإمارة. 
وتعمل الدولة على إرساء البنية التحتية اللازمة، من تشريعات وتكنولوجيا متطورة لاستخدام المركبات ذاتية القيادة، وتعزيز وسائل النقل الذكي والمستدام. 
وتُعد وحدات النقل المعلقة نظاماً مستقبلياً للتنقل تدرس تطبيقه هيئة الطرق والمواصلات في دبي، وتمتاز باستخدام مساحة أرض أقل بعدة مرات، مقارنة بالأنظمة التقليدية ذات السعة نفسها وكفاءة استخدام للطاقة بمقدار أقل خمس مرات عن المركبات الهوائية.
 
نقل مستدام وصديق للبيئة
وتنطلق إمارة أبوظبي نحو مرحلة جديدة من التطور في قطاع النقل المستدام الصديق للبيئة، ضمن استراتيجية إدارة التنقل الذكي في إمارة أبوظبي، والتي تهدف إلى دعم عملية التحول نحو النقل الذكي والمستدام القائم على المعرفة والحلول المبتكرة. حيث يبذل مركز النقل المتكامل، التابع لدائرة البلديات والنقل، جهوداً كبيرة لرفع كفاءة قطاع النقل العام وخفض انبعاثات الكربون، بما يتماشى مع رؤية القيادة الحكيمة في أن تصبح مدن إمارة أبوظبي، ذكية وصديقة للبيئة ومستدامة في خدماتها ونمط العيش فيها.
وتم إطلاق المرحلة الثانية من مشروع التنقل الذكي في جزيرتي ياس والسعديات، من خلال مركبات ذاتية القيادة TXAI، والتي تمثل أولى مركبات الأجرة المؤتمتة بالكامل في الدولة، وخدمة الحافلة ذاتية القيادة Robobus، لبناء نظام نقل ذكي يدعم التنمية عبر مختلف القطاعات ويسهل تنقل سكان وزوار الإمارة. 
وتأتي أهمية التنقل الذكي في تقليل الازدحام المروري، وتحسين السلامة على الطرق، وتحسين إمكانية الوصول إلى وسائل النقل، وتعزيز النمو الاقتصادي وحماية البيئة من خلال تقليل انبعاثات الكربون، مع تحسين نوعية الحياة لسكان إمارة أبوظبي.

تخفيض البصمة الكربونية
وتتعاون إمارة أبوظبي ممثلة بدائرة البلديات والنقل مع مدينة شانغوون الكورية، ومعهد النقل الكوري لتعزيز ريادة الإمارة في مجال الطاقة النظيفة والمستدامة، واستراتيجية الدائرة ومركز النقل المتكامل التابع لها، لتخفيض البصمة الكربونية، وإرساء منظومة نقل صديقة للبيئة، وبنية تحتية مستدامة تعزز جودة الحياة في الإمارة.
وسينبثق عن التعاون بين الجانبين إرساء البنية التحتية لشحن وتشغيل حافلات الهيدروجين، ووضع وتصميم المواصفات لمحطة التزود بالوقود الهيدروجيني، وإعداد إجراءات تشغيل وصيانة حافلات الهيدروجين في أبوظبي، وتبادل الخبرات والأفكار والموارد البشرية بين الطرفين في إطار «برنامج تبادل الخبراء». 
وتركِّز دائرة البلديات والنقل على تعزيز التنقُّل المرن الذكي منخفض الكربون، وتوفير المزيد من خيارات النقل الصديقة للبيئة، بما يسهم في تمكين حلول النقل العام المشتركة ضمن استراتيجية الإمارات للحياد المناخي، وتعزيز مكانة الإمارة الريادية في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة.
 
تطبيقات تنقل ذكية
وتتيح الكثير من تطبيقات الهواتف الذكية إرشاد سكان الدولة والسياح للوصول إلى وجهاتهم اختصاراً للوقت والمسافات وبما يحقق معايير الاستدامة، فبالإضافة إلى تطبيق «خرائط جوجل» الواسع الانتشار عالمياً والذي يمكن استخدامه في كافة أرجاء دولة الإمارات، فإن تطبيق «سنيار» يوفر نظاماً موحداً للملاحة على مستوى دولة الإمارات أيضاً ويساعد المستخدمين على الاستدلال على العناوين بسهولة وكفاءة. 
فيما يتيح موقع «درب» حلول التنقل اعتماداً على نظام المعلومات الجغرافية للتنقل داخل إمارة أبوظبي، وتتيح تطبيقات «سمارت درايف» ونظام «مكاني» و«هير» تخطيط الرحلات وتحديد المواقع في دبي من دون الحاجة إلى الارتباط مع شبكة الإنترنت. 

خيارات نقل تحقق الاستدامة
تُعد سيارات الأجرة في دولة الإمارات من وسائل التنقل الرئيسية التي يستخدمها الزوار والسياح، حيث تتم إدارة أساطيلها بشكل احترافي، وهي منتشرة في كافة الأماكن السياحية، وهي واسعة الانتشار ونظيفة ومجهزة بعدادات لتنظيم وضبط التعرفة بدقة، ويُمكن حجزها عبر التطبيقات الذكية المخصصة لذلك. 
فيما تمثل شبكة حافلات النقل العام الوسيلة الرئيسية التي تربط شبكة المواصلات المتنوعة معاً وجميع إمارات الدولة وتُعد شبكة النقل الأكثر امتداداً، حيث تغطي المراكز السياحية ومناطق الأعمال والأحياء السكنية، وتعتبر هذه الحافلات عصرية ومكيفة ومجهزة بوسائل راحة لذوي الهمم، ووسائل مساعدة سمعية وبصرية، وهي مراقبة بالكاميرات، وتخصص أماكن لجلوس السيدات والأطفال، وتتسم بالكفاءة في مواعيد الوصول، وسهولة الدفع، كما يتضمن الأسطول حافلات صديقة للبيئة تسير ببطاريات كهربائية قابلة للشحن.
وتضم وسائل النقل العديد من الخيارات، مثل التاكسي المائي والباصات المائية، والفيري، وقوارب العبرة، ويمكن اعتماد استخدام وسائل النقل البحري في كلٍ من أبوظبي ودبي والشارقة، حيث تغطي مساحات مهمة وحيوية في المدن الرئيسية.
وتوفّر مدينة أبوظبي خدمة العبّارات التي تعمل يومياً بين جزيرة دلما وميناء مغرق ومرسى جبل الظنة، وتتوافر هذه الخدمات أيضاً في دبي في كلٍ من محطات بر دبي وديرة وجميرا ومرسى دبي، وتترابط مع محطات الشارقة.

«قطار الاتحاد» منظومة نقل شاملة ومتكاملة 
يُعد قطار الاتحاد أول منظومة نقل بري تصل بين مختلف مدن ومناطق الإمارات من الغويفات وحتى الفجيرة، بما يساهم في تطوير منظومة نقل شاملة ومتكاملة تفتح آفاقاً تنموية، وتوفر فرصاً اقتصادية تصل قيمتها إلى 200 مليار درهم. 
ويرسخ البرنامج الوطني للسكك الحديدية تفوق الإمارات العالمي في المجال اللوجستي، حيث سيربط قطار الاتحاد للبضائع 4 موانئ رئيسية، وسيتضمن بناء 7 مراكز لوجستية في الدولة، وسيبلغ حجم النقل 85 مليون طن من البضائع في عام 2040 بما يقلل تكاليف النقل إلى 30%، ويوفر 8 مليارات درهم من تكلفة صيانة الطرق، فيما سينقل قطار الركاب 36.5 مليون راكب سنوياً بحلول عام 2030. 

مسارات الدراجات 
توفر مختلف إمارات الدولة مسارات آمنة ومتكاملة للقيام بجولات على الدراجات الهوائية و«السكوتر»، باعتبارها إحدى وسائل النقل الصديقة للبيئة، ولتعزيز جودة الحياة وتوفير بنية تحتية تمتاز بمعايير عالمية تحقق التوجهات الداعمة لصحة المجتمع وسعادته.
وتعتبر هاتان الوسيلتان من وسائل النقل الصديقة للبيئة ومنخفضة التكلفة، ولا تخلف انبعاثات ملوثة للهواء وتقلل الازدحام وبصمة الفرد الكربونية. 
وفي أبوظبي، تم تشغيل خدمة نقل جديدة بالحافلات العامة توفر مساحة داخل الحافلة تسمح لمستخدمي الدراجات الهوائية بنقل دراجاتهم معهم في الحافلات، بما يعزز ثقافة النقل المستدام باستخدام وسائل التنقل الخاصة بهم، عبر شبكة النقل بالحافلات العامة، وإكمال الميل الأخير من الرحلة إلى وجهتهم من وإلى مراكز المدينة الرئيسية ومناطق الجذب السياحي والترفيهي.