فهد بوهندي (الفجيرة)  

أكد خالد الحوسني، مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية في وزارة الطاقة والبنية التحتية، في حوار خاص لـ«الاتحاد»، وجود مواقع طبيعية فريدة تستقطب الجيولوجيين إلى الإمارات، وقال: إن «العوامل الأرضية والعناصر الطبيعية بدأت بتشكيل جيولوجية دولة الإمارات منذ أكثر من 600 مليون سنة تقريباً، بتضاريس متنوعة وطبيعة جميلة وبتنوع جيولوجي فريد، وبوجود العديد من المظاهر الجيولوجية المتميزة والنادرة، والتي تمثل عامل جذب سياحي لأن هذه التضاريس حصيلة العمليات الجيولوجية التي حدثت خلال تاريخ الأرض».
وأضاف الحوسني: «يمكن تقسيم الدولة إلى عدد من الأقاليم والمناطق مثل المناطق الجبلية، والسهول الحصوية الصحراوية، والمناطق الساحلية والسبخات والجزر. ولكل من هذه الأقاليم خصائصه الجيولوجية التي تجذب العلماء والدارسين والسائحين».
وأضاف: في الإمارات هناك العديد من المواقع الطبيعية الفريدة من نوعها وذات القيمة الجيولوجية العالية التي تستقطب الجيولوجيين من مختلف أنحاء الأرض، بهدف دراسة هذه المظاهر الجيولوجية الفريدة».

ومن الناحية التاريخية، قال الحوسني: «تمثل الأفلاج التي تتميز بها المناطق الجبلية الشرقية والسهول الصحراوية نظاماً متميزاً للري، حيث تمثل تلك الأفلاج أنهاراً من صنع الإنسان الذي بناها لتعترض منسوب الماء الجوفي عند أقدام الجبال وتنقله للسطح للاستخدام خاصة في الأغراض الزراعية، كما تعد الكثبان الرملية متحفاً طبيعياً للكثبان الرملية، حيث تشتمل على معظم أنواع الكثبان الموجودة على سطح الأرض وتغطي ما يقرب من 74% من المساحة الكلية للدولة، ويوجد منها أنواع كثيرة مثل الكثبان الرملية الطولية والمتعرضة والمتوازية، الهلالية، والنجمية، وترتفع هذه الكثبان في واحة ليوا إلى أكثر من مئة متر فوق سطح الأرض وتحتوي على مزارع فريدة تعرف محلياً باسم (المحاضر)، كما أنه يتم استخدام بعض مناطق الكثبان الرملية لبعض الرياضات الخاصة مثل سباق السيارات والدراجات، وفي تسلق الكثبان والتزلج على رمال الكثبان».
ورأى مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية في وزارة الطاقة والبنية التحتية أن المنطقة الجبلية في الإمارات تتميز بخصوصية التتابع الصخري والذي يندر وجوده إلا في مناطق قليلة بالعالم، لأن هذه الصخور اندفعت إلى مكانها الحالي خلال النشاط الديناميكي للأرض منذ حوالي 95 مليون سنة ماضية، وتجذب هذه الجبال العلماء من كل أنحاء العالم لزيارتها ودراستها، وتتميز بتباين وتناغم ألوانها وتكوينها لمنحدرات طبيعية جميلة.
ولأن تلك الجبال هي أكثر المناطق مطراً في الدولة، فقد نشأت فيها العديد من المزارع والواحات وتفجر فيها المثير من الينابيع التي تضاف إلى هذا الجمال الفريد، وحالياً تقام بعض الأنشطة التي تنظم من قبل بعض الجهات المعنية بالسياحة، وهي رياضة تسلق الجبال.

وأضاف الحوسني: «كما يمثل جبل حفيت جنوب مدينة العين موقعاً نموذجياً لرياضة تسلق الجبال واستكشاف الكهوف التي يقبل عليها السائحون، بالإضافة إلى واحات العين وهيلي والبريمي التاريخية، ومتحف العين، والقلاع، والأفلاج، والعديد من جزر الإمارات مثل جزيرة دلما، وصير بني ياس وصير أبو نعير وهي نماذج جيولوجية فريدة، حيث تكون جبال من الملح والمتبخرات ألباب تلك الجزر التي أخذت طريقها من باطن الأرض إلى سطحها منذ ملايين السنين، عبر صخور يطلق عليها معقد هرمز والتي تمتد إلى آلاف الأقدام في العمق، ويحيط باللب الملحي لتلك الجزر سهول منبسطة ومناطق ساحلية تعتبر من المناطق الخلابة التي تنمو بجانب الكثير منها الشعاب المرجانية في المياه الضحلة من الخليج العربي.
وأكد الحوسني، أن الكثبان الأحفورية مثل متكون غياثي تعتبر كنزاً لأنها مهمة من الناحية الجيولوجية في تحديد الجغرافيا القديمة للمنطقة، حيث نتجت هذه الصخور من انكشاف الخليج العربي في الأزمة الجليدية وذرو حبيبات سطح الخليج العربي بواسطة رياح الشمال وترسيبها في أبوظبي ودبي ومن ثم تكون الكثبان وتحولها إلى صخور في الفترات التي تكثر فيها مياه الأمطار. 
وأوضح الحوسني، أن هناك أكثر من 50 مساراً جبلياً في الدولة، مثل مسار قوس قزح الذي يظهر على هيئة تشكيلات ملونة مذهلة تتغير من اللون الأخضر إلى الرمادي والأحمر إلى البني الأحمر الموجود في الفجيرة وخاصة في منطقة دبا، التي تحتوي على صخور متطبقة من الصوان ذي الألوان المختلفة مع الحجر الجيري والحجر الطيني.
كما يحتوي مسار عين الشرية حيث يقع المسار الجيولوجي (عين الشرية) على أنواع معقدة من الصخور التي تعطي للمنطقة ألواناً صخرية مختلفة، ويتميز المسار باحتوائه على رواسب المحيط العميقة – الصوان. 

«القرن الشمالي»
قال مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية في وزارة الطاقة والبنية التحتية: إن حديقة بحيص الجيولوجية في منطقة مليحة من إمارة الشارقة، تتميز بموقعها الأثري الفريد، وتهدف إلى تعزيز المحتوى المعرفي للزوار بتاريخ الإمارة الجيولوجي الغني بالبقايا المتحجرة للعديد من الكائنات البحرية القديمة التي استوطنت بحاراً ضحلة كانت تغمر معظم اليابسة في الدولة حتى فترة قريبة من المنظور الجيولوجي. كما أنه يوجد في الحديقة دلائل تاريخية حول كيفية تشكل الطبيعة المحلية قبل فترة لا تقل عن 93 مليون سنة. ويعتبر «القرن الشمالي» في جزيرة قرنين عبارة عن قطعة ضخمة غير ثابتة من صرح بركاني كامل طفا صاعداً إلى السطح من عمق كيلومترات عدة في قبة ملح.

مسوحات جيولوجية
قامت وزارة الطاقة والبنية التحتية بعمل مشروع المسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية وإعداد الخرائط لجميع مناطق الدولة، ومن خلال هذا المشروع تم تحديد المناطق ذات الأهمية الجيولوجية وتسليط الضوء عليها، علاوة على ذلك تم إطلاق مبادرة بالتنسيق مع الجهات المعنية للحفاظ على التراث الجيولوجي للدولة، من أجل حماية المناطق الجيولوجية باعتبارها محميات طبيعية جيولوجية علمية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار.
وأشار مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية في وزارة الطاقة والبنية التحتية إلى أن مفهوم السياحة الجيولوجية يعتبر مفهوماً جديداً نسبياً ظهر في أواخر القرن الماضي، ويعتبر التراث الجيولوجي ممكناً أساسياً لهذه السياحة، بالإضافة إلى المقومات الأخرى المتوفرة في الدولة كونها إحدى الوجهات السياحية المهمة على خريطة السياحة العالمية.