أبوظبي (الاتحاد)
تحرص القيادة العامة لشرطة أبوظبي على الاهتمام بالحفاظ على إرثها التاريخي والذي يُشكل جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية والشخصية الإماراتية المعاصرة.
ويضطلع «قسم الموروث الشرطي» في إدارة المراسم والعلاقات العامة بدور ريادي بارز في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي بوصفه اليد الأمينة على هذه الهوية الوطنية الأصيلة، وقلبها النابض المُفعَم بعبق تاريخها المجيد، من خلال الاهتمام المتواصل بربط الأجيال الجديدة بماضي شرطة أبوظبي وإطلاعها على تاريخ هذه المؤسسة العريقة والتي تعد العين الساهرة على الأمن والأمان في إمارة أبوظبي منذ تأسيسها، وذلك من خلال التوثيق لكل الأساليب والطرائق التي ما فتئت تحقق تلك الأهداف الأمنية المنشودة، ومن منطلق إيمانها بأهمية الموروث في الثقافة الإماراتية، ومن ذلك مثلاً البذلات الرسمية القديمة وسيارات الدوريات المستخدمة سابقاً.
ويركز قسم الموروث الشرطي اهتمامه بشكل كبير على عملية التوثيق التاريخي والتعريف به وإبرازه في مجتمع الإمارات، وذلك من خلال إلقاء الضوء على بدايات ومراحل التطور التي شهدتها المسيرة الشرطية والأمنية منذ التأسيس في منتصف خمسينيات القرن الماضي ولغاية الآن.
ذاكرة الأجيال في مختلف المناسبات
يشارك قسم الموروث الشرطي في العديد من الفعاليات المجتمعية، والمهرجانات التراثية، وغيرها من المحافل بهدف نشر الوعي المجتمعي والأمني بالتراث، ليبقى حاضراً في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.
وتهدف هذه المشاركات إلى تعريف الجمهور وأفراد المجتمع بزي الشرطة القديم، وسيارات الشرطة القديمة من نوع «لاند روفر» التي استُخدمت في بدايات تأسيس شرطة أبوظبي، وأيضاً سيارات «رنج روفر» التي كانت مستخدمة في أواخر سبعينيات القرن الماضي.
وينظم القسم عدداً من المحاضرات حول تاريخ شرطة أبوظبي وموروثها، لنشر التوعية بالموروث الشرطي والتعريف بالثقافة الإماراتية، إلى جانب عرض مجموعة من الآليات والأسلحة والأزياء التي كانت تُستخدم قديماً، إلى جانب توزيع كتيبات تحكي عن مراحل تطور شرطة أبوظبي منذ التأسيس.
كما يعرض القسم أزياء العنصر النسائي القديم، المعروفة باسم «زي السجانة» والتي كانت مستخدمة في عام 1975 بشرطة العين.
وفي احتفالية خاصة تم تنظيمها بمناسبة «يوم المرأة الإماراتية» العام الماضي، عُرض هذا الزي في عدد من المراكز التجارية بمدينتي أبوظبي والعين تزامناً مع احتفالات «وزارة الداخلية» بيوبيلها الذهبي، ومرور 50 عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
يُذكر أن عمل السجانة في ذلك الوقت كان يقتصر على «قلعة المربعة» - مقر إدارة شرطة العين سابقاً - خلال الفترة الصباحية فقط، فيما تتابع العمل إذا استدعت الظروف في الفترات المسائية أو عند الطلب.
متحف شرطة المربعة جسر للتواصل والمعرفة
يُعد «متحف شرطة المربعة»، الذي افتُتح في ديسمبر عام 2018 جسراً للتواصل والمعرفة لفئات المجتمع كافة، ويعكس الوجه الحضاري المشرق لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال فعالياته وأنشطته التراثية والثقافية والتعليمية والترفيهية.
وأصبح هذا المكان وجهة سياحية بارزة في مدينة العين، حيث تجتذب فعالياته وأنشطته المختلفة الزوار على مدار العام، ويحتوي المتحف على الأزياء والمقتنيات والدوريات الشرطية القديمة التي تعود إلى عام 1957.
ويمثل هذا المتحف، الذي يُشرف عليه قسم الموروث الشرطي بإدارة المراسم والعلاقات العامة في شرطة أبوظبي، مقصداً تراثياً وثقافياً يبرز مراحل تطور شرطة أبوظبي منذ تأسيسها، ويجمع ما بين القديم العريق والجديد المتطور.
عُرفت هذه القلعة باسم «مربعة زايد»، إذ أمر بإنشائها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 1948، بعد توليه منصب ممثل الحاكم في منطقة العين عام 1946. واليوم تُعد رمزاً تراثياً وثقافياً، وتحتل منزلة خاصة في نفوس أهالي مدينة العين.
ويعكس هذا المبنى التاريخي المفعم بالعطاء والبذل والجهد تاريخَ الآباء والأجداد، ويُعد مثالاً حياً تستفيد الأجيال الناشئة من أركانه وأقسامه المتعددة.
وتتكون القلعة من ثلاثة طوابق، وقد اكتسبت اسمها من هيأتها المربعة، ولدى هذه القلعة عدة فتحات مختلفة الأشكال والاتساع تؤدي وظيفة المراقبة. وقد بُنيت لتكون مقراً إدارياً وأمنياً يضم مؤسسات مدينة العين، وبرجاً للمراقبة، ومقراً لحرس المدينة.
واستلمت شرطة أبوظبي هذه القلعة في عام 1959، وكانت أول مقر لمركز الشرطة بمدينة العين.
قصر الحصن أول مقر لشرطة أبوظبي عند التأسيس
من أبرز جهود قسم الموروث الشرطي في الآونة الأخيرة، مشاركته في فعاليات «مهرجان قصر الحصن» بأبوظبي خلال عام 2021، الذي يهدف إلى إلقاء الضوء على هذا القصر التاريخي العريق الذي يزيد عمره على الـ 200 عام.
إذ قدَّم القسم للجمهور تُحفاً نفيسة من خلال إنشائه مركزاً للشرطة أمام «قصر الحصن»، أُطلق عليه اسم «مركز شرطة الحصن». صُمِّمَ المركز وفقاً للنمط القديم لمبنى شرطة أبوظبي في بداية تأسيسها عام 1957، حيث عرض، عبر مركزه المؤقت، مجموعة من الصور الأرشيفية النادرة لأفراد الشرطة في قصر الحصن، وخاصة الصور المتعلقة بالطوابير العسكرية التي كانت تُقام خلال الاحتفالات الوطنية ومراسم الاستقبالات الرسمية التي احتضنتها قديماً الساحاتُ الخارجية لهذا القصر الذي لا يزال شامخاً إلى يومنا هذا.
ويُعد قصر الحصن أول مقر لشرطة أبوظبي عند تأسيسها، حيث اتخذ من الجهة الشمالية للقصر مقراً لها. وكانت من مهام الشرطة تنفيذ أوامر الحاكم، وحراسة القصر، ومراقبة الأسواق بمدينة أبوظبي، وغيرها من المهام الأمنية الأخرى.
عبق العيون الساهرة.. شهادات من الضباط القدامى لتوثيق مسيرة النجاح
يسجل قسم الموروث الشرطي ذكريات بداية التأسيس ومسيرة نجاح شرطة أبوظبي منذ عام1957، ومراحل التطور التي جعلت من أبوظبي أكثر المدن أمناً على مستوى العالم من خلال برنامج «عبق العيون الساهرة» التراثي والتاريخي. ويهدف البرنامج إلى توثيق مسيرة النجاح عبر لقاءات مع رجال الشرطة القدماء والمعاصرين للبدايات، ليقدموا شهادات عن تلك المسيرة التاريخية والاستفادة من خبرات وتجارب من قدموا الجهد وحفظ مادة شفاهية ستقدم فيما بعد العون للدارسين والمهتمين والباحثين حول الشرطة بين الماضي والحاضر. ويتضمن برنامج عبق العيون الساهرة لقاءات مع عدد من منتسبي الرعيل الأول لشرطة أبوظبي، تقوم إدارة الإعلام الأمني بقطاع شؤون القيادة بتصويرها وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشرطة أبوظبي بالتنسيق مع قسم الموروث الشرطي، حيث يقدمون نصائح للجيل الحالي تحثهم على الحفاظ على مسيرة الأمن والأمان وتحفيزهم من أجل تقديم الأفضل لخدمة شرائح المجتمع كافة.