أبوظبي (الاتحاد)

أعلن باحثون من المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة ومركز أبحاث المياه، التابعين لجامعة نيويورك أبوظبي، عن إصدار دراسة بحثية حول تأثيرات استخدام تقنيات تحلية مياه البحر والتغيرات المناخية المتوقعة على ملوحة مياه الخليج العربي خلال العقود القادمة.
وتشكّل الدول المطلة على الخليج العربي النسبة الأكبر عالمياً من مستخدمي تقنيات تحلية مياه البحر بهدف مواكبة احتياجاتها من المياه العذبة. وتؤدي زيادة عمليات التحلية إلى إطلاق كميات أكبر من المحاليل شديدة الملوحة في مياه الخليج العربي، والتي لم تتضح تأثيراتها بعد على النظم البيئية البحرية ومصائد الأسماك في المنطقة. وانطلاقاً من ذلك، تم إصدار الدراسة التي جاءت بعنوان التأثيرات بعيدة المدى للملوحة الناجمة عن عمليات تحلية مياه البحر على حوض الخليج العربي ونشرتها مجلة ساينتفيك ريبورتس، حيث توصل الباحثون إلى أن زيادة مستويات ملوحة المياه ستكون ضمن نطاق التغيير الطبيعي للملوحة الناتجة عن تبخّر المياه، حتى في أسوأ حالات التغير المناخي وسيناريوهات التحلية المتوقعة. ولذلك فمن غير المتوقع لتغيرات الملوحة أن تترك تأثيرات بيئية على نطاق منطقة الخليج العربي لأن الحياة البحرية فيها تأقلمت مع مستويات الملوحة العالية والمتغيرة لمياه البحر.

تمثلت أبرز نتائج الدراسة في أن زيادة ملوحة مياه البحر ستؤدي إلى زيادة مقابلة في تدفقات المياه عبر مضيق هرمز، ما يفضي إلى تجديد مياه الخليج العربي بسرعة أكبر. وبالتالي فإنه من غير المتوقع حتى في أسوأ السيناريوهات أن تتجاوز زيادات الملوحة في حوض الخليج العربي المستوى الذي يؤثر بشكل كبير على الحياة البحرية في المنطقة، مثل النباتات والحيوانات، لأن مستويات زيادة الملوحة هذه تعد ضمن النطاق الطبيعي لتغيرات الملوحة التي تتعرض لها الكائنات الحية فعلياً في المنطقة. ويشكل نقص الأكسجة، أي انخفاض أو تراجع مستويات الأوكسجين في الجسم أو الماء، تهديداً أكبر على الحياة البحرية في المناطق العميقة من الخليج العربي، وكذلك في الشعاب المرجانية الضحلة، كما يتبيّن من دراسات سابقة أجراها هؤلاء الباحثون وغيرهم من جامعة نيويورك أبوظبي، وهي ظروف لا تتعلق بالمحاليل الناتجة عن عمليات التحلية.
وبينما حاولت نماذج بحثية أخرى تقديم تقديرات حول زيادة الملوحة الناجمة عن عمليات التحلية في حوض الخليج العربي، فإن الدراسة الحالية تعد الأولى من نوعها التي تأخذ بعين الاعتبار أيضاً التأثيرات المستقبلية للتغير المناخي. وتضم منطقة الخليج العربي العدد الأكبر من مجمّعات تحلية مياه البحر في العالم، وهي تمثل 45% من الإنتاج العالمي من المياه العذبة التي تتم تحليتها، ولذلك فمن الضروري معرفة التأثيرات طويلة المدى لهذا القطاع. ويمكن للبيانات التي يتم جمعها فيما يتعلق بالمستويات المتوقعة لملوحة مياه سواحل الخليج العربي أن تمهد الطريق نحو إجراء دراسات مستقبلية حول تأثيرات عمليات التحلية.

وقال فرانشيسكو باباريلا، الباحث الرئيسي في المركز العربي لعلوم المناخ والبيئة التابع لجامعة نيويورك أبوظبي: «توفر الدراسة التي قدمها فريقنا البحثي رؤىً جديدة بالغة الأهمية حول تأثيرات هذا القطاع الحيوي على منطقة الخليج العربي. وقمنا بتطوير نموذج بحثي موثوق أتاح لنا إمكانية توقع التغييرات في مستويات الملوحة على مدى العقود القادمة، فضلاً عن تعزيز قدرات فريقنا البحثي والأوساط العلمية عموماً لتحديد الطرق المثلى لحماية النظم البيئية».
وقال جون بيرت، الباحث الرئيسي المشارك في مركز أبحاث المياه والمركز العربي لعلوم المناخ والبيئة التابعين إلى جامعة نيويورك أبوظبي: «يعتمد الخليج العربي بطبيعته على النظم البيئية البحرية، ولكننا نستخدم كميات من مياهه في عمليات التحلية، ما يثير مخاوف تتعلق بالعواقب البيئية لهذه العمليات، ولاسيما في هذا العصر الذي يشهد تغيرات مناخية متسارعة.

مستويات
تُبين نتائج الدراسة أن زيادة مستويات ملوحة مياه الخليج، حتى مع أسوأ التوقعات المتعلقة بالتغيرات المناخية وزيادة عمليات التحلية خلال العقود القادمة، سيكون لها على الأرجح تأثيرات ضئيلة جداً على مستوى المنطقة، وستكون ضمن نطاق التغيرات الموسمية الطبيعية للملوحة. وعلى الرغم من أنه يتعين علينا إجراء المزيد من الأبحاث، تشير نتائج الدراسة إلى عدم وجود ما يدعو للقلق فيما يتعلق بزيادة الملوحة على مستوى منطقة الخليج العربي».