أبوظبي (وام)
تمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً بالإنجازات في ملف حقوق الإنسان، عززته بمبادراتها الرائدة وتجاربها الملهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات، ونشر قيم التسامح وتمكين المرأة وحماية حقوق الأطفال والعمال، وغيرها من الفئات. وتولي الإمارات أهمية بالغة لتطوير منظومتها التشريعية، ومواصلة جهودها الوطنية نحو تعزيز مجمل حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ المساواة واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي، تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وبمناسبة «اليوم العالمي لحقوق الإنسان» الذي يصادف 10 ديسمبر من كل عام، يستعرض التقرير التالي أبرز الخطوات والإنجازات التي حققتها دولة الإمارات خلال العام الجاري على صعيد تعزيز وتطوير حقوق الإنسان محلياً ودولياً.
فقد شهد عام 2022 عمليات تحديث وتطوير كبيرة، بشأن المنظومة التشريعية والتنظيمية المعنية بحقوق العمال، وذلك عبر إصدار عدة تشريعات بين مراسيم بقوانين وقرارات وزارية، تهدف إلى تعزيز حماية حقوق العمال ورفع كفاءتهم، بما يضمن استقرارهم وتحسين بيئة العمل المحفزة على الإنتاج.
وتضمنت القائمة المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2022 بشأن عمال الخدمة المساعدة، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، وقرار مجلس الوزراء رقم 33 لسنة 2022 بشأن إصابات العمل وأمراض المهنة، والقرار الوزاري رقم 44 لسنة 2022 بشأن الصحة والسلامة المهنية والسكنات العمالية، والقرار الوزاري رقم 43 لسنة 2022 بشأن حماية الأجور، والقرار الوزاري رقم 48 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات تفتيش العمل، والقرار رقم 46 لسنة 2022 بشأن إنشاء لجنة منازعات العمل الجماعية، والقرار الوزاري رقم 47 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات المنازعات والشكاوى العمالية. واعتمدت الدولة خلال الفترة الماضية حزمة من التشريعات المهمة، شملت قوانين الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، ومكافحة التمييز والكراهية، وذلك لمواكبة احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية، لتتواءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها. وفي أكتوبر الماضي، أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التقرير السنوي الخاص بجهود دولة الإمارات لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر خلال عام 2021، والذي تناول الأنشطة التي تمت في إطار الدعائم الخمس للاستراتيجية الوطنية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر والمتمثلة في العمل على الوقاية من الجريمة، وحماية الضحايا، وملاحقة الجناة، وضمان إنزال العقوبات الرادعة عليهم، فضلاً عن العمل على تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الجريمة. وعقدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان خلال العام الجاري عدداً من الاجتماعات لمتابعة مستجدات سير إعداد التقرير الوطني الرابع للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان.
من جهتها، أعلنت «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان»، في يناير الماضي، تشكيل ست لجان رئيسة معنية بالملفات الأساسية التي سيتم العمل عليها للعام 2022، وهي لجنة الحقوق المدنية والسياسية، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ولجنة الشكاوى والرصد والزيارات الميدانية، ولجنة العلاقات الدولية والمنظمات غير الحكومية، ولجنة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ولجنة الحقوق القانونية والتشريعية. وشكل تأسيس الهيئة في أغسطس 2021 أحد أهم الخطوات المعنية بتعزيز منظومة الآليات الوطنية لحقوق الإنسان في الدولة، حيث تتميز الهيئة عن غيرها من الآليات الحكومية الأخرى باعتبارها هيئة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وبالاستقلال المالي والإداري في ممارسة مهامها وأنشطتها واختصاصاتها في مجال حقوق الإنسان، وتستند في عملها إلى مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
وواصلت الإمارات خلال العام الجاري إطلاق وتنفيذ خطط ومشاريع وطنية طموحة في مجالات متعددة، غايتها تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أراضيها، وتوفير أفضل مستويات التعليم والسكن والرعاية الصحية والاجتماعية لهم، هذا إلى جانب العديد من المبادرات التي تصب في مصلحة تعزيز حضور المرأة وتمكينها في المجتمع، وحماية حقوق الأطفال وكبار المواطنين وأصحاب الهمم.
دولياً، باشرت الإمارات عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2022-2024 بناء على الانتخابات التي جرت في الجمعية العامة في أكتوبر 2021، حيث حازت للمرة الثالثة في تاريخها ثقة المجتمع الدولي بدور الدولة في الإسهام بإثراء وتطوير عمل وأداء المجلس. وستحرص دولة الإمارات خلال عضويتها في مجلس حقوق الإنسان على العمل على تعزيز وإثراء عمل المجلس والملفات المهمة المدرجة على أجندته، وستعمل على تكثيف تعاونها مع الدول والمجموعات الإقليمية ذات الصلة، لمواجهة التحديات العالمية المعنية بحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق منها بالتغيرات المناخية والبيئية، وأثرها على حقوق الإنسان، وقضايا الفقر والهجرة ونشر الكراهية والتعصب والتمييز العنصري، بالإضافة إلى العمل على كيفية الاستفادة من تسخير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة حقوق الإنسان.
واحتضنت العاصمة أبوظبي الأربعاء الماضي الإطلاق الرسمي للإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة، بمشاركة إماراتية وعربية ودولية واسعة، والذي دعا إلى الالتزام بتبني استراتيجيات من شأنها معالجة مشكلة العنف ضد المرأة وتحقيق الأمن والأمان والرفاه والرخاء والتقدم والسلام في المجتمعات العربية.
إشادات دولية
تتوالى الإشادات الدولية بجهود الإمارات الرائدة لتعزيز حقوق الإنسان، عبر دورها الإنساني العابر للحدود والقارات، حيث واصلت خلال العام الجاري سياستها ورسالتها الإنسانية الحضارية القائمة على مَدّ يد العون إلى المجتمعات المتضررة حول العالم عبر برامج ومشاريع إغاثية وإنسانية تخفف من معاناة سكان تلك المجتمعات وتعزز تنميتها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قدمت الإمارات في مايو الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 35 مليون درهم إلى الصومال الشقيقة لدعم جهود التنمية، كما سيرت جسراً جوياً يحمل سلالاً غذائية متكاملة وإمدادات طبية أساسية إلى جانب فريق طبي ومستشفى ميداني لإغاثة ضحايا زلزال أفغانستان. وخصصت الإمارات في يوليو الماضي مبلغ 25 مليون دولار لدعم مستشفى المقاصد في القدس الشرقية لتوسعة نطاق خدماته الطبية، وأرسلت في أغسطس الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 25 مليون درهم إلى المتأثرين والنازحين بسبب السيول والفيضانات في السودان، وفي الشهر ذاته أرسلت مساعدات إغاثية عاجلة إلى جمهورية باكستان الإسلامية التي شهدت أقاليم عدة فيها سيولاً وفيضانات، فيما قدمت على مدار العام الجاري مساعدات إغاثية إنسانية إلى المدنيين الأوكرانيين المتضررين من الأزمة في أوكرانيا.