أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن دعم رئاسة جمهورية الهند الصديقة لمجموعة العشرين يمثل أولوية بالنسبة لدولة الإمارات.
وقال سموه، في مقال نشر بصحيفة «إنديا إكسبرس» الهندية، إنه من خلال إرساء الأسس لتعاون دولي مكثف من خلال المحافل متعددة الأطراف، مثل مجموعة العشرين، فإن دولة الإمارات مصممة على بناء عالم يكون فيه الازدهار أمرا شائعا والتقدم البشري حق للجميع.
فيما يلي نص مقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي:
«لطالما نظرت دولة الإمارات إلى مجموعة العشرين كمنتدى يلعب دورا حاسما في الجهود المتعددة الأطراف ومن خلال تركيزها على القضايا المالية العالمية، تضم مجموعة العشرين الاقتصادات المتقدمة والنامية الرئيسية التي تمثل 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75 في المائة من التجارة، وما يقرب من ثلثي سكان العالم.
على هذا النحو، فإن مجموعة العشرين لديها القدرة على إعادة تشكيل صناعة القرار من أجل المصالح الدولية الكبرى، وكانت دولة الإمارات شريكا موثوقا به في إطار مجموعة العشرين لمواجهة التحديات الدولية المشتركة مع تشجيع الانتعاش الاقتصادي العالمي المتوازن والمستدام والشامل، وهذا هو السبب في أن الإمارات العربية المتحدة تؤكد أن الحوار والدبلوماسية هما أكثر الخيارات نجاحا لبناء الثقة ومعالجة الأزمات. وحيثما أمكن، ستواصل دولة الإمارات دعم السلام والاستقرار العالميين. فهذا هو النهج الذي سنتخذه بينما نستعد لاستضافة الهند لقمة مجموعة العشرين في عام 2023.
لقد نقلت دعم دولة الإمارات لرئاسة الهند لمجموعة العشرين خلال اجتماعي مع معالي الدكتور سوبرامنيام جاي شانكار وزير الشؤون الخارجية في جمهورية الهند في إطار زيارتي الأخيرة إلى نيودلهي.
شعرت بالارتياح لمعرفة رؤية الهند لرئاسة مجموعة العشرين، بما في ذلك طموحاتها لتعزيز تمكين المرأة، وتحقيق تقدم جريء في مجالات الصحة والزراعة والتعليم، وحشد التمويل للتخفيف من آثار تغير المناخ والأمن الغذائي العالمي، وتعزيز مكافحة الجرائم المالية، وإصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف لتصبح أكثر شمولاً.
في الواقع، تعد مسألة إصلاح المؤسسات المتعددة الأطراف أيضا أولوية رئيسية لدولة الإمارات، حيث عملت بلا كلل لتضخيم أصوات الدول الصغيرة والممثلة تمثيلاً غير عادل في مجموعة العشرين وتعد هذه الاستراتيجية امتدادا طبيعيا للسياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي تسعى دائما إلى دعم الشركاء في جميع أنحاء العالم والتأكد من سماع وجهات النظر المتنوعة حول القضايا الحرجة في عصرنا.
كان هذا واضحاً عندما حضرت قمة رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين 2022 ضمن وفد إماراتي رفيع المستوى، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
عقدت القمة في بالي 15 و16 نوفمبر 2022، وتم تنظيمها تحت رئاسة إندونيسيا لمجموعة العشرين. وبعد أيام من المداولات، أصدرت القمة إعلاناً قوياً أكدت فيه الدول أنه تماشياً مع شعار الرئاسة الإندونيسية لمجموعة العشرين سيتخذ المجتمع الدولي إجراءات منسقة لدفع أجندة قوية وشاملة ومرنة لتحقيق الانتعاش العالمي.
من خلال مشاركة الإمارات في اجتماعات مجموعة العشرين كدولة ضيف خلال رئاسة إندونيسيا، وخاصة بعد تجربتها الناجحة كضيف خلال رئاسة المملكة العربية السعودية في عام 2020، ظلت ملتزمة بتعزيز التعاون الاقتصادي، والعمل كمورد موثوق ومسؤول للطاقة، وكذلك ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية. علاوة على ذلك، من خلال برنامج «شيربا» التابع لاجتماعات ومسارات التمويل لمجموعة العشرين، فقد ضاعفت الدولة جهودها من خلال جدول أعمالها الرائد في قطاع الطاقة النظيفة ومبادرة طموحة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وباعتبارها الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» المقرر عقده في نوفمبر 2023، فقد استفادت دولة الإمارات من مشاركتها في عملية مجموعة العشرين من أجل حشد العمل الدولي وسوف نستمر في القيام بذلك في الفترة التي تسبق المؤتمر.
في نفس الوقت، علينا ألا نفقد تركيزنا على قضايا أخرى ولاسيما تلك القضايا التي تفاقمت نتيجة لانتشار جائحة كورونا كقضية الأمن الغذائي، حيث إنه لا يمكن أن يتحقق الازدهار الاقتصادي أو التقدم من دون تقديم رعاية صحية وطبية للجميع.
وتواصل دولة الإمارات، بصفتها مركزاً اقتصادياً على المستوى الإقليمي والدولي، تعزيز جهودها الكبيرة لضمان استدامة سلاسل الإمداد للغذاء والدواء من خلال التجارة الخارجية والموانئ والطيران والمرافق اللوجستية المتقدمة.
أثبتت هذه البنية التحتية أهميتها في مواجهة التداعيات العالمية التي أدت إلى تصاعد أزمات الغذاء والوقود، فضلاً عن المعاناة الإنسانية. وبينما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة مقدما نشطًا للمساعدات الإنسانية والغذائية والطبية والمأوى للبلدان المحتاجة، فإننا ندرك أنه يجب على العالم معالجة جذور الصراع من أجل منع اندلاع المزيد من العنف.
خلال العام المقبل، يمكن للعالم أن يختار التعاون لتحسين النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والأمن البشري. ومن خلال وضع الأساس لتعزيز التعاون الدولي من خلال الشراكة مع القطاع الخاص عبر المنتديات متعددة الأطراف، مثل مجموعة العشرين، فإن دولة الإمارات وشركاؤها عازمون على بناء عالم أفضل، عالم يكون فيه الازدهار أمراً شائعاً، والتقدم البشري حقاً غير قابل للتصرف للجميع».