آمنة الكتبي (دبي)

كشف المهندس سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، عن أن فريق مهمة الإمارات لاستكشاف القمر جاهز في موقع الإطلاق والذي سيتم من قاعدة «كيب كانافيرال» في المجمع رقم 40 في ولاية فلوريدا الأميركية، بالإضافة إلى الفريق الثاني في غرفة التحكم في المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في الخوانيج.
وقال لـ«الاتحاد»: «سيستقبل الفريق الثاني الإشارات الأولية، وسيعمل على متابعة عملية الإطلاق، بالإضافة إلى جميع العمليات، وإن الفريق الموجود في قاعدة الإطلاق يتابع العمل في المهمة على قدم وساق بالتعاون مع الشركة اليابانية والشركة الأميركية (آي سبيس) المسؤولة عن عملية الهبوط على سطح القمر للتأكد من جاهزية المهام التقنية في المستكشف راشد».

وأوضح أن «المستكشف راشد»، أول مهمة إماراتية لاستكشاف القمر سينطلق اليوم في الساعة 12:39 مساء بتوقيت الإمارات على متن مركبة الهبوط «هاكتور آر»، حيث تم وضعها على صاروخ الإطلاق «سبيس إكس فالكون 9» من قاعدة «كيب كانافيرال» في المجمع رقم 40 في ولاية فلوريدا الأميركية وستستغرق الرحلة إلى القمر نحو 4 إلى 5 أشهر.
ويشكل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر مشروعاً وطنياً يندرج تحت الاستراتيجية الجديدة 2031 - 2021 التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، ويتضمن المشروع تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي إلى سطح القمر، والذي أُطلق عليه اسم «راشد»، تيمناً بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، باني نهضة دبي الحديثة. 
وتم تصميم وتطوير المستكشف راشد، الذي يُعد أكثر المركبات تطوراً، بسواعد مهندسين ومهندسات إماراتيين من فريق مركز محمد بن راشد للفضاء. وسيقوم المستكشف الإماراتي، خلال مهمته، بإجراء اختبارات علمية عديدة على سطح القمر، مثل الخصائص الحرارية لسطح القمر، وتكوين تربة سطح القمر، والتي ستساهم في تمهيد الطريق نحو تحقيق البشرية لمزيد من التطورات النوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات، كما يشكل مشروع الإمارات لاستكشاف القمر خطوة محورية نحو تحقيق برنامج المريخ 2117، والتي تسعى نحو بناء أول تجمع بشري على سطح المريخ بحلول عام 2117.

وفي حال نجاح المشروع، الذي يُعد أول مهمة إماراتية إلى القمر، ستدخل الإمارات التاريخ مجدداً من جوانب عدة، كأول مهمة عربية تهبط على سطح القمر، وتطوير المشروع على يد خبراء ومهندسين إماراتيين بنسبة 100%، وقيام المستكشف راشد بالتقاط صور عالية الدقة وجمع بيانات ومعلومات من «فوهة أطلس الواقعة في بحر ماري فريغوريس»، والتي يتم استكشافها لأول مرة.
وحدد مركز محمد بن راشد للفضاء مجموعة من الأهداف العلمية للمستكشف راشد، والتي تقود لتحقيق أهداف المهمة والتي تشمل: العلوم الأساسية: الجيولوجيا، وخصائص تربة سطح القمر، وعمليات التحول، ونظام الأرض والقمر، وبيئة البلازما، وتفاعل التربة والغلاف الكهروضوئي والشحنات على السطح، بالإضافة إلى انتقال جزيئات الغبار. 
بالإضافة إلى التركيز على العلوم الهندسية ومواد الأجهزة التكنولوجية والتي تشمل اختبار المواد في الموقع، تحضيراً للمهمات المستقبلية، والتنقل على سطح القمر وعمليات المهمة والتخطيط.

الإطلاق
وفي مرحلة الإطلاق والمدار المنخفض، ستكون المدة الزمنية يوماً أرضياً واحداً، وتُعد هذه المرحلة إحدى أهم مراحل المهمة، والتي سيتولى فيها مهندسو عمليات المركبة الفضائية زمام السيطرة بعد انفصالها عن مركبة الإطلاق إلى أن يتم وضع المركبة بأمان في مدارها القمري الأخير. وفي هذه الأثناء، ستعمل المحطة الأرضية على مدار 24 ساعة لتشغيل مختلف الأنظمة الفرعية للمركبة الفضائية ومراقبتها والتحكم فيها، شاملةً إنزال أي ملاحق «مثل: الهوائيات، والمصفوفة الشمسية، والعاكس، وما إلى ذلك»، والتعامل مع المناورات الدقيقة للتحكم بمدار واتجاه الصاروخ.

الملاحة
وفي مرحلة الملاحة، ستكون المدة الزمنية من 90 إلى 120 يوماً أرضياً، حيث تحتاج مركبة الهبوط «الخاصة بشركة آي سبيس» إلى حوالي 140 يوماً من الملاحة للوصول إلى القمر، وتبدأ المركبة مرحلة الاقتراب من القمر خلال الـ45 يوماً الأخيرة من هذه الفترة، وسيقوم الفريق، أثناء فترة الملاحة، بسلسلة من الاختبارات لفحص الأنظمة الفرعية والأجهزة، كما سيعمل على تنفيذ عددٍ من مناورات تصحيح المسار.
وسيقوم فريق المهمة بتحديد موقع المركبة الفضائية وتتبع المواقع التي ستنتقل إليها، وإطلاق محركات الدفع لتغيير مسارها، بهدف التأكد من وصولها إلى مدار الانتظار حول القمر، ولن تغير هذه المناورات من موعد هبوط المستكشف راشد على القمر.
وتشكل الأيام الأخيرة من مرحلة الملاحة، الدخول بمرحلة الاقتراب للقمر والتي تركز على فاعلية واستعداد المركبة الفضائية للدخول والنزول والهبوط، وسوف يتم فحص الاتصال خلال هذه المرحلة في كل من مركبة الهبوط والمستكشف يومياً.

الوصول
وفي مرحلة وصول المستكشف «الدخول، والإنزال، والهبوط»، حيث تشكل مرحلة خطرة، خاصةً أن مركبة الهبوط «هاكوتو-آر»، التي طورتها شركة «آي سبيس اليابانية»، ستتولى القيام بعملية الهبوط بنفسها على سطح القمر، وتقوم مركبة الهبوط عبر اعتمادها على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، بحساب كيفية إطلاق الصاروخ بطريقة تجعله يحافظ على مساره إلى أن يصل للنقطة المحددة على سطح القمر، دون الانحراف بسبب احتمالية وجود صخور أو فوهات. أما موقع الهبوط، فسيكون في فوهة أطلس، وهي فوهة بركانية بارزة تقع في الجزء الشمالي الشرقي من القمر، إلى الجنوب الشرقي من «ماري فريغوريس»، حيث يتضاعف الجدار الداخلي لفوهة أطلس على شكل طبقات بحافة متدلية، مشكلةً حواف حادة على الفوهة.

الإنزال
أما مرحلة إنزال المستكشف، وتشغيله، والتنقل على سطح القمر، فتبدأ بمجرد هبوط مركبة الهبوط على سطح القمر، خلال مدة قدرها 4 ساعات، والتي يتبعها اكتمال عملية الفحص ما بعد الهبوط وتشغيل المعدات وبدء جمع البيانات الأولية، أثناء عمليات إنزال المستكشف وتشغيله والقيام بعمليات السطح، وستكون مركبة الهبوط على اتصال جيد بما يكفي مع الأرض عبر شبكة تتبع الفضاء الأوروبية (ESTrack). حيث تعتبر عمليات فحص الاتصال جزءاً من تشغيل المعدات. وسيقوم المستكشف راشد بإرسال إشارات تتيح للمهندسين في مركز محمد بن راشد للفضاء القدرة على تحديد ما إذا قام المستكشف بإتمام خطوات الإنزال والهبوط الرئيسية، حيث ستمكنهم الإشارة المرسلة من التأكد من جاهزية المستكشف لبدء عملية تشغيله.

تصميم المستكشف راشد
ويعد المستكشف راشد واحداً من أكثر المركبات تقدماً وتطوراً التي تصل إلى سطح القمر، كونه يعتمد على ألواح الطاقة الشمسية، ويحمل 4 كاميرات، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا مجهرية، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر.
ويعتبر المستكشف راشد، متقدماً في الواقع عن جدول إطلاقه الأصلي بعامين، وسيقوم المستكشف الإماراتي خلال مهمته بإجراء اختبارات علمية عديدة على سطح القمر، تسهم في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات. ولا يقتصر التأثير الإيجابي لهذه التطورات على قطاع استكشاف الفضاء فقط، بل يمتد أثره إلى العديد من القطاعات الأخرى كقطاع الصناعات التكنولوجية وقطاع الاتصالات، وغيرها من القطاعات ذات الصلة.