سامي عبد الرؤوف (دبي)

تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر التوعية بشأن القضايا الصحية المختلفة التي يعاني منها الرجال، حيث يعد شهر نوفمبر من كل عام شهر التوعية بصحة الرجل، بهدف تشجيع الرجال على الحفاظ على صحتهم وإجراء الفحوص اللازمة، بما في ذلك المشاكل المتعلقة بأمراض القلب، وسرطان البروستات، والصحة النفسية.  

وتنظم وزارة الصحة ووقاية المجتمع، سلسلة من الفعاليات والأنشطة والمحاضرات، بهدف رفع مستوى الوعي العام بأهمية العناية بصحة الرجل، وزيادة وعي العاملين الصحيين بقضايا صحة الرجل، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة قدرتهم وفعاليتهم في التعامل مع المرضى بشكل عام والرجال بشكل خاص. فيما بدأت جمعية الإمارات للأورام، سلسلة من المحاضرات التوعوية على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية، وتضمنت العديد من الأمراض الخاصة بالرجل، وأبرزها سرطان البروستات، واستفاد من هذه المحاضرات الأطباء وأفراد المجتمع.  وتشير الإحصائيات إلى أن 1 من كل 10 رجال تقريباً يعاني القلق والاكتئاب بشكل يومي، فيما يعاني تقريباً 1 من كل 5 رجال القلق أثناء حياتهم، وما يقارب 60% من الرجال يعانون الصدمة النفسية أثناء حياتهم.

وأكد الدكتور حسين الرند، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد للصحة العامة، أهمية تحسين جودة الخدمات الصحية للرجال وضمان حصولهم عليها بالشكل الملائم، بما في ذلك توفير المعلومات الكافية عن الرعاية والصحة الأولية. وقال: «إن تعزيز وعي الرجال بصحتهم وخيارات العلاج المتاحة لهم على أول قائمة أولوياتنا، ولهذا السبب نظمت الوزارة مجموعة من المبادرات والفعاليات والأنشطة التوعية التي شملت مختلف الأمراض التي قد تؤثر على صحة الرجل، خاصة سرطان البروستات». 
وأضاف: «كل الفعاليات تركز على وسائل إدخال تحسينات على سلوكيات صحة الرجل، مثل تشجيع الرجال وحثهم على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لهم، وتقليل مخاطر تجاهلهم لأوضاعهم الصحية»

أرقام وإحصائيات 
وأشار إلى أن الفعاليات التي نظمتها أو تنظمها الوزارة تتناول موضوعات السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية عند الرجال وأمراض البروستات الحميدة، والعلاجات الطبية والجراحية، وأعراض المسالك البولية عند الرجال وتقييمها، وسرطان البروستات وسرطان الخصية، وعلم النفس للذكور. 
وعن أكثر الأمراض التي تؤثر على صحة الرجل، أفاد البروفيسور حميد الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، أن السرطان من أكثر أنواع الأمراض التي تضر بصحة الرجال في أي مجتمع حول العالم، وهو ما يستلزم إعطاءها الاهتمام الكافي لتجنبها. 
وأشار إلى أن أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين الرجل في الدولة، هو سرطان القولون بنسبة 13.1% من إجمالي السرطانات بين الرجال، ثم سرطان الجلد بنسبة 9.3%، إلا أن هذا النوع من السرطانات البسيطة يمكن علاجها بفاعلية ونسب الشفاء منها عالية، أما النوع الثالث فهو سرطان البروستات، بمعدل 8.8% من مجموعة السرطانات التي تصيب الرجال بالدولة.

وعن ترتيب سرطانات الرجال مقارنة بمختلف أنواع السرطانات التي تصيب الرجال والنساء والأطفال بالدولة، أجاب: «يعد سرطان القولون في الترتيب الثالث، وسرطان الجلد رابعاً، بينما البروستات يحل في المرتبة السابعة». 
ونبه إلى أن جميع أنواع السرطان في تزايد بشكل عام على مستوى العالم، ومن المتوقع حدوث زيادة في سرطانات الرجل خلال العشرين عاماً المقبلة بنسب متفاوتة، وفق توقعات ودراسات منظمة الصحة العالمية، مؤكداً أن الجهات الصحية تبذل جهوداً كبيرة لخفض معدل الإصابة بالأمراض المتعلقة بصحة الرجل، وعلى رأسها أمراض السرطان، خاصة سرطان البروستات.

الكشف المبكر 
من جهته، تحدث الدكتور عمر هنيدي، استشاري أمراض المسالك البولية في مستشفى برجيل التخصصي بالشارقة، عن سرطان البروستات الذي يعد الاهتمام الأول في مجال التوعية بصحة الرجل عالمياً، نظراً لخطورته.
وأكد أن الكشف المبكر عن أعراض الإصابة بسرطان البروستات والعمل على علاجه في مراحله الأولى من الإصابة يمكن أن يؤدي إلى الشفاء التام من المرض، لافتاً إلى تزايد احتمالية الإصابة بسرطان البروستات لدى الأشخاص الذي يكون لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض.
وشدد على ضرورة إجراء اختبار الكشف عن سرطان البروستات سنوياً للرجال الذين بلغوا 50 عاماً فما فوق، وينصح أن يكون من عمر 45 عاماً فما فوق بالنسبة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان البروستاتا. 
ووفقاً لحركة «نوفمبر» العالمية التي تهتم بصحة الرجل، يعيش الرجال في المتوسط أقل من النساء بست سنوات، وتظهر الإحصائيات أنه من بين الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى ذلك، سرطان البروستات، ومشاكل الصحة النفسية، وارتفاع مستوى الكوليسترول الذي يقود إلى أمراض القلب والشرايين. 

أنواع الفحوص 
من جانبها، قالت الدكتورة ساهرة محمود، استشارية طب الأسرة في المستشفى الأميركي بعيادة جميرا: «يجب علينا أن نبدأ باتخاذ الخطوات الصحيحة وتشجيع الرجال على الاعتناء بصحتهم، وممارسة الأنشطة الرياضية، والتعرف على وسائل اتباع نظام صحي، ونمط حياة صحي يضمن الحفاظ على صحتهم ورفاهيتهم». 
وأشارت إلى ضرورة فحوص الكشف عن أمراض السرطان مثل سرطان البروستات، وسرطان القولون، وسرطان الجلد، كما يجب على الرجال أيضاً إجراء فحوص الكشف عن أمراض القلب، والسكري، والسكتة الدماغية، وأمراض الكلى والصحة النفسية، حيث يزداد خطر الإصابة بهذه الأمراض مع التقدم بالعمر. 
وأكدت أنه مع الاكتشاف المبكر لأية نتائج أو علامات غير طبيعية، يمكن اتخاذ القرار المستنير، والمساعدة على الحد من المخاطر.

الأهداف الصحية 
وحول الأهداف الصحية الرئيسية التي يجدر بالرجال الانتباه إليها، أجابت: «تتمثل في أن محيط الخصر 102 سم، أو أقل من الوركين، وضغط الدم أقل من 120/80، معدل نبضات القلب 60-100 في الدقيقة، والكولسترول الكلُي أقل من 5». 
بينما نبه الدكتور مصطفى البدر، مستشار الرعاية الأولية، إلى أن ارتفاع مستويات الدهون في الدم هو عامل خطر رئيسي لمرض القلب التاجي، ولكنه قابل للسيطرة، ويجب فحص المستويات سنوياً لتجنب هذا المرض الذي يهدد الحياة.. وقال: «مرض القلب التاجي هو نوع من أمراض القلب والأوعية الدموية (CVD)، وهو السبب الرئيسي للوفاة حول العالم، كما أنه مسؤول عن معظم الوفيات بين الرجال، وتعد منطقة الشرق الأوسط من بين أعلى المعدلات في العالم بالنسبة للوفيات المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

الآثار النفسية 
حول تأثير الإصابة بأمراض صحة الرجل على الحالة النفسية للرجال، أكد الدكتور كريم خليل، اختصاصي طب النفس السريري في المستشفى الأميركي بدبي، أن الرجال يعانون مشاكل وأعراضاً مماثلة للنساء فيما يتعلق بالصحة النفسية. 
وقال: «تشير الإحصائيات إلى أن 1 من كل 10 رجال تقريباً يعاني القلق والاكتئاب بشكل يومي، إلا أن أقل من نصف هؤلاء الرجال يسعى للحصول على المساعدة الطبية والعلاج، فيما يعاني تقريباً 1 من كل 5 رجال القلق أثناء حياتهم». 
وأضاف: «ترجع الأسباب الرئيسية للاكتئاب والقلق بالنسبة للرجال لإجهاد العمل، والضغوط المالية والصحية، ويكون الرجال أقل ميلاً لطلب المساعدة الطبية، وقد تظل الاضطرابات النفسية التي يعانونها دون تشخيص». 
وذكر أن ما يقارب 60% من الرجال يعانون الصدمة النفسية أثناء حياتهم، محذراً من رفض الرجال الإبلاغ عن إصابتهم بمثل هذا النوع من الأمراض، حيث يحاول الرجال أن يظهروا دائماً بمظهر الأقوياء، ويتجنبوا الظهور بمظهر الشخص الضعيف «فالضعف ليس للرجال» وهو ما تؤيده العديد من الثقافات حول العالم. 

نصائح نفسية 
حدد الدكتور كريم خليل، 9 نصائح لتعزيز الصحة النفسية للرجال، تتمثل في ضرورة التأكد من أن طلب المساعدة الطبية هو أمر طبيعي للرجل، ويجب رفض المفاهيم التقليدية التي تُجبر الرجال على كتم مشاعرهم، كما يجب التركيز على أن يكون الرجل على طبيعته، وأن يفعل ما يحبه بدلاً من التركيز على ما يعتبره المجتمع «من صفات الرجل».
كما يجب تجنب المشاكل، والبحث عن أي نشاط قد يستمتع به، مثل ممارسة الرياضة أو أي نشاط يحبه أو زيارة أماكن جديدة أو غيرها، وكذلك تجنب استخدام عبارات مع رجال آخرين مثل «تمالك نفسك فأنت رجل». 
وأكد أهمية تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة، فالصحة النفسية تبدأ من صحة الجسد، مشيراً إلى ضرورة أن يحيط الرجل نفسه بالأشياء والأشخاص الإيجابيين الذين يقدمون لك الدعم. 
وأشار إلى أن يكون التحدث إلى أشخاص يثق بهم خلال أوقات الشدة، ومنح نفسه قسطاً من الراحة أثناء أيام العمل المزدحمة، فالرجل ليس فاشلاً إذا أخذ قسطاً من الراحة، ومن الطبيعي أن يرتاح ليستعيد نشاطه إن كان مرهقاً. 
ونصح بالقيام بزيارة اختصاصي نفسي عند الحاجة إلى ذلك، فالرجل يستحق التعبير عن مشاعره، ويستحق أن يشعر بالارتياح.