إبراهيم سليم (أبوظبي)

شارك معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، في أعمال الجلسة الختامية من التحالف العالمي للتسامح والقمة المشتركة للأديان اللتين تنظمهما وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، وذلك ضمن الأنشطة الدولية للمهرجان الوطني للتسامح، كما شارك معاليه القيادات الدينية والفكرية العالمية المشاركة بالتحالف في إطلاق «نداء العمل المشترك للتحالف العالمي للتسامح»، واطلع معاليه على البيان الختامي التي خلصت إليه حوارات التحالف، وقمة الأديان والمائدة المستديرة حول المحاور الأربعة الرئيسية، الإيمان والسلام والكوكب والتنوع.

 

وأوضح معاليه أن القيادة الرشيدة بدولة الإمارات العربية المتحدة تضع دعم وتعزيز القيم الإنسانية، وفي القلب منها التسامح والتعايش والسلام لكافة الأمم والشعوب، على رأس الأولويات، وهو دور نفخر به ونسعى دائماً لكي يصل إلى كافة قارات الأرض. وقال معاليه: «إننا هنا في الإمارات على ثقة كاملة فيما تملكون من رؤى وتأثير على المستوى العالمي لاتخاذ خطوات عملية لتحسين المجتمع وحل مختلف التحديات، متمسكين بالتسامح والتعاطف الإنساني، فنحن موجودون على هذه الأرض لنعمل معاً لخدمة الإنسانية»، موضحاً معاليه أن تنوعنا يجب أن يكون مصدر قوة تربط الجميع لمواجهة كافة أشكال التعصب والتطرف، والعمل لصالح الجميع مهما كان حجم العمل ومهما كانت الخلفية أو الديانة أو الجنسية.

وأكد القادة الدينيون المشاركون في قمة التحالف العالمي للتسامح أن ما قدمته جلسات الدورة الثانية للتحالف، والقمة المشتركة للأديان التي ضمت كافة القادة الدينيين حول العالم، إضافة إلى المؤسسات الدولية والإقليمية، يمثل إضافة حقيقية، وطاقة متجددة لمضاعفة الجهود من أجل عالم يعمه التسامح والسلام، باعتباره أمراً حيوياً للغاية، مؤكدين أهمية الحوار المستمر بين الأشخاص والجماعات من ثقافات متنوعة على أساس من القيم الإنسانية المشتركة، مع الإدراك الكامل بأن هذه الحوارات والمناقشة المشتركة تعمق التواصل والارتباط بين مختلف الأمم والشعوب مهما كانت اختلافاتهم الدينية والثقافية، خاصة أن العوامل المشتركة بين كافة العقائد والديانات كثيرة، ويمكن البناء عليها، مع التأكيد على احترام الحياة الإنسانية والرغبة في السلام والتعايش والأمن، وتقدير بعضنا البعض كأفراد ذوي قيمة، بما يرشد أتباع هذه الديانات لعيش الحياة التي يستحقونها.
جاء ذلك خلال الجلسة الختامية للتحالف العالمي للتسامح والقمة المشتركة للأديان والتي تكاملت فيها الألسن التي تمثل الأديان المختلفة، واجتمعت حول طاولة واحدة في لحظة إنسانية راقية تمثل أرقى مشاهد التعايش والحوار، حيث عبّرت القيادات الدينية المشاركة بالتحالف عن عميق تقديرها لدولة الإمارات العربية وقيادتها الرشيدة لما تبذله من جهود طيبة لتعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام بين مختلف شعوب الأرض، مشيدين بجهود معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ودوره في الكبير في عقد هذا التحالف، ودعمه المستمر له كي يحقق أهدافه النبيلة.

تعزيز القيم الإنسانية
وأشاد فضيلة الدكتور سلامة جمعة، رئيس جامعة الأزهر، بالتزام دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في وزارة التسامح والتعايش بتنظيم واحتضان مثل هذه الأحداث الكبرى ودعوة قادة الأديان والشرائع حول العالم للجلوس معاً للمناقشة والحوار حول التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية من أجل مستقبل أكثر أمناً وسلاماً لنا جميعاً، وهو ما عهدناه في إمارات زايد الخير التي تسعى دائماً لتعزيز القيم الإنسانية في كافة المحافل الدولية، مؤكداً أن الأزهر سيظل حريصاً على المشاركة في كل المحافل الدولية التي تسعى بصدق نحو تعزيز التسامح والتعايش السلمي بين بني البشر مهما اختلفت أديانهم ومشاربهم.
وأضاف: «يا حكماء العالم أطفئوا كل فتنة تشعل نار التعصب والتنازع والحروب وأضيئوا كل شمعة ومصباح يؤلف القلوب.. أحسنوا المعاملة حتى إلى من أساء إليكم.. حتى تلين القلوب وتذوب الاختلافات».

دعم السلام والأمن الدوليين
أما قداسة سوامي براهمافيهارداس الزعيم الديني لمندير بابس الهندوسي -أبوظبي، فأكد أهمية تمكين التواصل العالمي من خلال الحوار والتفاهم بين الأديان، ودوره في تعزيز القيم الإنسانية، ودعم السلام والأمن الدوليين، من خلال البحث عن المشتركات وتغليب التعاون ومواجهة التعصب، مشيداً بالدور الكبير الذي تقوم به الإمارات في هذا الصدد، والذي يثبت قدرة هذه الدولة الرائدة وقيادتها الرشيدة على أن تكون واحة للسلام والتسامح والتعايش الإنساني في أرقى صوره.

الإمارات منارة التسامح
بينما تطرقت كلمة سوريندر سينغ كاندهاري، رئيس مجلس إدارة معبد جورو ناناك دربار للسيخ بدبي، إلى تجربة الإمارات كمنارة للتسامح والتفاهم والحوار بين الأديان، وأهمية أن تكون مثالاً إيجابياً تستفيد منه التجارب العالمية المعاصرة، مشيداً بما يتمتع به المجتمع الإماراتي من حرية في ممارسة الجميع لثقافتهم وطقوسهم الدينية.

رسالة للأجيال القادمة 
من جهة أخرى، أكد القس بيشوي فخري، راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبوظبي، أن هذه القمة للتحالف العالمي للتسامح بمثابة منصة رائعة لإعطاء الصورة الصحيحة للأديان، والتي تدعو دائماً إلى الانفتاح الفكري والوصول إلى تسامح إنساني يسمح للجميع بالتعاون فيما بينهم، مؤكداً أن التحالف العالمي للتسامح يمثل رسالة للأجيال القادمة يمكن البناء عليها باعتبارها مرجعية جيدة تجمع الجميع.

يحيى سيرجو: الإمارات أفادت العالم بمواقفها
أكد الإمام يحيى سيرجو رئيس المؤسسة الإسلامية في إيطاليا، ومستشار منظمة الإيسيسكو، والمستشار في منظمة الأمم المتحدة على هامش القمة أن دولة الإمارات أفادت العالم بمواقفها الداعية إلى السلم والتسامح والتعايش، والتي تعد نموذجاً في التطور والنمو والإنسانية والتسامح، مجتمع خالٍ من الكراهية، وكنت حاضراً توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، والتي أسهمت في الحد بشكل كبير من الاحتقانات أو الخوف من الإسلام، خاصة أن الغرب يواجه مشكلة حقيقية، وهي تخلي عدد كبير من أوروبا عن الأديان بشكل عام، ويفكرون بعقلانية فقط وليس لديهم اعتقاد ديني، وهي مشكلة يواجهها البابا، والوثيقة وفرت الحلول وتنظيم العلاقات بين البشر مع حرية الاعتقاد، والعيش معاً في سلام، والوثيقة أسهمت أيضاً في دعم العديد من المبادئ الإنسانية.

«نداء العمل المشترك للتحالف العالمي للتسامح»
نحتفي نحن المشاركين في التحالف العالمي للتسامح، من منظمات عالمية، وتمثيل حكومي، وأديان، ومنظمات غير حكومية، ومؤسسات تعليمية، وشبكات - بما يتم إنجازه بالفعل في مجال تعزيز قيم التسامح والتفاهم والتعايش السلمي. كما نعلن إمكانية القضاء على التعصب بالتعاون المشترك، والرغبة في تحقيق المنفعة المتبادلة، استناداً إلى ما يربطنا من إخوة إنسانية. فالمنطق السليم يدعونا للتخلي عن مشاعر اللامبالاة، أو التخبط في ترتيب الأولويات أو خطط التنفيذ. ولا يمكننا أن نظل على ما نحن عليه من انقسام بين نحن وهم. بل أنا ونحن – في ظل الشعور بالمسؤولية المتبادلة. نحن كتحالف ملتزمون بتعزيز كرامة وسلامة كل البشر، بغض النظر عن جنسيتهم، عمرهم، جنسهم، دينهم، لغتهم، مستواهم الاقتصادي، أو توجهاتهم في الحياة. والمبادئ التأسيسية للتحالف هي مبادئ التسامح والأخوة الإنسانية، بما في ذلك حرية المعتقد والعمل، والعدالة للجميع، والحوار، والمساواة في الحقوق، والتفاهم والاحترام المتبادلان. والالتزام بهذه المبادئ يخلق مجتمعاً محلياً وإقليمياً وعالمياً أكثر سلاماً وانسجاماً وازدهاراً، لدينا ثمانية مليارات «سبب» لتنفيذ هذا الالتزام بالشكل الصحيح.