نسرين درزي (أبوظبي) 

العلاقة الأخوية العميقة التي تجمع شعبي دولة الإمارات وجمهورية مصر تتخطى الأزمنة والحدود الجغرافية، إذ تتميز منذ عقود طويلة بتبادل ثقافي ومعرفي جعل من الإمارات الوجهة الرحبة لاستقطاب المصريين في مختلف المجالات، والذين لا يخفون انبهارهم بنهضتها الشاملة مع كل زيارة لمعالمها ومنشآتها ومرافقها التي تتصدر المراتب العالمية. ولطالما كانت مصر الملاذ المفعم بالعراقة لمواطني الدولة ممن قصدوها منذ سبعينيات القرن الماضي، حتى توالت الزيارات لتشمل أكثر من مجرد السفر بقصد السياحة، وإنما لمد جسور التواصل باعتبار «أم الدنيا» عنواناً ثابتاً على قائمة الدول المفضلة لدى العائلات الإماراتية خلال الإجازات. ونجول في التقرير الآتي على 10 وجهات مصرية تُعتبر الأكثر جذباً للسياح الإماراتيين، بحيث تجمع بين التاريخ والعراقة وحسن الضيافة والخدمات. 

مدينة الشيخ زايد
بداية الجولة على أبرز المعالم الجاذبة التي يقصدها الإماراتيون مع كل زيارة لمصر، نبدأها في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة الجديدة، والتي أُنشئت عام 1995 بمنحة من حكومة الإمارات. المدينة العصرية التي تحمل اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تقع بالقرب من مدينة 6 أكتوبر، وتبعد عن القاهرة 28 كيلومتراً. وتتميز بالهدوء وانتشار الحدائق وأصالة البناء وحسن التخطيط المعماري على الطراز الأوروبي، ما يجعلها الخيار الأول لكثير من السكان والمستثمرين الأجانب والسياح بسبب ملاءمة نمط الحياة الذي يظهر فيه الاهتمام بالبيئة، والشوارع الواسعة والمساحات الخضراء وممرات المشي والدراجات الهوائية. وهي مدينة متكاملة المرافق والخدمات تنتشر فيها دور العلم والمستشفيات والمراكز التجارية والأسواق الراقية والمتنزهات. 

أهرامات الجيزة
لا يختلف اثنان على أن أهرامات الجيزة، من أهم المواقع السياحية في القاهرة، والتي لا بد من تخصيص ساعات الصباح الباكر لها قبل اشتداد حرارة الشمس، حيث العودة إلى نحو 25 قرناً قبل الميلاد، الزمن الذي بُنيت فيه الأهرامات الـ 3، (خوفو وخفرع ومنقرع)، وهي المقابر التي تحمل كل منها اسم الملك الذي بناها ودُفن فيها، وتُعتبر من أهم عجائب الدنيا الـ 7 وتمثل أحد أعظم ألغاز التاريخ القديم. ومع التقاط الصور التذكارية على أرضٍ خطاها المصريون القدماء، لا تكتمل الجولة إلا برحلة على ظهر الجمل، وزيارة «سفينة خوفو» المعروفة بمركبة الشمس، والاطلاع كذلك على تمثال أبو الهول الذي يشكل بهندسته تحفة تاريخية لم يضاهها إبداع فني على مر العصور.

قلعة صلاح الدين الأيوبي 
يوم سياحي آخر لا بد من تخصيصه للتوجه إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي، الشامخة على واحدة من أروع تلال القاهرة، والمصنَّفة من أشهر نقاط الجذب وأجمل النماذج المعمارية، بما تمثله من قيمة تاريخية تشهد على كونها حصناً منيعاً. والقلعة التي افتُتحت عام 1176، تتميز بأسوارها العالية وفنائها الفسيح، والتحف الساكنة بين أرجائها، والتي تكشف عن الكثير من الملاحم والأحداث. إذ إنها شيِّدت على يد صلاح الدين الأيوبي في العصور الوسطى لتكون مركزاً للدفاع عن المدينة. وإلى كونها من أعظم التحف الأثرية، فهي تستعرض فنون العمارة الأصيلة، حيث تتزين حجارتها بنقوش وزخارف تعود لفترة بنائها، فيما يضم متحفها مشغولات خزفية وقطعاً نقدية قديمة وأواني فخارية وقطعاً أثرية بحرية. وتُعتبر القلعة بمثابة مخزن للأسلحة والبنادق والمدافع والسيوف والخناجر والدروع والرماح. وقبل مغادرتها، يجدر الاطلاع على العربة الكبرى التي أهداها الإمبراطور نابليون الثالث إلى الخديوي إسماعيل.

المتحف المصري
ليست المنحوتات الصخرية الضخمة وحدها التي تستقبلك عند بوابة المتحف المصري في قلب العاصمة القاهرة شمالي ميدان التحرير، وإنما أيضاً نباتات البردي وزهور اللوتس التي تزين المتحف المشيَّد على الطراز المعماري الروماني. وهنا تعيدك تصاميم الأعمدة لتروي حضارة امتدت لأكثر من 7 آلاف سنة، وتبوح بأسرار فراعنة أبهروا العالم، وبكنوز لا تقدَّر بثمن، ما يجعل هذا الصرح التاريخي أكثر من مجرد متحف، وإنما رمز لحضارة الإنسان على اختلاف الأزمنة والأماكن. وتعود فكرة إنشاء المتحف لعام 1835، حيث أصدر محمد علي باشا مرسوماً يقضي بإنشاء مصلحة للآثار، ومع توالي أعمال التخريب والسلب فيه، وتعرضه للغرق بسبب الفيضان، أعلن الخديوي توفيق عام 1890 مسابقة دولية لتقديم أفضل تصميم لبناء متحف جديد بالقاهرة، وفاز بالجائزة المعماري الفرنسي مارسيل دورنون، فيما فاز الإيطاليون ببنائه، وبدأ العمل في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1897 وانتهى عام 1901 وتم الافتتاح في 15 نوفمبر عام 1902.

خان الخليلي
عند التفكير بالتجوّل بين أسواق القاهرة ذائعة الصيت، يطل بين مقدمة الخيارات سوق خان الخليلي التاريخي، الذي يضمن تجربة متنوعة فيها الكثير من الاستكشاف والترفيه وسط خيارات تبضع المنتجات التقليدية، من أثاث وسجاد ونحاسيات وفخاريات ومشغولات يدوية ومجوهرات برع الحرفيون بصياغتها. وأشهر مرافق السوق وأكثرها استقطاباً، جلسات المقاهي المفتوحة على مشهديات المارة ونبض الباعة وأحاديث الشارع، بينها «قهوة الفيشاوي» الشعبية التي تستقبلك بمذاقات الشاي وبعزف على آلة العود لباقة من أغاني الزمن الجميل يؤديها فنانون يطربونك بإبداعات عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم، و«مطعم نجيب محفوظ» الذي يقدم خدمات ضيافة 5 نجوم، ويتطلب الدخول إليه حجز مواعيد مسبقة أو الانتظار لساعات عند بوابته التي يحرسها اثنان من رجال التشريفات. 

مراكب النيل
السياحة في القاهرة تعني للكثيرين جولة على ضفاف نهر النيل في إحدى المراكب أو البواخر التي تتحول إلى مطاعم عائمة، وتوفر رحلات غذاء أو عشاء تكشف أجمل الإطلالات على المدينة الصاخبة نهاراً والمتلألئة بأضوائها التي لا تنام ليلاً. وتحلو الرحلات التي تمتد لـ 3 ساعات أو أكثر، مع تنظيم برامج ترفيهية على وقع الموسيقى الحية التي تعزفها فرق شرقية وغربية تضفي أجواءً احتفالية للسياح على مدار الأسبوع. والرحلات النيلية ليست متعة للركاب وحسب، وإنما للسياح المارة والمتجولين بالسيارات، لما تمثله من مشهديات جاذبة مفعمة بالحياة، تروي قصصاً عن جماليات نهر النيل، كما طُبعت في الأذهان منذ بدايات السينما المصرية بالأسود والأبيض.

قصر الجزيرة
تضم القاهرة الكثير من المنشآت الفندقية العريقة التي يلمس فيها السائح ملامح من التاريخ، ويتصدر القائمة فندق ماريوت - «عمر الخيام» في الزمالك، والذي كان يُعرف بـ «قصر الجزيرة»، وبناه الخديوي إسماعيل عام 1869 ليكون مقر استقبال ضيوف احتفالات افتتاح قناة السويس، ولاسيما ضيفة الشرف الإمبراطورة أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث. والقصر الأسطوري الذي شهد أحداثاً كثيرة، صممه المهندس الألماني جوليوس فرانز، فيما تولى أعمال الديكور المهندس كارل فون ديتش الذي جلب أفخم الأكسسوارات من باريس وبرلين. وفي عام 1879 بيع القصر لسداد جزء من ديون الخديوي إسماعيل وتم تحويله إلى فندق قصر الجزيرة، ليباع مجدداً أثناء الحرب العالمية الأولى عام 1919 إلى الأمير اللبناني حبيب لطف الله الذي حوّله إلى سكن خاص. وفي عام 1962 تم تأميمه وتحويله مرة أخرى إلى فندق «عمر الخيام»، لتتولى «ماريوت» إدارته منذ بداية السبعينيات، مع الحفاظ على معالمه العمرانية وحدائقه الممتدة على مساحة 6 أفدنة.

مكتبة الإسكندرية
السائح النهم للمعرفة، يحرص على التوجه إلى مكتبة الإسكندرية التي تمثل بمقتنياتها إرثاً ثقافياً يحمل حضارة الماضي وعبقه. وهي إعادة وبعث لمكتبة الإسكندرية القديمة التي صنِّفت من بين الأهم في زمانها، وأكبر مكتبة في عصرها، وقد افتُتحت في 16 أكتوبر عام 2002 بمشاركة عالمية. وتضم ملايين الكتب بلغات مختلفة وأرشيف الإنترنت الذي يمد القراء في شتى المعمورة بما يطلبونه من كتب. ولا يتوقف نشاطها على ما جمعته من كتب ومجلات، بل تعمل على نشر كتب فريدة في أبوابها، كما تدعو المفكرين إلى مؤتمرات وندوات ثقافية حضوراً و«عن بُعد»، ما يُعتبر تحريكاً لبحر الثقافة العربية، وتقديمها للعالم عبر التقنيات الحديثة.

قلعة قايتباي
شواطئ الإسكندرية ومياهها الجاذبة للاستجمام والترفيه، تدفع السياح من عشاق البحر لمزيد من محطات الاستكشاف. ويجدونها داخل قلعة قايتباي، وتحديداً لدى زيارة متحف قايتباي الذي يفخر بمجموعة منتقاة من أعمال فنية متفردة تعود إلى الحروب التي شهدتها القلعة، بما فيها المعارك البحرية الرومانية، وحروب نابليون التي ضُربت خلالها «قايتباي» بالقنابل، والحروب البريطانية التي تم فيها الاستيلاء على القلعة. وبالقرب منه، يقع المتحف البحري للأحياء المائية، والذي أُنشئ عام 1930 ويضم عدة أنواع من الأسماك والحيوانات البحرية، من البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأنواعاً تعيش في المياه العذبة بنهرَي النيل والأمازون.

الساحل الشمالي
عدا عن الأنشطة الشاطئية التي تجذب السياح لقضاء الإجازة في الساحل الشمالي بمصر، فإن المنطقة المصنفة موقعاً سياحياً ترفيهياً، تتوافر كذلك على الكثير من المرافق التي تجعل منها واحدة من أكثر الوجهات استقطاباً في مصر. وأبرزها مدن الألعاب المائية التي تتيح ركوب «الجيت سكي» وزوارق «البنانا بوت» و«الفلاي بورد»، وأفضل تجاربها في «بورتو مارينا»، و«مرسيليا أكوا بارك». ويشهد الساحل الشمالي على مدار العام أجندة برامج فنية يحييها نجوم الغناء العربي والعالمي، في قرى مثل «مراسي» و«هاسيندا باي» و«أمواج». وعند زيارة المنطقة، لا بد من خوض تجربة صيد الأسماك، ولاسيما الكالاماري، وطهيها في المنتجعات التي توفر مرافق للشواء.