أحمد شعبان (القاهرة) 

أكد خبراء ومتخصصون أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء مُقدرة من العالم أجمع، وأن الدولة ترتقي ببرامجها من خلال المؤسسات البحثية، ونجحت في إطلاق «مسبار الأمل» لاكتشاف المريخ وأصبحت من الدول السباقة في القطاع.
وبمناسبة احتفال الأمم المتحدة بالأسبوع العالمي للفضاء في أكتوبر من كل عام، قال الخبراء لـ «الاتحاد» إن جهود الإمارات تصب في صالح الإنسانية عبر اكتشاف الفضاء والاستثمار فيه، وإتاحة البيانات والمعلومات لكل المهتمين ببرامج الفضاء، لتصبح الإمارات واحدة من أهم مطوري تكنولوجيا الفضاء على مستوى العالم. 

توطين التكنولوجيا 
أكد الدكتور أسامة شلبية، مدير مركز دراسات واستشارات علوم الفضاء بجامعة القاهرة، عميد كلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء بجامعة بني سويف، إن دولة الإمارات تعي أهمية امتلاك علوم وتكنولوجيا الفضاء والاستثمار فيها، والتي وصلت قيمتها لمليارات الدولارات على مستوى العالم، ومنها صناعة الصواريخ التي تنقل المهام الفضائية إلى مدارها.
وأضاف شلبية إن الإمارات في الطليعة والمقدمة في هذا المجال، وتعمل بجد على توطين تكنولوجيا الفضاء وتقوم بمهام تكتسب من خلالها الخبرة، وتعد الكوادر البشرية المؤهلة والجاهزة لكل تطبيقات علوم الفضاء. 

خليفة سات
وتوجه شلبية بالتحية والتقدير لدولة الإمارات، قيادةً وحكومةً وشعباً، وإلى علمائها الذين يقوم على أكتافهم برنامج الفضاء الخاص بالدولة، ومن أجل جعلها في مكانة مرموقة في الفضاء، مشيراً إلي أنه في إطار خطة طموحة لغزو الفضاء، أطلقت الإمارات في العام 2018 القمر الاصطناعي «خليفة سات» أول قمر اصطناعي عربي يتم تصنيعه بأيدٍ إماراتية 100%، على متن صاروخ H-IIA، من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان، وبمجرد دخول القمر إلى مداره بدأ التقاط صور فائقة الجودة، وإرسالها إلى المحطة الأرضية لاستخدامها في مراقبة التغيرات والحفاظ على البيئة، وجهود الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية، والتخطيط العمراني.  كما أشاد الخبير المصري بنجاح مسبار الأمل ووصوله إلى المريخ ونشر صور جديدة عالية الدقة للكوكب الأحمر، ووصفها بأنها خطوة مهمة فضائية كبيرة للإمارات، ومنحت علماء الفضاء الأمل في مستقبل واعد لعلوم وتكنولوجيا الفضاء في الإمارات والعالم العربي. وأضاف: «في فبراير 2021 كتبت الإمارات اسمها بحروف من نور في التاريخ كخامس دولة تصل إلى المريخ من خلال (مسبار الأمل) الذي بدأ مهمته العلمية لتوفير ثروة من البيانات للمجتمع العالمي، وكشفت الصور ظاهرة الشفق المنفصل في الغلاف الجوي للكوكب أثناء الليل باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، وساهمت الصور في إثراء معارف العلماء عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي». وأكد أن من يمتلك العلم والتكنولوجيا ستكون له اليد العليا لامتلاك كل التطبيقات، ويميز مكانة الدولة في التقدم العلمي إن الحضارة القادمة في المستقبل هي حضارة الفضاء، مثمناً إرسال الإمارات نورا المطروشي، أول رائدة فضاء عربية لمهمة طويلة في محطة الفضاء، وأوضح أنها خطوة غير مسبوقة تضع الدولة في مصاف العالم المتقدم. البيانات والمعلومات لكل العرب
وأشار الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بالقاهرة، إلى أن الإمارات ترتقي ببرامج الفضاء التي تشهد سباقاً كبيراً من خلال المؤسسات البحثية وعلى رأسها اكتشاف المريخ، وهذا ما سعت إليه بإطلاق مسبار الأمل وأصبحت من الدول السباقة في ذلك.
وأضاف القاضي لـ«الاتحاد» أن الإمارات عندما بدأت مبادراتها في مجال الفضاء، سواء في تصنيع الأقمار الاصطناعية أو إطلاق «مسبار الأمل» كان الهدف رفعة المنطقة العربية، وإتاحة البيانات والمعلومات لكل العرب، خاصة المعنيين ببرامج الفضاء، وهذه الجهود الكبيرة والإمكانيات من ميزانيات ضخمة وكوادر بشرية مؤهلة علمياً، تعود بالنفع العلمي على المجتمع العربي. وأشار إلى أن الدفع برائدة فضاء إماراتية عربية في مهمة علمية في المحطة الفضائية الدولية، مبادرة مهمة جداً، ومن شأنها تعزيز صورة المجتمع العربي لدى المؤسسات الدولية. ولفت إلى أن التعاون بين الدول العربية في هذا المجال سوف يدفع بعلوم وتكنولوجيا الفضاء إلى إحداث طفرة علمية كبيرة، ومن شأنه تعزيز وتقدم المجتمع العلمي العربي في برامج الفضاء.

اقتصاد الفضاء
أعلنت الإمارات إطلاق المسح الاقتصادي للفضاء العام الحالي، في مبادرة وطنية تعتمد المعرفة وتوظيف البيانات كأداة لتطوير اقتصاد وصناعة الفضاء وقياس أداء القطاع الفضائي في الدولة، وتقييم الوضع الحالي، وتعزيز صنع القرار ورسم السياسات التي تساهم في تطوير واستدامة اقتصاد الفضاء، وتنمية دور الصناعة وتحفيز الاستثمار فيها.
وبلغ حجم الإنفاق التجاري على قطاع اقتصاد الفضاء في الدولة خلال الفترة من 2015 إلى 2020 حوالي 10.9 مليار درهم، كما زادت الاتفاقيات التعاقدية للخدمات والتطبيقات الفضائية بنسبة 40% خلال العام 2020.

تكنولوجيا 
أوضح الدكتور أشرف لطيف، رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث، أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير وتدعيم تكنولوجيا علوم الفضاء كبيرة، وقد اتجهت لتكنولوجيا الفضاء لأنها مستقبل المرحلة المقبلة وأساس التكنولوجيات القائمة على الأقمار الاصطناعية. 
وأشار رئيس قسم الفلك خلال حديثه لـ«الاتحاد» إلى أن إطلاق دولة الإمارات مسبار الأمل لاستكشاف كوكب المريخ، جعلها من الدول الرائدة في عالم الفضاء، وضعها ضمن قائمة الدول العالمية المهتمة في هذا المجال، وجعلها من مصاف الدول الكبرى، معرباً عن تمنياته بأن تحذو بقية الدول العربية حذو الإمارات.
وثمّن لطيف اتجاه الإمارات للاستثمار في الفضاء والاتجاه إلى الاقتصاد الفضائي، وتصنيع الأقمار الاصطناعية مثل «خليفة سات» الذي يعد أول قمر اصطناعي إماراتي 100% من تصميم وتصنيع «مركز محمد بن راشد للفضاء».

كوكب الزهرة
وفي أكتوبر 2021، أعلنت دولة الإمارات عن مهمة جديدة في مجال الفضاء تتضمن بناء مركبة فضائية إماراتية تقطع رحلة مقدارها 3.6 مليار كيلومتر تصل خلالها كوكب الزهرة وسبع كويكبات ضمن المجموعة الشمسية، وتنفذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر خمس سنوات.
ويهدف هذا المشروع الفضائي غير المسبوق لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات، وتحقيق أول هبوط عربي على كويكب يبعد عن الأرض 560 مليون كيلومتر، لتكون الإمارات أول دولة عربية ورابع دولة عالمياً ترسل مهمة فضائية إلى الزهرة وحزام الكويكبات، وتستكشف أسرار تشكّل المجموعة الشمسية.