سعيد أحمد (الشارقة)

اختتم المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة فعالياته أمس في دورته الحادية عشرة التي أقيمت برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، واستمر يومين في مركز إكسبو الشارقة. واستضافت الدورة الحالية 160 مشاركاً، تحدثوا عن استشراف الحلول لتحديات المستقبل، واستعرضوا تجاربهم وخبراتهم في أكثر من 82 جلسة وخطاباً وورشة عمل، وخرجوا بتوصيات وحلول مبتكرة للتحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها المجتمعات، بما ينسجم مع شعار المنتدى «تحديات وحلول». ويعتبر المنتدى الحدث الاستثنائي والأبرز الذي يجمع كبار الشخصيات العالمية من قادة الفكر وأصحاب الاختصاص، والمسؤولين، والإعلاميين العرب والأجانب، لمناقشة أبرز القضايا وتبادل الخبرات ووضع المقترحات التطويرية، بما يدعم الجهود التنموية الشاملة. وشهد المنتدى تنظيم 7 جلسات رئيسية و10 خطابات ملهمة و6 فعاليات استباقية و6 ورش عمل و13 منصة تفاعلية و40 فعالية متنوعة، تمثلت حول أهمية الاتصال الحكومي الفاعل في مواجهة المتغيرات المحلية والعالمية، والأزمات الاقتصادية، والفرص الكامنة وراءها، لاسيما في ظل تطور أدوات الاتصال، وانعكاسها على العلاقات الاجتماعية.
أكد اثنان من قادة التغيير والشخصيات الملهمة في العالم أن تنمية القدرة على التحكم في العادات اليومية والتمكن من السيطرة على الرغبات والإيمان بطاقة الإنسان الداخلية على تغيير الواقع الذي يحيط بحياته، تمثل جوهر العوامل التي تمكن الأفراد والجماعات والشعوب من اكتشاف أحلامها والسعي إلى تحقيقها. 
جاء ذلك في خطابين ملهمين ألقاهما الكاتب والصحفي الأميركي تشارلز دوهيج، مؤلف كتاب «قوة العادات وأسرار الإنتاجية»، والرياضي الأميركي تشارلي روكيت، صاحب مؤسسة «آلة الأحلام»، خلال مشاركتهما في فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة.
وتحدث الكاتب تشارلز دوهيج في خطابه حول أهمية تشجيع الأفراد على التغيير نحو الأفضل، وضرورة دراسة العادات وأثرها في الدفع نحو تحقيق نقلات جديدة في الحياة على الصعيد الفردي والجماعي، واستعرض نماذج من الدراسات السلوكية التي ركزت على تتبع أنشطة الدماغ البشري، ومدى تأثير العادات اليومية على أسلوب إنجاز المهام، حيث ثبت أن كل عادة تصبح سلوكاً يدعم استمراريته الروتين، وتوقع المكافأة التي يحصل عليها الشخص. 
وأشار إلى أن الإنسان يتخذ في اليوم من 40 إلى 45 قراراً، معظمها نتاج عادات تحض كل شخص على تكرار اتخاذ تلك القرارات بشكل تلقائي تبعاً لعاداته، إلا أن أهمها العادات الذهنية والتي يمكن استثمارها في تعزيز روح الابتكار.  وأوضح أن الابتكار لا يرتبط فقط بالمبدعين والفنانين الموهوبين، بل إن كل شخص يمكنه أن يجعل عاداته تنمي تفكيره وتقوده إلى النجاح، وأن يتعلم كيفية السيطرة على حياته، لافتاً إلى أن فهم عاداتنا يجعلنا قادرين على السيطرة على سلوكياتنا، وأن نلهم أنفسنا وغيرنا لنجعل العالم أفضل. 

تجربة شخصية
بدوره، تحدث الرياضي تشارلي روكيت، صاحب مؤسسة «آلة الأحلام» حول تجربته الشخصية، وكيف استطاع إنقاص وزنه 350 رطلاً خلال عام واحد، إلى أن أصبح شخصاً رياضياً وملهماً، وجعل واحدة من كبرى الشركات المتخصصة بإنتاج الملابس والمعدات والأحذية الرياضية تتعاقد معه للظهور في إعلاناتها.
وعرض روكيت خلال خطابه فيلماً عن مسيرة كفاحه لتحقيق حلمه في التحول إلى شخص رياضي، وفي التعافي من ورم في الدماغ، كاد أن يواجه الموت بسببه وهو في الـ 27 من عمره، وكيف ترك قطاع الأعمال في مجال إنتاج الموسيقى ومرافقة الفرق الموسيقية، وترك معها رصيداً من النجاح والثروة التي جمعها من هذا العمل ليتمسك بحلم وقرار اتخذه وعمل من أجل تحقيقه ونجح في ذلك. 
وتحدث إلى الجمهور حول تجربته في ممارسة الرياضة، وكيف فاجأ نفسه وعائلته والمحيطين به عندما تمكن خلال عامين من إيمانه بحلمه من المشاركة في 4 سباقات ماراثون، وطاف أميركا على دراجته وخسر الوزن الزائد وتعافى من الورم الذي كان يهدد حياته. 
وختم حديثه من وحي تجربته، مؤكداً أهمية استفادة كل شخص من الفرصة التي تتاح له كل يوم ليحلم ويعمل من أجل تحقيق حلمه، مشيراً إلى أن كل يوم نسمع أخباراً سيئة وأخرى عظيمة، ونحن نجد دائماً ما نبحث عنه، وعلى كل واحد منا أن يثمن كل فرصة أتيحت له، لتغيير الإنسانية وتحقيق الأحلام مهما بدت مستحيلة.

الدرمكي: البشر يصابون بالصدمة والغضب من التغيير
أكد الشاعر والمحاضر والكاتب الإماراتي عوض بن حاسوم الدرمكي، أنه توجد 5 مراحل للتغيير يمر بها البشر وهي الصدمة، والغضب، والمقاومة، والقبول، وأخيراً التعافي، مشيراً إلى أن كلاً منها لها وقتها وآليات للتعامل معها. وقال الدرمكي خلال خطاب بعنوان «الشراكات الخلاقة وحراس البوابة.. الجدد»، أن التغيير ضروري لدى البشر، ولكن الأهم هو استخدام وسيلة الاتصال الصحية لتقديم رسالة التغيير بالشكل المناسب، لافتاً إلى أن التغيير مخيف لكنه الثابت الوحيد في هذه الدنيا، وفي رأيي أن التغيير بالنسبة للمؤسسات هو تعزيز التنافسية أو تقليل هدر طاقات المرافق.

وأضاف أن عدداً كبيراً من المديرين يطبقون مصيدة «القارب الغارق»، عبر فرض خياراتهم على موظفيهم، وبعد أن يكتشفوا خطأ ما يقولون، يعودون لتطبيق سلسلة من القرارات السلبية لمحاولة إصلاح الخطأ الذي تم ارتكابه من البداية. 
وأكد الدرمكي أن التغيير لن يشهد نفعاً إذا كان متأخراً، أو إذا لم يكن للأمام، تماماً مثل كل وسيلة اتصال أو إعلام لن يكون وراءها فائدة إذا لم تنقل المعلومة النافعة، لافتاً إلى أنه إذ امتلك هذه المقومات ومر بتلك المراحل، فإنه سيصل حتماً إلى المرحلة الأخيرة وهي «التعافي».

الإعلام الجديد لا يخلق مثقفاً
أكد مسؤولون ومستشارون إعلاميون، أن التكامل بين الإعلام الجديد والتقليدي يمثل عنصراً داعماً لأداء الرسالة الإعلامية، مشيرين إلى أن الإعلام المعاصر وإن استطاع أن يحجز لنفسه شعبية بين فئات المجتمع العريضة، إلا أنه لا يخلق مثقفاً، ويبقى الإعلام التقليدي منافساً قوياً ويستحوذ على حصة عظيمة في الحضور، ويحظى بالثقة، لما يمتلكه من عناصر قوة تميزه.
جاء ذلك في جلسة «إعلام مستدام... التفاضل والتكامل بين الإعلام الجديد والتقليدي» التي نظمتها هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ضمن فعاليات الدورة الـ 11 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي انطلق تحت شعار «تحديات وحلول»، وتحدث خلالها كل من المستشار الإعلامي عبدالله الشحي، رئيس رابطة رواد التواصل الاجتماعي، والدكتور عبد السلام الحمادي، المذيع في هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وعائشة الحمودي، معدة ومقدمة برامج في إذاعة الشارقة، وأدراها الإعلامي أحمد بوكلاه لوتاه. 
وقال عبد الله الشحي: إن المحتوى المقياس الذي ينبغي استخدامه في تفضيل أحد النوعين عن الآخر من الإعلام، وحتى عندما يحظى المحتوى غير القوي بقاعدة شعبية عريضة، فإنه لا يكون له على المدى البعيد تأثير المحتوى المدروس والنافع.

وأشار الشحي إلى أن الإعلام التقليدي فارض نفسه، والدليل على ذلك أن رواد ومشاهير التواصل الاجتماعي عندما يتطور أحدهم يظهر على وسائل الإعلام التقليدية، وهذا يجعل من الإعلام التقليدي هو الأصل الذي لا حياد عنه. 
بدورها، قالت عائشة الحمودي: الإعلام الجديد يخدم التقليدي، وما يشاع من أن الإعلام التقليدي يواجه أزمات كلام قديم، وهو بعيد عن الواقع، ومع التسارع الكبير في توالد مواقع وحسابات التواصل الاجتماعي، لم تزل الشاشات والإذاعات لها حضورها البارز.
من جانبه، لفت عبد السلام الحمادي إلى أن فكرة الإعلام التقليدي أصبحت حديث الجلسات والمؤتمرات، وهي تشبه إلى حد ما طرح مسألة الكتاب الورقي والإلكتروني وسيطرة أحدهما على حساب الآخر، وهنا لا بد من التأكيد أن العلاقة بين كل منهما هي تكاملية. 
وأشار الحمادي إلى أن الإعلام التقليدي ليس مقتصراً على نشرة أخبار، فالمؤتمرات والمناسبات، والجلسات النقاشية التي تشهدها هي إعلام تقليدي، لكن المتميز في الإعلام الحديث أنه يفتح المجال أمام المتابعين لإبداء آرائهم والتفاعل، حيث يصبحون جزءاً من كينونته ونجاحه. 
وقال الحمادي إن الإعلام الجديد لا يخلق مثقفاً، في السابق كان المتابعون للصحف والمجلات والكتب والمسرح والتلفزيون يصبحون مثقفين وكتاباً، ويسهمون في الحراك الثقافي والمعرفي، أما متابعو وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم يستمعون للمعلومات مجردة عن الشغف، وهذا ما يجعل منه وسيلة ترفيه أكثر من كونه وسيلة للتثقيف والإثراء الفكري.

«شبكات التواصل» أداة لفرض الهيمنة
أكدت معالي الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة في جمهورية مصر العربية، أن اقتصاد المعرفة يمثل فرصة للعرب للمساهمة في عجلة الابتكار العالمية، والاستفادة من الفرص الاقتصادية الهائلة التي يتيحها، مشيرة إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي حملت المعرفة الإنسانية إلى المجتمعات في بلدانها بسهولة، إلا أنها أحدثت ضرراً بالغاً وتحولت إلى أداة لفرض الهيمنة الثقافية، وإعادة تشكيل هويات الشعوب بطرق ناعمة.

وتطرقت الوزيرة في كلمتها بعنوان «مستقبل الاقتصاد الإبداعي.. هل نحن مستعدون؟» إلى الآثار الكبيرة الناجمة عن العولمة والانفتاح الثقافي، بشقيها السلبي والإيجابي، وكيفية استثمار الفرص المتاحة التي يوفرها اقتصاد المعرفة. 
وقالت إن العالم شهد في العقود الأخيرة تطورات بالغة التعقيد، وحدثت طفرات غيّرت مسيرة الحضارة الإنسانية، وأسهمت في بناء عالم تنصهر فيه الثقافة الإنسانية، لتظهر العولمة (في ظاهرها) كمرحلة انفتاح أتاحت للثقافات الإنسانية حرية التواصل، لكنها خلقت معها جوانب سلبية نحاول حتى الآن معالجة آثارها، خصوصاً في وطننا العربي. 
بدورها، قالت علياء السويدي، مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، في كلمة ألقتها، أن التحديات التي تواجه العالم تكاد تكون ثابتة ويمكن تلخيصها بالتحديات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، في المقابل تظهر الحلول دائماً بصور متغيرة ومتجددة ومبتكرة، مشيرة إلى أن الحلول على اختلافها دائماً تكون حاسمة في تحديد مصير العالم. 

نصف مليار تغريدة على «تويتر» كل دقيقة
قالت جواهر عبدالحميد، رئيسة السياسات العامة والعلاقات الحكومية والعمل الخيري في شركة «تويتر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إن نصف مليار تغريدة على «تويتر» تبث كل دقيقة، وإن صوت المرأة على وسائل التواصل الاجتماعي بات مسموعاً وحاضراً بقوة في مختلف المحادثات التي تناقش قضايا الفن والرياضة والقانون والمسائل الاجتماعية.

وقالت جواهر إن الفيديو الخاص الذي دشنت من خلاله منصة «تويتر» مبادرتها «أتحدث بالمؤنث» حصل على 18 مليون مشاهدة، في تأكيد على قوة الرسالة التي تضمنها وإسهامه في تشجيع رواد المنصة على مراعاة استخدام المفردات المناسبة عند الحديث عن المرأة. 
جاء ذلك خلال مشاركتها في جلسة «كسر الصورة النمطية في الإعلام» التي أقيمت في منصة «حواء الملهمة»، ضمن فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي ينظمه المركز الدولي للاتصال الحكومي، التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة. وأكدت أن الصورة النمطية للمرأة في الإعلام تتغير نحو الأفضل، بفعل تزايد الوعي العام في المجتمعات، ونجاح العديد من المبادرات التي تحث على تبني خطاب إعلامي يقلص التمييز على أساس النوع. 
وتحدثت جواهر عبدالحميد، رئيسة السياسات العامة والعلاقات الحكومية والعمل الخيري في شركة «تويتر» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حول دور منصة «تويتر» في تمكين المرأة من خلال مبادرة بعنوان «أتحدث بالمؤنث» كجزء من حملة أطلقتها المنصة للحد من مخاطبة النساء بصيغة المذكر.