أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، اليوم الخميس، بدء تشغيل المحطة الثالثة من محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، من قبل شركة «نواة» للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة، الأمر الذي يعد بداية الرفع التدريجي لطاقة مفاعل المحطة وصولاً إلى التشغيل التجاري بعد عدة أشهر. يبرز هذا الإنجاز الجديد التقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال مسيرة تطوير محطات براكة الأربع، والتي تعد أول مشروع للطاقة النووية السلمية متعدد المحطات في مرحلة التشغيل في العالم العربي، ويقوم بدور محوري في عملية تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في دولة الإمارات من أجل الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. تحقق هذا الإنجاز، المتمثل في بداية تشغيل المحطة الثالثة في براكة، بعد عام واحد من بداية تشغيل المحطة الثانية، بينما تتمثل الخطوة التالية في ربط المحطة الثالثة بشبكة الكهرباء الرئيسية في الدولة خلال الأسابيع المقبلة. يأتي هذه الإنجاز في وقت تسعى العديد من الدول للتخفيف من آثار نقص الطاقة جراء أزمة الطاقة الحالية التي يشهدها العالم، وهو ما يؤكد على النتائج الإيجابية للرؤية المستقبلية المدروسة لدولة الإمارات حين اتخذت في العام 2008 قرار إضافة الطاقة النووية لمحفظة مصادر الطاقة المتنوعة لديها، الأمر الذي نتج عنه توفير مصدر موثوق لكهرباء الحمل الأساسي الصديقة للبيئة للدولة. فور تشغيلها تجارياً، ستضيف المحطة الثالثة ما يصل إلى 1400 ميغاواط أخرى من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لشبكة كهرباء دولة الإمارات، الأمر الذي يعد ضمانة رئيسية لأمن الطاقة في الدولة وخطوة كبيرة إلى الأمام نحو مواجهة التغير المناخي، حيث توفر محطات براكة الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة للمنازل والأعمال والصناعات التقنية المتقدمة في جميع أنحاء الدولة، بينما تبرز الإنجازات المتتالية في براكة القدرات الكبيرة لدولة الإمارات في تطوير وإدارة المشاريع العملاقة. بهذه المناسبة، قال سعادة محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية: «إنجاز مهم وجديد تحقق اليوم خلال مسيرة تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي، حيث نمضي قدمًا في توفير الطاقة الصديقة للبيئة ذات الأهمية الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تقوم محطات براكة بدور ريادي في عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في الدولة إلى جانب إنتاج كميات وفيرة من الكهرباء على نحو مستدام من أجل تلبية النمو والطلب المتزايد على الطاقة». وأضاف الحمادي: «لقد طورت دولة الإمارات برنامجًا نوويًا سلمياً وفق أعلى المعايير العالمية يعتمد على التبادل المستمر للدروس والخبرات مع قطاع الطاقة النووية العالمي، الأمر الذي جعل من محطات براكة نموذجاً يحتذى به من قبل المشاريع الجديدة على مستوى العالم. بفضل القرارات المدعومة بالحقائق والبيانات الدقيقة التي اتخذتها القيادة الرشيدة، تم ترسيخ محطات براكة كنموذج مرجعي فيما يخص تطوير وإنجاز مشاريع الطاقة النووية الجديدة حول العالم». وتابع الحمادي: «بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، تسهم محطات براكة وعلى نحو كبير في ضمان أمن الطاقة واستدامتها للدولة على حد سواء خلال أزمة الطاقة التي يواجهها العالم، وهو ما يسلط الضوء على دور الطاقة النووية المحوري في ضمان أمن الطاقة والاستدامة معاً»، لافتاً إلى أن «إنجاز وتطوير محطات براكة هو البداية فقط، حيث تعد مجالات الابتكار والبحث والتطوير المفتاح لضمان تحقيق أهداف البرنامج النووي السلمي الإماراتي على النطاق الأوسع». وتمكنت «نواة» التابعة للائتلاف المشترك بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية /كيبكو/، من إتمام برنامج الاختبارات الشامل وعلى نحو آمن قبل بدء تشغيل مفاعل المحطة الثالثة في براكة، حيث تمت هذه الاختبارات في ظل الإشراف المستمر من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وكذلك مراجعة ما قبل بداية التشغيل من قبل الرابطة العالمية للمشغلين النوويين والتي سبقت صدور رخصة التشغيل للمحطة من قبل الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وذلك لضمان الالتزام بأفضل الممارسات العالمية في قطاع الطاقة النووية. تعليقاً على هذا الإنجاز، قال المهندس علي الحمادي، الرئيس التنفيذي لشركة «نواة» للطاقة: «نهنئ فرق العمل المكونة من الكفاءات الإماراتية المؤهلة والخبرات العالمية على بدء التشغيل الآمن لثالثة محطات براكة ضمن المحطات الأربع، الذي يعد إنجازا مهماً، حيث تعمل الفرق المختصة على زيادة طاقة المفاعل وتوليد المزيد من الحرارة تمهيداً لإنتاج أول ميغاواط من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية من المحطة الثالثة، وفقًا للوائح المحلية والمعايير الدولية». وأضاف الرئيس التنفيذي لـ«نواة»: «يعد بدء تشغيل مفاعل المحطة الثالثة دليلاً واضحًا على أن كفاءاتنا الإماراتية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الخبراء والمنظمات الدولية، طورت القدرات الكفيلة بتشغيل ثلاث محطات للطاقة النووية بشكل متزامن وآمن وموثوق. ونتطلع إلى ربط ثالثة محطات براكة بشبكة الكهرباء في دولة الإمارات، حيث نواصل العمل من أجل توفير ما يصل إلى 25% من الطلب على الكهرباء في دولة الإمارات». في مرحلة بداية التشغيل، يبدأ مفاعل المحطة الثالثة بإنتاج الحرارة باستخدام عملية الانشطار النووي، حيث تستخدم هذه الحرارة لتوليد البخار وتدوير التوربينات لإنتاج الكهرباء. وبالاستفادة من الخبرات المكتسبة خلال بدء تشغيل المحطتين الأولى والثانية، أجرى فريق تشغيل المفاعلات المؤهل والمعتمد العديد من اختبارات السلامة بعد تحميل الوقود في مفاعل المحطة الثالثة في وقت سابق من هذا العام 2022. في الأسابيع المقبلة، سيتم ربط المحطة الثالثة بشبكة الكهرباء الرئيسية في الدولة وسيواصل فريق التشغيل عملية الرفع التدريجي لمستويات الطاقة في المفاعل والتي تعرف باسم اختبار الطاقة التصاعدي، إلى حين الوصول إلى طاقة المفاعل القصوى بالتزامن مع استمرار الاختبارات بما يتماشى مع المتطلبات الرقابية المحلية وأعلى المعايير العالمية الخاصة بالأمن والسلامة والجودة. تواصل المحطتان الأولى والثانية التشغيل التجاري وإنتاج كميات وفيرة وموثوقة من الكهرباء الصديقة للبيئة على مدار الساعة، بينما وصلت المحطة الرابعة إلى المراحل النهائية من الإنجاز التي تسبق اكتمال الأعمال الإنشائية. تقود مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في دولة الإمارات، وتعتبر محطات براكة ركيزة أساسية لمبادرة دولة الإمارات الاستراتيجية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. كما تعد المحطات منصة للابتكار خلال مسيرة الانتقال لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة، بما في ذلك تطوير نماذج المفاعلات المصغرة والجيل الجديد من المفاعلات إلى جانب تمهيد الطريق لمصادر جديدة للطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية مثل الهيدروجين. وبالإضافة لكونها دعامة أساسية للتنمية المستدامة وأمن واستقرار الطاقة، توفر محطات براكة وظائف مجزية وتدعم نمو القطاع الصناعي المحلي، إلى جانب توفير فوائد بيئية كبيرة للدولة حالياً وعلى مدى الستين عامًا المقبلة وما بعدها، من خلال تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، حيث ستحد المحطات الأربع فور تشغيلها بالكامل سنوياً من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، والتي تعد السبب الرئيسي للتغير المناخي.