أبوظبي (الاتحاد)

أشارت معالي الدكتورة سيما بحوث، المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، خلال كلمتها، بمناسبة انطلاقة أعمال المؤتمر الدولي للمرأة والسلام والأمن، أن العالم يواجه تحدياتٍ غير مسبوقة تتعدد فيها الأزمات وتتشابك على الصعيدين الإقليمي والدولي، مولدةً كماً غير مسبوق من العوائق التي تتراكم لتقف سداً أمام آمال الملايين من النساء والفتيات في غدٍ أكثر عدالة وإنصافاً لهن، حيث طالتهن التداعيات الناجمة عن جائحة «كوفيد-19» وحالة الطوارئ المناخية وأزمة الغذاء العالمية وتبعات الحروب والنزاعات أكثر من غيرهن. وبينما تشهد حقوق المرأة في بعض الدول شيئاً من التقدم، إلا أن العالم لا يزال يشهد الكثير من التقويض لحقوق المرأة، حيث تساهم هذه الأزمات المتلاحقة في تسارع وتيرة فقدان تلك الحقوق بشكل مقلق وغير مسبوق.
وقالت معاليها «يوجد اليوم 305 ملايين شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة عالمياً، وتشكل النساء والأطفال الغالبية العظمى منهم، وفي يونيو من هذا العام، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن هناك زيادة سنوية خلال العقد الماضي في عدد الأشخاص الذين اضطُروا إلى الفرار وترك أوطانهم وبيوتهم، لتسجل اليوم أعلى معدلاتها وتتخطى 100 مليون لاجئ ونازح وتفوق نسبة النساء والأطفال من هؤلاء50%، وتقوم هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتقديم الدعم المباشر لهم، وتسهم في مواجهة حالات الطوارئ الإنسانية في مناطق النزاعات حول العالم».
قالت المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة:«أدّت الأزمات المتوازية والمتلاحقة إلى زعزعة الاستقرار العالمي، وتسببت في فقدان مئات الآلاف من الأرواح ونزوح ملايين الأشخاص، وكثيرٌ من الأزمات التي يُعاني منها عالمنا، بما في ذلك في هذه المنطقة، وتلك المتعلقة بتغير المناخ تتحول من حالاتٍ طارئة إلى أزماتٍ مزمنةٍ تأثرت النساء والفتيات بها أكثر من غيرهن ودفعن ثمنها غالياً، وتكشف الدراسات العديدة التي قامت بها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في أفغانستان وسوريا وأوكرانيا وكولومبيا وغيرها من الدول عن زيادات مطردة في العنف ضد المرأة والذي يشمل الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، وزواج القاصرات واضطرارهن إلى ترك الدراسة».
وأشارت إلى أن التحدي الثالث هو انخفاض نسبة مشاركة المرأة في القيادة وصنع القرار. 
 ولفتت إلى أن التصدي لهذه التحديات والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يتوجب الإخلاص للعمل من قِبل الجميع، فالعالم ما زال بعيداً عن المسار الصحيح لتحقيق أجندة 2030، وفي كثير من الأحيان هناك ترجع أو انحراف عن المسار، منوهةً بأن هناك مؤشراً واحداً فقط من مؤشرات الهدف الخامس، هدف المساواة بين الجنسين، يكاد يسير على الطريق الصحيح، وهو قيادة المرأة في الحكم المحلي. أما فيما يتعلق بالهدف رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة، هدف التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة، فهو يشهد زيادة في حالات الصراع وعدم الاستقرار تدفع الملايين من النساء ثمناً باهظاً لها. وأكدت معاليها على أن مفتاح التصدي لهذه التحديات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة هو تمكين المرأة، بحيث أن تؤدي قيادة المرأة بشكل مباشر إلى بناء مجتمعات ودول أكثر سلاماً وعدالة واستدامة، وهو الأمر الذي يتطلب القيام بخطوات مدروسة تعتمد على ممارسات أثبتت نجاحها . وقالت معاليها «على الرغم من تلك الصعوبات والتحديات والأزمات، لا تزال الفرص أمامنا كبيرة لبناء عالم أفضل، وهذا يتطلب تضامننا معاً وتكاملاً وشراكةً بين مختلف القطاعات، تكون مدعومة بالإرادة السياسية والموارد اللازمة، والتنسيق الكامل دولياً وإقليمياً على كافة المستويات، وكذلك مشاركة الخبرات والدروس والمعرفة بشفافية لكي يتعاظم التأثير وتزيد وتيرة التغيير الذي ننشده جميعاً».
وأضافت: «تُعد خطط العمل الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 مساراً محورياً للإسراع في جهودنا للمضي قُدُماً. وفي هذا السياق، لدينا اليوم 103خطط وطنية عالمياً، منها عشر في دول عربية، ولا بُد أن أنوه هنا بأن دولة الإمارات، هي واحدة من هذه الدول العشر التي أحييها على جهودها، إضافة إلى الأردن ومصر وتونس والمغرب وفلسطين والعراق ولبنان واليمن والسودان. وعلى صعيد آخر، فقد تم تأسيس سبع شبكات وساطة نسائية، بما في ذلك الشبكة العربية للنساء وسيطات السلام بقيادة جامعة الدول العربية، إضافة إلى ذلك فقد تولت سبع نساء مناصب قيادية عليا في الوساطة الأممية، وهن يعملن في سوريا والعراق وليبيا».

شراكة قوية
تابعت المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: «لا بُد لي أن أشيد بالشراكة القوية مع الدول العربية الداعمة لأجندة المرأة والسلام والأمن، فقد كانت الإمارات العربية المتحدة نصيراً قوياً وشريكاً بارزاً في إحراز التقدم ضمن أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما هدفها الخامس. وفي هذا الصدد، فإنني أثمن (مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن) التي توفر فرص تدريب وبناء قدرات النساء من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا في الجيش وحفظ السلام. وتفخر هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشراكتها في هذه الجهود. كما نشيد بدور دولة الإمارات البارز في مجلس الأمن وحرصها على إدراج أجندة تمكين المرأة في كل المواضيع التي تمت مناقشتها في المجلس. ونقدر على وجه الخصوص المناقشة المثمرة حول الدمج الاقتصادي للمرأة ومشاركتها كعنصر أساسي في بناء السلم، في جلسة النقاش المفتوح حول (النهوض بأجندة المرأة والسلم والأمن من خلال الشراكات) التي دعت إليها الدولة بصفتها رئيساً لمجلس الأمن خلال شهر مارس من هذا العام. ونتطلع إلى زيادة تمثيل المرأة في عمليات حفظ السلام تماشياً مع تعهد دولة الإمارات العربية المتحدة في الاجتماع الوزاري لقوات حفظ السلام الذي عقد في ديسمبر 2021 في سيؤول». وأشارت معاليها خلال كلمتها إلى الهدف من المؤتمر الذي يسعى لبناء الشراكات القوية اللازمة لاستعادة وتيرة التقدم وتسريعها، وذلك بوجود خمسة متطلبات ستساعد على ذلك، أولها دعوة الحكومات للدفع باتجاه اعتماد خطط عمل وطنية لتنفيذ القرار 1325 وتطبيقها لزيادة المشاركة الكاملة والعادلة والهادفة للمرأة في عمليات السلام، وذلك من خلال تدابير وأهداف محددة يتم رصد التقدم تجاه تحقيقها بعناية. ثانياً: حث جميع المشاركات والمشاركين على التوقيع على ميثاق المرأة والسلام والأمن والعمل الإنساني.