سعد عبد الراضي (أبوظبي)
شهدت الفنون البصرية والفنون التشكيلية في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه» ازدهاراً كبيراً ونشاطاً مشهوداً كغيرها من القطاعات الثقافية، ومقومات بناء مجتمع المعرفة. وقد سجلت هذه الفنون حضوراً متميزاً في المشهد الثقافي سواء فيما يخص تنظيم الفعاليات والمشاركة في المعارض محلياً ودولياً، أو من خلال تقديم الدعم للفنانين الكبار والشباب على حد سواء. ولعل الزخم الكبير للفعاليات المميزة التي جعلت الدولة محط أنظار القيمين على الفنون البصرية والتشكيلية، على مستوى العالم، خير دليل على ذلك.
ومن تلك الفعاليات المتميزة، التي تتمتع بسمعة وشهرة على المستوى الدولي، على سبيل المثال لا الحصر، «فن أبوظبي»، و«بينالي الشارقة» الذي يُقام في إمارة الشارقة منذ عام 1993. وكذلك أسبوع دبي للتصميم ومهرجان «سكة». والمؤسسة الثقافية «كيلتورال فونداشين» و«منارة السعديات»، وهما مركزان ثقافيان يستقبلان دائماً معارض مؤقتة لفنانين من العالم العربي بشكل رئيسي.
وفي دبي أيضاً يقام كل عام معرض «فن دبي»، وهو معرض دولي مرجعي للفن في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وآسيا الجنوبية، وتمتزج فيه المراجع الرمزية الأيقونية مع الإبداع معتمداً على سوق محلي لجامعي الفنون والتحف. وكذلك صالات العرض الفنية المحلية التي شهدت هي أيضاً ازدهاراً في الفعاليات والمعروضات الفنية.
صناعة السينما والدراما
وظلت صناعة السينما والدراما في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيّب الله ثراه»، في تقدم مستمر بفضل الجهود التي قدمتها الدولة والدعم اللامحدود لهذه الفنون البصرية سواء من خلال المهرجانات الخاصة بالسينما، أو من خلال المبادرات الداعمة لصناعتها مثل لجنة أبوظبي للأفلام ومدينة الشارقة للإعلام «شمس»، أو من خلال تهيئة بنىً تحتية وتوافر بيئة جاذبة متمثلة في مواقع تصوير راقية وبأحدث المواصفات، وكل هذا جعل صناعة السينما والدراما والفنون البصرية المميزة في الدولة تقدم إنتاجاً غزيراً، كما ظهر جيل واعد من صناع الأفلام الإماراتيين قدموا العديد من الأفلام الروائية والوثائقية حصدت الكثير من الجوائز.
تعزيز التنمية الثقافية
وفي هذا المقام، وتأكيداً لحجم وزخم المكاسب الثقافية الكبرى التي تحققت في عهد فقيد الوطن تحدث المخرج والكاتب الإماراتي صالح كرامة العامري، الذي فاز فيلمه «توزيعة» بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير في مهرجان «مانهايم» بألمانيا، واختير فيلمه الوثائقي الآخر «سايرين الغوص» ضمن قائمة أفضل الأفلام القصيرة في المهرجان الذهبي بإيطاليا، وتم اختيار الفيلم نفسه أيضاً كأفضل الأفلام القصيرة في مهرجان برلين، حيث قال: إن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، له أيادٍ بيضاء على ثقافة الإمارات، فهو من عرّف العالم على ثراء الثقافة الإماراتية من خلال وضع منهجية متطورة في التنمية الثقافية في مختلف مجالاتها، سواء في السينما أو المسرح أو غيرهما، وأنا شخصياً عاصرت تلك الإنجازات والمكاسب الثقافية لأنها كانت تساهم بقوة في تحقيق ما نصبو إليه طيلة تواجدنا في المحافل الثقافية الكبرى، وقد جعل فقيد الوطن الثقافة عنصراً خلاقاً في مشروعات التنمية الإنسانية، وخطط بناء مجتمع المعرفة.
تشكيل المشهد الثقافي
أما الفنانة خلود الجابري، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، فقالت إن التشكيل وغيره من الفنون الإبداعية ازدهر في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، كما ازدهر كل المشهد الثقافي بمختلف قطاعاته، فقد كان رحمه الله، داعماً كبيراً للإبداع والمبدعين في مجالات الثقافة والفنون كافة. وقد أطلقت الدولة العديد من الجوائز، مثل جائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب، التي خصصت للمبدعين من أبناء الوطن وكرم بها الكثير من الفنانين والفنانات. كما أطلقت أيضاً جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي تُعد الأعلى قيمة في العالم، إلى جانب العديد من الجوائز الأخرى التي تقدمها كل إمارات الدولة. وتم تطوير معارض الكتب في إمارات الدولة وشهدت صناعة النشر تطوراً كبيراً، وترسخت ريادة الإمارات في مجال صناعة النشر التقليدي والرقمي في المنطقة العربية، وتم توقيع اتفاقيات دولية مع جهات عالمية، مثل معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وغيره، إلى جانب إطلاق مبادرات ثقافية كثيرة أسهمت بقوة في إعادة تشكيل المشهد الثقافي في المنطقة، مثل مشروع «كلمة» للترجمة وغيره من المشاريع الثقافية ذات الدور والحضور الثقافي الكبيرين.
جاذبية ثقافية عالمية
وأضافت خلود الجابري: لا بد هنا أيضاً من الإشارة بشكل خاص إلى مشروع المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات في أبوظبي، التي تضم أكبر تجمّع للمؤسسات الثقافية الرائدة في العالم، ومن أبرزها متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، ومتحف جوجنهايم أبوظبي وغيرها الكثير.
وفي مجال الفنون التشكيلية تحديداً شهدت الساحة الفنية انتشاراً وتطوراً في المشهد التشكيلي الإماراتي، سواء من حيث الفعاليات التي تقام بصورة دورية في الدولة، والتي استطاعت أن تجتذب العالم من خلال «فن أبوظبي» ومركز القطارة الذي يدعم الفنانين التشكيليين، أو من خلال المجمع الثقافي الذي نظم معارض لأهم الفنانين عند افتتاحه وكنت أنا من العارضين الأوائل في حلته الجديدة، كما أصبح أبرز الفنانين عبر العالم ينظرون إلى الإمارات كوجهة جذابة لعرض وترويج أعمالهم الفنية.
وحرصت الإمارات في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، على تحقيق التوازن بين الاهتمام بالثقافة والفن المعاصرين من جهة، والصناعات التراثية المعاصرة، فدعمت الدولة مشاريع الشباب والصناعات الثقافية والفنية والتراثية. وكان فقيد الوطن يدعم كافة الجمعيات الفنية والتراثية والثقافية.
وأثناء جائحة «كورونا» تم تقديم الدعم للمبدعين من خلال وزارة الثقافة والشباب عبر البرنامج الوطني لدعم المبدعين المتأثرين بأزمة «كوفيد- 19»، الذي قدّم مِنحاً مالية للأفراد والشركات الإبداعية في 25 مجالاً إبداعياً مختلفاً، هذا إلى جانب برامج ومشروعات دعم ثقافي أخرى كثيرة. وهكذا حققت دولة الإمارات، في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، مكاسب وإنجازات كثيرة استطاعت أن تصل بالثقافة والتراث والفن الإماراتي إلى أعلى مراتب التصنيفات العالمية.
أبناء الوطن في المراكز الأولى
وقالت الفنانة عاليه العطار، أمين السر بجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، إن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، كان راعي الفن والثقافة الأول والداعم الدائم للفنانين، من خلال حرصه على أن تكون الدولة قبلة العالم التي يقصدها جميع الفنانين، وأضافت: في ظل قيادة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله، حققت المرأة حضوراً قوياً في جميع المجالات الإبداعية، ولم تألُ الدولة جهداً في استضافة ودعم وتنظيم أكبر الفعاليات الفنية، وتشجيع الفنانين المواطنين على حضورها والمشاركة فيها، وكان فقيد الوطن حريصاً على أن يكون أبناء الإمارات في المراكز الأولى في جميع المجالات، ومن ضمنها مجال الفن؛ ولذلك كان دعمه اللامتناهي للفن والفنانين وكافة صور الثقافة والإبداع الأخرى.
تطور الفن المعاصر
ومن جانبه، قال الفنان صالح شانبيه، أمين الصندوق بجمعية الإمارات للفنون التشكيلية: في عهد المغفور الشيخ خليفة بن زايد «طيب الله ثراه»، اهتمت الجمعية بتطوير الفن، وصقل المواهب الشابة ورفع ذائقة وموهبة الجيل الفني الصاعد، عبر التنسيق مع الكليات الفنية وصالات عرض الفنون بالدولة، وتنظيم نشاطات دورية مثل معرض العام والمعارض الشخصية ومعارض وورش خاصة للأطفال في جميع المراحل العمرية تدعمها الحكومة بشكل دوري، بالإضافة إلى مجلة «التشكيل» الصادرة من جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والتي اهتمت على مدار السنوات السابقة بالفن الإماراتي والفنانين بشكل خاص، وبموضوعات مختلفة ودراسات متنوعة تخص الفن المعاصر وتطوره.