القاهرة (أحمد مراد)

شدد خبراء في شؤون السياسات الخارجية والعلاقات الدولية على أهمية النجاحات والإنجازات التي حققتها السياسة الخارجية التي انتهجها المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» منذ توليه رئاسة دولة الإمارات في عام 2004 وحتى رحيله في مايو الماضي. وأكد الخبراء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الشيخ خليفة بن زايد أرسى دعائم واحدة من أنجح التجارب الدبلوماسية في العالم، عبر سياسة خارجية متوازنة ونشطة وناجحة أسفرت عن إقامة علاقات وشراكات وتحالفات استراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وغالبية دول العالم، الأمر الذي جعل الإمارات تتمتع بمكانة إقليمية ودولية مرموقة.

مكانة دولية مرموقة
وأوضح السفير جمال بيومي، الخبير في شؤون السياسات الخارجية، والمساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، أن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» حرص منذ توليه رئاسة دولة الإمارات في 3 نوفمبر من عام 2004 على انتهاج سياسة خارجية متوازنة ونشطة وناجحة تقوم على مبادئ راسخة في تاريخ العلاقات الدولية، ومن أهمها الحرص على تعزيز علاقات الإمارات بمحيطها الإقليمي والدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، الأمر الذي جعل الإمارات في عهد الشيخ خليفة بن زايد «رحمه الله» تتمتع بمكانة إقليمية ودولية مرموقة.
وأشار بيومي لـ«الاتحاد» إلى أن السياسة الخارجية المتوازنة والنشطة التي انتهجها الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، أسفرت عن إقامة علاقات وشراكات وتحالفات استراتيجية بين الإمارات وغالبية دول العالم، حيث أصبحت الإمارات في عهده تُقيم علاقات دبلوماسية مع 189 دولة حول العالم، وتوجد على أراضيها 110 سفارات أجنبية، و75 قنصلية عامة، فضلاً عن مقرات لـ15 منظمة إقليمية ودولية، ويصل عدد سفاراتها في الخارج إلى ما يقارب 70 سفارة، و11 قنصلية، بالإضافة إلى ثلاث بعثات دائمة.

علاقات مع القوى الكبرى
وتتصدر العلاقات والتحالفات الناجحة بين الإمارات والقوى العالمية الكبرى (أميركا والصين وأوروبا وروسيا) قائمة إنجازات ومكاسب السياسة الخارجية الإماراتية في عهد الشيخ خليفة بن زايد «رحمه الله»، فخلال العقدين الماضيين ارتبطت الإمارات بالقوى العالمية الأربع عبر روابط وعلاقات متنوعة وشاملة قامت على أسس وقواعد المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل.
وحرصت هذه القوى العالمية الكبرى خلال عهد الشيخ خليفة على تطوير علاقاتها مع الإمارات في ظل وجود مصالح متبادلة، ومواقف متقاربة حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وهو الأمر الذي يظهر بوضوح في كثافة التمثيل الدبلوماسي لدول الاتحاد الأوروبي في أبوظبي، حيث يوجد 27 سفارة لدول الاتحاد الأوروبي في الإمارات، فضلا عن وجود 20 مجلس أعمال إماراتي مع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى التبادل الدبلوماسي القوي بين الإمارات وأميركا، وحرص الإدارات الأميركية المتعاقبة على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع الإمارات.
الأمر نفسه يقال على علاقات الإمارات بالصين وروسيا، فقد ارتبطت الإمارات والصين في عهد الشيخ خليفة بعلاقات وثيقة ومصالح مشتركة، وحرص البلدان على تنمية وتعميق هذه العلاقات، حتى تم الإعلان عن شراكة استراتيجية شاملة خلال زيارة الرئيس الصيني إلى الإمارات في يوليو من عام 2018.
وبدورها، شهدت العلاقات الإماراتية الروسية خلال عهد الشيخ خليفة تطوراً ملحوظاً، حيث تضاعفت أوجه التعاون بين أبوظبي وموسكو، مما أسفر عن توقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في يونيو من عام 2018، ونص الإعلان على إنشاء شراكة استراتيجية للعلاقات بين البلدين تشمل المجالات السياسية والدبلوماسية والتجارية والاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية.

إنجازات متنوعة
أما خبير العلاقات الدولية، السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، فأوضح لـ«الاتحاد» أن إنجازات ونجاحات السياسة الخارجية للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» كثيرة ومتنوعة وشاملة، فقد أصبحت الإمارات في عهد الشيخ خليفة بن زايد صاحبة واحدة من أنجح التجارب الدبلوماسية في العالم، وهو الأمر الذي يظهر بوضوح في الدور النشط الذي لعبته الدبلوماسية الإماراتية خلال العقدين الماضيين داخل هيئة الأمم المتحدة والمنظمات والمؤسسات التابعة لها.
وقال هريدي: «من منطلق الأدوار والمواقف المؤثرة التي لعبتها دولة الإمارات على الساحة الإقليمية والدولية في عهد الشيخ خليفة بن زايد، جاء فوز الإمارات في الحادي عشر من يونيو عام 2021 بمقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وذلك لفترة تمتد لمدة عامين، بدأت من شهر يناير الماضي. علماً بأن هذا الإنجاز الإماراتي جاء مستحقاً، بعدما حصلت الإمارات على 179 صوتاً من أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي عكس المكانة الدولية المرموقة التي تحظى بها الإمارات في أوساط المجتمع الدولي».
وخلال عهد الشيخ خليفة بن زايد «رحمه الله»، تبنت السياسة الخارجية الإماراتية العديد من مبادرات السلام التي نجحت في نزع فتيل عدد من الأزمات والنزاعات، وجاء على رأسها الوساطة الإماراتية لنزع فتيل أطول نزاع في قارة أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا. كما لعبت الإمارات دوراً محورياً في تحقيق التوافق بين الحكومة الانتقالية في السودان وبعض الحركات المسلحة، الأمر الذي أسفر عن توقيع اتفاق سلام بين الجانبين أنهى سنوات من الصراعات المسلحة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.

بُعد إنساني
وبدورها، أكدت الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة في شؤون العلاقات الدولية، وأستاذة العلوم السياسية، لـ«الاتحاد» أن البُعد الإنساني مثل أحد أهم عناصر السياسة الخارجية للمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله»، حيث حرص الراحل الكبير على ارتباط الدبلوماسية الإماراتية بالتوجهات الإنسانية عبر تقديم مساعدات خارجية غير مشروطة على الصعيدين العالمي والإقليمي، وكان الهدف منها دعم النمو الاقتصادي في البلدان النامية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية في هذه البلدان.
وتصدرت دولة الإمارات خلال عهد الشيخ خليفة بن زايد قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية على مستوى العالم، حيث قدمت في عام 2014 مساعدات خارجية بقيمة 22.64 مليار درهم بما يعادل 6.16 مليار دولار أميركي، لتكون أكبر دولة مانحة على مستوى العالم من حيث قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية بالنسبة للدخل القومي الإجمالي.
وفي العام 2015، حافظت دولة الإمارات على مركزها كإحدى أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية، حيث قدمت مساعدات خارجية بقيمة إجمالية بلغت 32.34 مليار درهم بما يعادل 8.88 مليار دولار أميركي، وتم توزيعها من خلال 40 جهة مانحة إماراتية في 155 دولة حول العالم، ومن ضمنها 43 دولة من البلدان الأقل نمواً.

دبلوماسية ضد الجائحة
في العام 2020، ومع تفشي أزمة جائحة كورونا (كوفيد-19)، سارعت العديد من الجهات الإماراتية بتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد لتقديم العديد من المساعدات إلى مختلف دول العالم المتضررة من الجائحة العالمية، وشكلت المساعدات التي قدمتها الإمارات 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة.
وبلغ إجمالي عدد المساعدات الطبية، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص، ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات التي قدمتها الإمارات إلى 135 دولة حول العالم منذ بدء الجائحة وحتى يوليو من العام 2021 نحو2250 طناً. كما بلغ إجمالي رحلات المساعدات الطبية المرسلة جواً 196 رحلة، فضلاً عن تبرع الإمارات بـ10 ملايين دولار أميركي كمساعدات عينية إلى منظمة الصحة العالمية.

سمة أصيلة
الانفتاح على العالم سمة أصيلة في السياسة الخارجية للإمارات، إيمانًا منها بأن انفتاح الدول والمجتمعات من شأنه تعميق أواصر الصداقة والتقارب، وتكرّيس الصور الإيجابية المتبادلة فيما بينها، على نحو يدعم أجواء السلام والتفاهم والحوار. وتأكيدًا لهذه الرؤية، تعمل الإمارات على مد جسور التواصل والانفتاح مع مختلف دول العالم، وترجمة ذلك إلى أفعال وسياسات، داخلياً وخارجياً.
شجبت الإمارات، في أكثر من محفل دولي، الإرهاب بجميع أعماله وأساليبه، مُجددة التزامها ليس بمواجهة والتصدي للإرهاب فحسب، بل بمحاربة الأيدولوجيات المتطرفة، التي تغذي عنف الجماعات الإرهابية بوحشية. وفق الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية والتعاون الدولي
وأعربت الإمارات عن إيمانها بأهداف الأمم المتحدة ومبادئها، التي عبر عنها ميثاقها لحماية الأمن والسلم الدوليين والتعايش السلمي بين الدول، بحل المنازعات الدولية سلمياً، واحترام قواعد القانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وخلق مناخ ملائم للعلاقات الدولية، على أساس التسامح ونبذ العنف، واحترام حقوق الإنسان والشعوب، داعية لاتخاذ موقف فاعل وموحد لمحاربة الإرهاب.