أبوظبي (وام)

يعكس الانتشار الواسع لمزارع المواطنين في دولة الإمارات العربية المتحدة وعياً مجتمعياً متأصلاً بأهمية التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي ويأتي ذلك انسجاماً مع توجهات الدولة منذ تأسيسها عام 1971، حيث حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» على تطويع الظروف الطبيعية القاسية لتأسيس قطاع زراعي مستدام وتسخير كافة الإمكانيات اللازمة لذلك ورفع مساهمة الإنتاج الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. 
ولم تقف تلك العقبات حائلاً من دون تحقيق المعجزة وتحولت الصحراء القاحلة إلى مساحات خضراء واسعة النطاق مما يعد خرقاً لقواعد المناخ الصحراوي، وبات النموذج الإماراتي متفرداً عالمياً بفضل الرؤية الثاقبة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» الذي شارك مواطنيه هذا التحدي من خلال توزيع المزارع على المواطنين، وتقديم الدعم الشامل لهم ليسهموا في إنعاش القطاع الزراعي الذي أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» أن هذا القطاع هو «من صميم أمننا الوطني». 
ونظراً للأحداث التي تشهدها المنطقة وتأثر عمليات سلاسل الإمدادات الغذائية عالمياً بسبب الاضطرابات والحروب نلقي  الضوء من خلال سلسلة من التقارير الضوء على عدد من مزارع المواطنين في شتى أنحاء الدولة - والتي يبلغ عددها وفقاً لتقديرات وزارة التغير المناخي والبيئة عام 2018 نحو 35 ألف مزرعة - بعد أن تمكن المزارعون من تطوير تقنيات ذكية في الإنتاج الزراعي وحققوا نسبياً الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات الزراعية مما أسهم في تعزيز الأمن الزراعي الإماراتي في الوقت الراهن. 

تشريعات وخدمات
وأكد المهندس محمد الظنحاني مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن الوزارة وضعت العديد من الخطط التي تخدم تعزيز الإنتاج الزراعي الوطني من أهمها الاستمرار في تطوير التشريعات والخدمات المنظمة للقطاع الزراعي والتي تعتبر من أهم عوامل التطوير إضافة إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج الزراعي بما يتواءم مع الموارد المتاحة في الدولة والتي تتطلب التوسع في استخدام التكنولوجيا الزراعية وتبني نظم الزراعة المستدامة، والزراعة العضوية والعمودية والمائية بجانب برامج تسويق المنتجات الزراعية بالشراكة مع القطاع الخاص. 
وأضاف: أن الوزارة تقدم الدعم العيني والفني للمزارعين ويشمل ذلك تقديم مستلزمات الانتاج الزراعي بنصف السعر للمساهمة في خفض التكاليف على المزارعين وزيادة المردود المادي من بيع منتجاتهم حيث تم تزويدهم بأكثر من 40 مادة وضمن مناطقهم، مشيراً إلى أن هذا الدعم يشمل الأسمدة العضوية، والبذور، والمحاليل المستخدمة في الزراعة المائية والأسمدة المركبة في الزراعة المحمية، والبيرلايت، والمبيدات العضوية إضافة الى تقديم الإرشاد الزراعي حول استخدام هذه المواد لنشر أفضل الممارسات الزراعية بين المزارعين. 

حزمة برامج
وحول خدمات مكافحة الآفات والأمراض النباتية التي تقدم مجاناً، أوضح الظنحاني أن الوزارة تنفذ حزمة من برامج المكافحة المتكاملة لضمان استدامة الإنتاج الزراعي المحلي، ومن هذه البرامج مبادرة«نخلينا» لمكافحة افات النخيل وخاصة سوسة النخيل الحمراء ويتم تنفيذها منذ عام 2012 في الإمارات الشمالية لتغطي أكثر من 9000 مزرعة، مبيناً أن المبادرة تهدف إلى تنفيذ حزمة متكاملة من التدابير والإجراءات واستخدام أحدث النظم والتقنيات في الكشف عن الآفات ومكافحتها. ولفت الظنحاني إلى أن الوزارة أطلقت العديد من المبادرات لتعزيز تسويق المنتجات الزراعية المحلية والتي يتم من خلالها ربط المزارعين مباشرة مع المستهلكين ومنافذ البيع من خلال توقيع عدد من المذكرات مع أكثر من خمسة من منافذ البيع الكبرى، معتبراً أن التعاون مع مراكز التسوق ساهم في تعزيز تسويق المنتجات الزراعية الإماراتية، حيث زادت قيمة المنتجات الزراعية المحلية المسوقة من خلال هذه المبادرات عام 2020 عن 150 مليون درهم وتسويق أكثر من ثلاثين صنفاً. 

توقيع مذكرات
وأكد مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن الوزارة مستمرة في التوسع لتوقيع مذكرات مع منافذ بيع جديدة لتعزيز تسويق المنتجات الوطنية، مشيراً إلى أنه خلال 2021 تم توقيع مذكرة تفاهم مع مجموعة ماجد الفطيم لتسويق المنتجات الزراعية المحلية عبر متاجر كارفور والتي تغطي كافة أنحاء الدولة إضافة إلى رعاية الوزارة للمهرجانات المتخصصة بهدف الترويج للمنتجات الزراعية المحلية وجارٍ أيضاً العمل مع الجهات المحلية لإطلاق مبادرات جديدة لأسواق البيع المباشر من المزارع الى المستهلك.  وأشار إلى أن عدد مواد مستلزمات الدعم الزراعي بلغت 40 مادة في عام 2021 حيث يتم توفيرها للمزارعين المسجلين في النظام والبالغ عددهم 5216 مزارعاً، مؤكداً أن الوزارة تعمل بشكل سنوي على توزيع هذه المستلزمات استعداداً للموسم الزراعي المحلي والذي يبدأ سنوياً في شهر سبتمبر.

مفهوم مختلف
أكد المستشار حامد الحامد مؤسس مجموعة «غراسيا»، أن مجموعته تقدم مفهوماً مختلفاً للزراعة الشاملة لا يقتصر إنتاجها فقط على القطاع الزراعي بل تمتلك ثروة حيوانية واسعة وتسوق منتجاتها من خلال الأسواق والتطبيق الإلكتروني.
وأضاف: تضم المزرعة إلى جانب البيوت البلاستيكية عدداً من المرافق والقاعات وقسماً خاص بالثروة الحيوانية، مؤكداً أن الأمن الغذائي هو جزء من أولوياتنا واهتماماتنا لنصل لتطلعات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وجعل الإمارات رائدة في قطاع الزراعة والتنمية الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وحول الإنتاج اليومي لمجموعة«غراسيا».. قال:« لدينا أكثر من 120 مزرعة نسوق منتجاتها من خلال 70 منفذاً للبيع ويبلغ عدد البيوت البلاستيكية 40 بيتاً تمتد على مساحة 3 هكتارات»، لافتاً إلى أن الإنتاج اليومي للمجموعة من الخضراوت يصل إلى 7 أطنان من مزارعنا المنتشرة في كافة أنحاء الدولة.