هالة الخياط (أبوظبي)
تشكل المساعدات الخارجية أحد أهم الأعمدة للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، حيث حرصت على تقديم مساعدات سخية إلى الحكومات والشعوب النامية والمحتاجة، وإغاثة المتضررين من الكوارث، ونجدة الملهوفين والضحايا في مناطق الصراعات والأزمات. وضمن مبادئها للخمسين عاماً القادمة، أكدت دولة الإمارات ضمن المبدأ التاسع أن المساعدات الإنسانية الخارجية هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً.
وتؤكد الدولة بأنها لا تربط مساعداتها الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، كما أن الاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.
والمبدأ التاسع من وثيقة مبادئ الخمسين، يمثل سمو رؤية الدولة المنسجمة مع تعاليم ديننا الحنيف، وقيم المجتمع الإماراتي والموروث الحضاري، في إطار إنسانية خالصة نقية متجردة من الفروقات الدينية والقومية والعرقية، وبعيدة عن المصالح الضيقة. وتعتبر المساعدات الخارجية لدولة الإمارات جزءاً لا يتجزأ من سياسة الدولة الخارجية ومساهماً في تطوير العلاقات الدبلوماسية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الشريكة، ضمن أولويات للدعم تركز على تمكين النساء والفتيات، وخلق فرص العمل للشباب، وبناء القدرات المؤسسية للدول، ومكافحة الأوبئة، وتعزيز منظومة الأمن الغذائي، وتعزيز القدرات، والتصدي للتغيرات المناخية.
وتستفيد المؤسسات التابعة للدولة من التكنولوجيا وصولاً للمساعدات الرقمية، وهي وسائل وأدوات تقنية تسهل وتسرع تنفيذ برامج المساعدات الخارجية الإماراتية لضمان الفعالية والكفاءة.
وبقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تركز دولة الإمارات جهودها على تطوير مؤسساتها المعنية بالمساعدات الخارجية وفي بناء الكادر الوطني المؤهل الذي يديرها بكفاءة واقتدار. والاستمرار في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في العالم والمشاركة الفاعلة والبناءة في تصميم الأهداف العالمية للفترة التي تليها.
مساعدات
منذ تأسيس دولة الإمارات وحتى العام الماضي، وصل حجم المساعدات الإماراتية الخارجية إلى 320 مليار درهم، استفادت منها 201 دولة، وأخذت الدولة على عاتقها دعم الدول الشقيقة والصديقة، سواء أكان ذلك في مجال دعم المشاريع التنموية، أم من خلال الاستجابة الإنسانية للكوارث والأزمات، وبما يدعم الازدهار والاستقرار في هذه الدول، والتخفيف من حدة المعاناة الإنسانية فيها، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين ووكالات الأمم المتحدة العاملة في المجالين الإنساني والتنموي.
جهود متميزة
نموذج العطاء الإنساني الذي تقدمه دولة الإمارات إلى العالم بدأ مع نشأتها عام 1971 واستمد مبادئه من رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وتستمر الدولة في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تقديم المساعدات الخارجية، التي تعلي قيمة التضامن الإنساني وتحث عليه. ويعتبر العمل الإنساني من أولويات الدولة وضمن مختلف استراتيجياتها، وتسخر له الإمكانات اللازمة لنموه وازدهاره، سعياً لمواجهة التحديات الإنسانية الراهنة في عدد من المناطق والأقاليم المضطربة، من خلال تبني المزيد من المبادرات والمشاريع الحيوية التي تسهم في تعزيز مجالات العمل الإنساني عالمياً، ومد مظلة الأيادي البيضاء لمختلف بقاع العالم باحترافية وسرعة ومرونة وجاهزية تنقل العمل الإنساني لمستويات أرقى من الأداء لتتسق مع التقدم الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات، وتستثمر قدراتها في وجود مخزون استراتيجي من المواد الإغاثية للطوارئ والقدرات اللوجستية التي تمكنها من إيصال مساعداتها إلى المتأثرين من الأزمات والكوارث في أي مكان في العالم في غضون ساعات معدودة.
تعهد دولي
واستمراراً لجهود الدولة في العطاء الإنساني، أكدت الدولة مراراً التزامها بالأهداف الإنمائية للألفية، وتحقيق مستهدفات خطة التنمية 2030 التي أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكدت الدولة في هذا الإطار أن المساعدات الإماراتية دعمت بالفعل عدداً من المجالات الرئيسية في خطة التنمية لعام 2030، من بينها تطوير البنية التحتية ومكافحة الفقر والجوع وتقديم مساعدات لتوفير الرعاية الصحية والتعليم والطاقة المتجددة، إلى جانب دعم وتمكين المرأة.
وتصدر الدولة أكبر الجهات المانحة عالمياً يؤكد التزامها برسالتها الإنسانية العالمية وبمبادئها التنموية التي تأسست عليها وسعيها لترسيخ مكانتها كعاصمة إنسانية ومحطة خير وغوث ودعم لكافة الدول.
مبادرات القيادة الإنسانية
شهد قطاع المساعدات الخارجية الإماراتي نمواً كبيراً بفضل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة، وقدمت الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية الإماراتية مساعداتها الأعوام الماضية في مجال بناء المدارس والمستشفيات والطرق والجسور، ودعم برامج تحصين الأطفال والأمهات بصورة واسعة، وتوفير الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في المناطق التي عانت الكوارث الطبيعية المدمرة والصراعات. وخلال جائحة كورونا، قدمت الدولة مساعدات لمكافحة فيروس كوفيد-19، من توزيع الإمدادات الطبية ومعدات الحماية الشخصية، وأجهزة فحص «كورونا». وأجهزة تنفس صناعي، وتوفير الحماية للكوادر الطبية العاملين في الصفوف الأمامية في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى التعاون مع المنظمات العالمية المتخصصة كمنظمة الصحة العالمية، وتوفير الدعم المالي لها والتعاون مع برنامج الأغذية العالمي وجهود المدينة العالمية للخدمات الإنسانية. وكانت الإمارات من الدول الأولى الداعمة للمبادرات الإنسانية خلال جائحة «كوفيد -19»، حيث شكلت المساعدات التي قدمتها الدولة 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة خلال الجائحة، ومنذ بدء «الجائحة» في 2020 وحتى يوليو 2021، بلغ إجمالي عدد المساعدات الطبية، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات 2.154 طناً تم توجيهها إلى 135 دولة حول العالم. كما بلغ إجمالي رحلات المساعدات الطبية المرسلة 196، وتم إنشاء 6 مستشفيات ميدانية في السودان، وغينيا، كوناكري، وموريتانيا، وسيراليون، ولبنان، والأردن، وتجهيز عيادة متنقلة في تركمانستان، وتم إرسال مساعدات إلى 117 دولة من مخازن المنظمات الدولية الموجودة في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبي، والتبرع بـ10 ملايين دولار كمساعدات عينية من دولة الإمارات إلى منظمة الصحة العالمية.
مرحلة جديدة من البذل والعطاء
أكد الدكتور محمد عتيق الفلاحي، الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، أن دولة الإمارات كانت وستظل رمزاً لقيم البذل والعطاء والأخوة الإنسانية.
وقال الفلاحي إن نهج الدولة في هذا الصدد متأصل في نفوس أبنائها وقيادتها الرشيدة منذ التأسيس، ومتجذر في فكرها وخططها واستراتيجياتها التي لم تغب عنها قضايا الشعوب الإنسانية واحتياجاتها التنموية، لذلك امتدت أيادي العطاء الإماراتي على مستوى العالم، تبني وتعمر مخلفات الكوارث والأزمات، وتضمد جراح المنكوبين، وتواسي ضحاياها من المدنيين. وأضاف أمين عام الهلال الأحمر: «مع تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم في الإمارات، تبدأ الدولة مرحلة جديدة من البذل والعطاء، تتعزز خلالها مبادراتها الإنسانية إقليمياً ودولياً، وتتسع دائرة نشاطها الإغاثي والتنموي، فسموه أحد رواد هذا المجال الحيوي، ومهتم باستدامته وجعله أكثر أثراً في حياة الشعوب التي تعاني من وطأة الظروف، وذلك من خلال سعي سموه الحثيث لتعزيز الشراكات بين الفاعلين في هذا المجال على مستوى العالم، وإقامة التحالفات للتصدي للتحديات الإنسانية والتنموية التي تواجه الدول والشعوب الأقل حظاً».
وقال الفلاحي «نحن في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي نجدد العهد والولاء للسير قدماً على خطى قيادتنا الرشيدة في تبني المبادرات التي تصنع الفرق في تعزيز مستوى الاستجابة الإنسانية في حالات الطوارئ والأزمات، وتحسين كفاءة العمليات الإغاثية في الساحات والمناطق المضطربة، وتحقيق المزيد من المكتسبات الإنسانية والتنموية للشرائح والفئات التي نستهدفها داخل الدولة وخارجها».
وأكد محمد حاجي الخوري المدير العام لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، أن دولة الإمارات كانت وما تزال عوناً للشعوب، وسباقة دائماً لمد يد العون في كافة القضايا ذات البعد الإنساني في أي بقعة من بقاع العالم، دون أي اعتبارات دينية أو عرقية أو ثقافية.
وقال: «إن جهود الدولة في الجانب الإنساني مستمرة وستتعزز في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على المستوى الإقليمي والدولي، وستتسع دائرة نشاطها الإغاثي والتنموي، لا سيما وأن سموه يمتلك رؤية ثاقبة وحكمة متوارثة».
وأكد أن جهود دولة الإمارات مشهود لها في العطاء الإنساني منذ عهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراهما، اللذين يعتبران من رموز العمل الإنساني على مستوى العالم.
وأكد الخوري، أن مؤسسة خليفة الإنسانية ستواصل نهج الخير والعطاء الإنساني في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، بما يرسخ دور الدولة كعاصمة إقليمية وعالمية للعمل الإنساني، وخدمة البشرية، وتعزيز قيم العطاء وثقافة الخير في المجتمع.
من جانبه، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي مروان عبيد المهيري: إن جهود دولة الإمارات في العطاء الإنساني ممتدة لكل بقاع العالم، ودائماً سباقة في الاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات والكوارث التي تتعرض لها الدول الشقيقة أو الصديقة.
وأكد المهيري أن العطاء الإنساني في دولة الإمارات والمساعدات الإنسانية الخارجية بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وواصل المسيرة فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ومستمرة في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وأشار المهيري إلى أن أبرز الصور الدالة على مساهمات دولة الإمارات الإنسانية، مشاركة كافة دول العالم الدولة في أحزانها وأفراحها، الأمر الذي كان واضحاً خلال الأيام الماضية من توافد رؤساء معظم دول العالم إلى الإمارات معزين في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه» ومهنئين باختيار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة، وهو ما يدل على تأثير دولة الإمارات والقوة الناعمة التي تمتلكها في جميع أنحاء العالم.
عمل متناغم
وقال المهيري: إن كافة الجهات والمؤسسات في الدولة تعمل بتناغم لتحقق مبادئ الخمسين، والتي تتضمن ضمن المبدأ التاسع تعزيز المساعدات الإنسانية الخارجية، وهو ما يؤسس لأن تكون الإمارات حاضرة في كافة المحافل الدولية.
وذكر أن جهود دولة الإمارات، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كانت وما تزال حاضرة في كافة المبادرات الإنسانية وهو ما كان جلياً خلال العامين الماضيين، فالإمارات من أكثر الدول التي قدمت مساعدات خلال جائحة كوفيدـ 19 للعديد من دول العالم، حيث إن 80% من المساعدات التي وصلت إلي مختلف دول العالم كانت من الإمارات أو تم نقلها عبر مطاراتها وهو ما يؤكد بصمة الدولة وأهميتها الاستراتيجية. وأكد أن الإمارات لم ولن تقصر في إغاثة أي شخص محتاج في العالم، وستستمر في تقديمها للمساعدات الإنسانية خارجياً دعماً لكل محتاج.
رسالة صادقة
وقال عبيد خلفان الغول السلامي عضو المجلس الوطني الاتحادي: «على الرغم من مصابنا الجلل بفقيدنا الكبير المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه» إلا أن عزاءنا الأكبر أننا نمضي -بإذن الله- من خير إلى خير، فقد انتقلنا من يد الأمين إلى يد عضيده الذي عاصر التأسيس، وساند التمكين، ويمضي بإذن المولى عز وجل إلى الريادة بخطى ثابتة.
وأضاف: وبالمثل يحق للعالم أن يستبشر بتولي سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم في البلاد. الذي أدار أصعب الملفات وحل أعقد النزاعات وأدام الود بين الأصدقاء والأشقاء، وتشهد فاقة المعدمين وخيام اللاجئين بأيادي سموه البيضاء منذ عقود، وقد كانت أولى كلمات سموه حين انتخب رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة «أنا أخوكم محمد وسأبقى مثلما عرفتموني، وإن شاء الله ما يتغير علينا حال»، ومما لا شك فيه أن هذه الكلمات لم تكن موجهة لإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات فقط، بل هي رسالة صادقة تطمئن العالم أجمع أن الخير مستمر والعطاء متواصل، وأن لا بديل عن الإحسان الذي عهدتموه من الإمارات إلا الإحسان. وقال السلامي: إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، قادر على حمل أمانة الإمارات وهويتها، أمانة الخير التي غرسها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وهوية العطاء والتسامح التي لم تعرف الإمارات غيرها منذ نشأتها.
وأكد أننا في الإمارات والعالم على يقين بأن الإحسان للإنسان كان ومازال على رأس أولويات سموه، التي لم ولن تتأثر بالمتغيرات بل إن الخير سيزيد أضعافاً مضاعفة وإن العطاء سينهمر ليصل لكل محتاج بإذن الله.