هالة الخياط (أبوظبي)

بدأ معالي سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية كلمته الافتتاحية لمعرض ومؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية، بتأبين المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه، مؤكداً أن العالم والإنسانية فقدا قائداً عظيماً اتسم بالحكمة والقدرة على القيادة الاستثنائية. وقال معاليه «فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة قائداً كبيراً واستثنائياً كرس حياته لخدمة وطنه وشعبه والإنسانية.. وزعيماً فذاً اتسم بالحكمة والإنسانية وعمل الخير.. قاد بكل حكمة واقتدار منذ عام 2004 مرحلة التمكين في وطننا الغالي... نسأل الله أن يتغمد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته». وأضاف معاليه: «اليوم، ونحن نعزي أنفسنا والعالم بفقيدنا الكبير تستمر الإمارات على خطاه في مسيرة النماء والتنمية عبر انتخاب المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئيساً للدولة، نبارك لسموه، ونعاهده على مواصلة مسيرة الإنجازات وخدمة الوطن والمواطن».

  • سهيل المزروعي

وأكد معاليه أهمية معرض ومؤتمر السكك الحديدية الذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة.
وقال إن «دولة الإمارات تمتلك قطاع نقل ومرافق وبنى تحتية تُعد من بين الأفضل والأكثر تطوراً على المستوى العالمي، وتمتد شبكة الطرق والمترو ووسائل النقل على المناطق الحضرية، وتتكامل لتدعم النمو في مختلف قطاعات الاقتصاد والتجارية والسياحة، وإن قطاع النقل في الإمارات يحظى باهتمام القيادة الرشيدة لدوره في التنمية المستدامة، ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ونمو الاقتصادات الوطنية، نظراً لارتباطه الوثيق بقطاعات حيوية تعول عليها الدولة كثيراً للخمسين عاماً القادمة».
 وبين معاليه أن «وسائل النقل في الإمارات بمختلف أشكالها تتميز بمستواها الفائق من حيث الجودة والكفاءة، بما يضمن التنقل السهل والآمن للركاب والمسافرين، وتعزيز سهولة الترابط الاجتماعي، وحركة التجارة، وإنه بفضل الرؤى الثاقبة والمستنيرة للقيادة الرشيدة، صُنّفت الإمارات ضمن قائمة ال 20 الكبار عالمياً في 13 مؤشراً خاصاً بقطاع النقل، خلال عام 2021، مما يعزز رصيد النجاحات التي حققتها الدولة في القطاع خلال السنوات الماضية.
وقال معاليه: «نمُر بحقبة أكثر اضطراباً في تاريخ النقل والتنقل في العصر الحالي، وأن جائحة (كورونا) فاقمت العديد من التحديات، ما يستدعي تضافر الجهود وصياغة الاستراتيجيات التي تتواءم مع المستجدات، والمستهدفات المستقبلية التي تتمحور حول خيارات نقل أفضل وأسرع وسهلة الوصول، إلى جانب بناء شبكة نقلٍ مستدامة لأجيالنا القادمة ترسم التكنولوجيات والتقنيات الحديثة ملامحها وخطوطها العريضة».
وأوضح معاليه أن قطار الاتحاد سيساهم في تغيير أسلوب سفر الركاب، ليس داخل الدولة فحسب، بل وعبر المنطقة في غضون السنوات المقبلة، ما يؤدي إلى خلق فرص اقتصادية جديدة وتطوير وتكامل مجتمعات جديدة حول السكك الحديدية والشبكة، الأمر الذي سيشكل أيضاً أساساً للتجارة والخدمات والمناطق والمدن الاقتصادية في المستقبل. 

تطوير وتحسين شبكة الطرق 
وأشار معاليه إلى أن وزارة الطاقة والبنية التحتية حرصت على تطوير وتحسين شبكة الطرق من خلال زيادة أطوال الطرق الاتحادية في الإمارات، حيث بلغت أطوال الحارات المرورية للطرق الاتحادية إلى 4300 كيلومتر، خلال ال 20 عاماً الماضية، تربط بين مناطق الدولة ومدنها بشكل انسيابي ومرن، ما يعكس حرص الوزارة على تطوير وتحسين شبكة الطرق بجودة عالية، والتي ساهمت في تلبية احتياجات التوسع والانتشار السكاني والعمراني، واستيعاب الزيادة المتنامية في الحركة المرورية، فضلاً عن تحسين حركة النقل والمرور، فيما عملت على تشييد شبكات الطرق الاتحادية المدعومة بحلول الإنارة الذكية والمستدامة والموفرة للطاقة، وذلك بهدف تقليل البصمة الكربونية، والمحافظة على البيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخي. وكشف معاليه أن الوزارة عملت، مؤخراً، من تطوير الاستراتيجية الوطنية للتنقل الذكي، لتصبح أكثر شمولاً وتطلعاً نحو المستقبل، وتدعم توجه دولة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، والتي بدورها ستساعد في دعم مشاريع النقل المميزة، وإعادة تشكيل أسلوب تفكير الناس بشأن النقل في دولة الإمارات، كما ستساهم في تمكين شبكات النقل، وتحسين اتصال قطار الاتحاد بالمجتمعات الأوسع إلى جانب شبكتها في إمارات الدولة كافة، لتوفير تكامل متعدد الوسائط وسلس، فضلاً عن دفع التنقل المشترك إلى الأمام من خلال المبادرات الرائدة. وأوضح، أنه بمعزل عن دور الاستراتيجية الوطنية للتنقل الذكي في إيجاد حلول لتحديات النقل الرئيسة التي تواجه المسافرين في الوقت الراهن، ستشكل الاستراتيجية كذلك الأساس لتمكين أنظمة النقل البيئية الجذرية والمستقبلية مثل السفر فائق السرعة عبر إمارات الدولة، وحتى النقل البري والجوي قصير المدى إلى متوسط المدى بين المدن، وإننا ركزنا، عند صياغة الاستراتيجية، على تعزيز دور المركبات قليلة الانبعاثات الكربونية، بهدف دعم المبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والتي تتواءم مع أولويات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 الذي تستضفه دولة الإمارات عام 2023.
من جانبه، قال شادي ملك الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للقطارات: «تعمل شركة الاتحاد للقطارات مدفوعة برؤية ودعم القيادة الرشيدة وتوجيهات سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد رئيس مجلس الإدارة؛ بهدف رسم ملامح مستقبل قطاعي النقل والخدمات اللوجستية في الدولة، إلى جانب تعزيز ربط القطاعات الصناعية والتجارية والشركات والأفراد، وترسيخ مكانة قطاع السكك الحديدية ضمن المبادرات الحكومية الشاملة على مستوى دولة الإمارات».
وأضاف: «يسلط هذا المعرض الضوء على جهودنا بالتركيز على جميع المستخدمين المحتملين لشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية وعلى تغيير المفهوم العام لحلول نقل الركاب والبضائع عبر تقديم خدمات أسرع وأقل تكلفة وأكثر موثوقية واستدامة، حيث يوفر هذا النهج منصةً تعزز مكانة الشركة الريادية بين مزودي هذه الحلول في دولة الإمارات. كما تعمل شركة الاتحاد للقطارات على تمكين الشركات من النمو الازدهار ومساعدتها في اتخاذ قرارات لوجستية مختلفة تساهم في رفع مستوى الكفاءة، وتوفير بدائل أقل تكلفة لنماذج أعمالها». وتابع الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للقطارات: «نجحنا بعد 28 شهراً من انطلاق العمليات الإنشائية في استكمال 75% من المرحلة الثانية من شبكة السكك الحديدية الوطنية لدولة الإمارات، وذلك بفضل الدعم الحكومي الذي أتاح لنا مواصلة العمل على الرغم من التحديات التي فرضتها جائحة (كوفيد-19)».
وحضر افتتاح المؤتمر، أمس، معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومعالي المهندس كمال بن أحمد محمد وزير المواصلات والاتصالات في البحرين، ومعالي الدكتور رميح بن محمد الرميح رئيس الهيئة العامة للنقل في المملكة العربية السعودية، ومعالي ويندي مورتون وزيرة الدولة للنقل في المملكة المتحدة.
ويكتسب المؤتمر أهميته كونه يأتي في أعقاب إعلان الدولة عن إطلاق البرنامج الوطني للسكك الحديدية في ديسمبر الماضي، أكبر منظومة من نوعها للنقل البري على مستوى إمارات الدولة كافة، فهو يشكل منصةً لدعم نمو المشاريع الطموحة في قطاع النقل وتعزيزها بما يشمل السكك الحديدية والبنية التحتية ونقل البضائع والخدمات اللوجستية.
ويحتضن مؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية مجموعةً من المؤتمرات المخصصة الأخرى، التي تشمل تقديم أكثر من 50 ساعة حول مواضيع الاستدامة والابتكار الرقمي وأساليب النقل المبتكرة، بالإضافة إلى ما يتجاوز 50 ساعة أيضاً من الندوات وورش العمل المعتمدة حول التطوير المهني المستمر، والتي تسلط الضوء على أحدث تحديات العمل التي يواجهها المهندسون في المنطقة خلال سعيهم لبناء مشاريع عالمية المستوى. ويشارك في المؤتمر الذي يعد أكبر فعالية متخصصة بقطاع النقل على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا وجنوب آسياً نخبة من قادة قطاع النقل وكبار المسؤولين التنفيذيين وأبرز صنّاع القرار والممثلين عن الهيئات والجهات الحكومية، لمناقشة المواضيع الأكثر إلحاحاً في مشهد قطاع النقل والسكك الحديدية العالمي، وتسليط الضوء على أحدث الابتكارات في القطاع. وتخللت المؤتمر مجموعة من العروض التقديمية والاجتماعات والمقابلات حول عددٍ من المواضيع، مثل أنظمة الربط الذكية والعمليات المؤتمتة والآمنة وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات والعمليات المستدامة وغيرها؛ بهدف إرساء منظومة قطاع نقل ذكي ومستدام.

  • مشاركون في المؤتمر

100 مليون ساعة عمل باستخدام 6000 آلية في 3000 موقع
أعلنت المهندسة خلود المزروعي نائب مدير المشروع في شركة الاتحاد للقطارات أنه تم إنجار 75% من المرحلة الثانية من شبكة السكك الحديدية الوطنية خلال 100 مليون ساعة عمل، باستخدام أكثر من 6000 آلية ومعدة طوال 28 شهراً من العمل المتواصل.
وتربط المرحلة الثانية دولة الإمارات العربية المتحدة بالمملكة العربية السعودية عبر الغويفات، كما تربط إمارات الدولة بعضها ببعض، وتربط مدينة خليفة الصناعية (كيزاد)، وموانئ خليفة وجبل علي والفجيرة على الساحل الشرقي للدولة، ضمن مخطط هندسي واسعي النطاق يشمل بناء جسور وأنفاق بما يضمن تحقيق أعلى درجات الانسيابية لحركة مرور المركبات تحت مسارات الشبكة الحديدية.
ويشارك أكثر من 27 ألف خبير ومختص وعامل يعملون في أكثر من 3000 موقع بناء منتشرة في جميع أنحاء الإمارات أنجزوا حتى الآن 100 مليون ساعة عمل، باستخدام أكثر من 6000 آلية ومعدة.
وأوضحت المزروعي في تصريحات للصحفيين على هامش مؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية أنه تم إنجار الأعمال الإنشائية للحزمة الأولى من المرحلة الثانية، وتشمل أعمال حفر جميع الأنفاق على امتداد شبكة السكك الحديدية، والخط الرئيس بين دبي وأبوظبي، بما في ذلك 9 أنفاق تمتد على مساحة 6.9 كم. وأشارت إلى أن كل رحلة قطار تمكن من إزالة نحو 300 شاحنة عن الطرقات، ما يقلل انبعاثات الكربون بنسبة 80-70% مقارنة بالكمية المنبعثة من الشاحنات اللازمة لنقل نفس الحمولة.
وأكدت المزروعي أهمية مشروع السكك الحديدية، لا سيما وأنه يحدث نقلة نوعية من الصناعة، ويسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية، وتعزيز الأمن والسلامة على الطرقات.
وقالت إننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق هدف الشركة والمتمثل بنقل 60 مليون طن من البضائع سنوياً بحلول 2030، وخفض تكاليف النقل بنسبة 30% لدفع عجلة نمو قطاع الخدمات اللوجستية والنقل، مشيرة إلى أنه من خلال الشراكات الاستراتيجية مع أهم اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة، تم حجز 60% من سعة النقل السنوية للشبكة، وتم العمل على تطوير محطة للشحن في مدينة دبي الصناعية بسعة 5 ملايين. وفيما يخص إطلاق خدمات السكك الحديدية للركاب، أوضحت المزروعي أنه تم توقيع اتفاقية بين شركة الاتحاد للقطارات وبنك أبوظبي الأول، لتمويل مشروع خدمات السكك الحديدية لنقل الركاب بقيمة 1.990 مليار درهم إماراتي، وسيتم طرح مناقضات المشروع، خلال الفترة المقبلة.
وسيعمل قطار الركاب على تعزيز روح التواصل بين سكان الدولة من خلال الربط بين 11 مدينة ومنطقة في الدولة من السلع للفجيرة منطلقاً بسرعة 200 كم في الساعة، بطاقة استيعابية تصل إلى 400 راكب لكل قطار. وبحلول عام 2030، يتوقع أن تتزايد أعداد الركاب لتصل إلى أكثر من 36.5 مليون راكب سنوياً من جميع مناطق الدولة، حيث سيكون بإمكانهم التنقل بين أبوظبي ودبي خلال 50 دقيقة فقط، وبين أبوظبي والفجيرة خلال 100 دقيقة فقط، وبين دبي والفجيرة، خلال 50 دقيقة فقط، وبين أبوظبي والرويس خلال 70 دقيقة فقط.

النقل البري الخليجي 
أكد الدكتور نايف بن فلاح الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، أهمية الهيئة الخليجية للسكك الحديدية في إحداث نقلة نوعية لمنظومة النقل البري خليجياً، وتطوير سبل التعاون التجاري بين دول المجلس، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي اتخذت الإجراءات الكفيلة بدفع تنفيذ هذا المشروع قدماً إلى الأمام.
وقال: «تمت مناقشة الوثائق الخاصة بالهيئة الخليجية للسكك الحديدية والجدول الزمني لبدء عملها والاتفاق على الخطوات اللازمة خلال المرحلة التأسيسية والممتدة 12 شهراً».

أبوظبي وقطاع النقل
قال جيمي هوسي، مدير مؤتمر ومعرض السكك الحديدية في الشرق الأوسط: «يُعد نقل فعاليات مؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية إلى أبوظبي خطوةً استراتيجيةً تتزامن مع استئناف فتح أسواق السفر، حيث تلعب إمارة أبوظبي دوراً مهماً في قطاع النقل على مستوى منطقة الشرق الأوسط باعتبارها مركزاً للأعمال والوجهة الأمثل لتنظيم هذه الفعالية التي تجمع أهم الجهات المعنية على مستوى القطاع». وأضاف هوسي: «في ظل سعي قطاع السكك الحديدية لتعزيز استثماراته يجب أن تتوجه الحكومات في المنطقة لإحداث توازنٍ في القيمة بين الطرقات والسكك الحديدية، ولذلك نشهد إطلاق معرض الطرق والمرور الشرق الأوسط 2022 بالتزامن مع مؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية، حيث تسعى الفعاليتان للارتقاء بمنظومة قطاع النقل وتعزيزها».

مؤتمرات جانبية
احتضن مؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية مجموعةً من المؤتمرات المخصصة الأخرى، التي تشمل تقديم أكثر من 50 ساعة حول مواضيع الاستدامة والابتكار الرقمي وأساليب النقل المبتكرة، بالإضافة إلى ما يتجاوز 50 ساعة أيضاً من الندوات وورش العمل المعتمدة حول التطوير المهني المستمر، كما يوفر المؤتمر فرصة للحضور للتواصل مع ما يزيد على 100 شركة ناشئة ضمن منظومة قطاع النقل الذكي والاطلاع على آخر منتجاتها وخدماتها وابتكاراتها.
واستضاف المؤتمر، أكثر من 200 متحدث رائد في هذا المجال من المنطقة وخارجها، إذ ينظم لقاءات وورش عمل متخصصة تحت عنوان«الاستدامة والابتكار الرقمي والتنقل المبتكر».