شروق عوض (دبي)
بعد عناء وقضاء عام زراعي كامل في رعاية الأشجار، يستعد مزارعو النخيل في مختلف أرجاء الدولة، أواخر الشهر الجاري لتباشير موسم «القيظ» المتعارف عليه محلياً بنضوج ثمار النخيل، والموزع تبعاً لأصناف التمور على ثلاث مراحل زمنية، أولها الأصناف المبكرة النضج التي تبدأ مع أواخر مايو وتستمر حتى أوائل يونيو ومنها (النغال، الصلاني، والخواطر)، ثم الأصناف متوسطة النضج، ومنها (الخنيزي، جش فلجه، جش نغال، الاشهل، الخشكار، والخلاص)، يليها الأصناف متأخرة النضج والتي تكتمل مع منتصف أغسطس وحتى أوائل شهر أكتوبر ومنها (اللولو، البرحى، الفرض، الهلالي، والخصاب).
وأوضح المهندس محمد الظنحاني، مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، أن أشجار النخيل تعتبر ثروة وطنية ذات قيمة كبيرة في دولة الإمارات وأحد الموارد الغذائية والاقتصادية المهمة وتحتل الدولة مكانة متقدمة في سوق تصدير التمور واستهلاكها في الأسواق المحلية، سيما وأن التمر ذو قيمة غذائية عالية جداً، كما يعكف مزارعو النخيل على الاعتناء بمزارعهم وتلقيح الأشجار، وانتظار نضوج ثمارها وطرحها في الأسواق مستعينين بخبراتهم الزراعية وإرشادات الوزارة بهذا الشأن الحيوي عاقدين الأمل على عطاء سخي لمزارعهم كماً وكيفاً.
وقال الظنحاني: «إن هذه الأصناف تأتي بعد قيام مزارعي النخيل الراغبين بإنتاج أنواع متعددة من ثمار النخيل، بأولى خطوات «تلقيح النخيل»، بدءاً من اختيار الطلع «النبات» من الأسواق أو مزارع معارفهم وأقاربهم أو مزارعهم الخاصة، ويتميز طلع النخيل بلونه الأبيض المائل للاصفرار، ويتمتع بخواص علاجية وغذائية في آن واحد، ويتكون مطلع فبراير قبيل ظهور الرطب، وقد يكون الطلع على هيئة «مسحوق» أو داخل الجذوع الذكرية لأشجار النخيل».
وأشار إلى أن مرحلة تلقيح النخيل تعتبر من أهم العمليات الزراعية التي تجرى على النخلة، ويتوقف عليها كميات الثمار المنتجة في موسم الحصاد، حيث يسارع المزارعين بعد تغير الجو وانخفاض درجات حرارته، إلى تنظيم عملية تنبيت النخيل قبل اشتداد الحر وفساد عملية التلقيح، وتتم بزرع طلع النخلة الصغيرة في النخلة الأم الكبيرة، وانتظارها حتى تينع بثمار الرطب الوفيرة بأنواعها، مؤكداً على علاقة الطلع بالتقويم الزراعي، حيث يظهر وقت اشتداد البرد، معلناً عن بداية قطفه لتنبيت النخيل، ومع انحسار البرد يتفتح الطلع ويحين موعد التنبيت، ومع دخول الربيع تبدأ ثمار الرطب بالتكون، ثم النمو حتى تصير إلى ما يعرف بـ«الخلال»، وهو ثمرة الرطب بحجمها شبه النهائي، لكنها خضراء غير ناضجة تماماً، ومع دخول فصل الصيف «القيظ» تنضج تلك الرطب.
دعم المزارعين
وأشار إلى أنّ خطط الوزارة المستقبلية لاستدامة زراعة النخيل ترتكز على المضي قدماً في تطوير هذا القطاع، ودعم المزارعين، وتنفيذ المزيد من التجارب، بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات البحثية، للنهوض بهذا القطاع من حيث رفع الإنتاجية ومكافحة الآفات وتعظيم قيمة المنتج وغيرها الكثير من الخطط، لافتاً إلى قيام الوزارة بشكل دوري بتنفيذ أيام حقلية موجهة للمزارعين، حيث يتم إرشادهم وتدريبهم على الخطوات الصحيحة لعملية تلقيح النخيل، وترتكز الخطة المنفذة خلال هذه الأيام على أربعة محاور، أولها تدريب المزارعين على أهمية عملية التلقيح وأثرها على الإنتاج كماً ونوعاً، ثمّ التدريب العملي على طرق إجراء التلقيح المتمثلة في اختيار حبوب اللقاح المناسبة وطريقة تجفيفها واستخلاصها يدوياً أو ميكانيكياً، يليها تحديد مواعيد تلقيح النخيل المناسبة، وأخيراً التدريب العملي على طرق رش حبوب اللقاح على أشجار النخيل المستهدفة.
إجراءات يومية
وبيّن أهم الإجراءات اليومية التي يتوجب على المزارعين القيام بها لضمان استدامة إنتاج تمور ذات جودة مرتفعة، تتمثل في ضرورة الاهتمام بعملية التعشيب وإزالة الحشائش حول محيط النخلة، وضرورة الاهتمام بالاختيار الجيد لحبوب اللقاح، والتخلص الآمن من مخلفات المبيدات بالإعدام بالأماكن المعتمدة، والاهتمام بعمليات الري والتسميد بما يناسب حالة النبات وعمرة ونوعية التربة ودرجة الحرارة، والاهتمام بعملية الفرز والتعبئة للحصول على سعر جيد، وضرورة الاهتمام بزراعة الفسائل بطريقة صحيحة، والاهتمام بعملية تجفيف الطلع الذكري وحفظه بطريقة سليمة والاستفادة منه في العام التالي وغيرها.
إجراءات استباقية
وأشار إلى وجوب التزام المزارعين بعدة إجراءات استباقية لتفادي رداءة بالمنتج، أهمها إجراء عملية تسميد النخيل، واتباع جدول زمني للري، وإجراء عمليات التحدير وربط العذوق في المواعيد المناسبة وبصورة صحيحة من دون أي اصابات أو كسر للعذوق، وإجراء عمليات تكييس عذوق التمر في المواعيد المناسبة، وإجراء عمليات الخف للتمور في المواعيد المناسبة وعدم تأخيرها حيث ان التأخير يؤدي إلى رداءة المنتج، والالتزام بتجفيف التمور على إطارات خشبية داخل المسطاح أو داخل الغرف الزجاجية أو غرف البوليكربونيت في حال رغب المزارع ببيع تمور مجففة، وتسويق التمور الجاهزة وتخزينها بمخازن مبردة بأسرع وقت حيث إنّ بقائها في الأماكن المكشوفة يعرضها إلى فقدان الوزن وإصابتها بالحشرات.
التسويق الجيد
أكد الظنحاني اعتماد الإنتاج الزراعي على التسويق الجيد والعلمي لبلوغ أعلى ربحية ممكنة من المنتج، إذ يتوجب على المزارع الإلمام بثلاثة جوانب والعمل على توفيرها للوصول إلى الربحية المرادة من مشروع زراعة النخيل، الجانب الأول يتمثل في إدارة المزرعة، إذ يتوجب على القائمين على الإنتاج الإلمام التام ببيانات السوق الانتاجية وحجم الاستيعاب، ودراسة حركة الأسعار خلال المواسم السابقة ووضع توقعات للمواسم القادمة، في حين يتمثل الجانب الثاني باستراتيجية التسويق الجيد، اذ يتوجب على المنتجين القيام ببيع المنتج قبل جنيه، بمعنى التعاقد والاتفاق المسبق مع المشترين والزراعة والإنتاج حسب رغباتهم وتفضيلاتهم المبنية على دراسة شاملة لاحتياجات السوق، وجمع المعلومات حول المستهلكين المستهدفين والمنافسين المحتملين في السوق والسعر النهائي المتوقع للمنتج، أما الجانب الثالث يتمثل في موقع المزرعة، إذ يتوجب على المنتجين اختيار المواقع سهلة الوصول للمستهلكين في الوقت المناسب دون تعرض المنتجات للتلف والترويج المسبق للمنتج، وغيرها.