الإمام أبو حنيفة، رحمه الله، علم من الأعلام، فقيه الملة، عالم العراق، هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، التميمي، الكوفي، إمام أحد المذاهب الأربعة المتبوعة، ولد بالكوفة سنة «80 هـ»، في حياة صغار الصحابة، ورأى الصحابي الجليل أنس بن مالك، رضي الله عنه، (سير أعلام النبلاء، 6/ 391).
قال العلامة اليافعي، رحمه الله: عن أبي حنيفة: إنه «أدرك أربعة من الصحابة، (وقيل: ستة)، هم: أنس بن مالك بالبصرة، وعبدالله بن أبي أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدي بالمدينة، وأبو الطفيل عامر بن واثلة بمكة رضي الله عنهما.
نشأ بالكوفة مكان ولادته في أسرة صالحة، وكان والده خزازاً، يبيع الأثواب، وكان أبو حنيفة يشتغل مع والده في ذلك، وتكسب منها بعد وفاة والده، وكان مضرب المثل في الأمانة والصدق.
وقد اجتهد في طلب العلم، وأخذ الفقه عن كبار التابعين، قال الإمام أبو حنيفة رحمه اله: «دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين فقال لي: يا أبا حنيفة عمَّن أخذت العلم؟ قال: قلتُ: عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس، قال: فقال أبو جعفر: بخ بخ استوثقت ما شئت يا أبا حنيفة الطيبين الطاهرين المباركين»، (تاريخ بغداد، 13/ 334).
وقد مدحه العلماء وأثنوا عليه:
قال الإمام ابن المبارك: «لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسفيان، كنت كسائر الناس». وقال الشافعي: «الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة». وقال شريك: «كان أبو حنيفة طويل الصمت، كثير العقل».
وكان عابداً، يكثر من قيام الليل، وكان أوَّاها، قال القاسم بن معن: «إن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى: (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ)، «سورة القمر: الآية 46»، ويبكي، ويتضرع إلى الفجر».
ويعتبر أبو حنيفة رأس المذهب، ومن أبرز تلامذته: الإمام القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الذي أصبح قاضي القضاة ومحمد بن الحسن الشيباني، وزفر...
توفي عام «150 هـ» عن سبعين عاماً.