صلاة التهجد من النوافل التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى الصلاة بالليل، وتسمى (تهجُّداً)، قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾.
والتهجدُ مستحبٌّ استحباباً مؤكَّداً، وقد جاء في فضله آياتٌ وأحاديثُ، من ذلك قوله تعالى : ﴿‌إِنَّمَا ‌يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ  * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنهما رأى رؤيا فقصها على أخته حفصة رضي الله عنها فقصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِن اللَّيْلِ»، فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلَّا قليلاً.
وأفضلُ أوقات التهجُّد: الثلثُ الأخير من الليل، قال صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ».
وأقل التهجد: ركعتان، وأفضلُه: عشر دونَ الشفع والوتر، لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»، ولا حدّ لأكثره، فكلَّما زاد الشخص من النافلة زاد أجرُه.
ومن فضلِ الله وكرمه أنَّ العبد إنْ كانت له عبادةٌ يحافظ عليها فنام عنها أو سافر أو مرض كُتِبَ له أجرُها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً»، وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً».
فهنيئاً لمن وفقه الله تعالى لإحياء هذه السنة المستحبة، وواظب عليها وخاصة في شهر رمضان، لما فيها من الفضل العظيم، والخير العميم، فعن عَلِىٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَغُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا» فَقَامَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هِيَ ‌لِمَنْ ‌أَطَابَ ‌الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».
ونخلص مما سبق إلى أن صلاة التهجد سنة مستحبة، ينال صاحبها شرف المنزلة، ورفعة المكانة، وعلو الدرجة، وهي باب من أبواب الخير، يحرص عليه المتقون، ويستثمره المؤمنون. 

رَمضانُ والتَّوبَةُ
قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة التحريم: الآية 8».
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِِئَةَ مَرَّةٍ»، (صحيح مسلم، 2702).
والتوبة هي الإقلاع عن الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ورد الحقوق إلى أصحابها، أو طلب البراءة منهم.
ومن كرم الله تعالى أنه فتح باب التوبة لعباده إلى أن تقوم الساعة، فعن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ عَزْ وَجَلْ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا»، (صحيح مسلم 2759).
بل إن الحديث يعبر عن فرح الله تعالى بتوبة العبد، فهو يحب عود عباده إليه قال تعالى: (... إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ...)، «سورة البقرة: الآية 222».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ»، (صحيح مسلم، 2747).
فيجب على الإنسان أن يتوب من جميع ذنوبه توبة عامة، ومما يعلم من الذنوب توبة خاصة، ويرد الحقوق إلى أصحابها إن وجدت، ولا يؤخر التوبة، فإن الآجال لا يعلمها إلا الله، فيجب المبادرة بالتوبة فوراً.، ويستغل هذه الأيام المبارك، ويصدق في توبته، والتوبة واجبة عند الذنب، ويتأكد وجوبها في رمضان، ويستغفر ربه من ذنوبه كلها وليعلم المسلم أن فضيلة الاستغفار ومنزلته، أنها من العبودية لله تعالى، ومن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه ولو كانت ذنوبه كثيرة، والتوبة الصادقة توجب رد الحقوق إلى أصحابها.

قطوف
نزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزَّة من السماء الدنيا في ليلة القدر المباركة، ثم مُفرَّقاً على قلب النبيِّ صلى الله عليه وسلم في ثلاثٍ وعشرين سنة وهي زمن النبوة، وكان ابتداء نزوله في شهر رمضان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن في ‌رمضان على جبريل عليه السلام، فيراجعه ويقرؤه معه عن ظهر قلبٍ في كل ليلة من ليال رمضان، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ، فيُدارِسُهُ القُرْآنَ»، وفي هذا دليل على أهمية قراءة القرآن في ‌رمضان، وقد أدرك الصالحون ذلك، فكانوا إذا أقبل شهر رمضان تركوا انصرفوا إلى القرآن الكريم، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، قال الإمام مالك -رحمه الله-: إذا جاء ‌رمضان فإنما هو تلاوة ‌للقرآن.

فتوى
أخذت اللقاح وحصلت لي أعراض صداع وتعب، هل يجوز لي أن أفطر؟
أجاب المركز الرسمي للإفتاء بأنه:» إذا كان الصداع والتعب شديدين بحيث يكون في الاستمرار في الصيام معهما مشقة: جاز لك الفطر، وإذا كانا خفيفين فعليك أن تراجع الطبيب وتستشيره ثمَّ تعمل بما يشير به عليك من الفطر أو الاستمرار في الصوم.