إبراهيم سليم (أبوظبي) 

تعتبر شجرة النخيل ذات أهمية استراتيجية لما لها من دور في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي، إضافة لمكانتها وارتباطها بالتراث والتاريخ في  الإمارات؛ إذ يعود تاريخ زراعة نخيل التمور في الدولة إلى نحو 5000 عام، وسجل علماء الآثار وجودها، وعثروا على نوى ثمارها في المواقع الأثرية التي نقبوا فيها، مثل موقع هيلي الأثري، والتي كانت تروى بمياه الأفلاج، ومن هذا المنطلق كان السعي الحثيث في تطوير مجال إنتاج النخيل والتمور وإجراء الأبحاث التطبيقية في هذا الحقل الحيوي، والمحافظة عليه من الآفات والحشرات التي تؤدي إلى موت النخلة أحياناً.
وأكدت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية أن زراعة النخيل بالدولة تطورت بشكل كبير ومتسارع خلال السنوات الماضية، مؤكدة أنها تعمل جاهدة على تطوير وتنمية هذا القطاع وتعزيز استدامته من خلال البرامج والخدمات التي تقدمها للمزارعين، وتشجيعهم على اتباع الممارسات الجيدة لإنتاج التمور بهدف تحسين جودة ونوعية التمور المنتجة، إضافة إلى مراقبة المزارع المنتجة للتمور والحد من استخدام المبيدات الزراعية، والحصول على تمور نظيفة وخالية من متبقيات المبيدات، وعلى مستوى التطوير تحرص الهيئة على تشجيع زراعة الأصناف التجارية ذات الإنتاجية العالية والعائد الاقتصادي الجيد، ويرتبط المجتمع مع النخيل بعلاقة قديمة، باعتباره محصولاً اقتصادياً اجتماعياً ليس وليد اليوم.
قدمت الهيئة نحو 124 ألفاً و500 مصيدة فرمونية، وحوالي 21 ألفاً و164مصيدة ضوئية على مستوى إمارة أبوظبي، وتم اصطياد نحو 10 ملايين ونحو 108 آلاف سوسة نخيل نخيل حمراء بوساطة المصائد الفرمونية الموجودة في مزارع إمارة أبوظبي منذ بدء البرنامج قبل نحو 8 سنوات، واصطياد حوالي 2 مليون تقريباً من الحفارات، بوساطة المصائد الضوئية الموجودة في مزارع إمارة أبوظبي منذ بدء البرنامج قبل نحو 3 سنوات، حيث يلاحظ الانخفاض في أعداد الحشرات من سنة إلى أخرى. 
وأشارت الهيئة إلى أنه من أهم الآفات التي تصيب النخيل سوسة النخيل الحمراء، حفار ساق النخيل ذو القرون الطويلة، حفار عذوق النخيل والحميرة (دودة البلح الصغرى) وآفة حلم الغبار (العنكبوت) ومكافحة الآفات بطرق آمنه بيئياً لتقليل الضرر الاقتصادي للآفة والتلوث البيئي، والمحافظة على النظام البيئي من الاستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية، بالإضافة إلى إزالة النخيل الميت وشديد الإصابة بمختلف الآفات. 
وأكدت نجاح برنامج الإدارة المتكاملة للآفات التي تصيب مزارع النخيل في الحد من الإصابات، ويتضح ذلك في قياس الأثر المتبقي للمبيدات على تمور النخيل التي يتم الكشف عنها بصورة دورية بالتعاون مع شركة الفوعة للتمور.

124.500 مصيدة قرمونية
يعتبر برنامج الصيد المكثف للحشرات باستخدام المصائد الفرمونية والضوئية من أهم برامج الإدارة المتكاملة للآفات، وعنصراً رئيسياً فيها، ويهدف هذا البرنامج إلى خفض أعداد سوسة النخيل الحمراء وحفاري الساق والعذوق، وبيان معدل انتشار الآفات والتوزيع الجغرافي لسوسة النخيل والحفارات على مستوى مزارع إمارة أبوظبي. وتقوم الهيئة بصيانة دورية للمصائد كل شهر من خلال فرقها، بحيث تقوم بتغيير الفرمون وجمع الحشرات التي تم اصطيادها وإحصاؤها وإضافة التمر والماء أثناء الزيارة وتثبيت المصيدة ودفنها جزئياً في التربة، حيث تم توزيع حوالي 124.500 مصيدة فرمونية، وحوالي 21.164 مصيدة ضوئية على مستوى إمارة أبوظبي، وتم اصطياد نحو 10.107.682 سوسة نخيل حمراء بوساطة المصائد الفرمونية الموجودة في مزارع إمارة أبوظبي منذ بدء البرنامج قبل نحو 8 سنوات، واصطياد حوالي 1.924.415 حفار بوساطة المصائد الضوئية الموجودة في مزارع إمارة أبوظبي منذ بدء البرنامج قبل نحو 3 سنوات، حيث يلاحظ الانخفاض في أعداد الحشرات من سنة إلى أخرى. 

  • ناصر الزعابي

نظام ري حديث يوفر 40% من المياه 
دعا المزارع ناصر الزعابي إلى ضرورة المكافحة الجماعية لآفات النخيل، واستعمال أحدث التقنيات الخاصة بعمليات الري؛ إذ أن المياه الزائدة عن حاجة النخيل تسبب أضراراً للنخيل، وخاصة أنه طبق بمزرعته نظام ري حديث وفر المياه وحد من الإصابات وانعكس ذلك على جودة التمور وكثافة الثمر.
وقال: إن هناك أمرين مهمين في مجال مكافحة الآفات والحشرات التي تصيب النخيل، هما نظام المحاكاة في الري بتقنية rdi والذي يقضي على دودة العاقور، وهو نظام يوفر نحو 40 في المئة من المياه المستهلكة، والأخرى مكافحة الآفات باستخدام الوسائل الحديثة، ومنها نظام المصائد الفرمونية والضوئية، وحديثاً نظام الاستشعار والمبنى على آلية للتعرف على سوسة النخيل. 
ولفت إلى أن نظام المصائد الفرمونية والمصائد الفرمونية نجحت إلى حد ما في مكافحة سوسة النخيل، ولكن لم تقض عليها بشكل كامل، حيث إن هذه المصائد تقوم على اصطياد الذكور وبالتالي الحد من تكاثرها، وقال: إن المطلوب تبني نظام وطني للقضاء على سوسة النخيل، لافتاً إلى وجود تقنيات حديثة طبقتها بعض الدول وتمكنت من القضاء على سوسة النخيل، وأشار إلى أن نخيل التمر يعد أحد مصادر الأمن الغذائي، وهو غذاء رئيسي، وهناك صناعات قائمة على النخلة ومنتجاتها.
وثمن الزعابي جهود هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في معاونة أصحاب المزارع، وتوزيع المصائد، وبالعناية بالنخيل، وحقنه في حالة الاحتياج إلى ذلك، وتوفير التثقيف والإرشاد وتوفير المرشدين وزيارات ومتابعات مستمرة، ونحتاج إلى تطبيق نظم تتبع علمية.
وقال: إن هناك دوراً يقع على أصحاب المزارع وخاصة المهملة، أو التي لا يهتم بها أصحابها حتى لا تتحول إلى بؤرة ناقلة للأمراض والآفات، داعياً أصحاب المزارع للقيام بدورهم والاهتمام بمزارعهم، والتخلص من الآفات، والنفايات وفق الإجراءات التي نظمتها الهيئة، خاصة أن شركة تدوير تتولى تنفيذ مهام التخلص من النفايات، حيث تحتاج المواجهة تكاتف الجهود.

مصيدتان لكل هكتار
فيما يتعلق بالمحدد للمصائد الضوئية أو الفرمونية بكل مزرعة، أكدت أنه وجد من خلال الدراسات بأن العدد المناسب للمصائد الفرمونية، بمعدل مصيدتين لكل هكتار (مصيدة واحدة لكل 5 دونم)، على مسافة 100 متر ما بين كل مصيدة وأخرى، وعلى بعد 5 أمتار من جذع النخلة وفي مكان مظلل خلال فترة منتصف اليوم، مع مراعاة أن يكون شكل توزيع المصائد على شكل متعرج وليس على التوالي. وبالنسبة للمصائد الضوئية واحدة في المزرعة ويمكن إضافة مصائد أخرى للمزارع التي تحتوي على 1000 نخلة فأكثر. 
وأشارت الهيئة إلى أنها تطبق استراتيجية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على الأمن الغذائي والحيوي في مزارع إمارة أبوظبي، وذلك من خلال تطبيق عدة برامج تعنى بشجرة النخيل لأهميتها الاستراتيجية في المحافظة على البيئة ودعم الأمن الغذائي، حيث يتم تطبيق برنامج الإدارة المتكاملة لآفات النخيل من أجل السيطرة عليها بطرق آمنة بيئياً، وتقليل الضرر الاقتصادي للآفة، والمحافظة على النظام البيئي من الاستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية، لتنمية واستدامة هذا القطاع الاستراتيجي والحيوي.

  • عبيد المزروعي

المكافحة الجماعية للآفات
ثمن عبيد المزروعي صاحب مزرعة جهود هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في مكافحة سوسة النخيل وحفار الساق وغيرها من الآفات والحشرات والأوبئة التي تصيب النخيل، والتي لعبت دوراً كبيراً في زيادة الوعي لدى المزارعين وأسهمت في الارتقاء بسمعة وجودة التمور الإماراتية، والحد من الأمراض.
وقال، إنه رغم الجهود التي تبذلها الهيئة، إلا أن هذه الجهود قد تتأثر سلباً أو تضيع سدى، بسبب المزارع المهملة حيث يتكاسل أصحابها في العناية بها، مما جعلها موطناً لتكاثر الآفات والحشرات الضارة بالنخيل، بما في ذلك الفئران والسناجب والتي ظهرت مؤخراً. موضحاً أن عملية المكافحة الزراعية لآفات النخيل التي تنفذها الهيئة تشمل جميع المزارع.
ودعا إلى ضرورة المكافحة الجماعية، في كل مناطق الإمارة، وعدم ترك أي مزرعة مهملة، وتطبيق القرارات واتخاذ إجراءات ضد المزارع غير الملتزمة، والمهملة، التي لا تطبق برامج المكافحة التي اعتمدتها الهيئة، خاصة أن عملية التخلص من النفايات الزراعية لدى المزارع المهملة تكون سبباً لنقل العدوى للمزارع الملتزمة، حيث يقوم العمال وأصحاب المزارع بالتخلص من الأشجار والجذوع بطريقة غير صحيحة، رغم وجود مكبات للمخلفات الزراعية تتبع  «تدوير»، وقال: إن المزارع والتي اهتمت بتركيب المصائد الفرمونية والضوئية قد تتأثر بسبب المزارع المهملة، وتكون سبباً في نقل العدوى بسبب انجذاب الحشرات ناحية الضوء، كما دعا إلى اتخاذ إجراءات ضد تجار الفسائل أو النخيل الموجودين على الطرق، إذ أن تلك الفسائل تكون حاملة للبيوض أو الحشرات، ومن لا يملكون الخبرة قد يشترون فسيلة مصابة تتسبب في تدمير المزرعة.
كما دعا المزروعي إلى تقنين نقل الفسائل من مزرعة إلى مزرعة أو من منطقة إلى أخرى، إلا بموافقة الهيئة وفحصها قبل نقلها والتأكد من خلوها من الآفات وتطبيق إجراءات المكافحة المتكاملة. 
وحدد ثلاث نقاط لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة وإبراز جهود الهيئة في إعطاء مهلة لأصحاب المزارع، ومنع نقل الفسائل والنخيل إلا بعد موافقة الهيئة بخلوها من الأمراض، ووضع آلية لعملية النقل، والحشرات، ووقف عمليات البيع العشوائي التي يقوم بها العمال أو التجار على الطرق.

  • حمد الفلاسي

تكثيف الحملات
أكد المهندس حمد الفلاسي وجود حاجة ماسة لتكثيف حملات المكافحة للآفات الزراعية بشكل عام ومنها آفة سوس النخيل والعناكب، لضمان عدم انتشارها والقضاء عليها، وتكون مكافحة جماعية، ولا يتم التوقف عند مرحلة معينة، وتشمل جميع المناطق، موضحاً أن هيئة الزراعة والسلامة الغذائية تقوم بدور توعوي مهم فيما يتعلق بأساليب المكافحة، ونظراً لارتباط الشعب الإماراتي بالنخيل هناك تركيز على حماية نخيل التمر وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة وبرامج المكافحة المتكاملة، وفي ظل غياب الاهتمام من بعض المزارعين أحياناً تتأثر هذه الجهود، ولذا لابد من مكافحة طويلة المدي للآفات الزراعية عموماً والنخيل خصوصاً، حتى لا تنتقل الآفات من مزرعة مصابة إلى مزارع غير مصابة.