حسام عبدالنبي (دبي)

قال خبراء ورؤساء شركات عاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية بالدولة، إن «إكسبو 2020 دبي» كان دفعة قوية لمسيرة الإمارات نحو المستقبل، وهو ما أسهم في المزيد من الثقة في قطاع العمل وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مؤكدين أن استضافة الإمارات للحدث العالمي سيعزز من معدلات النمو والانتعاش الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
وأكد خوسيه فيناليز، رئيس مجلس الإدارة والرئيس العالمي لمجموعة بنك ستاندر تشارترد، في تصريحات لـ «الاتحاد» أنه من المتوقع أن تتدفق استثمارات إضافية إلى الإمارات بعد انتهاء معرض إكسبو 2020، وذلك من اتفاقيات الشراكة والصفقات الأخرى الموقعة خلال الحدث، معرباً في الوقت ذاته عن تفاؤله بشأن آفاق الانتعاش على المدى القصير والمتوسط في دولة الإمارات، إذ أنه في المدى القصير، يتوقع أن يضيف الطلب الإضافي المدفوع بإكسبو 2020 قوة دفع رئيسية لتعافي النمو غير النفطي المدفوع بالآثار الأساسية للمعرض.

وقال إنه منذ الإعلان عن استضافة الإمارات معرض «إكسبو 2020 دبي»، استقبلت الدولة استثمارات ضخمة في العديد من القطاعات الاقتصادية، وكان قطاعا العقارات والسياحة من أكبر المتلقين للاستثمارات الأجنبية والمحلية التي اجتذبها المعرض، مشيراً إلى أن تطوير موقع معرض إكسبو 2020 أدى إلى تدفق هائل للأموال إلى قطاع العقارات، ومع ذلك، لم تقتصر الطفرة على موقع الحدث، بل امتدت إلى المناطق المحيطة، والتي تستضيف عدداً كبيراً من زوار المعرض. 

مسيرة الغد 
من جانبها، قالت الدكتورة داليا المثنى، الرئيس لشركة «جنرال إلكتريك» في دولة الإمارات والرئيس العالمي للشؤون الاستراتيجية والعمليات في الأسواق العالمية، إن الحدث العالمي سيبقى حاضراً في أذهان العالم أجمع بعد سنوات طويلة كنقطة تحول هائلة أسهمت في تمهيد الطريق نحو مستقبل مشرق، مؤكدة أن «إكسبو دبي» سيسهم في خلق الفرص للمواهب المبدعة وابتكار الأفكار وتمهيد طريقها نحو الازدهار، وبناء مستقبل قطاع النقل لتيسير سبل تنقل الأفراد وشحن البضائع في مختلف أرجاء العالم، والتركيز على العمل المناخي الجاد لإزالة الكربون.

وأشارت المثنى، إلى أن إطلاق الأفكار البناءة خلال إكسبو 2020 دبي يساهم في رسم مسار المستقبل، فإضافة إلى ضرورة التحول بقطاع الطاقة ليتمكن من تحقيق مزيج نظيف يجمع بين طاقة الغاز والطاقة المتجددة، يتعين على العالم البحث في تقنيات الرعاية الصحية المتطورة، لاسيما عقب تنامي أهمية هذا القطاع بعد تفشي الجائحة، إلى جانب تقييم الإمكانات المستقبلية لقطاع النقل والطيران، مختتمة بالقول إن التطور في كل من هذه الميادين سيدفع مسيرتنا نحو الغد الأفضل الذي نتطلع إليه.

فرص للصناعة 
بدوره، شدد سعود أبو الشوارب، مدير عام مدينة دبي الصناعية على المردود الاقتصادي الإيجابي لإكسبو 2002 دبي على جميع الأصعدة في دولة الإمارات، لا سيما في قطاع الصناعة والتصنيع باعتباره رافداً أساسياً لمنظومة الاقتصاد، وأحد المحركات الأساسية لمسيرة الدولة التنموية، لافتاً إلى توجهات دولة الإمارات نحو تحفيز القطاع الصناعي ورفده بقدرات تنافسية لتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، وذلك بخطط واستراتيجيات مستقبلية تتماشى مع أجندة التنمية المستدامة، ومؤكداً أن تنظيم إكسبو سيشكل عاملاً محفزاً وسيطرح فرصاً أكبر للتوسع وتوطين الصناعات واستقطاب المزيد من الاستثمارات.

وقال أبو الشوارب: «تتميز دولة الإمارات بمكانة وسمعة عالمية كبيرة رسختها بيئة أعمال جاذبة وتشريعات داعمة ومبادرات حكومية رائدة، لمختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية، الأمر الذي أثمر عن استقطاب أكبر الصناعات والمستثمرين، ومن شأن إكسبو أن يفتح المجال أمام هذا القطاع لدفع عجلة التنمية والتطوير، ومواكبة أحدث المستجدات والمتغيرات على صعيد الثورة الصناعية الرابعة».

انتعاش الضيافة
وقالت سابنا جاغتياني، محللة الشركات الخليجية بوكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» إن هناك عدداً من العوامل التي أدت إلى انتعاش قطاع الضيافة خلال النصف الثاني من العام الماضي، وأهمها الزخم الإيجابيv من معرض إكسبو 2020 دبي، الذي جذب أكثر من 17 مليون زائر حتى بداية مارس 2022، إلى جانب عودة المؤتمرات الحضورية في دبي، وارتفاع إجمالي عدد زوار دبي بنسبة 32% إلى 7.3 مليون في عام 2021، ليصل إلى حوالي 74% من مستويات ما قبل الجائحة في الربع الأخير، موضحة أن الحدث العالمي ساهم في تحقيق انتعاش قوي في متوسط السعر اليومي للغرفة الفندقية وإيرادات كل غرفة متاحة ونسب الإشغال في النصف الثاني من عام 2021.

وتوقعت جاغتياني، أن يمتد الزخم الإيجابي من معرض دبي إكسبو 2020 إلى عام 2022 لاسيما مع الاستئناف التدريجي للسفر الدولي، مع التعافي السريع لدبي، بدعم من معدلات التطعيم المرتفعة، مرجحة ارتفاع معدل السعر اليومي للغرفة ومعدلات الإشغال بشكل مطرد خلال النصف الأول من عام 2022 من القاعدة المنخفضة للنصف الأول الضعيف من عام 2021.

قطاعات النمو 
وقال أيمن يوسف، نائب رئيس شركة «كولدويل» إن «إكسبو» سيحسن، بشكل عام، الاستثمارات الأجنبية المباشرة وسيتم إنشاء أعمال تجارية جديدة، كما سيشهد قطاع العقارات المزيد من الطلب وزيادة في فرص العمل. وأكد أن المعرض سيساعد في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة في دبي والتقدم نحو اقتصاد قائم على الابتكار وخلق بيئة أعمال تدعم قطاعات النمو الرئيسية مثل الخدمات اللوجستية والنقل والسفر والسياحة والبناء والعقارات والتعليم. وأشار إلى أنه تم التخطيط للاحتفاظ بمنطقة إكسبو المبنية في دستركت 2020، ومن ثم التوسع بها لتصبح مدينة تغطي أكثر من أربعة ملايين متر مربع، لافتاً إلى أن شركات دستركت 2020 ستركز على التكنولوجيا والابتكار بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ومن المتوقع أيضاً أن يكون مركز دبي للمعارض مرفقاً رئيسياً في الموقع.

وذكر يوسف، أن فريق «دستركت 2020»، أعلن قبل أيام قليلة الرؤية المستقبلية لموقع إكسبو 2020 دبي، حيث انضمت المجموعة الأولى المكونة من 85 شركة ناشئة وصغيرة، والمختارة ضمن برنامج ريادة الأعمال العالمي «سكيل2دبي»، إلى الشركات المتنوعة التي ستكون دستركت 2020 مقراً لها قبل نهاية العام الجاري، لافتاً إلى أنه في غضون أيام، سيبدأ العمل على إعادة توظيف الموقع، حيث سيعاد تصور أكثر من 80% من مباني الحدث الدولي ويعاد العمل عليها لتأسيس بيئة مرنة ومتعددة الاستخدامات، تتيح للناس العيش والعمل والاستكشاف، وتمثل منظومة للابتكار التقني العالمي، لتتسلم أولى الشركات مواقعها في مدينة المستقبل هذه مع حلول فصل الخريف.

الاقتصاد غير النفطي 
ويرى مايكل آرمسترونغ، المدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، أن معرض إكسبو 2020، بحد ذاته يعتبر محركاً حيوياً للاقتصاد غير النفطي، ولذا يتوقع أن يدشن مرحلة من النمو القوي في الاقتصاد غير النفطي لدولة الإمارات، مؤكداً أن الحدث العالمي شجع بالفعل الزخم الاقتصادي خلال العام الماضي، وأرسى الأساس لمزيد من النمو على مدار الأشهر المقبلة.

القطاع المصرفي والمالي 
وقال بال كريشين، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «سنشري فاينانشال»: إن «إكسبو 2020 دبي» سيكون له العديد من الآثار الإيجابية على القطاع المصرفي والمالي في الدولة سواء من جانب الأفراد أو الشركات والحكومات المشاركة في الحدث، موضحاً أن بعض الشركات التي زارت إكسبو ستقوم بفتح مقار أو فروع في الدولة بعد المعرض والتعرف على البيئة الاستثمارية والتسهيلات التي تقدمها الدولة للعمل والعيش، ومن ثم ستحقق البنوك زيادة في الإيرادات من فتح الحسابات، وحصول بعض الشركات على تسهيلات ائتمانية من البنوك لدعم إجراءاتها الاستثمارية الجديدة.

وأكد كريشين، أن العديد من الزوار والمشاركين في الحدث سيفتحون حسابات مصرفية في الإمارات ما سينعكس على زيادة الودائع في البنوك، فضلاً عن استخدامهم لبطاقاتهم الائتمانية ما يفيد المؤسسات المالية من رسوم أجهزة الصراف الآلي، لافتاً إلى أن حدوث حركة نشطة أكثر من المعتاد في خدمات الدفع والتحويلات خلال فترة الحدث سينعكس إيجابياً على البنوك وشركات الصرافة.

قطاع البناء 
وأفاد جو لبكي، مدير عام مجموعة أمانة للإنشاءات، في الإمارات والأسواق الناشئة، بأن «إكسبو 2020 دبي» كان له كبير الأثر في إنعاش قطاع العقارات في دولة الإمارات، ومن المتوقع أن يطال هذا الانتعاش مختلف القطاعات الاقتصادية، متوقعاً أن تدعم البنية التحتية لإكسبو 2020 دبي المجتمعات المزدهرة، بما يتماشى مع الخطط الطموحة لدولة الإمارات للتنمية الاجتماعية والاقتصادية على مدى السنوات الخمسين المقبلة، خصوصاً مع إصدار الدولة لعدد من القوانين الجديدة التي تدعم الاستثمار والإقامة.

وأشار لبكي، إلى أن الطلب على مختلف المنتجات العقارية سيزداد بعد «إكسبو دبي»، بما في ذلك الإسكان والضيافة والمدارس، لافتاً إلى أن إكسبو 2020 دبي، سيعيد تشكيل قطاع البناء في المنطقة بطرق مباشرة وغير مباشرة خصوصاً من حيث التوجه نحو الاستدامة، وزيادة الطلب على الإنشاءات بالمجسمات الجاهزة التي توفر بيئة بناء أكثر أماناً، وتحد من النفايات بنسبة تصل إلى 30%، كما أنها ترقى بمستويات سلامة العمل بنسبة تصل إلى 70%، مقارنة بالبناء التقليدي.

مواكبة السياسات 
من جهته، يرى نيتين أغاروال، رئيس منصة «هاندرد» أن القطاع العقاري سيستفيد من «إكسبو 2020 دبي» على المدى الطويل، لاسيما وأن ذلك تواكب مع السياسات الحكومية الجديدة التي تم سنّها في الفترة التي سبقت المعرض مثل قرار الملكية الأجنبية بنسبة 100% والإقامة الذهبية والإقامات الخضراء وما إلى ذلك.

مؤكداً أن «إكسبو» في حد ذاته كان سبباً جيداً لكي يزور رواد الأعمال وأصحاب الشركات من حول العالم، دولة الإمارات ومن ثم حصولهم على مزيد من الثقة بالعمل والانتقال للعيش في الإمارات، ما سيؤدي إلى زيادة في الهجرة إلى الإمارات ودبي خلال السنوات المقبلة وتالياً سيستفيد القطاع العقاري.

التكنولوجيا والرعاية الصحية 
قال أمين سعدي، مدير المبيعات الإقليمي لشركة «مايلستون» إنه سيكون هناك مكاسب مباشرة وطويلة الأجل لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والعقارات والرعاية الصحية والترفيه بسبب إكسبو، حيث يمكن لتلك القطاعات أن تتوقع أعمالاً جديدة وعملاء جدداً وفرصاً جديدة بعد إكسبو أيضاً نظراً للخطط التي أعلنت عنها دبي للاستفادة من موقع إكسبو، مؤكداً أن أهمية تكنولوجيا المعلومات تزداد يوماً بعد يوم، خاصة مع أنظمة الأمن السيبراني وإدارة الفيديو لضمان السلامة الزوار الحاضرين والعارضين، ونتوقع أن يستمر هذا الاتجاه بالنمو.

وأشار سعدي، إلى أن تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية ستنمو بشكل كبير بعد فترة طويلة حتى بعد إكسبو بفضل المبادرات الجديدة التي تجعل من دبي مركزاً للنمو والمواهب الجديدة.

البنية التحتية 
ذكرت ماريفا كولامالله، رئيسة قسم التسويق والاتصالات في «أكرونيس» في الشرق الأوسط وأفريقيا، أنه على المدى الطويل، يمكن تحقيق النمو المستدام من خلال الحفاظ على السياح وزوار الحدث كمستثمرين ومقيمين، ويتمثل مفتاح تحقيق هذا الهدف في تطور خدمات البنية التحتية، متوقعة أن يستفيد قطاع البنية التحتية حتى بعد «إكسبو» لمواكبة الطلب المتوقع من الشركات والمستثمرين الراغبين في افتتاح أعمال في دبي.

قالت كولامالله، إن التكنولوجيا المعروضة في «إكسبو» سيتم الاستفادة منها لتطوير البنية التحتية، إلى جانب أنه من المتوقع أن نشهد زيادة في الطلب على الحماية السيبرانية وإدارة الفيديو واستخدام التقنيات القائمة على البلوك تشين، منبهة أن الخطط لتحويل المنطقة إلى District 2020 يعني أن جميع تكنولوجيا البنية التحتية للأمن السيبراني التي تم وضعها ستستمر في إفادة البلاد والشركات على المدة الطويل.

تسارع النمو
بدوره علق كريشنا داناك، العضو المنتدب لدى ألبن كابيتال، بالقول إن استضافة معرض «إكسبو 2020 دبي» يساعد في تعزيز الطلب وتدفقات السياح إلى الإمارات، وبالتالي دعم قطاع التأمين المحلي، فضلاً عن تسارع النمو عبر قطاعات الإنشاءات، والبيع بالجملة والتجزئة، والسفر والسياحة بالدولة، مؤكداً أن إعادة افتتاح قطاع السياحة وإقامة الفعاليات الكبرى مثل إكسبو 2020 سيعطي دفعة إضافية للنمو في المرحلة المقبلة ما يتوقع معه انتعاش الاقتصاد، وتجدّد الثقة في قطاع الأعمال.

التعافي الاقتصادي
ذكر يوغيش خيراجاني، محلل أبحاث الاستثمار في سنشري فاينانشال، أن عام 2021 كان عام التعافي للاقتصاد الإماراتي، في حين أن عام 2022 سيكون عام التقدم، مرجعاً ذلك إلى مجموعة من العوامل الداعمة وأهمها آثار «إكسبو 2020 دبي» وارتفاع ثقة المستهلك زيادة الحركة السياحة، والإنفاق السخي على التجزئة، والاستثمار العقاري المرتفع، وصعود أسعار النفط.