مصطفى عبد العظيم (دبي)

أكد الدكتور أحمد البنا، سفير الدولة لدى الهند، قوة الشراكة التي تجمع الإمارات والهند والقائمة على علاقات تاريخية من الصداقة والتعاون البناء والمصالح المشتركة والرغبة المتبادلة في مواصلة الارتقاء بهذه العلاقات المتميزة إلى مستويات أكثر تقدماً وازدهاراً.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن الهند تشكل شريكاً اقتصادياً استراتيجياً مهماً لدولة الإمارات وهو الأمر الذي يعكسه التناغم الواضح في الرؤى الاقتصادية، مشيراً إلى أنه في حين أن التجارة والاستثمار يشكلان معاً حجر الزاوية لشراكة ثنائية متعددة الأوجه، إلا أن هناك آفاقاً واعدة لترسيخ تلك العلاقات المزدهرة وتنويعها من خلال استكشاف فرص لشراكات استراتيجية في مجالات جديدة أخرى مثل التصنيع المتقدم والرعاية الصحية والصناعات الغذائية والتكنولوجيا المالية والزراعية والرقمنة.
وأضاف البنا أن حالة الشراكة بين الإمارات والهند تشكل نموذجاً يحتذى به يعكس أهمية الشراكات الاستراتيجية بين الدول، فبينما تقف الإمارات كمزود ملتزم بأمن الطاقة للهند، تُعد الهند شريكاً قوياً لدولة الإمارات في ما يتعلق بالأمن الغذائي، لافتاً إلى أن كلا القطاعين الاستراتيجيين بطبيعتهما ساعدا البلدين على تعميق شراكتهما الاقتصادية الاستراتيجية.

التجارة البينية
وأفاد بأنه ووفقًا لأحدث الإحصاءات التجارية الصادرة عن الحكومة الهندية، احتلت دولة الإمارات المرتبة الثالثة بين أكبر الشركاء التجاريين للهند للعام الثامن على التوالي في السنة المالية 2021-2020، بقيمة 43.3 مليار دولار، (159مليار درهم) وذلك على الرغم من التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على حركة التجارية الدولية.
وأشار سفير الدولة لدى الهند أنه لوضع هذه الأرقام في منظورها الصحيح، فقد استحوذت دولة الإمارات خلال السنة المالية 2021-2020 على حوالي نصف إجمالي تجارة الهند مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى 60% من إجمالي صادرات الهند إلى دول المجلس.

الفائض التجاري
وأوضح أنه في العام المالي 2019-2020، وبعد فجوة استمرت 6 سنوات، تحرك الميزان التجاري بين الإمارات والهند لصالح دولة الإمارات، قبل أن يكتسب الاتجاه مزيداً من الزخم خلال 2020-2021، حيث بلغت قيمة الفائض التجاري لدولة الإمارات مع الهند حوالي 10 مليارات دولار (36.7 مليار درهم) وهو الأمر الذي يشكل تطوراً ملحوظاً بالنسبة لدولة الإمارات، حيث إن آخر مرة سجلت فيها الإمارات فائضاً تجارياً مع الهند كانت في السنة المالية 2012-2013، عندما كانت تبلغ قيمة التجارة الثنائية بين البلدين 75.45 مليار دولار، وكانت الإمارات أكبر شريك تجاري للهند.

قفزة كبيرة في الاستثمارات
ومن حيث التدفقات التراكمية للاستثمار الأجنبي المباشر، أشار سعادته إلى أن دولة الإمارات جاءت في المرتبة الثامنة كأكبر مستثمر في الهند حتى السنة المالية 2020-2021، فيما زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات إلى الهند بنسبة هائلة بلغت 1100% خلال السنة المالية الماضية، من 339 مليون دولار في السنة المالية 2020-2019 إلى 4.2 مليار دولار في السنة المالية 2020-2021، مؤكداً أن هذه الأرقام تعكس ثقة دولة الإمارات بقصة نمو الهند.

الشراكة في قطاع الطاقة
وفيما يتعلق بالشراكة بين البلدين في قطاع الطاقة، أكد أن دولة الإمارات شريك ملتزم للهند لتلبية احتياجاتها من الطاقة، مشيراً إلى أنه في السنة المالية 2021-2021، أصبحت الإمارات ثالث أكبر مصدر للنفط الخام في الهند، حيث تمثل أكثر من 12% من إجمالي واردات الهند من النفط الخام وثاني أكبر مصدر للمنتجات البترولية، وهو ما يمثل حوالي 19%من إجمالي واردات الهند من المنتجات البترولية.

تصنيع الأغذية والأمن الغذائي
وأكد أن التعاون في قطاع تصنيع الأغذية وضمان الأمن الغذائي يظل مجالًا ذا أولوية عالية للجانبين منذ عام 2015، مشيداً بمبادرة تطوير «الممر الغذائي الإماراتي الهندي»، والتي تعد إحدى المبادرات المشتركة البارزة بين البلدين، باستثمارات متوقعة تبلغ 7 مليارات دولار (25.7 مليار درهم).
وأشار إلى أن مبادرة الأمن الغذائي الإماراتي الهندي تسير على الطريق الصحيح وتحرز تقدمًا مطردًا، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يستفيد من الممر أكثر من مليوني مزارع في الهند ويخلق أكثر من 200 ألف فرصة عمل إضافية في جميع أنحاء الهند، مؤكداً أن هذا الممر الطموح هو مثال آخر على الديناميكية التي تشكل جوهر سعي الإمارات العربية المتحدة للتعاون الثنائي.

التعاون الرقمي والتكنولوجي
وعلى صعيد الفرص المتاحة التي يمكن أن توفر آفاقاً أوسع للشراكة الاقتصادية بين البلدين، أوضح أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تسريع التحول الرقمي في مجالات الأعمال التجارية والتفاعلات الشخصية، متوقعاً أن يشكل التعاون التكنولوجي الذي ينمو بشكل ملحوظ أحد المجالات لتوسيع الشراكة الثنائية مع الهند، وتحديداً في مجالات التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا الصحية، لافتاً إلى أنه مع التوجه المتزايد لدولة الإمارات نحو النمو والرقمنة الذي يقوده الابتكار، فإن هذه القطاع يعد أحد القطاعات الرئيسية التي يمكن أن تتشكل فيها أوجه الشراكة بين الإمارات والهند، بالإضافة إلى قطاعات أخرى عدة مثل التصنيع المتقدم والرعاية الصحية والفضاء والزراعة وإنتاج الغذاء والتي يمكن أن تشكل القوى الدافعة من المرحلة التالية من الشراكة الاقتصادية بين البلدين. 

%11 حصة الإمارات من صادرات الهند
قال الدكتور أحمد البنا إن توقيع الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الهند التي تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، يعد خطوة نوعية باتجاه تحقيق مستهدفات مشاريع الخمسين الخاصة بالتجارة الخارجية، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تشكل سوقاً رئيسة للصادرات الهندية باستحواذها على 11% من إجمالي قيمة صادرات الهند للعالم بما يعادل أكثر من 26.6 مليار دولار. وتوقع أن يكون للاتفاقية انعكاس سريع ومباشر على تجارة الدولة الخارجية وكذلك على قطاعات الاستثمار والتقنية والبيئة والتجارة الرقمية.