بقلم: محمد خليفة النعيمي
شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من الأحداث المهمة على مدار العام الماضي، حيث كان من أبرزها الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس الدولة، كما نجحت الإمارات على مدار الـ 50 عاماً في أن تحدد مكانتها وجه متعددة الثقافات، وأن تكون بمثابة ملتقى لمختلف الجنسيات والأفكار والآراء.
وفي الوقت الذي نتطلع فيه إلى الأعوام الخمسين القادمة، نضع في اعتبارنا أن العالم سيزداد ترابطاً، والتحديات التي نواجهها ستصبح أكثر تعقيداً، إذ تحتاج القضايا المحلية إلى اهتمام عالمي، بالإضافة إلى أن تصرفات الأفراد لا تؤثر فقط على الآخرين من حولهم، وفي مجتمعاتهم، بل تمتد آثارها لتشمل العالم ككل..كما إن المساهمة في تطوير الأجيال القادمة، وتوفير جميع أساليب المعرفة والمهارات اللازمة، وغرس القيم العالمية والثقافية يعد أمراً في غاية الأهمية، لاسيما وأننا نشهد تحديات غير مسبوقة في مجال الصحة والتكنولوجيا والتغير المناخي، حيث إن المعرفة اللازمة تسهم في مواجهة التحديات المحلية والعالمية وقضايا تداخل الثقافات، وتمكُن الأشخاص من اتخاذ الإجراءات المناسبة والتواصل فيما بينهم، علماً أن تقدير الآراء المختلفة هي عملية تتطلب وقتاً طويلاً وهو الدور الجوهري الذي يؤديه التعليم لغرس مثل هذه القيم.
هذا وتقوم أنظمة الكفاءات العالمية بوضع الإنجازات الفردية والأهداف الاجتماعية في مقدمة أولوياتها، من حيث التركيز على هذين الجانبين في المناهج الدراسية في جميع الدول.
بالإضافة إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تم إقرارها في عام 2017 ركزت بشكل موسع على التعليم باعتباره من المقومات الأساسية لتنمية قدرات الأشخاص وإعداد الطلاب لعالم مترابط، ويمتد صدى هذه الرؤية على المستوى العالمي.
وقد حددت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تشرف على 38 دولة من الدول الأعضاء التي تجري أبحاثاً في أكثر من 100 دولة هدفاً مشتركاً للمستقبل، وهو توفير تجربة تعليمية تفاعلية للطلاب في الوقت الحالي من أجل تعزيز جودة الحياة في المستقبل.
كما إن دولة الإمارات العربية المتحدة وضعت هدفاً مشتركاً يتمثل في رعاية أفراد المجتمع وغرس القيم الأخلاقية والثقافية فيهم، وذلك من خلال التركيز على المناهج الدراسية في دولتنا من مثل منهج التربية الأخلاقية، وكذلك الدول المشاركة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي أسهمت بغرس القيم التربوية والأخلاقية عن طريق البرنامج الدولي لتقييم الطلبة PISA.
وما زالت هناك العديد من التحديات بسبب تفشي الجائحة، والتي أدت إلى تغيير نمط حياتنا بشكل كبير، ولم يكن التعليم بمنأى عن هذه الآثار، حيث أدت هذه الجائحة إلى نقل عملية التعلّم من الصفوف الدراسية إلى شاشات الحاسوب الآلي، كما ازدادت الضغوط على المعلمين ليتم توفير الدروس من خلال التقنيات الحديثة، وعلى الأهالي والمسؤولين عن رعاية للأطفال مواصلة عملية التعلّم بطريقة لم يعتادوا عليها من قبل.
هذا ومن خلال منتدى قدوة الذي عُقد في عام 2019 في مبادرة تم تنفيذها تحت رعاية ديوان ولي عهد أبوظبي، قمنا بإجراء استطلاع لآراء المعلمين في مجالات التركيز الأساسية لمهنتهم ورغباتهم المستقبلية التي لها الدور الأساسي في تعليم الطفل وتنمية قدراته، ومن خلال هذا الاستطلاع، استنتجنا بأن أغلب الأجوبة سلطت الضوء على تحفيز الطلاب والتعليم الذي يركز على الطالب، وأيضاً توفير بيئة تعليمية شاملة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة أولوياتها تعزيز الكفاءة العالمية لتحقيق أهدافنا المستقبلية، حيث تعتبر مقاييس الأداء الرئيسة والتقييم والمعايير من المقومات الرئيسة للسياسات التعليمية، ولكن ما معنى ذلك في الصفوف الدراسية؟
• في منتدى قدوةPISA- للكفاءات العالمية الذي سيُعقد هذا الأسبوع بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومعهد بوصلة، سيركز المعلمون وأصحاب القرار من جميع أنحاء العالم على وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ وفقاً لأفضل الاستراتيجيات المتبعة.
وبالتأكيد فإن جميع المناقشات التي تنصب حول محور التعليم في الوقت الحالي ليست مصدر قلق للمعلمين أو أصحاب القرار وحدهم، ولا ينبغي أن تكون كذلك، فالحقيقة هي أن طلاب اليوم هم قادة المستقبل، وهم من سيحددون السياسات، ويتخذون القرارات ويضعون الحلول مستقبلاً، وبالتالي يجب علينا الاستثمار في المناهج التعليمية التي تُدرس في وقتنا هذا.
مدير مكتب شؤون التعليم - ديوان ولي عهد أبوظبي