أبوظبي (الاتحاد)
تتوفر الآن تقنية جديدة لها القدرة على خفض ضغط العين فوراً وعلاج الضرر التدريجي الذي يمكن أن تسببه الجلوكوما للعصب البصري، مع تقليل اعتماد المريض على الأدوية، أو الاستغناء عنها تماماً، في أغلبية الحالات. هذا العلاج أصبح متوافراً الآن في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، جزء من مبادلة للرعاية الصحية.أصبح ثلاثة من المرضى الذين يراجعون المستشفى أول من يتلقون هذا العلاج المبتكر في المنطقة، وهو علاج متوفر في العيادات الخارجية للمرضى الذين يعالجون من الجلوكوما، وهي حالة طبية شائعة، تصيب العين، حيث يتضرر العصب البصري بسبب زيادة الضغط الناجم عن تراكم السوائل في الجزء الأمامي من العين.

وهذا الإجراء الجراحي الجديد يعتمد على تقنية الـ' PreserFlo MicroShunt ويجريه الأطباء بأقلِ درجةٍ من درجات التدخل الجراحي، بإدخال دعامة صغيرة متوافقة حيوياً في شبكة تصريف سوائل العين، لتفريغ السوائل الموجودة فيها، وتصريفها، وبذلك ينخفض الضغط داخل العين. ويُمَكِّنُ هذا الإجراء المرضى من التعافي بسرعة، وهم في منازلهم. وبعد ذلك، يستطيع المرضى بشكل عام العودة إلى الأنشطة العادية غير المجهدة في غضون أيام قليلة، والعودة إلى نمط الحياة الطبيعي في غضون بضعة أسابيع.

في هذا الإطار، يقول الدكتور جيسون غولدسميث، طبيب استشاري في معهد العيون، في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، وكان ضمن فريق رعاية هؤلاء المرضى: «تعتبر الجلوكوما سبباً رئيسياً لفقدان البصر في شتى أنحاء العالم، وكذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة. والتوسع في خيارات الجراحة بأدنى درجة من درجات التدخل الجراحي، مع الأخذ بهذا النهج الجديد لعلاج الجلوكوما، يعني أن أولئك المرضى الذين يعانون من حالات مرضية متقدمة يمكن علاجهم بأمان، دون أن يؤثر ذلك على حياتهم اليومية بشكل كبير، ومع ضمان تحقيق النتائج المرجوّة في معظم الحالات.»

كانت ناتافان تابديجوفا، وهي كندية تقيم في دبي، من بين المرضى الأوائل الذين عولجوا بهذه التكنولوجيا الجديدة، في شهر نوفمبر. بدأت السيدة البالغة من العمر 55 عاماً تعاني من أعراض تشوش الرؤية والصداع في عام 2018، ولكن لم يتم تشخيص حالتها بأنها مصابة بالجلوكوما إلا في عام 2020.
«لم يبلغني أحدٌ، ولو لمرة واحدة، في جميع الفحوصات الطبية السنوية التي كنت أجريها في مستشفيات أخرى بضرورة إجراء فحص لعيني اللتين كانتا تؤلماني. وفي صباح يوم من الأيام، عام 2020، زادت الأعراض. وللأسف، انتظرت لمدة أربعة أسابيع قبل أن أذهب لزيارة طبيب العيون.» تقول ناتافان، وهي تعمل اختصاصية موارد بشرية.
وقد وجد طبيب العيون الذي كان يعالج ناتافان أن ضغط عينيها مرتفع جداً، إذ يتراوح بين 40-50 ملم زئبقي، مما قد يتسبب في فقدان بصرها سريعاً. وصف طبيبها قطرات عين وحبوباً للعلاج ولخفض ضغط عينيها، ولكن هذا العلاج كانت له آثار جانبية كثيرة، منها احمرار العينين، وحكة في العينين مصحوبة بالجفاف.
تضيف ناتافان: «أوصاني كثير من الناس بالتوجه إلى مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، لذا قررت أن أقابل الدكتور جولدسميث في العام 2020. وقد أكد التشخيص السابق، وعدَّل أدوية الضغط لتقليل الآثار الجانبية. وحتى فترة قريبة من العام الماضي، كان تأثير الدواء جيداً في الحفاظ على الضغط في كلتا عينيَّ عند حوالي 15-18 ملم زئبقي.»

ومع ذلك، تفاقم المرض، ولم يعد بالإمكان ضبط ضغط عينيها باستعمال قطرات العين وحدها. بدأ ضغط عَيْنَيْ ناتافان يرتفع تدريجياً، حتى وصل 30 ملم زئبقي، فحان عندئذٍ الوقت للنظر في الخيارات الجراحية الممكنة.
يقول الدكتور جولدسميث: إن الإجراء الجراحي الجديد لا يُوصَى به للمرضى إلا بعد إجراء تقييم شامل لمعرفة ما إذا كان ذلك يناسبهم أم لا، وهذا التقييم يتضمن فحصاً شاملاً للعين، مع التصوير الشعاعي، ومراجعة تاريخهم الطبي.

«ليست العملية الجراحية في العادة الخطوة الأولى التي نبدأ بها لعلاج الجلوكوما، ولكنها تصبح ضرورية عندما لا يُجْدِي العلاج بالأدوية مع المريض، أو إذا كان المريض يعاني من آثار جانبية كبيرة لفرط تناول الأدوية. ونحن عموماً لا نوصي بإجراء جراحة الجلوكوما إلا عندما يكون المريض معرضاً لخطر فقدان البصر بشكل دائم، إذا لم تُجْرَ له الجراحة، كما كان الحال مع ناتافان.»

هذا الإجراء يتم للمرضى الذين يناسب حالتهم، وتتم الجراحة تحت التخدير الموضعي، وتستغرق حوالي 30-45 دقيقة. وبعدها يخضع المريض للمراقبة في العيادة لبضع ساعات، ثم يخرج في اليوم نفسه. يصف الأطباء قطرات العين بعد العملية للمريض، مع حجز موعد للمتابعة في اليوم التالي لتقييم نجاح العملية.
تقول ناتافان، وقد عُولِجَتْ من الجلوكوما في كلتا عينيها، إنها لم تعد تعاني من أي أعراض، وإنها لم تعد تستعمل قطرات العين لعلاج الجلوكوما مطلقاً، وقد انخفض ضغط عينيها إلى حوالي 12 ملم زئبق في كل عينٍ من عينيها الاثنتين.
«نظراً لأن هذا كان إجراءً جراحياً في العين، فقد كنتُ قلقةً جداً، في أول الأمر. لكن الجراحة كانت إجراءً بسيطاً في النهاية، ولم يستمر قلقي بعد الجراحة إلا بضعة أيام فقط، وانخفض ضغط عينيَّ انخفاضاً كبيراً. وأنا الآن لا أتناول إلا أدوية ما بعد الجراحة فقط.»
وتختم ناتافان حديثها قائلةً: «كانت الرعاية الطبية التي تلقيتُها في مستشفي «كليفلاند كلينك أبوظبي» أفضل وأرقى مما وجدتُه في بلدي. وقد قررتُ حقيقةً تجديدَ عقدِ عملي، والبقاءَ في الإمارات لفترة أطول مما كنت أخطط له. فأنت لا تكاد تجد رعايةً طبيةً مثل هذه الرعاية اليقظة والمتقدمة، ولا تكاد تجد متابعة منتظمة من طبيبك، في أي مكان آخر.»