فهد بوهندي (الفجيرة)
أكدت المهندسة فاطمة الحنطوبي الباحثة والمختصة في المجال البيئي، في حوار خاص لـ«الاتحاد»، أن النظرة الأولية لواقع «كورونا» وتأثيره على البيئة كان محدوداً في بداية «الجائحة»، حيث كان التقييم الأولي ضمن إطار حظر الحركة والتنقل، الذي صاحب «الجائحة» في بدايتها، والذي عكس تأثيراً إيجابياً على البيئة في بداية الأزمة، لما خلفه من انتعاش التنوع البيولوجي.
وأضافت: حيث بدأنا نرصد الحيوانات في أماكن لم نكن نتوقع ظهورها، مثل الحيتان في البحر وأسراب الطيور ومختلف الكائنات، والذي يعود لانخفاض ضوضاء الناقلات، وتحسن جودة الهواء، بما في ذلك تركيزات الجسيمات الغبارية في الجو (PM2.5 وPM10) التي ظهرت أقل بكثير من الأعوام السابقة، كما وضحتها منظمة الأمم المتحدة في بحوثها، مما يشير إلى مدى التحسن في جودة الهواء وقلة الانبعاثات الضارة.
وأوضحت: كان الأثر الإيجابي لـ«الجائحة» مؤقتاً على العالم، وما هي إلا فترة زمنية وبدأت تظهر ملامح الجائحة السلبية على البيئة، وأبرزها نفايات COVID-19 مع الكثير من مسوحات الفحص والبلاستيك والمطهرات، وكذلك المواد الكيميائية المنظفة للأيدي والتي تحتوي على نسبة عالية من المبيد الحشري ترايولوسن الذي يتحول إلى «الديكوسين»، وهو مركب شديد السمية عند تعرضه لأشعة الشمس.
وقالت المهندسة الحنطوبي: إن نفايات أقنعة الوجه هي بالنسبة للعالم الوجه المظلم من «الجائحة»، فكل دقيقة نتخلص من 3 ملايين كمامة، هذه النفايات وغيرها من النفايات الطبية تعتبر خطراً على البيئة، والبلاستيك كما هو معروف صعب التحلل في البيئة، وتم إدراجه في عمليات تصنيع وتغليف المطهرات والمعقمات التي لا غنى عنها في هذه «الجائحة» زيادة النفايات الخطرة ونفايات البلاستيك، حيث أصبح يدق ناقوس الخطر على البيئة ويؤثر بنهاية المطاف على التنوع البيولوجي، وصحيح أن هناك دراسات أجريت على التنوع البيولوجي خلال جائحة «كورونا» وأثبت بعضها أن «الجائحة» ذات أثر إيجابي على التنوع البيولوجي، وهناك أمثلة عالمية كثيرة، كذلك معدلات نفوق الحيوانات في الممرات المائية كالأسماك والدلافين انخفضت بنسبة 40%، ولكن هذه البيانات والدراسات تركز على الاتجاه المباشر لنفوق الحيوان، تاركة في عين الاعتبار الأثر طويل الأمد والذي يخلفه انتشار النفايات في البيئة وخطر نفايات المرض اليوم يخلق أخطاراً قادمة تهدد الكائنات برمتها مستقبلاً، فالكمامات وأعواد المسوحات وأنابيب الاختبار هذا عبء بلاستيكي لأنه غير قابل للتحلل.
وأشارت المهندسة إلى أنه، حسب تقرير المحيطات الآسيوية «منظمات حماية البيئة البحرية الآسيوية» ومقرها هونغ كونغ في عام 2020، غمر محيطاتنا ما يقدر بنحو 1.5 مليار قناع للوجه، مما سيزيد من مساحة التلوث في البحار من 4680 إلى 6240 طناً مترياً، وكما نعلم فإن قناع الوجه الطبي مصنوع من مادة البولي بروبيلين البلاستيكية التي لا تتحلل إلا بعد 450 عاماً، وتتحول ببطء شديد إلى مواد دقيقة تنحدر سلباً إلى الحياة البرية والنظم البيئية الأخرى، علماً أن البحث العلمي الحالي ركز بشكل أساسي على الطب والصحة خلال «الجائحة».
حلول مبتكرة
أكدت المهندسة فاطمة الحنطوبي أن هناك دائماً حلولاً مبتكرة وقابلة للتطبيق في إدارة النفايات وأنظمة إعادة الاستخدام، فمثلاً منها استخدام أقنعة قابلة لإعادة الاستخدام ونشر ثقافة تصميم الأقنعة المعاد تدويرها، ونشر الوعي بين الأفراد بالأثر السيئ الذي تتركه الأقنعة المستهلكة على التنوع البيولوجي، ومن ثم على الإنسان والبيئة وتفعيل دمج سياسة الابتكار في تنمية الأدوات المستخدمة في الفحص لأي ملوث فيروسي أو أي استخدام كأداة وقاية لأي مرض، كذلك يمكن تزويد إدارة النفايات بتكنولوجيا جديدة نستطيع بها التخلص من النفايات البلاستيكية أو أدوات الوقاية من أي مرض دون التخلص المباشر، علماً أن الضرر الذي يتراكم اليوم جاء جراء زيادة استخدام البلاستيك كسلوك جديد دخل علينا جراء أزمة «كورونا».