أبوظبي (الاتحاد)

 أكد معالي الدكتور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي أن وثيقة الأخوة الإنسانية تعد من أهم الوثائق التي عرفتها البشرية، كونها ولدت في فترة كان العالم أجمع بحاجة ماسة إلى مبادرة تدعو الشعوب والمجتمعات لأن تتذكر أهمية التعارف الذي كان يمر بأزمة حقيقية في تلك المرحلة. 
جاء ذلك خلال الندوة الافتراضية التي نظمها مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات أمس بمناسبة اليوم العالمي للأخوة الإنسانية الذي أقرته الأمم المتحدة في الرابع من فبراير من كل عام، تخليداً ليوم إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية من أبوظبي. شارك في الندوة التي جاءت بعنوان «وثيقة أبوظبي.. نبراس التراث الإنساني الخالد مقاربات فكرية في اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» كل من فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، والأب نبيل حداد الرئيس التنفيذي لمركز التعايش الديني في المملكة الأردنية الهاشمية، والقس بيشوي فخري أمين راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس بأبوظبي، وأدارها الدكتور محمد فاتح زغل باحث في مركز زايد للدراسات والبحوث.
وثيقة متكاملة 
وقال معالي الدكتور قطب مصطفى سانو إن وثيقة الأخوة الإنسانية أتت لكي تذكر البشرية بأن هذه المنة الإلهية ينبغي إعادتها والنظر إليها من جديد، واصفاً الوثيقة بأنها وثيقة متكاملة وشاملة تجيب عن كل التساؤلات التي تطرح في العصر الحالي وأيضاً في العصور المقبلة. وأكد معاليه أن الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية يدعونا جميعاً إلى أن نعيش هذه الأخوة في سلوكنا وأخلاقنا وعقيدتنا وتعاملاتنا، وأن تكون الأخوة حاضرةً في كل ما نقوم به في حياتنا اليومية، بل إنها تنعكس على تصرفاتنا وعلى علاقتنا بمن حولنا ممن هم إخوة لنا في الدين ونظراء لنا في الإنسانية، داعياً إلى تسجيل وإدراج اليوم العالمي للأخوة الإنسانية في المناهج الدراسية لكي يصبح معروفاً للجميع، وليعم التسامح والمحبة والسلام. 
وكانت فاطمة المنصوري مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث قد افتتحت الندوة بكلمة أكدت فيها أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت تجربة استثنائية في تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام والإخاء التي اختارتها منذ عقود نهجاً حاكماً وبرنامج عمل من خلال مبادرات حقيقية وجادة، تمثلت في وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت من أبوظبي عام 2019، واعتماد برنامج وطني للتسامح، واستحداث وزارة لهذا الغرض، وهو في الواقع ما يشكل جوهر الفكر الإنساني للوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. 

نشر ثقافة التعايش والتسامح
وفي مداخلة له.. أشاد الأب نبيل حداد بجهود دولة الإمارات في نشر ثقافة التعايش والتسامح والاحترام المتبادل، وذلك من خلال تبنّي مشروعات ومبادرات نوعية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وقال إن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّعها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي عام 2019، هي إنجاز تاريخي وإنساني يستند على الإيمان الذي أعطى بعداً إنسانياً من حيث الأساسات والقواعد والمنطلقات والأهداف، وهي رسالة لكل من في قلبهم إيمان دون النظر إلى موقع أو دين أو عرق. وأضاف أن الوثيقة جمعت بين النص الديني والإنساني، وأصرت على أنسنة النص الديني، وقدمت عرضاً للحقوق والواجبات بين كل أتباع الأديان، ورسمت نهجاً للأجيال القادمة واصفا الرابع من فبراير بأنه يوم أعيدت فيه ولادة أخلاقيات وقيم الحضارة العربية التي استيقظت من جديد رغم كل الظروف التي مرت بها الأمة. 

المحبة والسلام
وأكد فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد مواصلة دولة الإمارات نهجها الدائم لتعزيز أسس التعايش والسلام لتحقيق مستقبل أفضل للبشرية جمعاء، مشيراً إلى أن هذا المبدأ هو الذي انطلقت منه هذه الوثيقة وهو مبدأ إسلامي راسخ على أسس المحبة والسلام. وأشار الحداد إلى أن الوثيقة انطلقت من الإمارات برئاسة الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية تضمنت معاني عريقة يجب أن تنتشر وتسود العالم، ويجب أن تصبح هذه الوثيقة دستوراً عالمياً من أجل التسامح والتعايش والمحبة بين الناس فالوثيقة جاءت لتقول للإنسان إنه يجب أن يعيش بسلام ووئام، وأن الحوار والتفاهم ونشر التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس عليه أن يسهم في احتواء الكثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.  وقال الدكتور الحداد: من الواجب علينا كأمة تريد حياة إنسانية أن نتكاتف على مبدأ هذه الوثيقة العظيمة التي دعت إليها جميع الديانات.

نجاح إماراتي 
وتقدم القس بيشوي باسم الكنيسة القبطية في الإمارات وقداسة البابا تواضروس الثاني بالتهاني والشكر للقيادة الرشيدة وحكومة دولة الإمارات السباقة دائماً في التميز والنجاح في إلهام قادة وشعوب العالم للالتفاف حول أسمى المبادئ والقيم الإسلامية وتقبل الآخر والتعاطف تجاه البشر بصفاء النية لبناء مجتمع مبني على الأخلاق مبتعداً عن جميع أشكال التميز. 
وأضاف بيشوي: يعد اعتماد الأمم المتحدة لهذا اليوم إنجازاً كبيراً يضاف إلى نجاحات قيادة دولة الإمارات الرشيدة ودبلوماسيتها الحكيمة وإلى نجاح فكرة الأخوة الإنسانية.. وأوضح أن اليوم العالمي يأتي كاعتراف وتخليد لوثيقة الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك. 
وتم عرض فيديو لأحد مقتنيات معرض الشيخ زايد، وهي شهادة بابا الفاتيكان بولس السادس التي قدمها للشيخ زايد بتاريخ 29 أكتوبر 1971 وتعتبر من أهم الأوسمة والدروع الموجودة في المعرض، حيث تعد تأصيلاً لدور الإمارات العربية المتحدة وجهودها الكبيرة التي تبذلها في دعم مبادرات التسامح والأخوة الإنسانية.