خلفان النقبي (أبوظبي)

استثمرت دولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي انطلاقاً من مفاهيم استشراف المستقبل وأهمية إدراج التقنيات الحديثة في مختلف المجالات الخدمية والتنموية والاقتصادية. وأطلقت حكومة دولة الإمارات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي ستعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة، حيث تعبر الآن بوابة الـ50 بالذكاء الاصطناعي من أوسع أبوابها وفي شتى التخصصات.
وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف الدولة من خلالها إلى: تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة، وأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة. 

القطاعات المستهدفة 
وتستهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي قطاعات حيوية عدة في الدولة، منها: قطاع النقل، وذلك من خلال تقليل الحوادث والتكاليف التشغيلية، قطاع الصحة، وذلك من خلال تقليل نسبة الأمراض المزمنة والخطيرة، قطاع الفضاء، وذلك بإجراء التجارب الدقيقة، وتقليل نسب الأخطاء المكلفة، قطاع الطاقة المتجددة، وذلك عبر إدارة المرافق والاستهلاك الذكي، قطاع المياه، وذلك عبر إجراء التحليل والدراسات الدقيقة لتوفير الموارد، قطاع التكنولوجيا، وذلك من خلال رفع نسبة الإنتاج والمساعدة في الصرف العام، قطاع التعليم، وذلك من خلال التقليل من التكاليف، وزيادة الرغبة في التعلم، قطاع البيئة، وذلك عبر زيادة نسبة التشجير وزراعة النباتات المناسبة، وقطاع المرور، وذلك بتطوير آليات وقائية كالتنبؤ بالحوادث والازدحام المروري، ووضع سياسات مرورية أكثر فاعلية.

خمسة محاور
تتضمن استراتيجية الذكاء الاصطناعي خمسة محاور هي: بناء فريق عمل الذكاء الاصطناعي، وتشكيل مجلس الذكاء الاصطناعي للدولة، وإنشاء فرق عمل مع الرؤساء التنفيذيين للابتكار في الجهات الحكومية، وصياغة الخطط الاستراتيجية ونشرها في القمة العالمية للحكومات لعام 2018. بالإضافة إلى تفعيل العديد من البرامج والمبادرات وورش العمل في جميع الجهات الحكومية حول الآليات التطبيقية للذكاء الاصطناعي، وتنظيم قمة عالمية سنوية، وإطلاق المسرعات الحكومية للذكاء الاصطناعي، وتنمية قدرات القيادات الحكومية العليا في مجال الذكاء الاصطناعي، ورفع مهارات جميع الوظائف المتصلة بالتكنولوجيا، وتنظيم دورات تدريبية للموظفين الحكوميين، وتوفير 100% من خدمات الخط الأول للجمهور من خلال الذكاء الاصطناعي، ودمج الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% في الخدمات الطبية، والأمنية الخاصة بتحديد الهوية، وزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الوظائف الروتينية، وأخيراً القيادة من خلال تعيين المجلس الاستشاري للذكاء الاصطناعي، وإصدار قانون حكومي بشأن الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، وتطوير أول وثيقة عالمية لتحديد الضوابط الضامنة للاستخدام الآمن والسليم للذكاء الاصطناعي.

البرامج والمنح الدراسية 
توفر العديد من مؤسسات التعليم العالي في دولة الإمارات برامج دراسية في الذكاء الاصطناعي في مختلف الدرجات (بكالوريوس ودراسات عليا) للطلبة الذين يرغبون بالتخصص والعمل في هذا المجال. وتشمل هذه المؤسسات: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، جامعة الإمارات العربية المتحدة، جامعة السوربون أبوظبي، وجامعة خليفة. وتوفر الدوائر والجهات المختلفة في دولة الإمارات منحاً دراسية للمواطنين الراغبين بالتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي محلياً وعالمياً. تشمل الجهات المانحة: هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية - يوفر صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات التابع لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية «برامج بعثة» الذي يهدف إلى تعزيز دور قطاع التعليم الوطني في تخصصات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. ويستثمر الصندوق في البرنامج مبالغ ضخمة لتخصيص المئات من المقاعد الدراسية لدرجتي البكالوريوس والماجستير في أرقى الجامعات الإماراتية والعالمية.

جامعة محمد بن زايد 
أنشأت دولة الإمارات جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والتي تسعى لتحقق التميّز في خلق المعرفة ونقل واستخدام الذكاء الاصطناعي لدفع مسيرة النمو الاقتصادي، وترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً رائداً لمجتمع الذكاء الاصطناعي العالمي، وإطلاق وتعزيز إمكانات البحث التعاونية والتطويرية بين مختلف التخصصات في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإعداد الطلاب ليصبحوا قادةً ومبتكرين أكفاء يتمتعون بالمعرفة الوفيرة والخبرات الواسعة لتنمية القطاع التكنولوجي وإطلاق المشاريع المبتكرة في دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم. كما تهدف الجامعة إلى دعم جهود إمارة أبوظبي لإرساء دعائم اقتصاد المعرفة القائم على الذكاء الاصطناعي وضمان استدامته، ضمان رفد مختلف القطاعات والمؤسسات العامة بالكوادر البشرية والمهارات والموارد التي تكفل لها المكانة الأمثل ضمن فئتها في ميادين استخدام الذكاء الاصطناعي، اجتذاب أفضل المواهب والكفاءات في الذكاء الاصطناعي من شتى أرجاء المنطقة والعالم، والتميز في بحوث الذكاء الاصطناعي وتطوير استخداماته الفعّالة في شتى ميادين الأعمال بالتعاون مع المؤسسات الصناعية والعامة سعياً إلى تحسين إمكانات الابتكار والإنتاجية والنمو.

البرنامج الوطني للمبرمجين
يهدف البرنامج لتنمية الاقتصاد الرقمي في الدولة وتطوير المواهب والخبرات والمشاريع المبتكرة المتخصصة في مجال البرمجة، وتسريع تبنّي تطبيقاتها وأدواتها في مختلف القطاعات الاقتصادية والمستقبلية، إضافة إلى إنشاء حلقة وصل وثيقة بين مجتمع المبرمجين والجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية.

برنامج الإمارات للتدريب 
ويهدف برنامج الإمارات للتدريب على الذكاء الاصطناعي إلى سد الفجوة في المهارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا ودعم الشباب، وتحسين فرصهم لتمكينهم من التغلب على التحديات في قطاع تكنولوجيا المعلومات سريع التغير. ويستمر برنامج الإمارات للتدريب على الذكاء الاصطناعي بمشاركة 120 طالباً إماراتياً كل عام. وسيتم اختيار 10 طلاب لتلقي تدريب مكثف للحصول على دبلوم هندسة البيانات والحوسبة السحابية من شركة ديل. وسوف يكتسب الطلاب خبرة عملية في أقسام الشركة المختلفة. وتشمل المزايا التي يوفرها البرنامج ما يلي: إتاحة الفرص للشباب الإماراتي وتشجيعهم على اكتساب مهارات المستقبل وتعلم أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل عملي، إعداد جيل مؤهل من شباب الدولة لسد احتياجات وظائف المستقبل في دولة الإمارات، تطوير مهارات الشباب الإماراتي في تقنيات الذكاء الاصطناعي واستشراف المستقبل وإدارة عملية الذكاء الاصطناعي، ومنح دبلوم في هندسة البيانات والحوسبة السحابية من شركة ديل للتكنولوجيا وتقديم تدريب فني مكثف.

مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي
أطلقت الدولة مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع عدد من كبريات شركات التكنولوجيا والتعليم بالقطاع الخاص على المستويين الوطني والدولي. ويمثل إطلاق المخيم إحدى مبادرات مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي، الذي يهدف إلى تحديد مسار دولة الإمارات في هذا المجال، ودعم جهود نقل المعرفة وبناء جيل قادر على تبني التقنيات الحديثة في تطوير الحلول ومعالجة مختلف التحديات المستقبلية.

«الإمارات للذكاء الاصطناعي»
أقر مجلس الوزراء بدولة الإمارات تشكيل مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي ليقوم بالإشراف على تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الدوائر الحكومية وقطاع التعليم. وقد تم تكليف المجلس بصياغة السياسات وخلق بنية تحتية صديقة للذكاء الاصطناعي، وتشجيع البحث المتقدم في القطاع، والترويج للتعاون بين القطاعين العام والخاص، بما في ذلك المؤسسات الدولية لتسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويسعى مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى تنفيذ استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانة الإمارات كدولة رائدة عالمياً في قطاع الذكاء الاصطناعي بحلول 2031، من خلال تشكيل اللجان والمجالس الفرعية لدعم جهودها في هذا المسار.

«البرنامج الوطني»
يمثل البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات مجموعة متكاملة من الموارد المخصّصة لتسليط الضوء على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مع التركيز بوجهٍ خاص على الهدف الطموح لدولة الإمارات العربية المتحدة في أن تصبح شريكاً رائداً في الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة على مستوى العالم. وسوف يلقي البرنامج الضوء على مختلف المبادرات، والشراكات، وأحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وأثر ذلك كلّه على مستقبل البشرية.

جائزة الإمارات للروبوت 
تهدف «جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان» إلى تشجيع البحث واستخدامات الحلول المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات من أجل التصدي للتحديات التي تواجهها 3 قطاعات رئيسة، هي الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية. كما تهدف الجائزة إلى رفع مستوى الوعي العام بالفرص الواعدة التي توفرها هذه التطبيقات وبأهمية ترجمة الأفكار الإبداعية إلى واقع ملموس بُغية تطوير الخدمات التي تقدمها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تسعى الإمارات إلى تبني جميع الأدوات والمنهجيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لضمان المزيد من الكفاءة في الخدمات الحكومية على جميع المستويات.