سامي عبد الرؤوف (دبي)
أكدت جمعية الإمارات للأمراض النادرة، أن الدولة حققت إنجازات مهمة في تشخيص وعلاج الأمراض النادرة، وأن الدولة تمتلك إمكانات ضخمة تؤهلها لأن تصبح رائدة عالمياً في مختلف مجالات مكافحة الأمراض النادرة، وتحديداً في التوعية والتشخيص والعلاج.
وأعلن مروان عبدالعزيز الجناحي، رئيس جمعية الإمارات للأمراض النادرة، لـ«الاتحاد»، عن أن الجمعية أعدت خطة تنفيذية للفترة المقبلة، تتضمن 3 مجالات رئيسة، هي: تثقيف المجتمع ودعم تكثيف جهود البحث العلمي وتشجيع توفير العلاج والرعاية على نطاق أوسع.
ولفت إلى أن نحو 80% من الأمراض النادرة في دولة الإمارات من منشأ وراثي، وهو ما يعني أنها موجودة في الحمض النووي منذ البدء، مما يسبب بداية ظهور العديد منها في مرحلة الطفولة عادة، مشيراً إلى أنه من الممكن أيضاً أن تكون هذه الأمراض ناجمة عن عدوى أو حساسية أو عوامل بيئية.
وقال: «نظراً لندرتها، ولأن الأعراض قد تكون مرتبطة أيضاً بأمراض أخرى أكثر شيوعاً، فإن تشخيص المرض النادر غالباً ما يكون عملية معقدة تستغرق الكثير من الوقت، إذ قد ينتظر المريض قرابة الست سنوات منذ بداية ظهور الأعراض الأولى، وحتى يتم تشخيص المرض بصورة دقيقة». ولفت إلى أنه خلال هذا الوقت تزداد احتمالية تفاقم حالة المريض التي كان من الممكن علاجها أو تحجيمها، ويتعرض الآباء في هذه الفترة لضغوط نفسية وقلق شديدين، لأنهم يجدون صعوبة في تحديد طبيعة ما يعانيه طفلهم.
المعنى الصحيح
وعن المقصود بالأمراض النادرة، أجاب: «قد يعتقد بعضهم أن المرض النادر هو ما يصيب شخصاً من بين كل مليون شخص أو شخصاً من بين عشرة ملايين شخص، وهو بالتالي لا يمثل أولوية قصوى سواء لدى المجتمع العلمي أو في الوسط الطبي».
وأضاف: «لكن المرض النادر هو ذلك الذي يعرف بأنه يصيب أقل من واحد من أصل 200 ألف شخص، وهناك نحو 6 آلاف مرض نادر عالمياً، وربما يزيد العدد إذا أخذنا في الاعتبار الأمراض المحتمل اكتشافها مستقبلاً».
وتشير التقديرات، إلى وجود نحو 7.8 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط يعانون من مرض يندرج تحت تصنيف الأمراض النادرة، ويوجد ثلاثة من أصل أربعة من هؤلاء المرضى هم من فئة الأطفال.. وقال الجناحي: «عند النظر لهذه الإحصائية من منظور شامل نجد أن هذا الكم من الأمراض له تأثير حتمي على مجتمعاتنا». وحول أكثر الأمراض النادرة شيوعاً بالدولة، أوضح أن أبرزها، مرض الضمور العضلي الشوكي، ومجموعة أمراض التمثيل الغذائي ومرض عديدات السكرايد المخاطية «النوع السادس».
طرق الوقاية
وعن كيفية الوقاية وتجنب الإصابة بالأمراض النادرة عن طريق فحص الأمراض الوراثية للحد من هذه المشكلة، أكد أنه ممكن الوقاية أولاً عن طريق زيادة الوعي في المجتمع بالأمراض الوراثية، وطريقة الوقاية منها من الفحص الوراثي للكشف عن الأشخاص الحاملين للأمراض الوراثية وخاصة الفحص الجيني ما قبل الزواج.
وأكد أن هناك أبحاثاً قائمة وموجودة تعكف عليها فرق علمية متخصصة في العيادات المتخصصة وقسم الوراثة في جامعة الإمارات العربية المتحدة والمركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة الشيخ حمدان بن راشد للعلوم الطبية.
وذكر أن الجمعية تبذل جهوداً كبيرة في مجال التوعية المجتمعية، من أجل تحسين حياة المصابين بالأمراض النادر من الأطفال والشباب والكبار في دولة الإمارات.
وأشار إلى أن الجمعية تعتزم تعزيز توصلها المجتمعي خلال الفترة المقبلة، مع الأسر والجهات الحكومية والكوادر الطبية ومؤسسات القطاع الخاص، لدعم احتياجات المرضى والأسر بالاستناد إلى الأسس الراسخة التي أرستها قيادتنا الحكيمة عبر استثمارها الدائم في صحة المواطنين والمقيمين.
وذكر أن الجمعية تستهدف تعزيز التعاون والدعم المقدم من المؤسسات الطبية والتعليمية والصناعات العلمية والتكنولوجية.
الخطة المستقبلية
وأفاد الجناحي، بأن لدى الجمعية وأعضائها خططاً طموحة للمستقبل للتوعية بالأمراض النادرة، حيث تستعد لأكبر فعالية في أجندتها السنوية، وهي يوم الأمراض النادرة، في الثامن والعشرين من شهر فبراير المقبل.. وقال: «إننا بحاجة إلى التركيز على ثلاثة مجالات رئيسة لتكون دولة الإمارات رائدة في مكافحة الأمراض النادرة على مستوى العالم.
وأشار إلى أن المجال الأول هو تكثيف جهود البحث العلمي، والذي يمكن تحقيقه من خلال التعاون مع قطاع صناعة الأدوية، حيث إن صدى الاكتشافات العلمية المتعلقة بعلاج الأمراض النادرة غالباً ما يكون قليلاً، بالمقارنة مع الاكتشافات المتعلقة بالأمراض الأكثر شيوعاً».
وأكد أنه بمقدور جامعاتنا ومؤسساتنا الطبية أن تقود اكتشافات في مجال مسببات الأمراض النادرة وسبل الوقاية منها وعلاجها، منوهاً بالبرامج المطبقة على مستوى الإمارات، مثل مشروع الجينوم الإماراتي والاستفادة منها، وهي التجارب التي وضعتنا في الصدارة العالمية، فيما يتعلق باستخدام البيانات الجينية بغرض تعزيز الصحة العامة.
أما المجال الثاني، وفقاً للجناحي، فهو توفير العلاج والرعاية على نطاق أوسع، وذلك بالاستناد إلى حجم استثمار دولة الإمارات في قطاع الرعاية الصحية.
وقال: «بمقدورنا أن نتيح للمريض فرصة الاستفادة من التجارب السريرية وما قبل السريرية، والتعاون مع الكوادر الطبية للتوعية بالأمراض النادرة لزيادة فرص التشخيص المبكر وتجنب الأخطاء التشخيصية».
وأشار إلى أن المجال الثالث، هو الأهم، ويتعلق بالاستماع إلى المرضى والعائلات وأولياء الأمور، خاصة الأمهات للتعرف بدقة على أمراض أطفالهم وما يعانونه من أعراض وأخذ ذلك بالاعتبار.. والتعلم منهم لنفهم ماهية الدعم الذي يحتاجون إليه، وكيفية توفيره بالصورة المثلى. وذكر أنه من خلال المناقشة معهم رأى أن هنالك حاجة ملحة لتثقيف مجتمعنا والتصدي لحالات الوصم الاجتماعي والتنمر التي لها تأثير سلبي في حياة الكثيرين من المرضى، مشدداً على أهمية مساندة الأسر في تأمين العلاج الطبي بجانب الدعم التثقيفي.
وقال: «أعتقد أننا إذا ما عملنا على هذه المجالات الثلاثة، فسوف يقتدي بنا العالم كدولة رائدة في دعم احتياجات المصابين بأمراض نادرة والاستثمار في البحوث الطبية والتشخيص والعلاج، وتقديم أفضل دعم ورعاية ممكنين للمرضى وعائلاتهم».
وأشاد برؤية القيادة الرشيدة وخططها واستراتيجياتها الطموحة في مجالات الصحة التي أدت بالفعل لتفوق دولة الإمارات في العديد من المجالات، وخصوصاً الدعم المستمر لكل ما فيه خير المجتمع وصحته.