دينا جوني وخلفان النقبي (دبي)
تواكب وزارة التربية والتعليم التوجّهات العالمية الصادرة عن اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية بخصوص وقاية الطلبة من المواد المخدّرة والمؤثرات العقلية، من خلال إصدار دليل متكامل، بالتعاون مع وزارة الداخلية، لرفع الوعي في البيئة المدرسية تُجاه المعتقدات الشائعة التي من ناحية تخفف من مخاطر المواد المخدّرة والحشيش والمهدئات، وتروّج في المقابل لوهم الشعور بالسعادة التي تمنحها تلك المواد، والقدرات البدنية والفكرية التي تضاعفها.
ولا يتوقف الأمر عند حملات التوعية والتعريف بالمواد المخدّرة القديمة والجديدة، وإيجاد نظام حماية منزلي واجتماعي حاضن وراصد لفئات الطلبة الأكثر عرضة للوقوع في فخ المخدرات، وإنما ركّز الدليل على أهمية البيئة المدرسية والأنشطة المعززة للمهارات البدنية والاجتماعية والقيادية، لتمكين الطلبة من مواجهة المغريات المحيطة لتناول المواد المخدّرة، سواء عن طريق الأصدقاء، أو الإعلام الترفيهي ووسائل التواصل الاجتماعي، أمّا هيئة المعرفة والتنمية والبشرية، فتركز في استراتيجيتها على تعزيز جودة حياة الطلبة عبر جمع البيانات العلمية لرصد مختلف المحاور التي تؤثر في رفاهية الطلبة في المدرسة والمنزل. وفي لائحة إدارة سلوك الطلبة التي أصدرتها مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، تم تضمينها ثلاثة بنود ترتبط ارتباطاً مباشراً بتعاطي المواد المخدّرة والتدخين واستخدام وسائل الاتصال بشكل غير قانوني. ويعدّ التدخين داخل حرم المدرسة وحيازة أدواته من المخالفات متوسطة الخطورة التي يحسم فيها للطالب ثماني درجات. فيما يرد حيازة أو جلب أو ترويج أو تعاطي المخدرات والعقاقير الطبية المخدرة، أو المؤثرات العقلية داخل المدرسة أو الحافلة، أو الظهور تحت تأثير مخدر أو عقاقير من دون وصفة طبية ضمن مخالفات الدرجة الرابعة شديدة الخطورة، والتي تؤدي في حال تكرارها إلى الفصل النهائي للطالب من المدرسية. وكذلك بالنسبة لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي في أغراض غير قانونية.
اقرأ أيضاً: المخدرات.. آفة تسرق ربيع شبابنا !
9 أدوار
وحددت الوزارة 9 أدوار للمدرسة في «دليل الوقاية من المخدرات في البيئة المدرسية».
أولاً: القيام بالأنشطة التوعوية، بالتنسيق مع الجهات المختصة في أضرار المواد المخدّرة والتدخين، وأسباب الوقوع فيها، والقوانين والإجراءات المتبعة في الإمارات لمكافحة تلك المواد، وأهمية ممارسة الرياضة، واتباع التغذية الصحية.
ثانياً: تنمية المهارات الحياتية للطلاب مثل مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات، والمهارات الاجتماعية، واستثمار وقت الفراغ، والتعامل مع ضغوط الحياة.
ثالثاً: مراقبة ومتابعة محاولات ترويج المواد المخدرة داخل المدرسة أو حولها.
رابعاً: الملاحظة والكشف عن السلوكيات السلبية للطلبة والمؤشرات التي قد تدل على التعاطي، وتوفير التدخّل المبكر.
خامساً: تقديم الدعم للطلاب المعرضين لخطر التعاطي عن طريق معالجة عوامل الخطورة المحيطة، وتوفير خدمات الإرشاد الطلابي.
سادساً: التنسيق مع الجهات المعنية بتوفير فرص تدريب الكوادر التعليمية والإدارية في مجال الإرشاد الطلابي ومكافحة التدخين والمواد المخدّرة
سابعاً: بناء علاقات فاعلة مع أولياء الأمور لحل المشكلات المحيطة بالطلبة
ثامناً: ترسيخ القيم الأخلاقية للطلبة
تاسعاً: دعم الطلبة في المشاركات المجتمعية والأعمال التطوعية
جودة الحياة الرقمية
تطبّق هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، الاستراتيجيات الوقائية من منطلق تدعيم جودة حياة الطلبة، عبر جمع البيانات العلمية من خلال استبيان يعدّ الأول عالمياً، تنفذه منذ خمس سنوات، بالتعاون مع إدارة التعليم وتنمية الطفل في جنوب أستراليا.
وقالت هند المعلا رئيس الإبداع والسعادة والابتكار في الهيئة لـ«الاتحاد»: «تركز الهيئة على الارتقاء بمعدلات جودة حياة الطلبة، بما في ذلك جودة الحياة الرقمية، لاسيما في ظل تنوع وكثافة استخدامات التكنولوجيا في الحياة اليومية لنا كأفراد».
ولفتت المعلا إلى تضافر جهود جميع المؤسسات المعنية من أجل نشر الوعي في المجتمع التعليمي حول جودة الحياة، بما في ذلك جودة الحياة الرقمية للطلبة، إذ تعمل الهيئة مع شركائها في برنامج «أقدر» والذي يستهدف تعزيز المشاركة المجتمعية وتحصين الأجيال الناشئة بالتحديات التي قد تواجهها داخل الصف الدراسي وخارجه. كما ركزت سلسلة ملتقيات «معاً نرتقي» على رصد ونشر القصص الإيجابية والممارسات الناجحة للمدارس الخاصة ذات الصلة بجوانب وعناصر جودة الحياة، فضلاً عن إطلاق ورش توعية دورية لأولياء الأمور حول التنشئة الإيجابية للأبناء وربطها بجوانب جودة الحياة».
وأضافت: «من هذا المنطلق، يغطي المسح الشامل لجودة حياة الطلبة في المدارس الخاصة بدبي مجموعة من الجوانب وثيقة الصلة بجودة الحياة الرقمية للطلبة، كما يقيس مدى قدرة الطلبة على بناء علاقات إيجابية مع الأشخاص الكبار في المدرسة والمنزل، وعلى مدار 5 سنوات متواصلة، نجحت أعمال المسح في غرس ثقافة جودة الحياة بين أوساط الطلبة والمجتمع التعليمي، ونشر الوعي حولها، كما ساعد المسح المدارس على التعرف على احتياجات طلبتها، وانتهاج أساليب جديدة ومبادرات نوعية تستهدف الارتقاء بجودة حياة الطلبة استناداً إلى البيانات والمعلومات المنهجية التي يوفرها المسح».
ومن أهداف مبادرة «أقدر» التابعة لبرنامج خليفة لتمكين الطلاب، توعية كافة شرائح المجتمع من مختلف مخاطر الوصول إلى المواد المحظورة على الإنترنت، وتوجيه الطلبة نحو الاستخدام الآمن والإيجابي للأجهزة الإلكترونية والابتعاد عن مخاطرها، وتعريفهم بقوانين دولة الإمارات للجرائم الإلكترونية والعقوبات القانونية لكل نوع من أنواع هذه الجرائم، وقدّم البرنامج أكثر من 2000 محاضرة، وتدريب أكثر من 250 ألف متدرب وأكثر من 17 ألف معلم وولي أمر بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين.
التمسّك باللاءات الخمس
لا للمواد المخدرة غير القانونية
لا أريد أن تكون نهايتي السجن
لا أريد أن أخيّب الظن بي
لا فحياتي أفضل من دون مخدرات
لا أريد أن أدمّر صحتي
«الأمم المتحدة» و«الصحة العالمية»: المهارات الاجتماعية تقلل من احتمال تعاطي المخدرات
في تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، بعنوان «المعايير العالمية للوقاية من المخدرات»، تمّ التطرق إلى مدى التأثير العميق لوسائل الإعلام على التطور النفسي والاجتماعي للشباب، ولفت إلى مساهمة الثقافة الشعبية من موسيقى وأفلام ومشاهير على بدء السلوكيات «الخطرة» مثل تعاطي الكحول والتبغ.
وهناك آليات عدة محتملة تفسر هذا التأثير، منها الرغبة في اكتساب السمات التي تميّز المشاهير، أو تقليد السلوكيات المنتشرة عبر الشبكات الاجتماعية، ويشير التقرير إلى أن «السياق النمائي العصبي الفريد للشباب»، يجعلهم معرضين بشكل خاص لتأثير الثقافة الشعبية، بما يعني أن أفعالهم وسلوكياتهم ليست مجرد نتيجة للأمية الصحية، ودعا إلى ضرورة إجراء مزيد من البحث حول فعالية الحملات الإعلامية المضادة.
ومن أبرز ما تضمنه التقرير، نتائج تطبيق الأنشطة المدرسية واللاصفية، وكذلك الأنشطة من خارج المنهاج الدراسي، والتي تضمنت تدريباً على المهارات الاجتماعية، والتي أدت إلى تقليل الانحراف، وتقليل استخدام الكحول والمخدرات وانخفاض نسبة التسرّب من المدرسة، بالاعتماد على أدلة جمعت في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.
«اليونسكو»: ضعف الأداء والمشاركة في المدرسة والتسرّب
في ورقة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» صادرة عام 2018، لفتت أنه غالباً ما يكون التبغ أول مادة يستخدمها المراهقون، حيث أفاد واحد من كل أربعة طلاب تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً قاموا بتدخين السجائر للمرة الأولى قبل سن العاشرة، ويبدأ ما يتراوح بين 70 إلى 90% من الأشخاص الذين يحقنون المواد المخدرة في بعض البلدان، في فعل ذلك قبل سن 25 عاماً، فيما يبلغ معدل انتشار تعاطي عقاقير النشوة من قبل المراهقين أقل من 1% في معظم البلدان. وأشارت المنظمة إلى الزيادة في استخدام المنشطات والمؤثرات العقلية الجديدة، أو المواد ذات التأثير النفسي، والتي لا تخضع للرقابة من قبل اتفاقيات الأمم المتحدة، وهي تُعرف في السوق بمصطلحات مثل «المواد المصممة»، و«النشويات العشبية»، و«الكيماويات البحثية» وغيرها. وتشكّل تلك الأخيرة تهديداً خاصاً لأن بعض الشباب يرون أن هذه المواد أكثر أماناً من المواد الأخرى لأنها قانونية، كما يمكن الوصول إليها بسهولة وغالباً ما تأتي في عبوات تحمل علامة تجارية. وقالت: إن تعاطي التبغ والمواد المخدّرة في مرحلة المراهقة، يرتبط بمجموعة واسعة من التأثيرات السلبية على الصحة العقلية والبدنية للشباب، وكذلك على جودة حياتهم على المديين القصير والبعيد.
كما يؤدي ذلك إلى عدد من العواقب المتعلقة بالتعليم، بما في ذلك ضعف الأداء والمشاركة في المدرسة، والتسرّب.