بقلم: أ. د. محمّد عبد الرّحيم سلطان العلماء

خمسون عاماً يا بُناةَ الدار
     في سيرة الإنجاز والإعمارِ
مِن زايدٍ كانت شرارةُ مجدها
      ولراشدٍ يُعْزى سَناءُ الغارِ
نجمانِ قد زانا سماءَ بلادنا
  تَحْدوهُما الفرسانُ كالأقمارِ
قد رسّخوا في القلب سيرة موطنٍ
     وهويّةٍ تعلو على الأعصار
منّا السلامُ على وجوهِ أحبّةٍ
  كانوا لهذي الأرض كالأمطارِ

وبعد: فهذه كلمة متواضعة نُعبّر بها عن حفاوة القلب بهذه المناسبة السعيدة التي بلغت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة عامها الخمسين بعد رحلة مملوءة بالتحديات والإنجازات الشاهدة على صلابة الساعد، ونفوذ البصيرة، ومضاء العزيمة، فالإمارات التي نعيش اليوم على ثراها وننعم بخيراتها هي قصةُ كفاح طويل مع الظروف العصيبة والتحديات الجسيمة التي خاضها مجموعة من الرجال الأشاوس الذين نذروا أنفسهم لبناء هذا الوطن قويّاً متّحداً بعد أن كان متفرقاً متناثراً، ولكنّ هذه الصحراء المعطاءة أنجبت فارساً مُكتحل العين بالعزيمة، ممتلئ القلب بالجسارة والجرأة، يركب متن الريح ويخوض بحار التحديات، ولا يبالي إطلاقاً بما يواجه من العقبات، ذلكم هو فارس الجزيرة وعاشق الأرض وحكيم الرجال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، الرجل الذي نبذ النوم والراحة في سبيل تحقيق الحلم الأغلى على قلبه الأصيل النبيل: أن تكون جميع الإمارات العربية متحدة في كيان سياسي واحد يجمعهم على الأخوّة والمحبة والتعاون، ويقتسمون جميعاً خيرات الوطن، ويستظلون تحت شجرته الوارفة الظلال، ويتسابقون في تقديم أرواحهم في سبيل رفعة وطنهم، وبقاء لوائه خفّاقاً بين الأمم والشعوب.
لقد كان للمبادئ القويمة التي رسّخها البناة الأوائل أكبر الأثر في جميع ما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من مكانة عالمية، وحضورٍ عميق الأثر في المحافل الإقليمية والدولية، فمنذ مرحلة التأسيس المبكرة للدولة حرص قادتها الشجعان الحكماء على ترسيخ مكانتها على جميع المستويات الإقليمية والدولية، بما يتطلبه ذلك من سلوك سياسي واسع الأفق لا يخضع للتحيّزات الضيقة، وينفتح على التجربة الإنسانية، ويفسح المجال أمام دولة الإمارات للاستفادة من جميع الخبرات الإنسانية، ويسهم في تعزيز مكانتها داخل المشهد العالمي، فكان لتلك الانطلاقة الواثقة الأثر الكبير في ترشيد مسيرة الدولة نحو أهدافها التي بلغتها بكل كفاءة واقتدار.

صدارة عالمية
في حسابات الزمن فإن مدة الخمسين عاماً في عمر الدول ربما لا تكفي في بعض الأحيان لالتقاط الأنفاس وتدشين مؤسسات الحكم، وتحديد اتجاه المسيرة واختيار المعسكر الحضاري الذي ستنتمي إليه الدولة، لكنّ الذي حدث في مسيرة دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية هو شيءٌ يستعصي على التفسير ويشبه المعجزة الحضارية بحمد الله، ولقد كان للشيخ زايد، رحمه الله، أعمق الأثر في إحداث هذه النقلة الحضارية في مسيرة الدولة، وتأكيداً على هذه الحقيقة، فقد ذكر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في سيرته الذاتية البديعة «قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً» ص 264 في القصة رقم (45) التي حملت عنوان «رحيل زايد»: إنّ الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، في العام 1953 وقبل أن يحكم أبوظبي بنحو 13 عاماً، سافر في جولة شملت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وسويسرا ومصر والعراق والهند وغيرها، فرجع من رحلته بقناعة وبحلم وعزم: قناعة أنّ شعبه يستحق أن يعيش مثل تلك الشعوب، وحلم بأن يبني دولة تكون مثل تلك الدول، وعزمٌ بأن لا يتوقف عن حلمه حتى تتوقف أنفاسه، رحمه الله وأجزل مثوبته كِفاء ما قدّم لبلاده وشعبه. 
تأسيساً على هذه الحقيقة التاريخية العميقة الجذور انطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في مسيرتها المظفرة نحو تحقيق ذاتها الحضارية، وانخرطت في سباق شريف مع الزمن حتى حققت من الإنجازات ما تعجز عنه الدول الكبرى، واحتلت مكانة متقدمة بين الأمم القوية على المستوى العالمي، وحصدت عدداً مرموقاً من الصدارات العالمية في العديد من المجالات، لا سيما في مجال المنافسات العالمية، ويكفي أن يُشار في هذا السياق إلى فوز الإمارات عام 2020 بالمرتبة التاسعة عالميّاً في معايير التنافسية العالمية، حيث كانت الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي حجزت لها مقعداً بين الدول العشر الكبار، وذلك بحسب التقرير الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية، وهذا إنجاز ليس طارئاً بل تم تحقيقه للمرة الرابعة على التوالي مما يدل على رسوخ مسيرة الدولة في بناء صناعة التنمية، فضلاً عن عمق الحضور للدولة في المشهد العالمي، حيث تحظى الإمارات بثقة المجتمع الدولي في كثير من المجالات مما يعكس المكانة المتميزة لدولة الإمارات داخل المجتمع الدولي الذي لا يعترف إلا بالمنجزات الكبيرة التي تؤهل أصحابها لمثل هذه المكانة العالمية المرموقة.
وترسيخاً لهذه المكانة الرائدة للإمارات في المجتمع الدولي، كان للقوة الناعمة أكبر الأثر في هذا السياق، حيث تجلى ذلك واضحاً في حجم المساعدات الإنسانية الضخمة التي تُقدّمها الإمارات عن طيب خاطر للمجتمع الإنساني ومن خلال نظرة في غاية التسامح، حيث لا تخضع هذه المساعدات لأية معايير ضيّقة كالجنس واللون والعرق والدين، وكما كان للمبادئ التي رسّخها الشيخ زايد أكبر الأثر في فاعلية الحضور الإماراتي في المشهد الدولي، فكذلك كان لنظرته الإنسانية الرحبة أكبر الأثر في هذا المجال الذي بلغت فيه دولة الإمارات منزلة عالية جعلتها محل ثقة المجتمع الدولي نظراً لإسهامها الكبير في هذا المجال اهتداءً واقتداءً بمقولة إنسانية رفيعة القدر للشيخ زايد، رحمه الله، يقول فيها: «إنّ الإنسان هو أساس أيّ عملية حضارية» لتكون هذه الكلمة نبراساً يهدي السائرين في طريق العمل الإنساني النبيل، ومرة أخرى يُعبّر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد عن رسوخ هذا المعنى في شخصية الشيخ زايد بقوله: «لعلّ أكثر ما جعل الناس تحبّ زايد هو حبه للإنسان، حبه لخير الإنسان أينما كان، وشهادتنا في عمل زايد الإنساني شهادةٌ مجروحة، لأنه علّمنا معنى العطاء دون انتظار مقابل»، وكم أنفقت دولة الإمارات وبطيب نفس وسخاء قلب من الملايين في مساعدة المنكوبين وإغاثة المحتاجين، ويكفي أن يُشار في هذا السياق إلى مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التي تغطي نشاطاتها مختلف القطاعات الإنسانية لا سيما في الدول الفقيرة والأقل حظاً، وتستهدف أكثر من مئة وثلاثين مليون إنسان، وتتحرك نشاطاتها في أكثر من 116 دولة، حيث تعمل جاهدة على توفير الاحتياجات البشرية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي جعلت من دولة الإمارات دولة رائدة في هذا المجال وتحظى باحترام كبير في المجتمع الدولي بسبب هذا النشاط الكبير في مجال العمل الخيري الإنساني.

بصمة قوية 
وتعبيراً من المجتمع الدولي عن احترامه العميق لقيادة دولة الإمارات، أضحت الإمارات وجهة لكبار السياسيين العرب والأجانب نظراً لما تتمتع به هذه القيادة من الحنكة السياسية، والمصداقية الأخلاقية التي جعلت هذا الوطن محل ثقة المجتمع الدولي واحترامه، وهو ما تجلى عميقاً في حفاوة الاستقبال التي كان يحظى بها رجال الدولة من المؤسسين الكبار ولا سيما الشيخان: زايد بن سلطان وراشد بن سعيد في جميع الدول التي كانا يزورانها، من اليابان شرقاً إلى بريطانيا غرباً، ويا لروعة الاستقبال الذي حظي به المغفور له الشيخ زايد حين زار المملكة المتحدة (بريطانيا) تعبيراً عن المكانة الرفيعة التي تبوّأها بين قادة المجتمع الدولي المرموقين، وهي المكانة التي ما زال يحظى بها قادة الإمارات الذين هم امتداد أصيل للنموذج القيادي المتفرد الذي قاد الدولة في مرحلتها المبكرة وترك بصمته القوية على جميع مسارات الحياة فيها. 
وترسيخاً للمكانة المتفردة لدولة الإمارات ومواطنيها، استطاعت الدولة انتزاع ثقة المجتمع الدولي بالإنسان الإماراتي وأخلاقه الحضارية المتميزة، حيث تحقق لجواز سفرها المركز الأول بين الدول من حيث الثقة والدخول إلى جميع الدول دون تأشيرة مسبقة، وهذا إنجاز حضاري لا يصل إليه الكثير من الدول الكبرى، وما ذاك إلا بسبب ما بات معروفاً عن دولة الإمارات قيادة وشعباً من الرقيّ الأخلاقي، والالتزام بثقافة التسامح، والرغبة الصادقة في الانفتاح على الإنسانية والاستفادة من خبراتها في جميع المجالات، وهو ما تجسد في ثقة المجتمع العلمي بدولة الإمارات حين أتيحت لها الفرصة لتطوير برنامجها الفضائي الذي جعلها الدولة العربية الوحيدة التي تشارك في أبحاث محطة الفضاء الدولية، وترسل بعض البعثات العلمية وتدرب مجموعة كبيرة من أبنائها على الأبحاث الفضائية التي كانت حكراً على بعض الأمم والشعوب.
كما سعت دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية من عمر الدولة إلى توسيع رقعة المشاركة في المؤتمرات العالمية، واستحوذت على ثقة عدد كبير من الدول لما تتميز به سياسة الدولة من المصداقية، والتي تجلت في التصويت لدولة الإمارات لإقامة معرض «إكسبو 2020 دبي»، الذي يعتبر واحداً من أرقى المعارض العالمية التي تتطلب بنية تحتية وخبرة تنظيمية ليس من السهل تحصيلها، فضلاً عن توظيفها وتفعيلها في حدث ضخم شهد حضوراً عالمياً كثيفاً ربما كان هو الأضخم في مسيرة هذا المعرض العالمي المتميز، وبموازاة هذا الحضور العالمي المتميز للإمارات تم ترسيخ الهوية الوطنية للإمارات من خلال شركات عملاقة تمثلت في شركات الطيران التي تنتزع دائماً المرتبة الأولى من حيث مستوى الخدمات، كما تمثلت في موانئ عالمية تحظى بمصداقية نادرة بسبب نوعية الخدمات التي تقدمها هذه الموانئ لحركة الملاحة البحرية بحيث أصبحت الإمارات وجهة بحرية تماماً مثلما هي وجهة جوية تحطّ فيها آلاف الطائرات، ويرسو في موانئها أضخم البواخر والناقلات البحرية العملاقة، بل وتدير العديد من الموانئ في مشارق الأرض ومغاربها. 
وبخصوص الهوية الداخلية للوطن، فقد بلغت دولة الإمارات في هذا المضمار شأواً عظيماً تجلى في هذا التكاتف البديع بين جميع أبناء الوطن الذين تلتفّ سواعدهم الفتية حول لوائه المرفوع، وذلك من خلال البناء المتين للإنسان الإماراتي ضمن منظومة أخلاقية مستقاة من دينه الحنيف، وأخلاقه العربية الأصيلة والتقاليد الرصينة التي ورثها عن آبائه وأجداده أبناء الصحراء المغاوير والتي تتجلى في كرم الأخلاق، وطيب النفس، وشجاعة القلب، ونقاء السريرة ومدّ يد العون للشقيق والصديق بحيث أصبحت الإمارات نموذجاً يُحتذى به في مكارم الأخلاق، والتزام الكلمة، ومصداقية القول والفعل، ليكون هذا السلوك الأصيل هو جوهر الهوية الوطنية للإنسان الإماراتي الذي تمت صياغة وجدانه في مدرسة الأصالة والنبل ومكارم الأخلاق.

نقلة نوعية 
كما شهدت الخمسون عاماً الماضية نقلة نوعية في مضمار التعليم، وجهوداً ضخمة في سبيل إعداد الكوادر العلمية المدرّبة القادرة على حمل مشروع الدولة التقدمي، فمنذ المراحل الأولى للدولة كان القادة يدركون أنّ سلاح التعليم والاستثمار في الإنسان هو الضمانة الكبرى لبناء الوطن القوي، فكان ذلك دافعاً عظيماً لإنفاق الأموال الطائلة في سبيل إعداد الإنسان الإماراتي وتسليحه بالعلم والمعرفة، ولم يقتصر ذلك على مرحلة دون مرحلة بل شهد التعليم تطوراً مذهلاً تجلى في تحديث منظومة القيم التعليمية، وتجهيز المؤسسات التعليمية المتطورة المنسجمة مع إيقاع العصر وثقافته، بحيث أصبح النظام التعليمي في الإمارات واحداً من أرقى النظم التعليمية، فضلاً عما قامت به الدولة من إنشاء العديد من الجامعات الوطنية المتميزة، والتي يتدرب في مرافقها خيرة أبناء الوطن من الكوادر العلمية المتميزة التي يُعتمد عليها في مواصلة المسيرة، والإسهام الفاعل في معركة الوطن الكبرى، معركة البناء والإعمار باعتبارها أكثر الحاجات إلحاحاً في وطننا الحبيب، فالأولويات المدروسة هي التي تضمن المسيرة الراشدة، ونحن في بلد الخير الإمارات نستطيع ترتيب أولوياتنا بعيداً عن الضجيج وكثرة الكلام الذي لا طائل تحته في عملية التنمية والإعمار.
لقد كانت هذه الإنجازات الجليلة في مسيرة الدولة مصحوبة بالحرص البالغ على غرس الاعتزاز بالهوية الوطنية داخل الوجدان المستنير للإنسان الإماراتي، وتجذير مشاعر الفخر الصادق بهذا الوطن الذي منحنا معنى وجودنا، وجعل لنا شخصيتنا الوطنية، وحقّق لنا حضوراً حضاريّاً يغبطنا عليه الآخرون، فكان حقّاً واجباً علينا أن نفتديه بالأرواح، وأن نذود عنه بالمهج، ونقدمه على كل غالٍ ونفيس في سبيل الحفاظ على كرامته الوطنية، والدفاع عنه في وجه كل متربص بهذا الوطن الأصيل النبيل للحفاظ على مكتسباته، وتعظيم منجزاته، لأنّ الحفاظ على الوطن ومنجزاته هو جوهر الإنسان المنتمي لبلاده التي أعطته معنى حياته ومغزى وجوده. 
ومن أبرز ملامح الهوية الراسخة للوطن خلال مرحلة الخمسين الماضية، فتح الآفاق الرحبة أمام المواهب المبدعة من الشباب، وتغذية الإحساس بالطموح ومساعدة جميع من يحتاج إلى المساعدة، وتأهيل الكوادر الشبابية لامتلاك زمام المبادرة، وإطلاق المواهب المبدعة لصياغة مسيرة التقدم والإبداع في جميع مسارات الحياة، ابتداءً من رياض الأطفال وانتهاءً برواد الفضاء، مروراً بجميع مراحل التعليم، حيث حرصت الدولة حرصاً بالغاً على تنمية الحسّ الإبداعي لدى جيل الشباب على وجه الخصوص، وفتحت أبواب التميز والمشاركة في كثير من النشاطات والمؤتمرات التي تصقل الروح العلمية والثقافية للأجيال والطلائع الذين هم عُدّة المستقبل وأمل الوطن وكنزه المذخور. ويزخر هذا الوطن الطيب بكثير من المؤسسات النشيطة التي تهتم بتنمية الجانب الإبداعي وصقل حسّ المبادرة لدى جيل الشباب على وجه الخصوص، كما تتيح له كثيراً من المنابر الثقافية والمسابقات الإبداعية التي تكشف عن المواهب الذكية، وتدربها على مهارة الحديث والظهور أمام الجمهور باعتبار ذلك مهارة متميزة من مهارات القيادة والحضور الفاعل للإنسان.
كما تمّ ترسيخ الهوية الداخلية للوطن من خلال اهتمام صادق ملحوظ بالسياحة الداخلية حيث تُولي الدولة هذا المسار عناية خاصة تحرص من خلاله على تنشيط حركة السياحة الداخلية من خلال تأهيل كثير من المناطق وتجهيزها ضمن أفضل المواصفات السياحية العالمية، كالذي رأيناه من جهود ضخمة ومتميزة في تأهيل منطقة «حتّا»، حيث ظفرت بحزمة من المشاريع الكفيلة بدفع حركة السياحة الداخلية وتنشيط إيقاعها وجذب المستثمرين والسيّاح من مختلف دول العالم، بحيث يعود ذلك بالنفع على الوطن والمواطن. 
ومن معالم الرسوخ في الهوية الوطنية ما تحرص عليه الدولة من الارتقاء بتطوير العمل الإداري، والحرص على جودته من خلال الأنظمة الذكية التي تعمل على تقليل الجهد واختصار الوقت وتقديم الخدمات على أفضل وجه ممكن، وقد قطعت دولة الإمارات شوطاً متقدماً جداً في هذا المضمار، واحتلت مراكز متقدمة ضمن المؤشرات العالمية للإدارة الحديثة، بحيث انعكس ذلك على جودة الخدمات وسرعة الأداء والاقتصاد في الوقت، والتخفيف عن المواطن الذي هو هدف التطوير وأداته وغايته.
هذه هي أهم الملامح التي عملت من خلالها الدولة على ترسيخ الهوية الوطنية خلال المسيرة الرائعة للدولة خلال الخمسين عاماً الماضية، توخّينا من خلالها إضاءة بُعْدٍ واحدٍ من أبعاد المسيرة الوطنية الكبرى وهو ترسيخ الهوية الوطنية في الوجدان الإماراتي في الداخل، وترسيخها في الوجدان الإنساني العالمي في الإطار الخارجي الشامل الذي يشهد على نضج الرؤية، وسداد المسيرة، واستنارة الوعي في وطن المحبة والأصالة والسلام.