نورا الأمير (دبي)
«استئناف الحضارة»، وبرامج تشجيع الشباب العربي للتوجه نحو لغة البرمجة، والقراءة، والابتكار، والحديث المتواصل عن المستقبل، وغير ذلك، هي مسارات حقيقية تستثمر بها الدولة، ووجدت مكاناً في قائمة المبادئ العشرة التي أعلنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نهجاً لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأعوام الخمسين المقبلة.
وفي سياق هذه المبادئ، يأتي المبدأ السابع، الذي يركز على التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات، نافذة من نوافذ المستقبل، وفرصة غير تقليدية لتحقيق تحول اقتصادي واجتماعي يحفظ للدولة ريادتها ومكانتها العالمية المتقدمة.
هذا المدخل، الذي يعتمد على توظيف العلم والتكنولوجيا، يجد له أساساً في عدد المؤسسات العلمية وحجم الشركات العاملة في قطاع التقنية الرقمية، التي توجد في الدولة. ومن هذه المؤسسات «مجمع كليات التقنية العليا»، الذي يؤكد مديره البروفيسور عبداللطيف الشامسي، أن الإمارات تركز بشكل كبير على منظومة التفوق الرقمي، ولديها إنجازات واضحة في هذا المجال وفق مؤشرات عالمية وتنافسية، ولديها اهتمام بتمكين جيل الشباب من المهارات الرقمية، مذكراً بمبادرة «مليون مبرمج عربي» التي نجحت خلال ثلاثة أعوام في تدريب مليون شاب عربي على البرمجة من 80 دولة، وكذلك «البرنامج الوطني للمبرمجين» لاستقطاب وتدريب 100 ألف مبرمج بما يدعم بناء اقتصاد رقمي وتوفير حياة ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
اقتصاد تنافسي
الشامسي، الذي يرى أن التفوق الرقمي سيدعم بناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية ويسهم في تعزيز جودة ورفاهية المجتمع، يؤكد أن التفوق الرقمي هو كذلك مرتكز أساسي للمستقبل، وفق ما جاء في المبدأ السابع من المبادئ العشرة، «مبادئ الخمسين»، بل «وسيرسم الآفاق التنموية والاقتصادية ويرسخ الدولة عاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في مجالات المستقبل».
هناك من يرى، من جانبه، المبدأ السابع من المبادئ العشرة يعبر بصورة عملية عن المكونات والأدوات والوسائل التي ستعمل عليها الدولة خلال السنوات الخمسين المقبلة، هذا ما يراه الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة والمدير العام لأكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، ويفسر هذا بقوله: «ذلك لأن في هذا التفوق التي تبوأت من خلاله الدولة العديد من المراكز المتقدمة جداً حتى على المستوى العالمي، سيتعاظم دوره وأهميته ومكانته بين شعوب العالم وحضارات الأمم، وبات منذ الآن يرسم الكثير من مكونات الحياة، فما بالك خلال السنوات القريبة المقبلة».
مقياس عالمي
ولا تشكل المبادئ العشرة، التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فقط خريطة طريق لاستكمال دولة الإمارات لمسيرة التنمية الوطنية، بل هي أكبر وأهم مقياس عالمي ضمن آفاق تقدم الدول وتطورها، لاسيما أن هذه المبادئ العشرة تقوم اعتماداً في جذورها الأساسية على كثير مما استطاع قادة الوطن تحقيقه. هذا ما يخلص إليه النعيمي، الذي يربط بين هذه المبادئ والأهداف الوطنية والتنموية والاجتماعية الكبرى.
اقرأ أيضاً:
مبادئ الخمسين.. المبدأ الأول: «تقوية الاتحاد».. الأولوية الكبرى
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ2: اقتصاد الإمارات في الخمسين.. الأفضل والأنشط بالعالم
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ3: الدبلوماسية الإماراتية.. قوة دفع للمصالح الاقتصادية الوطنية
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ4: بناء المهارات واستقطاب الموهوبين ضمان تمكين اقتصاد المعرفة
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ5: «حسن الجوار».. بوصلة الإمارات لترسيخ الاستقرار والازدهار
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ6: الإمارات.. سجل حافل بالإنجازات ومكانة دولية عابرة للقارات
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ8: قيم التعايش تعزز مكانة الإمارات وجهة للإقامة والعمل والاستثمار
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ9: الإمارات.. التزام أصيل وثابت بالمسؤولية الإنسانية
مبادئ الخمسين.. المبدأ الـ10: السلام.. حاجة ملحّة للبشرية وسياستنا حق وعدل
مستقبل مستدام
«بناء مستقبل أكثر استدامة»، هي الفكرة الجوهرية التي تتوقف عندها الدكتورة سوزان مام، مديرة الجامعة الأمريكية في الشارقة، فيما تؤكد أن غاية دولة الإمارات العربية المتحدة من تسخير التقنيات الرقمية هي بناء مستقبل أكثر استدامة.
وتلاحظ مام أن «تقرير التحول الرقمي في دولة الإمارات 2020» يظهر أنها تحتل المرتبة الأولى عالمياً في أكثر من 20 مؤشراً في قطاعات حيوية، بينما تحتل مراكز تنافسية عدة في أخرى. كما تلاحظ أننا «ونحن اليوم نحتفل بعام الخمسين، نستطيع أن نختبر بشكل مباشر التطور الثابت والمستمر للدولة في ظل التزامها بتحقيق التحول الرقمي، بل وجعله أحد المبادئ الأساسية لمزيد من التطور خلال الخمسين عاماً المقبلة».
برامج علمية
ومما لا شك فيه أن إعلان المبدأ السابع في قائمة المبادئ العشرة يستند إلى أرضية متحققة فعلاً، حيث يؤكد الدكتور هاني القاضي، عميد كلية الابتكار التقني في جامعة زايد، أن دولة الإمارات لاعب ومساهم رئيس في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
ويلفت الانتباه إلى الدور الذي اضطلعت به جامعة زايد وكلية الابتكار التقني في تحقيق هذه الرؤية من خلال مجموعة من التخصصات والبرامج الحديثة في المجالات المختلفة بشكل متزايد مثل الأمن السيبراني، وتطوير البرمجيات، وذكاء الأعمال .