شروق عوض (دبي)

حدد صيادو الأسماك من أصحاب الخبرات والتجارب الطويلة، 6 تحديات تواجه مصائد الأسماك، في دعوة منهم أطلقوها بكل ما تحمله هذه الصرخة من مغزى ومسؤولية كبرى عبر معرض «إكسبو 2020 دبي»، لتذكير الصيادين الشباب ومرتادي البحر من أصحاب قوارب النزهة، بأهمية استدامة وتكاثر المخزون السمكي، وذلك خلال جلسة خاصة في المعرض العالمي، نظمتها هيئة البيئة أبوظبي أول أمس، في جناح الاستدامة (تيرّا)، بمناسبة اليوم العالمي لمصايد الأسماك، وعرضت خلالها فيلمها الوثائقي «بحرنا.. مستقبلنا» الذي يسلط الضوء على قصة نجاح جهودها في إدارة المصائد السمكية وتعزيز المخزون السمكي في أبوظبي.
شارك في الجلسة التي أدارتها ريم البحارنة، مدير قسم في إدارة مصائد الأسماك في قطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة أبوظبي، 5 صيادين من إمارة أبوظبي، هم: جمعة محمد الرميثي، حامد بن غريب المزروعي، محمد بن صابر المزروعي، هاشم سعيد الرميثي، وعيد جمعة الرميثي، كما حضرها عدد من شركاء «الهيئة» والمهتمين بموضوع البيئة البحرية والمصائد السمكية.
وأجمع الصيادون في الجلسة، على أنّ التحديات تتمثل في السلوكيات الخاطئة أثناء الصيد، وعدم الالتزام بالقوانين والقرارات الهادفة لحماية الأسماك من مخاطر الانقراض وتداعيات تغير المناخ، وعدم تنظيم رحلات قوارب النزهة، وإقامة المشاريع العمرانية على الشواطئ، وإلقاء مخلفات الصيد وغيرها في مياه البحر، كما استعرضوا تجارب وتحديات عديدة أمام الحاضرين، في محاولة منهم لرسم خريطة طريق للمحافظة على المخزون السمكي، والعمل على استدمته للأجيال القادمة وحمايته من أيدي العابثين من الصيادين حديثي الخبرة في التعامل مع البحر وثرواته والمتطفلين على المهنة، مثل أصحاب قوارب النزهة وغيرها، وضرورة الالتزام المطلق بالقوانين والقرارات ذات العلاقة بالصيد في دول العالم، باعتبارها الخطوة الأهم في الحفاظ على الثروة البحرية الحيوية للبشرية.
وضرب الصيادون مثالاً على الجهود الكبيرة التي بذلتها دولة الإمارات من أجل ذلك، وعملها الدؤوب على تنمية واستدامة تلك الثروة، من خلال سن القوانين، ووضع التشريعات المناسبة لحمايتها من الاستنزاف البشري، ومن ضمن الجهود والنجاحات التي حققتها هيئة أبوظبي للبيئة خلال السنوات الماضية في المحافظة على الثروة السمكية وإكثارها عبر سن مجموعة من القوانين التي تعنى بتحقيق الاستدامة الكاملة للكائنات البحرية والحد من الصيد الجائر.
  تغير المناخ 
وأشار جمعة محمد الرميثي من واقع تجربته الطويلة في صيد الأسماك، إلى أنّ مخزون مصائد الأسماك يواجه تحديين في الوقت الراهن، الأول يتمثل في تداعيات تغير المناخ، حيث ساهم ارتفاع درجات الحرارة في نفوق بعض الأنواع البحرية، الأمر الذي لم يلحظه طوال عمله في البحر في السنوات الماضية، حيث كانت درجات الحرارة آنذاك في حدود المعقول، ولم ترتفع كما هو الحال الآن، والثاني يتمثل في ممارسات الصيادين الشباب الخاطئة والتي تلقي بظلالها السلبية على المخزون السمكي، حيث يقوم البعض بإعدام كميات كبيرة من الأسماك خلال عملية الصيد، مناشداً الصيادين الشباب بوجوب تبني مفهوم الاستدامة بكل ما تعنيه من الالتزام الكامل بالقوانين والتشريعات الدولية ذات العلاقة بالحفاظ على الثروة السمكية والكائنات البحرية والمساهمة بكل مسؤولية أخلاقية في زيادة المخزون وتنميته.

  • متحدثون خلال الجلسة (تصوير: إحسان ناجي)

 قوارب النزهة  
من جانبه، أكد محمد بن صابر الرميثي، أنّ أهم التحديات التي تواجه مخزون مصائد الأسماك حالياً تتمثل في قوارب النزهة أو المركبات البحرية مثل «الجت سكي»، التي باتت تهدد الثروة البحرية، حيث تساهم الأصوات الصاخبة الصادرة عنها في نفور الأسماك وابتعادها لأماكن هادئة قد تكون غير ملائمة لطبيعتها، الأمر الذي يوجب التفات تلك الفئات لهذه المسألة وتحمل المسؤولية في المحافظة على البيئة البحرية ومقدراتها الطبيعية والمساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي لأبناء المجتمع.

  ارتفاع الحرارة 
بدوره، لفت هاشم سعيد الرميثي، إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة يهدد مخزون مصائد الأسماك في الوقت الراهن، الأمر الذي يستدعي الصيادين إلى الالتفات لهذا التحدي العالمي الذي لم يضرب دولة الإمارات فحسب وإنما مختلف بقاع العالم، حيث شكلت تهديداً لمهنة الصيد بوصفها من الموروثات التراثية للدول، ما يستدعي الصيد بكميات في إطار المقبول وبما يلبي احتياجات الأسواق ومنافذ البيع.

 عدم الالتزام  
من جانبه، أوضح حمد بن غريب المزروعي، أنّ أهم التحديات هي عدم التزام الصيادين بالقرارات الخاصة بحماية الأسماك من مخاطر الانقراض، حيث يساهم الجهل بمثل هذه القرارات إلى انخفاض المخزون، ما يدعو إلى ضرورة توعية هذه الفئة، وحثها على الالتزام الكامل بتلك القرارات لتحقيق مستهدفاتها، مشيراً إلى حرص الإمارات الدائم على حفظ مخزونها من عمليات الهدر، حيث عمدت عبر مؤسساتها وجهاتها الاتحادية والمحلية إلى تنظيم الصيد وحمايته من المخاطر، ومنها القرارات التي اتخذتها هيئة البيئة في أبوظبي بشأن حماية الأسماك من الانقراض أولا ومصلحة الصيادين ثانياً.
وطالب بضرورة الالتزام بالقوانين المنظمة لمهنة الصيد، لما لذلك من دور بارز في حماية المخزون من التحديات والمخاطر، مشيراً إلى أنّ التزام الصيادين المحليين بقرارات حظر صيد بعض الأنواع من الأسماك ساهم في زيادة المخزون السمكي الإماراتي وتنميته.

الاستدامة
بدوره، أوضح محمد بن صابر الرميثي، أنّ التحدي الأهم يتمثل في ممارسة مهنة الصيد من قبل فئة ليست مؤهلة وغير مدربة على التعامل مع الثروة السمكية وليست مدركة لأهمية مفهوم الاستدامة خلال تأدية عملها، حيث تسعى إلى تحقيق الأرباح المالية دون الالتفات لمسألة انخفاض المخزون السمكي، وثمة تحد آخر يتمثل في استخدام معدات حديثة للصيد دون الالتزام بصيد كميات مقبولة، مؤكداً أنّ المحافظة على البيئة البحرية ومقدراتها الطبيعية هي مسؤولية تطال كافة أفراد شعوب العالم.

  • ريم البحارنة

ريم البحارنة: صدور قرار تنظيم صيد قوارب النزهة قريباً
قالت ريم عبدالله البحارنة، مدير قسم في إدارة مصائد الأسماك في قطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة أبوظبي في تصريحات لـ «الاتحاد»، إنّ الثروة السمكية في الدولة تواجه العديد من التحديات، منها الزحف العمراني الذي طال السواحل، وإلقاء المخلفات في مياه البحار، والصيد الترفيهي وغيرها، مشيرة إلى أنّ «الهيئة» أعدت مسودة قرار على مستوى إمارة أبوظبي لتنظيم الصيد الترفيهي، حيث صدر عن وزارة التغير المناخي والبيئة قرار يجيز لكل إمارة إصدار قرار محلي لتنظيم الصيد الترفيهي فيها، وقد عقدت «الهيئة» مؤخراً ورشة عمل للصيادين، بهدف التعريف بأهمية تنظيم صيد قوارب النزهة، كما تعكف على مراجعة القرار مع مختلف الجهات المختصة، لتنفيذه وسريان مفعوله بعد الوصول إلى صيغة نهائية مع مختلف الأطراف.
أما أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في «الهيئة»، فقال: «يسعدنا في هيئة البيئة أبوظبي أن نشارك قصة نجحنا في (إكسبو 2020)، وأن نسلط الضوء على الإجراءات التي اتخذناها للمساهمة في تحسين المخزون السمكية في مياه أبوظبي، كان هذا النجاح ممكناً بعد العمل الجاد على سلسلة من المشاريع والمبادرات التي تضمنت تطوير سياسات مؤثرة حققت نتائج إيجابية، والتي تم عرضها جميعاً في فيلمنا الوثائقي، لقد حرصنا دائماً على عدم إغفال هدفنا النهائي المتمثل في تحسين الوضع المتدهور لمخزون الأنواع الرئيسية من الأسماك، التي كانت تتعرض للاستنزاف ضمن خطة حماية شاملة لتعافيها واستدامتها للأجيال القادمة»، مضيفاً: «نحن ممتنون لدعم العديد من الصيادين الذين كان لهم دور كبير في تحقيق أهدافنا. ولقد أُتيحت لهم الفرصة في فعالية عرض الفيلم الوثائقي في (إكسبو 2020)، للتحدث عن قصصهم وخبراتهم مع الجمهور».
يركز الفيلم الوثائقي «بحرنا... مستقبلنا» على مصائد الأسماك، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي في إمارة أبوظبي، والضغوط التي تتعرض لها والإجراءات التي اتخذتها «الهيئة» للحد من آثار الصيد المفرط على البيئة البحرية، وضمان تجدد وتعافي المخزون السمكي.