ناقش "مختبر المستقبل" الذي نظمه مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، كمحطة تالية لتطوير النسخة الثانية من "خارطة المستقبل" بحضور 100 شاب من صناع المستقبل وبمشاركة أربعة وزراء من حكومة دولة الإمارات، ست قضايا حيوية للتوصل إلى أفكار مبتكرة تسهم في صياغة خطط وأهداف اللأعوام الخمسين المقبلة، وبما يسهم في تحقيق الرؤية المئوية لدولة الإمارات وتعزيز ريادتها العالمية في جميع القطاعات.

شارك في المختبر الذي نظم مؤخرا معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم ومعالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد ومعالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومعالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل. كما شارك في المختبر محمد خليفة النعيمي، مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي. حددت النسخة الثانية من خريطة المستقبل ستة موضوعات رئيسة للبحث، هي: سد فجوة المهارات بين الجامعة ومكان العمل، والوظائف في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والمخاوف المتعلقة بالاستدامة، وتعزيز العقليات الريادية لدى الشباب الإماراتيين، واكتساب مهارات التعاون اللازمة لفتح آفاق لابتكارات ثورية، أو ما يعرف اصطلاحاً بـ /الابتكار الجذري/، ووظائف المستقبل عند تقاطع التكنولوجيا الرقمية والثقافة، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.

وشهد المختبر نقاشاً تفاعلياً أجاب خلاله أصحاب المعالي الوزراء عن أسئلة "صناع المستقبل" كما ساهموا في تقديم المشورة لهم حول المهارات التي ينبغي لهم التركيز عليها، والمعارف المحددة التي ينبغي لهم اكتسابها وتعزيزها؛ من أجل متابعة المسار الوظيفي الذي اختاروه. وتحدث معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم خلال المختبر، عن سبل سد فجوة المهارات بين الجامعة ومكان العمل.

وحدد نوعين من المهارات التي يحتاجها الشباب والتي ينبغي لهم التركيز عليها، وهما: المهارات الصعبة ومهارات الكمبيوتر. وأكد معاليه فاعلية المهارات الصعبة، مثل: معرفة القراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، في تمكين الشباب من التواصل والتحليل بكفاءة عالية، وحَثَّ المشاركين الشباب على تطوير مهارات الكمبيوتر لديهم، وأن يكونوا أكثر مرونة وابتكاراً، وأن يحرصوا على مواصلة التعلم في عالم سريع التطور.

وقال إنه بالإضافة إلى المهارات الأساسية والكفاءات، يحتاج شبابنا إلى معرفة كيفية التطور ومواكبة بيئتهم المتغيرة، حيث يتطلب ذلك توافر مجموعة من الصفات الشخصية، في مقدمتها المرونة والقدرة على التكيف وهي مهارة حاسمة للغاية لقادة المستقبل من أجل تحقيق الاستدامة والازدهار في عالم سريع التغير، بجانب حاجتهم أيضاً إلى امتلاك القدرات الخاصة في التفكير النقدي وحل المشكلات بشكل خلاق. وذكر معاليه، أنه لكي يكون الفرد مبدعاً ومتفرداً، يستلزم ذلك التعلم المستمر ورفع المهارات وألا يقتصر التعليم على اكتساب المعرفة فقط، بل أيضاً اكتساب المهارات والارتقاء المستمر فيها أمران ضروريان لقادة المستقبل لتحقيق النجاح والنمو المستمرين. وأوضح أن التكنولوجيا مكنت المتعلمين من التغلب على قيود الزمان والمكان، واكتساب المعرفة والمهارات بسهولة، بالإضافة إلى تخصيصها لتناسب احتياجاتهم وظروفهم، مشيراً إلى أنه بجانب التكنولوجيا تعد المهارات الاجتماعية والعاطفية مهمة أيضًا، لإقامة شراكات فاعلة وتلقي الدعم، لذا فإن التعاون ومهارات الاتصال يعدان أمرًا أساسيًا وضرورياً.

ومن جانبه، أوضح معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، سُبل استخدام الشباب لمهارات التعاون لضمان /الابتكار الجذري/، مشيراً إلى ضرورة تنقل القادة بين عقليتين أو منهجين في التفكير، الأولى: عقلية المؤسس، والثانية: عقلية المدير التنفيذي؛ إذ يتمتع المؤسس بعقلية الرؤية الشاملة للمشهد، ويتطلع دائماً إلى المستقبل. بينما ينظر الرئيس التنفيذي إلى الإستراتيجية وخطوط الإنتاج وتحسين العمليات. وأوضح معاليه للمشاركين الشباب أنه من أجل المشاركة في الإبداع كقادة، يجب عليهم أن يكونوا قادرين على تطوير رؤيتهم بطرق مختلفة، وتعزيز عقلية النمو. كما أكد على أهمية رأس المال الاجتماعي باعتباره أحد الأصول المهمة، مشيراً إلى أن متوسط الشبكة الاجتماعية الجيدة يبلغ من 20-25 شخصاً حيث يمكنهم النظر في الأفكار وإنجاز الأمور.

وقال معالي وزير الاقتصاد: "تُعَدُّ المرونة والقدرة على التكيف من السمات الأساسية لضمان الوصول إلى آفاق جديدة من المعرفة والابتكار والنمو الاقتصادي المستدام. ومن أهم الدروس المستفادة من جائحة كورونا أن الاقتصادات التي تعكس مؤسساتها وسياساتها وأسواقها المرونة والتنوع كانت الأكثر نجاحاً في مواجهة التحديات التي أحدثها الوباء لتسريع الانتعاش واستعادة النمو".

ومن ناحيته، تناول معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، المهارات والمنهجيات في ريادة الأعمال، وسلط الضوء على نهج دولة الإمارات في تطوير كل منهما. وقال معاليه: "إنه ينبغي غرس عقلية ريادة الأعمال في سن مبكرة للغاية، مضيفاً أنه بينما تركز معظم المناهج الدراسية على مهارات العمل، فإن عقلية ريادة الأعمال هي نشاط يُكتسب خارج صفوف الدراسة. وميَّز معاليه بين نوعين من العقليات، هما: التفكير والتنفيذ؛ حيث يمكن للشخص أن يأتي بفكرة رائعة ولكن عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ فهنالك حاجة إلى شخص مختلف. وكشف معاليه أيضاً عن ثلاث مهارات ضرورية للنمو وتحقيق النتائج، هي: الجرأة والمثابرة في مواجهة المواقف الصعبة، والقدرة على التكيّف، والحنكة والقدرة على فعل المزيد بموارد أقل". وقال معالي وزير الدولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: "يلعب تعليم ريادة الأعمال دوراً حيوياً في دعم تطلعات الإمارات إلى أن تصبح مركزاً للابتكار، ونحن نسعى جاهدين إلى تعزيز ثقافةٍ أكاديمية قوية في دولة الإمارات، حيث يُلهم التفكير الإبداعي ويُرعى. ونعتقد أن الشباب الإماراتيين قادرون على إضافة أبعاد جديدة لجهود التنويع الاقتصادي للدولة ورحلة النمو المستدام؛ من خلال استكشاف ريادة الأعمال استناداً إلى التطورات التكنولوجية وقطاعات المستقبل.

وتماشياً مع الأجندة الوطنية لبناء القدرات وتعزيز المهارات والاستثمار في طاقة الشباب، تُواصِل وزارة الاقتصاد إطلاق مبادرات وبرامج مصممة خصوصاً لإعداد شبابنا ليكونوا في الصدارة لقيادة رحلة النمو في دولة الإمارات". وأضاف معاليه: "إن وتيرة التنمية التي حققتها دولة شابة نسبياً، مثل الإمارات العربية المتحدة، تستغرق عقوداً أو أكثر لتحقيقها في دول أخرى. ونسعى لإعداد الشباب الإماراتيين للوصول إلى المسرح العالمي، وإثبات أن أسس الاقتصاد الإماراتي مبنية على ركائز العلم والمعرفة والابتكار والاستدامة. إن مثل هذه المنتديات تقدم مساهمات كبيرة في جهودنا في هذا الصدد".

من جانبها، أوضحت معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل، سبلَ استخدام مهارات الاتصال لتعزيز التعاون. وحددت معاليها خمسة اتجاهات تحويلية من شأنها أن تحدث ثورةً في حياتنا؛ يتمثل الاتجاه الأول في التحول الرقمي، الذي سيفرض جاهزية اللوائح والسياسات رقمياً، ومن ثَمّ يجعل من المهارات الرقمية أمراً ضرورياً لا غنى عنه. والاتجاه الثاني يتمثل في الأتمتة، والتي ستُوجِد طلبًا على مهارات مثل التعاطف والمرونة وحل المشكلات المعقّدة والتفكير النقدي والتعاون. ويتمثل الاتجاه الثالث في القوى العاملة عند الطلب، والتي تزداد شعبيتها بين أجيال المستقبل، التي ستتطلب سياسات مخصصة، مثل تأشيرة الترحال العالمية، أو عمليات وإجراءات مصرفية أسهل. ويتمثل الاتجاه الرابع في التحول عن مكان العمل والعمل عن بعد، يليه صقل المهارات وإعادة صقلها، مما يستدعي تغيير نظام التعليم والتدريب.

كما أكدت معالي وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل، أن حكومة دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، تعول كثيراً على الشباب وأصحاب العقول والمبتكرين للمشاركة الفاعلة في تصميم وبناء المستقبل. وأشادت عهود الرومي بمبادرات مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، الهادفة لترجمة رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القائمة على تمكين الجيل الجديد من المشاركة الفاعلة في بناء المستقبل وتشكيل معالمه وتوجهاته.

وقالت إن العالم يشهد جملة من المتغيرات المتسارعة مدفوعة بخمسة توجهات تحويلية، تشمل التحول الرقمي، والأتمتة، وتغير مفهوم القوة العاملة، وتغير بيئة العمل والعمل عن بعد، وبناء المهارات وإعادة بنائها، مشيرة إلى أن هذه التوجهات تمثل ركائز أساسية في صياغة الخارطة الجديدة للمستقبل، وفي دعم تنفيذ المبادئ العشرة لدولة الإمارات في الأعوام الخمسين المقبلة، التي تركز على الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز التفوق الرقمي والتقني والعلمي للدولة بما يرسخ ريادتها اقتصاديا وتنموياً.

وقال محمد خليفة النعيمي، مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي: "إن الثابت الوحيد هو التغيير، وهذه هي القاعدة العلمية والمعرفية التي ربما لم تكن واضحة فيما سبق كما هو الحال في عصرنا الحالي، خصوصاً في ظل التقدم التكنولوجي السريع والثورة الصناعية الرابعة وفي المرحلة الحالية، مرحلة التعافي من جائحة كوفيد - 19. ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار نعلم على وجه اليقين أن الطرق القديمة لم تعد مجدية.

وهناك حاجة إلى نهج جديد تماماً إذا أردنا إنشاء حلول مبتكرة قادرة على مواجهة تحديات الغد. كما يجب نقل مهارات وقدرات جديدة إلى الشباب في الإمارات لتمكينهم من تولي زمام القيادة في عالم يشهد تغيرات وتعقيدات بشكل متزايد".

وأضاف سعادته: "يلعب الشباب دوراً مركزياً في جميع الخطط المستقبلية، ولطالما وضعت قيادة دولة الإمارات الشباب في قلب جميع استراتيجيات التنمية.

ويشكل مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل المنصة المثالية لاستكشاف أفكارهم وتطلعاتهم للمستقبل، وتوجيههم وتمكينهم من تحويلها إلى مشاريع ملموسة، من شأنها أن تدعم خطط الإمارات الطموحة على مدى الأعوام الخمسين المقبلة".

يذكر أن مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل ومختبراته يطرحان تحديات أمام المشاركين الشباب؛ لوضع أهداف وخطط للأعوام الخمسين القادمة، مستوحاة من سجل النجاح في دولة الإمارات العربية المتحدة.