آمنة الكتبي (دبي) 

أكد عبدالله الحمادي، رائد محاكاة الفضاء، استعداده النفسي التام لبدء فترة العزل التي ستتواصل 8 أشهر، ضمن «المهمة 1» بمشروع الإمارات لمحاكاة الفضاء.
وكان «مركز محمد بن راشد للفضاء» أعلن، أمس الأول، اختيار الحمادي رائد محاكاة الفضاء الرئيسي لمشروع الإمارات لمحاكاة الفضاء (المهمة رقم 1)، ضمن البحث العلمي الدولي في المحطة الأرضية (سيروس 20/ 21)، وهي مهمة محاكاة تستمر لمدة 8 أشهر، وسيتم إجراؤها في المجمع التجريبي الأرضي بمعهد الأبحاث الطبية والحيوية بأكاديمية العلوم الروسية في العاصمة موسكو، اعتباراً من 4 نوفمبر 2021.
تركز المهمة على دراسة آثار العزلة على الجوانب النفسية البشرية ووظائف الأعضاء وآليات عمل الفريق، للمساعدة في الاستعداد لمهمات استكشاف الفضاء على المدى الطويل.
وأشار الحمادي إلى أنه خاض اختبارات وتجارب نفسية تؤهله للنجاح في مهمته، خاصة أن الخبراء والعلماء في المحطة الأرضية «سيريوس» متوقعين حدوث تغيرات نفسية وفسيولوجية على الفريق، من أجل الاستعداد لمهام طويلة في المستقبل.
وخلال لقاء مرئي نظمه مركز محمد بن راشد للفضاء، على هامش مؤتمر الفضاء الدولي للملاحة الفضائية، قال الحمادي: «إنه يؤمن بأنه لا يوجد مستحيل في قاموس أي إماراتي، ومن أجل ذلك ينتظر بفارغ الصبر بدء تنفيذ (المهمة رقم 1) التي ستشمل أداء تجارب ودراسة آثار العزلة في الجوانب النفسية البشرية، ووظائف الأعضاء وآليات عمل الفريق، للمساعدة في الاستعداد لمهمات استكشاف الفضاء على المدى الطويل».
وأشار إلى أنه لا يوجد لدى الطاقم وقت فراغ عند بدء المهمة، كما سيكون لديه جدول مزدحم بالأعمال، ومنها تأدية 70 تجربة علمية داخل المحطة «سيريوس»، إلا أنه سيكون على تواصل مع الأهل في أوقات محددة عبر الفيديو والبريد الإلكتروني.
وأضاف أن وجوده بين فريق من جنسيات مختلفة، أكسبه مهارات عدة، منها إتقانه اللغة الروسية، خاصة مع احتكاكه الدائم مع الطاقم والأخصائيين الروس.
وأكد صالح العامري، رائد محاكاة الفضاء (الاحتياطي)، أن وجود فريق إماراتي ضمن طاقم «المهمة رقم 1»، يعد إضافة نوعية لدولة الإمارات التي تعمل جنباً إلى جنب الدول الكبرى، من أجل دراسة إمكانية الحياة في الفضاء مستقبلاً، موضحاً أنه سيعمل على توفير الدعم المعنوي لزميله الحمادي من داخل مركز العمليات، من أجل نجاح مهمته، إضافة إلى قيامه بدراسة مجموعات البيانات التي يتم الحصول عليها من التجارب التي تجري خلال هذه المهمة. وقال المهندس عدنان الريس، مدير برنامج المريخ 2117 في مركز محمد بن راشد للفضاء إن رائدي محاكاة الفضاء عبدالله الحمادي وصالح العامري يتمتعان بالمستوى التأهيلي والمهاري ذاته الذي يمكنهما من خوض مهمة (سيروس 20/ 21) والتي تستمر لمدة 8 أشهر، في المجمع التجريبي الأرضي بمعهد الأبحاث الطبية والحيوية بأكاديمية العلوم الروسية في موسكو، بدءاً من 4 نوفمبر المقبل. وأضاف أن أي فرد من الطاقم الذي يتكون من 6 رواد بينهم الحمادي، ثلاثة منهم من المعهد الروسي للمشاكل الطبية الحيوية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى جانب رائدي فضاء من وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، في حال تعرض أحدهم لأي عائق صحي يمنعه من بدء المهمة، سيقوم الرائد البديل بمهمته، لافتاً إلى أن هذا ينطبق فقط على الفترة قبل 4 نوفمبر موعد بدء المهمة، وأنه غير مسموح بعد ذلك باشتراك الشخص البديل.

مراقب التطورات
وأوضح أنه في حال حدوث ظرف طارئ جداً خلال فترة الـ 8 شهور للمهمة لأي رائد من الفريق، فإنه يتم خروجه من المهمة دون السماح بدخول بديله لإكمالها، مشيراً إلى أن هناك فريق متابعة في المجمع التجريبي بمعهد الأبحاث الطبية والحيوية بأكاديمية العلوم الروسية يراقب التطورات الصحية للمشتركين الـ6 يومياً خلال فترة العزل.
وبين أن الفريق الأساس والاحتياطي المكون من 12 شخصاً يخوضون الآن عزلاً صحياً تاماً حتى بدء المهمة في 4 نوفمبر، ضماناً لعدم تأثرهم بأي ظروف صحية طارئة، وفي حال كان الجميع بخير، فإن الأساسيين الـ6 الذين تم الإعلان عنهم، هم الذين سيبدأون المهمة، لافتاً إلى أن هناك فريقاً يدير المهمة مكون من كافة التخصصات الطبية والنفسية وغيرهما، يتابعون بشكل يومي ويراقبون مؤشرات أدائهم، خاصة أن فترة الـ8 شهور طويلة، وقد يحدث فيها بشكل طبيعي أي ظروف صحية طارئة، وإن هناك تقارير ستصدر في بداية المهمة ومنتصفها ونهايتها.

  • فريق مهمة محاكاة الفضاء (تصوير: أشرف العمرة)

دراسات سابقة
وقال إن هناك معلومات سابقة معيارية تم الحصول عليها لمثل هذه المهمات لمقارنة وقياس أداء فريق هذه المهمة، فيما تم الحصول على هذه المعلومات من مهمات ودراسات سابقة، استمرت أحدها نحو 500 يوم، وفترات أخرى متعددة أجريت في المكان نفسه، مشيراً إلى أن اختيار الفريق الإماراتي تم بالشراكة بين مركز محمد بن راشد للفضاء والجانب الروسي، وبمشاركة «ناسا»، حيث تم متابعة أداء تدريباتهما السابقة، وصولاً لإعلان الشخص الرئيسي والبديل.

70 تجربة 
وذكر الريس أن رواد محاكاة الفضاء سيجرون ما يزيد على 70 تجربة خلال مدة المهمة، بينها 5 مشاركات من أربع جامعات إماراتية، وتغطي مجالات علم وظائف الأعضاء وعلم النفس وعلم الأحياء، وستكون أيضاً جزءاً من التجارب التي تم اختيارها بعد التشاور مع شركاء البعثة في روسيا.
وقال إن من بين الموضوعات البحثية المختارة للمهمة، بحثاً من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ويركز على آثار التعرض لفترات طويلة لبيئة محاكاة الفضاء على تقلبات القلب والأوعية الدموية والتفاعلات القلبية. وفي الوقت نفسه، يقترح موضوع البحث الذي تم اختياره من جامعة الشارقة، دراسة تحديد آثار الإجهاد الناجم عن الحبس والعزلة على الدورة الدموية ووظائف العضلات والهيكل العظمي لأفراد الطاقم في أثناء مهمة قياس المؤشرات السريرية والجينومية والنسخية والبروتيومية. وقال: «تشمل الموضوعات المختارة الأخرى للمهمة، بحثاً مقدماً من الجامعة الأميركية في الشارقة حول تخفيف الضغط النفسي في العزلة والبيئة المحصورة، بينما اقترحت جامعة الإمارات العربية المتحدة بحثاً حول التحديات النفسية للعزلة أثناء رحلات الفضاء البشرية: دور الآليات التحفيزية والتدريب المتقطع والمكثف كإجراء مضاد لمنع فقدان كثابة العظام ومقاومة الأنسولين في بيئة الفضاء».

جدول مزدحم 
وشرح أن جدول الرواد مزدحم جداً لإجراء الـ 70 اختباراً وتجربة علمية، وأن فترة الـ8 شهور هي فترة تعد قليلة لكي يستطيع الرواد إجراءها كافة، مبيناً أن هناك جدولاً تم وضعه للاستفادة من أوقاتهم بشكل جيد يمكنهم من الانتهاء من التجارب في الوقت المحدد.

8 أشهر
قال الدكتور سيرجي برونوموف، مدير مشروع مهمة سيريوس: «إن المهمة ستكون لأول مرة لمدة 8 أشهر، حيث ستقوم بدراسة جوانب فريدة ذات أهمية لتحقيق أهداف المهمات طويلة المدى المتمثلة في إرسال فريق متعدد الثقافات إلى القمر، وفي النهاية المريخ»، موضحاً أن المجمع التجريبي الأرضي في معهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو يستوعب فريقاً دولياً كبيراً، ويعمل لمهام طويلة الأمد لأكثر من عام واحد.
وأوضح أن الفريق سيكون معزولاً جسدياً عن العالم الخارجي ولديه اتصالات محدودة، وسيسمح لأعضاء الطاقم بالشعور كما لو كانوا في بيئة رحلات فضائية فعلية. وتمثل البعثات من خلال البحث العلمي الدولي في محطة أرضية فريدة من نوعها، SIRIUS، سلسلة دراسات دولية متعددة الثقافات تبحث في آثار العزلة على علم النفس البشري وعلم وظائف الأعضاء وديناميكيات الفريق للمساعدة في الاستعداد لاستكشاف الفضاء لفترات طويلة.

شيخة الفلاسي: سيناريوهات متعددة لمختلف الظروف
قالت المهندسة شيخة الفلاسي مدير الفريق العلمي لمشروع مهمة محاكاة الفضاء: «إنه تم وضع سيناريوهات متعددة لمختلف الظروف التي قد تواجه رائد الفضاء لمدة 8 أشهر خلال مهمة محاكاة الفضاء»، مشيرة إلى أن رائد الفضاء عبدالله الحمادي التقى مع عائلته في شهر سبتمبر الماضي في موسكو، وسيكون على تواصل معهم دائماً.
وبينت الفلاسي أن مهمة محاكاة الفضاء تتطلب من الرائد أن يتسم بالصبر والقدرة على التحمل، مؤكدة أن فريق معهد «الأبحاث الطبية والحيوية» التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو أشادوا بمهارات رائدي الفضاء الإماراتيين عبدالله وصالح. 
وتابعت يتم يومياً إجراء تجارب مختلفة على الرواد بحسب جدول المهمة، وسيتم توفير تقرير يومي لرائد الفضاء عبدالله الحمادي، بحسب الفحوص والتجارب، كما ستتابع الدكتورة حنان السويدي الحالة الصحية خلال المهمة، مبينة أنه بعد نهاية المهمة ستتم مشاركة المجتمع العلمي بجميع البيانات والمعلومات التي تمت خلال مهمة سيريوس» 20/21. وأكدت أنهم الآن في مرحلة العزل الصحي التي تعد عاملاً مهماً في نجاح المهمات بشكل عام والتجارب العلمية، إذ يتم العمل على المحافظة على سلامة طاقم رواد الفضاء خلال هذه المدة في بيئة نظيفة لتجنب الإصابة بأي أمراض قبيل الانطلاق إلى المحطة الدولية ونقله إلى المحطة.وأوضحت أنه يتم عزل رائدي الفضاء لمدة أسبوع قبل المهمة في المحطة الأرضية الفريدة «سيريوس» 20/21، وفي هذه الفترة يكون طاقم الرحلة الأساسي والبديل في موقع يكون فيه الاحتكاك مع العالم الخارجي شبه معدوم، كما يتم خلال هذه المدة منع الجراثيم من دخول منشآتهم الأرضية، إضافة إلى تنفيذ عمليات تعقيم شاملة من الميكروبات، وتخضع المرافق والأدوات التي يستخدمونها للتعقيم المتكرر.  
وأضافت: «يتم خلال معهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو، إجراء فحوص وتحاليل على المشاركين في المهمة، كما يتم إخضاعهم لتدريبات خاصة باللياقة البدنية والنفسية»، موضحة أنه تمت دراسة شخصية كل منهم على حدة لتفادي المشكلات التي قد تحصل خلال المهمة.
وتابعت: «تتمحور المهمة حول دراسة آثار العُزلة في الإنسان، نفسياً وفيزيولوجياً، وديناميكيات الفريق، للمساعدة في التحضير لمهام استكشاف الفضاء الطويلة المدى»، لافتة إلى أن هذه المهمة الأولى التي يشارك فيها رواد من مختلف دول العالم وتستمر لمدة 8 أشهر.
وقالت: «تعتمد المهمة على الجانب النفسي خلال مرحلة العزلة، وأن رائدي الفضاء مؤهلان لهذه المهمة، وخضعا لتدريبات مكثفة تمتد لـ12 ساعة يومياً على التجارب العلمية والروبوتات والاختبارات النفسية والفيزيولوجية، كما تم تدريبهما على كيفية إدارة العمليات اليومية وأداء المهام المختلفة خلال فترة المهمة، فضلاً عن خضوعهما لـ 60 تجربة مختلفة تتراوح بين مجالات علمية مختلفة».