طه حسيب (الاتحاد)
نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالتعاون مع «مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا»، مائدة مستديرة حملت عنوان: «حوار الاتفاق الإبراهيمي بعد عام: فرص جديدة وتحديات قديمة في الشرق الأوسط». وتأتي هذه «المائدة»، بالشراكة مع صحيفة «الاتحاد» في إطار الأعمال التحضيرية لندوة: «الاتفاق الإبراهيمي.. فرص تعزيز التعاون والتسامح والتنمية في المنطقة» التي تعقد اليوم بجامعة تل أبيب.
شارك في المائدة المستديرة، التي عقدت أمس الثلاثاء في مقر جامعة تل أبيب، باحثون من الجانبين الإماراتي والإسرائيلي، وناقشوا الفرص الجديدة التي أوجدها الاتفاق الإبراهيمي، وسبل تعزيز التعاون ونشر ثقافة السلام والتسامح في المنطقة. وتمت إدارة المائدة بنظام تشاتام هاوس.
حضر النقاش الدكتور عبدالله محمد العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، والبروفيسور عوزي رابي مدير مركز موشيه ديان التابع لجامعة تل أبيب، والدكتور لورانس وينباوم مدير عام المجلس الإسرائيلي للعلاقات الخارجية، وحمد الكعبي رئيس تحرير الاتحاد.
كما شاركت في النقاش الدكتورة بياتريس جوراونشي مديرة مكتب مؤسسة كونراد أديناور في إسرائيل، والدكتور ستيفن بلاكويل المستشار العلمي ومدير إدارة الدراسات الاستراتيجية في «تريندز»، والدكتور نير بومز زميل باحث في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، وإليازية الحوسني رئيس قسم الإعلام في تريندز للبحوث والاستشارات، والكاتب والباحث الإماراتي محمد خلفان الصوافي وشاركت في المائدة دافني ريشموند باراك خبيرة القانون الدولي بالمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب.
وتطرق المشاركون من الجانبين إلى أهمية الموروث الثقافي والحضاري المشترك الذي يجمع بين المسلمين واليهود، باعتبار أنهما أبناء عمومة متمثلة في نبي الله إبراهيم، عليه السلام، الذي سُميت اتفاقية السلام باسمه وأطلق عليها اسم الاتفاق الإبراهيمي.
وخلال اللقاء، أكد المشاركون قناعتهم بأن الاتفاق الإبراهيمي يُشكل فرصة حقيقية لجميع شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لضمان سلام واستقرار دائمين يتيحان للجميع إمكانات النهوض، والتطور، والازدهار معاً، ورفع التحديات التي تطرحها مواجهة الإرهاب، والإخوان المسلمين في المنطقة.
ثمّنَ المشاركون عالياً الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتفاق الإبراهيمي، باعتباره اتفاقاً مؤسسا لغدٍ أفضل، ويمكنه أن يساعد في تعزيز قواعد التعاون المشترك في جميع المجالات وعلى مستويات عدة تفتح آفاقاً جديدة ليس فقط للتعاون المشترك، بل كذلك تتيح إمكانات العمل سوياً في سبيل تحقيق تفاهمات وتوافقات أكثر تخدم مستقبلاً مشتركاً لجميع شعوب المنطقة.
وتوصلت سجالات الحضور خلال المائدة المستديرة إلى أن الاتفاق الإبراهيمي يهيئ مناخاً وأرضية يمكنان الجميع في المنطقة من تعزيز علاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية. كما سيسمح للحكومات بوضع الهياكل، وتوفير الآليات والأدوات التي من شأنها أن تدعم كل ما من شأنه الدفع بشعوب المنطقة إلى إرساء أسس سلام دائم ومستدام.
وتوصلت السجالات خلال المائدة المستديرة إلى استنتاج مفاده أن للإمارات دوراً مهماً ومحورياً يمكن أن تقوم به في سياق تعزيزها لمخرجات الاتفاق الإبراهيمي ونتائجه، باعتبار ما تتوافر عليه من إمكانات، وباعتبار أن الإمارات نموذج تنموي يحتذى به في المنطقة تمكن من تحقيق قفزات تنموية نوعية رغم التحديات متعددة الأوجه التي تعيشها المنطقة.
وسلّطت الحوارات التي دارت خلال المائدة الضوء على أهمية دور الإمارات باعتبارها دولة تسعى سعياً حثيثاً ودائماً إلى إرساء أسس سلام دائم وشامل في المنطقة. كما أشار المشاركون إلى دور الإمارات في استتباب الأمن والسلام في عددٍ من دول المنطقة التي تعرف حالة من عدم الاستقرار، وذلك من خلال تبني الإمارات لنهج ومقاربة قائمين على التواصل والحوار من أجل الوصول إلى الحلول المؤدية إلى السلام الذي ينشده الجميع في المنطقة.
ولفت المشاركون الانتباه إلى أهمية التعليم العالي، باعتباره من بين أحد الركائز التي ستساعد من دون شك في تعزيز أسس الاتفاق الإبراهيمي وضمان استمراريته، من خلال فتح الباب أمام طلبة البلدين لتبادل الزيارات والتواصل أكثر من أجل تحقيق فهم أفضل لبعضهما البعض، إلى جانب العمل على تعزيز هذا التوجه على صعد أخرى مختلفة ومتنوعة.
وعن الدور التربوي وأهميته في تعزيز السلام، أوضح المشاركون أن ثقافة السلام والتعايش لا يمكن أن تكون ولا يمكن أن يُكتب لها البقاء والاستمرار من دون تربية النشء والشباب عليها، ولذا فإن التعليم - لا محالة - سيلعب دوراً محورياً وأساسياً في تحقيق هذا الهدف على المديين المتوسط والبعيد.
وتمخضت مداخلات الحضور عن استنتاج مهم يتمثل في أن الإعلام عنصر آخر من العناصر المعول عليها في تكريس ثقافة السلام، ولذا فإن الإعلام ينتظره الشيء الكثير ليقوم به في إطار تعزيز قيم السلام والتآخي بين شعوب المنطقة ومحاربة الخطاب الظلامي بكل أنواعه وأشكاله في المنطقة والعالم.