يسلّط الإصدار الثالث من مجلة التنقل الذاتي لـ «آرثر دي ليتل» الضوء على حالات الاستخدام البارزة التي بدأت نتائجها تتبلور في دولة الإمارات، مثل مشروع التنقل الذاتي بوساطة «التاكسي الطائر» في دبي
تستكشف دولة الإمارات العربية المتحدة فرصاً جديدة لتطوير أنظمة تنقل حضري أكثر استدامة ومرونة وتتمحور حول متطلبات الإنسان
يشكل تبني وسائل النقل الجوي ذاتي القيادة في المناطق الحضرية جزءاً من رؤية التنقل الموحدة طويلة الأجل لدولة الإمارات العربية المتحدة
عقيل أحمد الزرعوني، مدير أول إدارة السياسات والتنظيم والتخطيط ومدير مشروع التنقل الجوي في المناطق الحضرية في الهيئة العامة للطيران المدني، يتبادل الرؤى مع خبراء آرثر دي ليتل حول مستقبل التنقل في دولة الإمارات العربية المتحدة
نشرت آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، الإصدار الثالث لمجلتها الخاصة بالتنقل الذاتي، والذي أشارت فيه إلى التغيرات التي طرأت على العديد من عادات وسلوكيات الأفراد في أعقاب تفشي جائحة كوفيد - 19، إضافة إلى التحولات التي شهدتها قطاعات الأعمال المختلفة بما في ذلك قطاع التنقل، الذي يشهد حالياً توجه أعداد متزايدة من الركاب نحو استخدام وسائل التنقل التي تعتبر أكثر أماناً وسلامةً من الناحية الصحية. ويشرح خبراء «آرثر دي ليتل» هذه النتائج وغيرها في العدد الثالث ضمن سلسلة مجلة «التنقل الذاتي» Autonomous Mobility Journal التي تختص بتغطية أحدث التطورات على صعيد مشاريع التنقل الذاتي في جميع أنحاء العالم، مع تسليط الضوء على المتغيرات المتسارعة التي يشهدها القطاع وحالات ومجالات الاستخدام البارزة، والدور المحوري الذي يلعبه موفرو حلول النقل، فضلاً عن استراتيجيات الحكومات وجهودها لمواكبة المتطلبات المستقبلية في قطاع التنقل.
وقال جوزيف سالم، شريك ومسؤول ممارسات قطاع السفر والتنقل في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط: «لقد أدّى الوباء المستمر إلى اضطرابات واسعة النطاق في مختلف القطاعات، ولم يكن قطاع التنقل بمنأى عن هذه التحولات. وهناك العديد من الدروس التي يمكننا استخلاصها من هذه الأحداث الأخيرة، أهمها ضرورة العمل على توفير أحدث الابتكارات ومواكبة المتطلبات المستقبلية. ويكشف إصدارنا الأخير من تقرير التنقل الذاتي أن الحكومات والهيئات والجهات المسؤولة عن قطاع النقل في المدن يمكن أن يكون لها تأثير أكبر في إحداث نقلة نوعية في مشاريع التنقل، حيث يسلط عدد من الخبراء الإماراتيين الضوء على ما يخبئه لنا المستقبل من إمكانات، إضافة إلى كيفية تسخير المشاريع المبتكرة مثل «التاكسي الطائر» في الإمارات العربية المتحدة لدفع الابتكار نحو أنظمة تنقل حضري أكثر استدامة ومرونة وتركيزاً على الإنسان».
ويقدم التقرير الجديد، الذي تم إعداده في ضوء أبحاث أجريت على الصعيدين الإقليمي والدولي، نظرة عامة وشاملة على أحدث المشاريع الرائدة التي من المقرر أن يكون لها تأثير واضح عبر المشهد الحضري في السنوات القادمة. وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تعد خدمات التاكسي الطائر ذاتي القيادة (AATS ) واحدة من حالات الاستخدام الرئيسية المميزة، والتي يتم من خلالها نقل الركاب في مركبة كهربائية ذاتية القيادة قادرة على الإقلاع والهبوط العمودي، حيث تسعى دبي لتكون من أوائل المدن التي تتبنى هذه الخدمات. ويشرح الإصدار الجديد من مجلة التنقل الذاتي، بالتفصيل، العناصر الإستراتيجية الضرورية لنجاح المشروع، ويقدم توصيات حول كيفية قيام الهيئات المسؤولة عن قطاع النقل بتبسيط الإجراءات والعمليات التشغيلية للمشروع.
وأضاف سالم: «في حين أن الأمور التنظيمية لا تزال تمثّل عائقاً أمام تنفيذ حلول التنقل الذاتي جواً، إلا أننا نشهد مؤخراً اعتماد الهيئات التنظيمية في قطاع الملاحة الجوية منهجيات مختلفة في مساعيها لتقديم خدمات التاكسي الطائر ذاتي القيادة، وابتكار حلول جديدة لتعزيز انسيابية حركة وتنقل السكان وتخفيف المشاكل المتفاقمة للازدحام. وينطق هذا الاتجاه على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تواصل إحراز تقدم مستمر في هذا المجال، حيث تم مسبقاً إصدار إشعار خاص بالتعديلات المقترحة لعمليات المركبات الكهربائية ذاتية القيادة القادرة على الإقلاع والهبوط العمودي، إضافة إلى تطوير اللوائح الخاصة باختبارات المركبات الطائرة، مع وجود بيئة تنظيمية مشجعة ومتجاوبة. وعلى الرغم من التعقيدات التي تصاحب رحلة الوصول إلى الإمكانات الحقيقية لهذه التكنولوجيا، إلا أن الأفكار المتجددة والأساليب المبتكرة يمكن أن تساهم في إحداث نتائج إيجابية تواكب تطورات ومتطلبات قطاع التنقل».
وتهدف دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال رؤيتها الطموحة لتحويل 25% من رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذكية ذاتية القيادة بحلول عام 2030 إلى تقديم تجارب تنقل سلسة وآمنة للمستخدمين في عالم ما بعد الجائحة. وهذا ما أكده عقيل أحمد الزرعوني، مدير إدارة السياسات والتنظيم والتخطيط بالهيئة العامة للطيران المدني بالإنابة، في المقابلة المنشورة في العدد الجديد من المجلة، حيث شارك الزرعوني مجموعة من الرؤى حول التنقل الجوي في المناطق الحضرية وبرنامج التاكسي الطائر ذاتي القيادة في دولة الإمارات العربية.
وقال الزرعوني: «قبل عام 2017، لم يكن لدينا لائحة تنظيمية معتمدة لتمكين مشاريع التنقل الجوي في المناطق الحضرية، لذلك قمنا بالتعاون والتنسيق مع هيئة الطرق والمواصلات بدبي بتدشين مشروع تجريبي وفق لوائح وإجراءات محددة وصارمة. وفي يوليو 2019، توصلنا إلى نهج ملائم للحفاظ على معايير السلامة وتمكين نمو وتطور هذه التكنولوجيا من خلال إطلاق لائحة تنظيمية خاصة بمشروع التنقل الجوي في المناطق الحضرية».
وأضاف: «تُعد هذه اللائحة هي الأولى من نوعها، إذ تغطي في أحكامها الإجراءات والأبعاد التشغيلية الخاصة بالمشروع، إضافة إلى كونها تقيس مدى ملاءمة مركبات التنقل الجوي للطيران الآمن، والشروط الواجب توافرها في مدارج الهبوط العمري، فضلاً عن المتطلبات الأمنية. وحققنا في السنوات التي تلت ذلك العديد من الإنجازات على صعيد تعزيز قطاع الملاحة الجوية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة ومجالها الجوي، وسنواصل التعاون مع جميع أصحاب المصلحة والجهات المعنية على المستويين المحلي والدولي لضمان تنسيق وتكامل الأطر التنظيمية الخاصة بقطاع التنقل الجوي في المناطق الحضرية».
وأشارت مخرجات الإصدار الجديد من مجلة «التنقل الذاتي» أيضاً إلى أن نحو ثلث السكان في بعض المدن قد توقفوا عن استخدام وسائل النقل العام نتيجة عمليات الإغلاق التي صاحبت جائحة كوفيد - 19، إضافة إلى اعتماد الشركات سياسة العمل عن بُعد، والتزام السكان بالبقاء في المنزل، وجميعها عوامل أدّت إلى انخفاض حجم التنقل. وفي سيناريو ما بعد الجائحة، سيتم إلغاء العديد من الإجراءات التي فُرضت إبان الجائحة، وبالتالي سيعود عدد كبير من الركاب إلى العادات السابقة، بينما من المتوقع أن تبقى إجراءات أخرى كما هي عليه اليوم كجزء من الواقع الجديد.