منى الحمودي (أبوظبي)
تعتبر العلاقات الإماراتية السعودية نموذجاً متميزاً في الرصانة والقوة بين دولتين شقيقتين ترتبطان بأواصر تاريخية وعادات وتقاليد وخطط ومصير مشترك قائم على الأهداف والمواقف التي تحقق تكامل الرؤى بين البلدين للتعامل مع الحاضر وبناء المستقبل. وتحتفل دولة الإمارات اليوم مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية باليوم الوطني السعودي الـ91 الذي يصادف 23 سبتمبر من كل عام، ويؤكد عاماً بعد عام القوة والازدهار والحداثة والتطور الذي تمر به المملكة.
وترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات أخوية قوية وتاريخية، توطدت بشكلها الرسمي؛ بفضل جهود المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، وانتقلت هذه العلاقات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة.
وتؤمن دولة الإمارات بأن متانة العلاقات التي تجمعها مع المملكة العربية السعودية هي تمثيل للعمق التاريخي وصمام الأمان للبلدين والعرب جميعاً، فهما نموذج الاستقرار والأمان والنماء والازدهار في المنطقة. وتأكيداً على عمق العلاقات بين البلدين، وروح الأخوة والصداقة والمحبة بين الشعبين، تحرص دولة الإمارات، حكومةً وشعباً، كل عام بالتزامن مع اليوم الوطني السعودي، على مشاركة الأشقاء والإخوة في المملكة احتفالاتهم بهذه المناسبة العزيزة، ولتكون جزءاً من الحدث الغالي والعزيز للشعبين.
تنسيق دائم
وتعكس الزيارات المتبادلة والحرص على التواصل والتنسيق الدائم، العلاقات الوثيقة وتوحيد الرؤى بين البلدين الشقيقين، حيث تتصدر قضايا التعاون الثنائي وتبادُل وجهات النظر، بشأن عددٍ من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية، لقاءات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية ومع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية الشقيقة، خاصة مستجدات الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والشرق الأوسط، والجهود المبذولة لإيجاد تسويات سياسية للأزمات والتحديات التي تواجهها، بما يكفل تحقيق السلام والاستقرار للمنطقة وشعوبها.
السعودي إماراتي والإماراتي سعودي
وعند التعبير عن العلاقات الإماراتية السعودية، يمكن لمقولة «السعودي إماراتي والإماراتي سعودي» أن تختصر الكثير من الكلمات التي تعبر عن عمق العلاقة بين البلدين، حكومةً وشعباً، والتي تعكس الصداقة القوية وعلاقة الأشقاء الحميمة بما تحتويه من محبة وانسجام وتعاون وتميز على مختلف الصعد. ويؤكد سير العلاقات بين البلدين التطورات النوعية في مختلف المجالات والتعاون الوثيق بينهما، ليترجم ذلك التاريخ الطويل من التعاون والتنسيق.
ويظهر جلياً للجميع حجم التلاحم والود بين مواطني دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، واعتزاز شعب الإمارات بقيادة وشعب المملكة العربية السعودية، وشعورهم بالفخر للإنجازات التي تتحقق على أرض المملكة، وتمنياتهم لها بالمزيد من التقدم والتطور.
ويعكس إطلاق اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، على أهم شوارع مدينة أبوظبي، واسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على أهم شارع في دبي، التقدير والاحترام اللذين تحظى بهما قيادة المملكة في دولة الإمارات. كما أطلقت إمارة أبوظبي اسم «الرياض» على أحدث المدن فيها، وأطلقت دبي اسم مدينة الرياض على أهم الشوارع فيها، وكذلك تسمية أحد الشوارع باسم الملك عبدالعزيز بن سعود، طيب الله ثراه، وشارع الملك فيصل بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، في الشارقة، ما يبين محبة دولة الإمارات وقربها من المملكة العربية السعودية، باعتبارها الشقيق الخليجي الأكبر.
مجلس التنسيق
يأتي مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي مر على إنشائه خمسة أعوام، ليؤكد النموذج الاستثنائي الذي أوجده البلدان للتكامل والتعاون بينهما، وذلك على المستويين الإقليمي والعربي عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين، حيث تم إنشاء المجلس ضمن اتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شهر مايو 2016، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. ويقدم المجلس النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول وتفعيل أواصره، ويدعم في الوقت نفسه العمل ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك، ويعمل المجلس على تنسيق العمل على المبادرات المشتركة، والتي لها نتائج ستنعكس بشكل إيجابي على إيجاد فرص عمل ونمو في الناتج الإجمالي، وزيادة نسبة الاستثمار بين البلدين.
ويحقق مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الرؤية المشتركة التي تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين، بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبناء منظومة تعليمية فعّالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها كل من الدولتين لإعداد أجيال مواطنة ذات كفاءة عالية.
كما يعمل على تعزيز التعاون والتكامل بين البلدين في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية بما يعزز أمن ومكانة الدولتين السيادية إقليمياً ودولياً، بالإضافة إلى ضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين، عبر آلية واضحة تقوم على منهجية متكاملة لقياس الأداء بما يكفل استدامة الخطط، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين، وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية.
الصداقة البرلمانية
تعكس العلاقات الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة، متانة العلاقات والمصالح المشتركة، وتطابق رؤى قيادتي البلدين، حيث وقع معالي صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، والدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية الشقيقة، في مايو الماضي، على مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين المجلسين، وذلك ترسيخاً وتتويجاً لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية المتجذرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتأكيداً على المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين الشقيقين وشعبيهما. وتُعد جمعية الصداقة البرلمانية الإماراتية - السعودية أول جمعية صداقة ينشئها المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه قبل قرابة 5 عقود مع مؤسسة برلمانية على مستوى العالم، وذلك ترسيخاً لعلاقات التعاون بين البلدين، لا سيما في مجال تطوير العلاقات البرلمانية، وتعبيراً عن الرغبة المتبادلة في تطوير أسس التفاهم والحوار، وتنمية العلاقات الثنائية بينهما.
وتهدف الجمعية إلى دعم أواصر الصداقة والتفاهم والتعاون وتعزيز أسس التعاون المشترك في مجالات العمل البرلماني، وتبادل الرأي والمشورة في مجال الدبلوماسية البرلمانية، لا سيما في المنتديات والمحافل الدولية والإقليمية المشتركة، وتوثيق أطر العلاقات الثنائية.
وتختص الجمعية بتبادل الزيارات والمعلومات البرلمانية للاستفادة المتبادلة من الخبرات المختلفة لدى الطرفين، وعقد اللقاءات البرلمانية الثنائية للتنسيق البرلماني على هامش المنتديات والمحافل الدولية والإقليمية المشتركة، وتنظيم فعاليات تختص بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن المساهمة في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية ودعمها، وفقاً لاتفاقيات التعاون المبرمة بين البلدين.
شـريك اقتصادي
تُعد دولة الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للمملكة العربية السعودية على صعيد المنطقة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، وتعتبر العلاقة الاقتصادية بين البلدين الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون. ويقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو 30 مليار دولار. وتتصدر المملكة العربية السعودية تجارة الاستيراد من دولة الإمارات على مستوى العالم. وتؤدي الاستثمارات المشتركة بين البلدين دوراً مهماً وحيوياً في العلاقات الثنائية بينهما، وتعمل في دولة الإمارات أكثر من 2300 شركة سعودية و66 وكالة تجارية، بينما تتجاوز المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية مائة مشروع في قطاع الصناعات والخدمات. ويعتبر إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز 100 مليار ريال، نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.