آمنة الكتبي (دبي)
تقدم القيادة الرشيدة للدولة أروع الأمثلة على صعيد الاهتمام برأسمالها البشري وتنميته وتمكينه، حتى باتت تجربتها الفريدة في هذا المجال نموذجاً عالمياً يحتذى به، وذلك لأنها تعي أهمية وجود كوادر بشرية مدربة ومؤهلة تصون مكتسبات الاتحاد ومقدراته ومنجزاته التي تحققت على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمن؛ لذلك تولي رأسمالها البشري ثقة كبيرة، وتعلق آمالها عليه في الوصول بالدولة إلى المراتب العالمية، وتحقيق الريادة في شتى المجالات والميادين، وترجمة رؤية الإمارات 2021 وأجندتها الوطنية.
وحلت الإمارات في المركز الأول عربياً، والمرتبة الـ 43 عالمياً العام الماضي، ضمن مؤشر رأس المال البشري الصادر عن البنك الدولي، وبحسب التقرير أحرزت الدولة تقدماً بتحسن تقييمها ضمن التصنيف من 0.62 نقطة عام 2010 إلى 0.67 نقطة في تقييم العام الجاري.
وأظهر التقرير أن الإمارات أحرزت تقدماً ملحوظاً على مستوى خدمات التعليم والرعاية الصحية في السنوات الأخيرة، وهما المعياران الرئيسيان في تصنيفات رأس المال البشري عالمياً.
ويحظى العنصر البشري في رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة باهتمام خاص، ولا يقتصر الاهتمام على المواطنين فحسب، بل يشمل كل مقيم، وكما تحرص القيادة الرشيدة وتعمل من أجل راحة المواطن وتوفير كل سبل الرفاه له، لا تتردد في اتخاذ كل ما من شأنه أن يحقق للمقيم الاستقرار والعيش الكريم، ويشعره، قولاً وفعلاً، أنه في بلده الثاني.
وترى حكومة دولة الإمارات في ما يمر به العالم من تحديات ومتغيرات متسارعة منظومة فرص تقوم على تمكين الشباب وتوظيف أفكارهم ومواهبهم وإمكاناتهم وتفعيل دورهم في تصميم وصناعة المستقبل، بما يدعم جهود الحكومة لجعل دولة الإمارات الأكثر استعداداً ومرونة وجاهزية للتعامل مع المتطلبات والمتغيرات المستقبلية.
وأكد الدكتور عبداللطيف الشامسي، مدير مجمع كليات التقنية العليا، أن المبدأ الرابع من وثيقة الخمسين والمعني بالمحرك الرئيس المستقبلي للنمو، وهو رأس المال البشري الذي يمثل الرهان الحقيقي للحفاظ على تفوق الدولة، تأكيد جديد على نهج قيادة منذ التأسيس؛ لأن الإيمان بالإنسان وبأنه الثروة الحقيقية للوطن هو أساس نجاح وإنجازات وقوة الخمسين الماضية، وسيبقى هذا النهج الوطني هو القوة التي تعمق نجاح وريادة الدولة محلياً وعالمياً، وفي كل مرحلة تزداد الثقة في الإنسان وتزداد معها الطموحات وتمتد الرؤى المستقبلية إلى الاستعداد للمئوية.
وأضاف الدكتور الشامسي، يستمر التعليم الركيزة الأساسية لكل مرحلة تطويرية، والدولة لديها دائماً رؤى استشرافية تجعها دائماً على أعلى جاهزية للتعامل مع المتغيرات ومواجهة التحديات، وتمثل جائحة «كورونا» خير مثال لهذه الجاهزية التي قادت الإمارات لتقديم نموذج عالمي رائد في التعامل مع الجائحة وتحويل التحديات إلى إنجازات استناداً إلى رؤية القيادة وجاهزية أبنائها ومؤسساتها.
وذكر أن كليات التقنية العليا وضعت رؤية استراتيجية مستقبلية مستندة فيها إلى الرؤى والتوجهات الوطنية نحو الخمسين القادمة 2071، هدفها رأس المالي البشري وتعزيز جاهزيته للمستقبل، حيث تم وضع تصورات وأسس للمرحلة المقبلة «2022-2026» بهدف تخريج شباب وفتيات قادرين على صناعة الثروة والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال التركيز على المهارات والكفاءات وليس المعرفة وحدها، وتصميم برامج وتقديم خدمات تعليمية متخصصة تلبي الاحتياجات الفردية للطالب وفق قدراته ومواهبه، مستثمرين في ذلك التكنولوجيا المتطورة على مستوى الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، وكذلك العمل على تطوير تكنولوجيا التعليم، بما يخلق بيئة تعليم شائقة وممتعة للطلبة، ويدعم جودة الحياة في مجتمع الكليات، وتعزيز العمل على تخريج الشركات ورواد الأعمال.
وقال إن الكليات اليوم تبني هذه التصورات المستقبلية على ما حققته من نجاح على مستوى تطوير مخرجاتها وتمكين طلبتها للمستقبل، حيث نجحت الكليات اليوم في تحقيق هدفها الذي وضعته عام 2016 بتمكين طلبتها من المهارات الاحترافية العالمية، وتمكّنت من تخريج أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة يحملون شهادات احترافية متخصصة معتمدة عالمياً، إلى جانب شهاداتهم الأكاديمية، ما عزز من كونهم قادة في تخصصاتهم و«خياراً أول» لسوق العمل اليوم، بالإضافة إلى التركيز منذ عام 2019 على رعاية الأفكار والمشاريع الطلابية وتشجيع ريادة الأعمال من خلال المناطق الاقتصادية الإبداعية الحرة عبر برنامج «تطوير الشركات الناشئة» والتي تمكنت الكليات من خلاله من إطلاق 108 شركات ناشئة، منها 26 حصلت على رخص لمزاولة نشاطها التجاري و20 انطلقت وأخذت مواقعها في السوق، فالتخصصية والمهارات وريادة الأعمال أسس تمكن شباب المستقبل من المساهمة في التنمية.
وقال محمد الكشف، عضو المجلس الوطني الاتحادي: «إن القيادة الرشيدة تركز دائماً منذ تأسيس الاتحاد على المحرك الرئيس المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري، وذلك من خلال تطوير التعليم، واستقطاب المواهب، والحفاظ على أصحاب التخصصات، والبناء المستمر للمهارات، انسجاماً مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال: الإمارات دولة شابة وتبني مستقبلها اعتماداً على الشباب».
وأضاف أن خطة حكومة دولة الإمارات الاستراتيجية تهدف إلى تأهيل جيل يتمتع بأعلى المستويات العلمية والاحترافية والقيم الأخلاقية لرفع مكانة الدولة لتكون الأفضل في العالم، مؤكداً أن القيادة تركز دائماً على تعزيز استثمار رأس المال البشري، لأنه الاستثمار الحقيقي والرهان الرابح لصناعة غد مزدهر.
وتابع «كما تحرص القيادة الرشيدة على توفير المقومات الكفيلة بتمكين الشباب وتطوير مهاراتهم في مختلف المجالات، وإشراكهم في عملية التخطيط والتنفيذ في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة»، لافتاً إلى أن الاستثمار في تنمية رأس المال البشري الإماراتي وتمكين الكفاءات الوطنية، في مقدمة الأولويات التي توليها القيادة الرشيدة اهتماماً خاصاً، وتشكل غايات رئيسية على أجندة العمل الحكومي، باعتباره رأس المال البشري المحرك الرئيس للتنمية الشاملة المستدامة.