شروق عوض (دبي)  

أكد محمد الظنحاني، مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة، أنّ المسوحات الأولية للوزارة أظهرت إجمالي المواقع الزراعية لمحاصيل القمح في الدولة بلغ 140 موقعاً، وأنّ الموعد المناسب لزراعتها يبدأ من أكتوبر وحتى نوفمبر، بينما يتم الحصاد مع نهاية أبريل، وبداية مايو من كل عام.
وكشف الضنحاني في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، عن عزم الوزارة تنفيذ 6 خطط خاصة بزراعة القمح، خلال المرحلة المقبلة، أولها استمرارية إجراء المسوحات لكافة مزارعي القمح في مختلف أرجاء الدولة، والثانية تأسيس منصة إلكترونية ببيانات فئة مزارعي القمح الإماراتيين، للاطلاع على احتياجاتهم وتحديد هيكلة توزعهم في الدولة، وتحديد قائمة بأسمائهم ومعلومات حول إجمالي إنتاج مزارعهم وغيرها، والثالثة تحديد أصناف القمح المناسبة لزراعتها في البيئة المحلية، والرابعة تنفيذ عدد من الأبحاث حول زراعة القمح لتوفير المعلومات الفنية للمزارعين، والخامسة تقديم الإرشاد الزراعي لهذه الفئة، والسادسة العمل مع الجهات الأخرى لتطوير زراعة هذا المحصول المهم.

  • محمد الظنحاني

وقال الظنحاني: «إنّ نتائج تلك المسوحات جاءت بناءً على عدد من الدراسات التي أجرتها الوزارة، بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين، والعديد من المؤسسات البحثية، حول زراعة القمح في الدولة، وفقاً لظروفها المناخية، وبهدف تقييم الأصناف المناسبة والظروف الموائمة لزراعتها، حيث أجريت مسوحات ميدانية في مختلف المناطق، خلال الأشهر الماضية، للاطلاع على تجربة المزارعين في هذا المجال.

محصول استراتيجي
وأشار إلى أنّ القمح يعتبر أحد المحاصيل الاستراتيجية لمعظم دول العالم، كونه يدخل في صناعة الكثير من المواد الغذائية وخاصة الخبز، وتشير توقعات منظمة الأغذية والزراعة إلى الزيادة المستمرة في الطلب عليه بما سيزيد عن 60% بحلول عام 2050 نتيجة لزيادة التعداد السكاني، وعليه فإنّ الإمارات توليه أهمية خاصة باعتباره من المحاصيل الاستراتيجية الرئيسة المرتبطة بالأمن الغذائي، وتعزيز توفره في كافة الظروف والأحوال لتفادي أي نقص، أو تأثير سلبي على أمنها الغذائي.

أنواع القمح المحلي
وبيّن أنّ زراعة القمح قائمة منذ فترات طويلة في البلاد بنوعيه القاسي والطري، حيث استخدمه الإماراتيون في تحضير أنواع عديدة ومختلفة من الأغذية، بوصفه عنصراً أساسياً كالخبز والأكلات الشعبية، كالهريس والحلويات كالخنفروش، إضافة لاستخدامه في مجالات أخرى غير الغذاء، كالتداوي والعلاج من بعض الأمراض، وغيرها الكثير من الاستخدامات الأخرى.
وفيما يخص بقية الأصناف التي تتم زراعتها في الدولة، قال الظنحاني:«تتم لدينا زراعة أصناف عدة رئيسة من القمح، وتزيد أحياناً في حال الرغبة بتجربة صنف جديد»، مؤكداً أنّ زراعته تعتبر عملية بسيطة، حيث تعتمد على نثر بذور القمح وحراثة بسيطة للتربة، ثم ري البذور بعدها مباشرة، ويحتمل القمح الجفاف نوعاً ما، إذ يمكن ريه مرة كل أسبوع، ووفقاً لظروف الجو- أي زيادة الري في حال الحاجة لذلك.

تحديات وأهداف
وحول التحديات التي تواجه زراعة القمح في الدولة والخطط المستقبلية الخاصة بها؟ أشار بأنّ أهم التحديات تتعلق بالظروف المناخية، ووفرة المياه وأدوات فرز البذور وتكاليف الإنتاج، سيما أنّ تجربة زراعة القمح ما زالت في بداياتها»، منوهاً بأنّ الخطط المشار إليها أعلاه، لم تأت من فراغ وإنما جاءت نتيجة حتمية لإيلاء الوزارة أهمية خاصة لقطاع الزراعة، وتعمل على تنميته وتطويره، وذلك انطلاقاً من الهدفين الاستراتيجيين لها المتمثلين في تعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته والنظم الطبيعية، وإدراكاً منها للدور الهام الذي يلعبه قطاع الزراعة في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية.
وأوضح أنّ اهتمام الوزارة بدراسات حول زراعة القمح، يأتي انطلاقاً من عدة عوامل في مقدمتها تطوير منظومة البحث والابتكار عبر تنفيذ أبحاث تجيب عن تحديات وأسئلة ذات بعد اقتصادي وبيئي والخروج بنتائج يمكن الاستفادة منها مستقبلاً، وبناءً على النتائج وتحليل الدراسات، فإنها تعكف على مراجعة وتطوير الخطط البحثية المقبلة لوضع السيناريوهات وخطط العمل المستقبلية المتعلقة بزراعة مثل هذه المحاصيل، وفقاً للموارد المتاحة والحاجة الفعلية.
وأضاف: إنّ الاهتمام بدراسة هذه المحاصيل، يأتي في إطار تطوير قدراتنا البحثية الابتكارية، والتشجيع على تطوير آليات جديدة لاستنباط أصناف جديدة أو تطوير أصناف حالية لتعزيز تنوع سلة الإنتاج وزيادته، وتحويل دولة الإمارات إلى بيت خبرة يقدم المعرفة في المنطقة، لافتاً إلى تركيز الوزارة على العديد من المحاصيل الزراعية، وبرامج مكافحة آفاتها والتسميد والزراعة العضوية، والزراعة المستدامة وغيرها الكثير.

دعم المزارعين
وأشار إلى تعدد وسائل الدعم المقدمة للمزارعين لتعزيز دورهم في توسيع الرقعة الزراعية والنهوض بهذا القطاع على أسس سليمة وحديثة، عبر الدعم المادي بصورة مباشرة، كتوفير مواد ومستلزمات الإنتاج الزراعي بنصف الثمن، وبصورة غير مباشرة كتسهيل تسويق المنتجات المحلية، من خلال الاتفاق مع منافذ البيع الكبرى في الدولة وفق مفهوم الزراعة التعاقدية، وقد شهدت تلك المنافذ في الفترة الأخيرة حضوراً واضحاً للمنتجات الغذائية المحلية، وإقبالاً متزايداً عليها، كما يشمل دعم الوزارة والجهات المعنية الأخرى توفير فرص الوصول إلى صناديق التمويل الوطنية، وخدمات الإرشاد الزراعي، ومكافحة الآفات الزراعية والأوبئة الحيوانية والعلاج.
وحول التحديات التي تواجه القطاع الزراعي المحلي بشكل عام، أكد أنّ أهمها تتمثل في ضغوط طبيعية كنقص الموارد المائية كالجوفية والسطحية، وارتفاع ملوحتها واستنزافها وارتفاع تكاليف الري، وكذلك محدودية مساحة الأراضي الملائمة للزراعة وارتفاع ملوحة التربة وتدني خصوبتها، إضافة إلى الظروف المناخية الصحراوية، كما يواجه هذا القطاع العديد من الضغوط البشرية منها زيادة الطلب على الغذاء والحاجة إلى المحافظة على بعض مكونات القطاع الزراعي كإرث وطني والتكاليف المرتبطة بذلك، وعلى الرغم من ذلك تركز الوزارة على بناء قدرات ما يقارب 7699 مزارعاً في هذا الجانب، من خلال تبني نظم الري الحديثة والأصناف المناسبة، واستخدام نظم الزراعة المستدامة، مثل الزراعة العضوية والزراعة من دون تربة.

نمو 
وذكر الظنحاني بأنه رغم التحديات التي تعترض هذا القطاع الحيوي، فإنَّ المساحات الزراعية في الدولة شهدت نمواً ملحوظاً، حيث استطاعت من خلاله تحقيق نسب معقولة من الاكتفاء الذاتي لبعض المحاصيل والمساهمة في تضييق الفجوة الغذائية، كما شهد هذا القطاع دخول أنماط زراعية حديثة ومستدامة، حيث عملت الدولة على وضع خطط وبرامج للتغلب على الضغوط والتأثيرات التي تواجهه بما يضمن استدامته، وبأقل أثر بيئي مع تحقيق مستوى أمن غذائي أفضل، وتضمنت الخطط والبرامج إعداد «سياسة دولة الإمارات للتنوع الغذائي» و«الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي» و«استراتيجية الأمن المائي»، وتبني أنماط زراعية ذكية مناخياً واستدامة، إضافة إلى زيادة انخراط القطاع الخاص بالاستثمار في القطاع الزراعي.