شروق عوض (دبي)

أكدت المهندسة عائشة العبدولي، الوكيل المساعد لقطاع التغير المناخي والبيئة والتنمية الخضراء في وزارة التغير المناخي والبيئة، أنّ الإصدار الرابع من تقرير «حالة الاقتصاد الأخضر في دولة الإمارات 2021»، كشف عن استثمار الدولة بكثافة في بناء بنية تحتية عالية المستوى، مكن القطاعات والصناعات الأخرى من النمو.
وقالت العبدولي في حوار مع «الاتحاد»، إنّ التقرير الذي أطلقته الوزارة خلال يونيو الماضي، كشف كذلك وضع الدولة وفقاً لأهداف رؤيتها 2021 المتمثلة في توفير «بيئة وبنية تحتية مستدامتين»، لمؤشرات أداء رئيسية تغطي جودة البنية التحتية للموانئ والنقل الجوي والأداء اللوجستي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، دون أن تغفل أخذ عوامل تغير المناخ بالاعتبار ضمن هذه الأهداف في كل مراحل دورة البنية التحتية، من التخطيط والبناء إلى التشغيل والصيانة وتوفير المرافق.
وأوضحت أنّ تركيز التقرير على قطاع البنية التحتية جاء لكون هذا القطاع الحيوي يعد شريان الحياة لمختلف القطاعات الأخرى كالصحة والتعليم والعمل، ويشمل شبكة معقدة من الهياكل والمرافق التي توفر طائفة واسعة من الخدمات كالنقل والطيران والطاقة والإسكان والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها، وتصبح مكوناته أكثر ترابطاً بحيث إنّ أيّ تعطل أو فشل في إحدى الشبكات يؤثر على أداء الأخريات، مؤكدة أن التأثيرات الأكثر وضوحاً للتغير المناخي على قطاع البنية التحتية، تتمثل في الأضرار المباشرة التي تلحق بمرافقه وتعطل خدماته، ومن المرجح أن تتسارع هذه التأثيرات في العقود المقبلة.

12 ضرراً
وأشارت العبدولي إلى أنّ التقرير كشف كذلك عن جلّ الأضرار التي يتسبب فيها تغير المناخ على قطاع البنية التحتية، صنفت بمتوسطة الأثر وتصدرت المرتبة الأولى بواقع 7 من أصل 12 ضرراً، وتشمل تدهور البنية التحتية للنقل، والخلل في مرافق المياه والصرف الصحي والنفايات، وتدهور البنية التحتية للمباني، وتزايد تكرار شدة المخاطر على البنى التحتية، وانتقال السكان المقيمين داخل الخط الساحلي، وتزايد الفيضانات في المناطق الريفية الناتجة عن ضعف استيعاب مرافق الصرف، وانخفاض الاحتمال بالوصول للخدمات والفرص الاقتصادية.
ولفتت إلى أن باقي الأضرار التي يخلفها تغير المناخ وتلقي بظلالها على قطاع الطاقة، تفاوتت ما بين عالية ومنخفضة الأثر، حيث جاءت الأضرار ذات الأثر العالي بالمرتبة الثانية بواقع 4 من أصل 12، وتشمل الأضرار بالبنية التحتية في المناطق الساحلية والبحرية، والتكاليف المتزايدة لصيانة البنية التحتية، وخسارة الفرص التجارية لتعطل وسائل النقل، وانخفاض الاعتمادية في البنية التحتية على النقل والمنشآت، في حين جاءت الأضرار ذات الأثر المنخفض بالمرتبة الثالثة بواقع واحد من أصل 12، وهو انخفاض المساحة المتاحة لتطوير البنية التحتية نظراً للانحسار الساحلي.

آلية التنفيذ
بالسؤال عن آلية تنفيذ التقرير؟ قالت العبدولي: «ارتكزت الآلية على مرحلتين، الأولى تتمثل في إشراك الوزارة العديد من الجهات المعنية في الهيئات الاتحادية والمحلية في مجال البنية التحتية وشركات الاستشارات والجامعات ومراكز البحوث وغيرها، في ورشة عمل تشاورية حول تقييم المخاطر المناخية على قطاع البنية التحتية، حيث شكلت الورشة منصة تفاعلية للمشاركين لتبادل الأفكار والرؤى حول المخاطر الأكثر إلحاحاً والتي يفرضها هذا التغير على صحة المرافق العامة للبنى التحتية في الدولة، وتمثلت المرحلة الثانية والنهائية في إعداد كافة النتائج المتفق عليها بين الجهات المشاركة في تلك الورشة، والمتعلقة برصد كافة المخاطر على قطاع البنية التحتية الحالية والمستقبلية، ليتم تعميمها على متخذي القرار والجهات المعنية في نهاية المطاف، للاستفادة منها خلال إصدار القوانين الخاصة بهذا القطاع ورسم الاستراتيجيات والخطط وغيرها الكثير.

حلول ناجعة
حول أهم الحلول الناجعة لمجابهة تأثيرات تغير المناخ على قطاع البنية التحتية في الدولة؟ أكدت العبدولي أنّ التأثيرات المرتبطة بالتغير المناخي تطرح تحديات وفرصاً جديدة لاستكشاف المزيد من الأساليب المبتكرة في الهندسة والعمارة والتخطيط الحضري، وأهم الحلول التي تعمل عليها الدولة عبر جهاتها المعنية بالبنية التحتية خلال الوقت الراهن، تتمثل في دمج المخاطر المناخية في مخططات التأمين على منشآت البنية التحتية، وإعادة تجهيز المباني والمرافق القديمة، وإجراء أبحاث مستفيضة لتطوير مواد البناء التي تناسب المناخ المحلي، ووضع أنظمة ومبادئ توجيهية للتخطيط بعد التنسيق المتبادل على المستوى الاتحادي والمحلي لكل إمارة في المراحل الأولى من البناء والصيانة، وإلزام شركات البناء بالتشريعات والأنظمة المعمول بها، لما لها من دور بارز في بناء قطاع بنية تحتية أكثر مرونة في التعامل مع التغير المناخي.

إكسبو 2020
أشارت العبدولي إلى أنه ورغم تمتع الدولة ببنية تحتية عالية الجودة -وفقاً للتقرير-، إلا أنها مستمرة في استكشاف أفضل التصميمات الهندسية والمعمارية الجديدة لمشاريع البنية التحتية والتي تضمن التخفيف والتكيف مع تغير المناخ، وذلك لتنفيذها في جميع مراحل دورتها، وخير دليل على ذلك، إطلاقها مؤخراً لأهم مبادرات المرونة المتعلقة بقطاع البنية التحتية الخضراء، ومنها خطط معرض إكسبو 2020 الخضراء، حيث تسعى الإمارات لتقديم المعرض الأكثر خضرة على الإطلاق، من خلال وضع الاستدامة في قلب تخطيط المشروع وتصميمه، ونظراً للمناخ الحار في الإمارات، فإنها تعمل على تعزيز نشر المساحات الخضراء واستهلاك الطاقة من خلال التكنولوجيا الصديقة للبيئة والحد من الطلب على الطاقة في تصميم البنية التحتية والمباني، واستخدام المصادر المتجددة، وإعادة استخدام الموارد وإعادة تدويرها بما في ذلك تصريف مياه الأمطار.
وذكرت العبدولي أنّ المباني الخضراء تعد واحدة ضمن تلك المبادرات، حيث كشف مجلس المباني الخضراء أنّ الإمارات من أبرز الدول التي تمتلك أعلى الأعداد من المباني الخضراء، وخير دليل على ذلك عمل مبادرة «استدامة» على دمج الاستدامة في مرحلة تصميم وتخطيط وبناء مشاريع التطوير الحضرية الجديدة، حيث تم في عام 2019 إنجاز 40% من أول بناية خضراء على الإطلاق في إمارة عجمان، وتتميز باستخدام الزجاج الذي يعكس ضوء الشمس للعزل وتوفير الطاقة، فضلاً عن الطوب الحراري الذي تم اختباره علمياً، بحيث يتكيف مع مناخ الدولة.

مخاطر ملحّـة
ذكرت العبدولي أنّ التقرير كشف كذلك عن مجموعة من المخاطر التي يتسبب فيها تغير المناخ على قطاع البنية التحتية، ومن بينها أربع مخاطر أكثر إلحاحاً وتشمل الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية الساحلية والبحرية، وزيادة تكاليف صيانتها وفقدان فرص العمل نتيجة تعطل قطاع النقل، وانخفاض الاعتماد على البنية التحتية والمنشآت في قطاع النقل، كما توقع التقرير العديد من آثار أضرار ذلك التغير مثل ارتفاع درجات الحرارة والضباب الكثيف على البنية التحتية مستقبلاً، ومنها ارتفاع تكاليف الصيانة بشكل خاص في مرافقها القديمة والتي لم يتم بناؤها لتتحمل الظروف المناخية المتطرفة، وزيادة حوادث انقطاع النقل سواء في الطيران أو العمليات التجارية أو حتى المنشآت، أما المخاطر الأخرى الأقل إلحاحاً مثل سقوط الأمطار بغزارة، فقد تكون مقبولة نسبياً على المدى القصير، ولكنها لا تزال تحتاج إلى المزيد من التقييم والرصد للحد من الآثار المحتملة لانخفاض القدرة الاستيعابية لنظام الصرف في الدولة.