أحمد عاطف وشعبان بلال (القاهرة)
تتعدد مجالات التعاون بين دولتي الإمارات وإسرائيل عقب معاهدة السلام بين البلدين، حيث تصدرت القطاعات الاقتصادية والتكنولوجيا والعلمية المتقدمة أبرز القطاعات المستفيدة في المنطقة من هذه الاتفاقية.
وقال المحلل السياسي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي سعيد عكاشة: إن هناك العديد من مجالات التعاون والاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات على المستويات الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية والثقافية، موضحاً أن كل هذه الاتفاقيات تؤكد أنه لا رجعة عن السلام، وأن السلام خيار استراتيجي لا بديل عنه.
ويتطلع اقتصادا الإمارات وإسرائيل إلى تحقيق نجاحات غير مسبوقة في مجالات عدة، لا سيما بعدما تم توقيع اتفاقيات في مجال الطيران وحماية الاستثمار والإعفاء من التأشيرات والعلوم والتكنولوجيا.
وكان قد وقع ممثلو الحكومتين اتفاقاً يسمح بـ 28 رحلة تجارية أسبوعياً بين الدولتين، ما دفع للتخطيط لإنشاء صندوق لتشجيع استثمارات القطاع الخاص والتعاون الإقليمي بشراكة أميركية وإسرائيلية وإماراتية، ويهدف الصندوق لخلق استثمارات بقيمة 3 مليارات دولار في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
إلى ذلك، كانت قد وقعت أيضاً شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية إي.إيه.بي.سي اتفاقاً مبدئياً للمساعدة في نقل النفط من الإمارات العربية المتحدة إلى أوروبا عبر خط أنابيب يربط مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر وميناء عسقلان على ساحل البحر المتوسط، فيما ذكرت الشركة المملوكة للدولة أنها وقعت مذكرة تفاهم مع ميد-ريد لاند بريدج وهي شركة مملوكة لإسرائيليين وإماراتيين. ووصفت تقارير بأن الاتفاق النهائي قد يكون بقيمة 700 إلى 800 مليون دولار على مدى عدة سنوات.
ويشير سعيد عكاشة إلى أن الإمارات دولة لديها اقتصاد قوي ولديها قدرة على الاستثمار في العديد من دول العالم ومنها إسرائيل، بالإضافة إلى تطورها في مجال البحث العلمي والفضاء والتكنولوجيا وهو ما ستستفيد منه إسرائيل، وكذلك إسرائيل لديها الخبرة في مجالات تكنولوجية عديدة ومجالات التسليح وتطوير بعض الصناعات.
وتشير توقعات التعاون المشترك بتصدر قطاعات «التكنولوجيا والهايتك» و«النفط» والأبحاث العلمية العمود الفقري للعلاقات بين البلدين، لا سيما أن الإمارات غنية بمصادر الطاقة التقليدية «الغاز الطبيعي والنفط»، ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة على رأسها الطاقة النووية، لتتحضر لمرحلة انتعاش جديدة في قطاعات ريادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات و«الهايتك». في السياق نفسه، وقع بنك الإمارات دبي الوطني مذكرة تفاهم مع «بنك هبوعليم» أحد أكبر البنوك في إسرائيل، إذ يرتقب أن تشكل الصناعة المصرفية قطاعاً رابعاً مزدهراً في العلاقات بين البلدين، والتي تُعد الأولى من نوعها بين الجانبين، وتندرج في إطار بدء العلاقات المالية والاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.
وفي سياق متصل، رأى السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن هناك العديد من الاتفاقيات الهامة الموقعة بين الإمارات وإسرائيل في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، موضحاً أن جميعها تصب في دعم العلاقات بين البلدين وهو ما سيعود بالنفع على سلام المنطقة.
نجاح
وشدد جمال بيومي على أن دولة الإمارات ذات دبلوماسية قوية ونجحت في إدارة العديد من الملفات على مدار الفترة السابقة، موضحاً أن ملف التعاون مع إسرائيل أحد أهم الملفات التي تُدل على وجود أجندة واستراتيجية إماراتية واضحة وقوية في دعم سلام الشرق الأوسط.
ثقافة
وأشار المحلل السياسي المصري سعيد عكاشة إلى أن التبادل الثقافي والتعرف على ثقافة منطقة الخليج من خلال دولة الإمارات هو مجال هام للتعاون بين البلدين، مؤكداً أن الاتفاقيات بين البلدين في الطيران المدني والاستثمار وغيرها تؤكد أن السلام بين الدولتين غير مرهون بأحداث أخرى قد تقع في المنطقة.
وقد وقعت شركات إماراتية وإسرائيلية عقوداً لتطوير الأبحاث من أجل التعاون والتوصل إلى فحص للكشف عن فيروس «كورونا»، لا يكون مزعجاً ويمكن القيام به «في بضع دقائق»، ويأتي ذلك بفضل أن الإمارات تعد العاصمة العربية لغالبية الشركات الكبرى حول العالم، خاصة في مجالات الإنترنت والتصفح، مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«تويتر»، كذلك تعتبر إسرائيل عبر مدينة «هرتسيليا» التي توصف بأنها وادي السيلكون الإسرائيلية، قبلة لكبرى شركات العالم.
الزراعة الذكية أيضاً كان لها نصيب كبير من الاتفاقيات بين الجانبين لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد، ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى شح المياه. في وقت بدأت تنتشر في دبي مزارع الفواكه والخضار وغيرها على نطاق واسع، وفى الأثناء نفسها تعد إسرائيل رائدة في ذات المجال، سواء في أسواقها المحلية أو دول رئيسة في القارة الأفريقية، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة، والمحاصيل الزراعية في مختلف الظروف البيئية.
كما تملك إسرائيل شركات رائدة عالمياً في مجال تنقية المياه، من بينها «أي دي أيي» الرائدة في هذا المجال والتي أقامت 400 محطة في أربعين دولة، من جهتها تعتمد الإمارات على تحلية مياه البحر لتوفير مياه صالحة للشرب.
وكانت إسرائيل وقعت في 15 سبتمبر اتفاقية سلام مع الإمارات، وهو الأول مع دولة خليجية والثالث عربياً بعد الأردن عام 1994 ومصر سنة 1979.